الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة في الذاكرة، وتأمل لواقع مرير..

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2022 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


كانت القرود فيما مضى من الزمن حقلا للتجارب الآدمية، حيث كانت تجرى على القرود تجارب الاستشفاء من الامراض، فبعد حقن القرد بمسبب المرض، تتم دراسة فاعلية تراكيب الادوية المقترحة للعلاج واكتشاف تأثيراتها الجانبية والعوارض، وكانت تذهب الاف القردة ضحية هذه التجارب. استخدمت اللبائن عموما كوسيلة تجارب لخدمة فصيلة البشر. كما كانت تجرى تجارب الأغذية المحسنة من تقاوي تتم معالجتها وراثيا، والحبوب والمواد المجففة، بالإضافة الى تجارب تأثير الاشعاعات بكل انواعها والهرمونات والفيروسات والبكتريا والجراثيم وغيرها على هذه الحيوانات القريبة من فصيلتنا.. وبدا الانسان قبل اربعة عقود ونيف من الزمن، بتجارب تحسين الجينات الوراثية على هذه المخلوقات لأهداف شتى، منها تحسين أداء الغدد الصماء وضبط افراز الهرمونات.. تورط العلماء والاطباء بالنتائج، حيث اصيبت طواقم الاختبار لتحسين الجينات الوراثية بإنتاج فيروس فتاك وهو فيروس الايدز الناجم عن مثل هذه التجارب.. استبعدت كل القرود المصابة الى افريقيا، خوفا من انتشار المرض في بيئة الاختبار بأمريكا، بعد ان استفحل المرض في العديد من الباحثين ومن حولهم، وبسبب انحلال المنظومة الأخلاقية في بعض تلك البلدان الافريقية، انتشر المرض في افريقيا التي الت اليها مصير القرود، نتيجة الاختلاط بها، ومشاعة الجنس مع فصائل الحيوانات. وانتشرت كالنار في الهشيم، وباتت تهدد مجتمعات باسرها. هكذا ظهرت اعباء هذه التجارب وأصبحت وبالاً على بني البشر في الغرب والشرق، فركدت تلك التجارب حينا من الزمن، ثم استكملت في تجارب التوريث على النعاج.
ومنذ منتصف عقد التسعينات من القرن المنصرم، بدا العالم المتقدم (المتعولم) تحث شركات الادوية والأغذية المساهمة والتي تعمل منضوية تحت عباءة العولمة، بإنتاج ادوية توصي بها جهات بحثية خاصة حسب خطط عمل مكثفة لتوسيع هذه التجارب التي كانت تجرى على الحيوانات، واجراؤها على بني البشر! أي استعيضت القرود بالبشر! ثم بدأت هذه الشركات الى التوجه لتصنيعها وتسويقها. قديما كانت الادوية محدودة جدا تفي لمعالجة معظم الحالات المرضية، ثم أصبحت واسعة التنوع، خلال نظام جديد تسخر بلدان العالم المتأخر كحقول تجارب للأدوية المصنعة من جهة، ومن جهة ثانية أصبح امر تسويق هذه الادوية تدخل السوق العالمية كركيزة اقتصادية تتاجر بندرة وسائل تلبية حاجات البشر. وكان العراق احدى تلك الاقفاص التي أجريت عليه في البداية التجارب بذريعة المساعدات الإنسانية، ثم بكلفة دفعها العراق مقابل نفطها في منتصف تسعينات القرن الماضي!! امسكت تحالف الدول الغربية بعشرين مليون عراقي (كبديل للقرود) واودعتهم في قفص حدوده محاصرة وبقبضة حاكم جلاد، وبدأت التجارب تتكالب عليه بذرائع شتى، تقدمت كبريات شركات الأدوية والأغذية الموجهة بعرض مئات الأنواع من الادوية، وبدأت الأسواق تشهد نوعان من الادوية، جديدة لم تكن متداولة، وأنواع متداولة غير مؤثرة، بعكس رديفتها المعروفة في الاسواق والمصنعة من قبل شركة ادوية سامراء الحكومية، بعد ان غابت أدوات السلطة الرقابية الصحية وجهاز الفحص النوعي، بسبب هجرة الكفاءات ونخر هيكلية الدولة بآثار حصار اقتصادي دولي (لا مبرر له) على الشعب العراقي. وظهرت من استخدامات هذه الادوية المسوقة، اثارا جانبية خطيرة وسرطانات، وكانت فرق تفتيش الصحة العالمية والصليب الاحمر تزور المستشفيات العراقية، وتسجل تلك الحالات السلبية الناجمة عن استعمالات تلك الادوية وتزود بها مراكز الأبحاث خلال شركات الادوية المصنعة (اشبه بنظرية المؤامرة ان لم تكن هي ذاتها)، وعلى حين غره ازدادت عدد الاصابات باضطرابات الغدد الصماء وبالأخص الغده الدرقية بشكل ملحوظ بالإضافة الى ضهور شلل الأطفال بعد اختفائها في العراق، وامام الكم الهائل المصاب، بدأت تلك الجهات التفتيشية الأممية تحث الحكومة على استعمال اليود في الملح! بل غصبت ملح اليود (كما تغصب الادوية والأغذية) على الاسواق العراقية التواقة لكل ما حرم منها.. فبدأت حمله الدعاية والاعلانات في وسائل الاعلام تحث الشعب لاستخدام ملح اليود المستورد خصيصا للعراق لهذا الغرض، وقامت بعض المختبرات الاهلية بفحص هذا الملح المستورد، ووجدتها ملحا بدون يود! واستعيضت بالفلورايد المسبب للسرطان! استمرت التجارب على العراقيين في حقل الحليب المجفف تحت مسمى (المساعدات الإنسانية) التي لا تكلف غير النفط! فوصلت الى العراق عشرات الأنواع من الحليب المجفف المستخرج من الابقار المحسنة بالجينات، وأنواع من الحليب المجفف الذي مضى عليه سنتين من تاريخ نفاذ فعاليتها، وقيل في بعضها انها تحوي على مكونات تقضي على الانفلونزا! يبدو بان الدوائر البحثية كانت تراقب بلهفة شديدة نتائج تجاربها في العراق، من خلال استقراء جدية لجان التفتيش في المتابعة ونمط استماراتها المصممة على استبيانات طويلة معدة مسبقا، ولإتمام كل ذلك كان يتطلب إطالة فترة الحصار، ليكون الزمن عاملا مهما لتقويم التجارب وفي الوقت عينه مناسبا لحلب الموارد النفطية للبلاد.. هكذا بدأت التجارب البشرية في العراق، ثم توسعت من العراق الى دول أخرى بافتعال الازمات، شيئا فشيئا لتشمل العالم باسره، بسلسلة من التجارب ولدت أنواعا من أجيال الفيروسات واوجدت العلاجات التي استهلكت ثروة كبيرة من أموال الأمم لصالح شركات الادوية والأغذية المساهمة بإدارة الاوليكارشية الامريكية وذيولها في بلدان العالم..
هنا يأتي التساؤل هل هناك جهة محايدة دولية تمثل العدالة والقضاء والتحقيق ليوقف هذه المهزلة؟ الأمم المتحدة بكل منظماتها مسلوبة الإرادة ومخترقة من قبل الشياطين ولا يمكنها ان تحقق العدالة على كوكبنا. الانسان مصمم من خالق عظيم بخوارزمية البقاء في بيئة الارض. جاء عاريا عليها، بلا مأوى، يجوب الغابات بحثا عن الغذاء ويؤمن سلامته، ووقف صامدا امام كل المخاطر عبر الاف السنين، وفي كل مرحلة خطتها البشرية عظم الانسان فيها دور العقل وخفض قيمة الايدي، لتبدأ قصة الانسان مع بناء الحضارة. فتمكن ان يداوي جروحه والامراض الشائعة بالأعشاب في كل مرحلة زمنية. وكانت الشرائع البدائية تحاسب، انطلاقا من مقتضى مفهوم العدالة، المعالجين (الأطباء بالمفهوم الحاضر) بشدة وبقساوة وصولا الى اعدامهم عند ثبوت الاهمال، وكان القضاة يحكمون بوازع الضمير الإنساني وتقدير الحالات، واستمرت الى العصر الزراعي، حيث بدأ الصراع بعد ان استحوذت القبائل على الأرض وظهرت حدود البلدان..
التحقيق والقضاء والعدالة لا تكون الا حيث يكون ضمير القاضي وحده هو صاحب التقدير والحكم، حيث يكون التحقيق والقضاء قادرين ان يقضيا على صاحب القوة بنفس النزاهة التي يستطيعان ان يقضيا بها على من يناصبه صاحب الحكم الخصومة، ولم يكن شيء من ذلك في اية واحدة من المحاكمات الكبرى التي عرفها التاريخ منذ ان تشكلت البلدان، بل كان الملك او الطاغية يقرر الحكم الذي يصدر، ثم يكلف المحققين والقضاة بتمثيل مهزلة العدالة التي تجعل لهذا الحكم امام الشعب الصور الشكلية التي يتخذها القضاء ليكون محترما في نظر الشعب. واليوم تكلف الولايات المتحدة ومعها بعض الدول الغربية المنضوية تحت رايتها، منظمات الأمم المتحدة بتمثيل دورها في هذه المهزلة. وحسبَ القضاء ان يكون ذلك مظهره، فيكون غير جدير باي تقدير، وحسب الخصومة بين اثنين ان يكون اساسا لشهوة الاستحواذ، ليكون الحكم لأي من المتخاصمين حكما مشوبا بأهواء اهل العصر ومؤرخيه، ممن يتأثرون هم ايضا بناحيه من نواحي الخصومة أكثر من تأثرهم بوحي العدالة ونزاهة القضاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت