الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شجرة الفساد في الجزائر من زرعها ومن يرعاها؟

عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)

2022 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لم نعد نخشى في الجزائر على زوال مؤسسات الفساد الذي تأقلمت معه السلطة والشعب. أما القلة القليلة التي لم تتأقلم معه فقد آوت إلى جبل عسى أن يعصمها من شره، قائلة الوقوف مع النظام أغنم ومع الحق أشرف والجبل أسلم.
منذ مدة، لم أعد اخاف على زوال النظام الجزائري بحكم معرفتي بطبيعته منذ مجيئه إلى السلطة بعد استرجاع السيادة الوطنية على ظهر دبابة ، واضعا ما نص عليه بيان أول نوفمبر 1954 " إقامة دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية" تحت مجنزرة الدبابة ،وملاحقا كل معارض إما بالسجن أو التصفية الجسدية ولم يشفع لهم لا نضالهم حلال مرحلة الحركة الوطنية ،ولا جهادهم وتضحياتهم خلال الثورة التحريرية ، أن هذا النظام متعدد الأرواح مثله مثل المثل الشعبي عندنا الذي يقول بأن للقط سبعة أرواح ، وأقول أن لنظامنا سبع مئة روح ،لم يستنفذ منها إلا بضعة أرواح اثناء الحرب الاهلية في نهاية تسعينات القرن الماضي، ثم استعادها بمجيء الرئيس بوتفليقة المخلوع إلى السلطة ، لكنني اشعر بكرب شديد ينزل نسبة السكري في الدم عندي ، ويرفع ضغطي الدموي ،عندما أرى تلك الحزيبات المجهرية المبطل ذكرها للوضوء والمفسد للسياسة والدين والأخلاق والرجولة ،لست أدري من اين استمد مؤسسوها ماء وجوههم المحنطة ضد لعنات الله والملائكة والشهداء والشعب ، تعقد اجتماعاتها في قصر المؤتمرات الدولية الجديد بدلا من القاعة البيضاوية وحتى قصر الأمم القديم على سبيل المثال ، أحس بالعياء والتعرق والاحباط النفسي عند رؤية تلك الرخويات المجهرية على رأس احزاب لا توجد في الواقع سوى على أوراق صحف صفراء تمارس البهتان ، الحزبيات تلك التي تخصصت في تجميل القبح وتزكية الفساد والرقص لكل عاهرة تمنحهم بعد الملذات المحرمة ، والانتهاك البشع لمقدرات الدولة والأمة على مدى عقدين من حكم بوتفليقة .
فلم نسمع عن فساد ونهب المال العام وهدر الوقت والمال واحتقار الشعب وتعطيل التنمية وافساد المنظومة التعليمية من التحضيري إلى الجامعي والاسرة ونشر الرذيلة في المجتمع ومحاربة الذين يرفضون منطق الشر وتمدده في مفاصل الدولة برمتها، والصاق تهم بهم يخجل حتى الشيطان ان ينسبها لهم، في أبشع الأنظمة الفاسدة في قارة البؤس في القرن الماضي، مثل الفساد الذي طال جميع المؤسسات بلا استثناء وضرب سمعة الجزائر في مقتل في عهد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة.
وسوف لن تخلو الساحة السياسية الجزائرية، على الرغم من التصحر السياسي من التملق والتزلف والانحطاط الذي سينسي الجزائريين
في تلك النفايات السياسية البطيئة التدهور التي اختفت من الساحة بعد الحراك السلمي " 22 فيفري 2019 " الذي ابهر العالم كله بمطالبه المشروعة وبسلمتيه، لكن النظام صاحب سبع مئة روح استطاع أن يقلبه راسا على عقب، وتحول الحراكيون من النضال ضد الفساد والتعفن إلى محاربة بعضهم بعضا بعد ظهور راية الانفصال واتهام الجيش كله بالفساد وهذا ما يتعارض مع الواقع السياسي للجزائر.
لقد اصبحت خبايا العمل في الرئاسة والوزارة وبقية المؤسسات الدستورية معروفة للجميع بسبب وجود وزراء الرئيس من الدرجة الأولى ، ووزراء من الدرجة الثانية ، ووزراء لحقائب شكلية وهذا تابع لذاك، لتلك المؤسسة أو لجماعة ذاك ، والكل يسمى حكومة، لكنها في الواقع ليست كذلك ، مما يعني أننا كنا بصدد نمط من الحكم الفردي يجمع بين عدة اشكال من الديكتاتوريات الناعمة والرمادية وانماط الحكم الأخرى في المماليك والمشيخات منذ القدم الى الآن ، حيث أصبحت الجزائر شبه جمهورية ملكية عائلية افتراضية أقرب الى متحف مفتوح الى الظواهر والخوارق بلا أخلاق ولا منطق ولا ضوابط.
لقد سبق للكثير من الشخصيات والكتاب والباحثين والجمعيات منذ أكثر من عقد من الزمن، التحذير من خطأ المسعى المعتمد من الرئيس المخلوع آنذاك ومن غلوه واصراره على مقارباته الفارغة المهلكة للدولة كلها ومنها تفصيل رئاسة على مقاسه وجعل المؤسسات الدستورية مجرد كيانات بلا روح، كذيل تابع له، تتحرك بالأوامر غير المكتوبة وبالهاتف، محتوى بلا صلاحيات. وكدليل مجلس المحاسبة؟ وقس على ذلك الباقي من المؤسسات النبيلة التي لا تتحرك إلا بإذن من المؤسسة رقم واحد
فالرئاسة الجزائرية أقوى رئاسة في العالم، رئاسة بصلاحيات جمهورية والرئيس بصلاحيات إمبراطورية واميرية تفوق القدرة البشرية وبميزانية رهيبة وامتيازات سلطانية.
بينما يسود التململ والتخبط وسوء تسيير والتفكير والأوضاع المقلوبة والمقرفة الواقع على الارض في ربوع البلاد.
فالجزائر تتوفر على كل المؤسسات الدستورية الموجودة في أمريكا وفرنسا وإيطاليا وغيرها وعلى دستور راقي جدا وعلى ترسانة من القوانين لا تختلف عن أرقي الدول الديمقراطية في العالم، وعلى الكفاءات والأموال والموارد الطبيعية، ولنا أقوى جيش وأقوى أجهزة أمنية في افريقيا والعالم العربي، ومخابراتنا من اقوى المخابرات في العالم لا يخفى عليها حتى ذبيب النمل ووقت تناسله، والجميع يدين بالولاء والسمع والطاعة للرئيس، ومع ذلك فلا شيء على حاله؟ فأين الخلل يا ترى؟
هل أن إقامة دولة ديمقراطية يشع فيها العدل والمساواة والكرامة الإنسانية والرخاء على الجميع، دولة لا مكان فيها للإقصاء والتهميش والجهوية، دولة الحقوق والواجبات والحريات والشفافية، دولة لا مكان فيها للظلم والاستبداد واحتكار السلطة، يشكل خطرا على الجمهورية؟ هل الديمقراطية خطر على وحدة الأمة واستقرارها؟
فمن يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية فيما آلت اليه الأوضاع من بؤس وهوان وانحطاط بات يهدد الجزائر في كيانها ووحدتها.
لقد سقطت تلك الهالات والصفات التي اسبغت على الرئيس المخلوع الراحل، في سياقات التزلف والتملق والنفاق مثل الحنكة والدهاء والذكاء وهي صفات استخدمها الرئيس في غير محلها والا ما كنا نصل الى ما نحن عليه.
فهل كان الرئيس الراحل يحب فعلا الجزائر ولا يعرف غير خدمتها؟ كما قال ذات مرة، أشك في ذلك وغيري كثر.
أخشى على الرئيس الجزائري تبون المنتخب شرعيا رغم قلة نسبة الناخبين التي لم تتجاوز 20 بالمئة، من اعادة انتاج تلك الطقوس التي كانت تمارس في عهد الرئيس المخلوع الراحل مما سيؤدي الى نفس النتائج الكارثية التي لن يوفق الاعلام مهما بلغ من البهتان في تحويلها الى إنجازات كبيرة وهي لا شيء على ارض الواقع مجرد فقاعات صابون لا تسمن ولا تغني من جوع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا للديمقراطية الحقيقية في وقتنا الراهن
نور الحرية ( 2022 / 6 / 4 - 20:42 )
صراحة أنا من أشد المقتنعين بأن الديمقراطية الغربية هي خطر حقيقي على بلادنا وكل بلاد العرب فشعوبنا بكل بساطة تكفر الديمقراطية وكل من يطالب بها وتعتبرها شرك بالله واثم كبير .هده هي الحقيقة في واقعنا المزري. وحتى تصل شعوبنا الى التمدن والايمان بالحريات العامة والشخصية ومبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها وقتها تستحق شعوبنا العربية الديمقراطية والحياة الكريمة

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم