الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد العربي وعدم الاتساق بين الفكر والواقع والفعل السياسي

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 6 / 5
الادارة و الاقتصاد


منذ حصلت البلدان العربية على استقلالها السياسي وهي لا تنقطع عن محاولات التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بينها، ولم يكن شأن محاولات التعاون والتكامل الاقتصادي أحسن حالاً من المحاولات الشبيهة في المجالات السياسية والثقافية والدفاعية وغيرها. وتمت محاولات التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية على مستويات ثلاثة وهي:
1 ـ محاولات ثنائية بين دولتين عربيتين.
2 ـ محاولات جماعية اشترك فيها أكثر من دولتين عربيتين.
3 ـ محاولات على مستوى الوطن العربي في ظل الجامعة العربية ومؤسساتها المتخصصة.
يركز علم الاجتماع المعرفي (Sociology Knowledge) على العلاقة الثنائية بين الفكر والواقع. أما علم الاجتماع الماركسي، فيضيف إلى هذا الثنائي بعداً ثالثاً، وهو الفعل السياسي (praxis).
الواقع هو قاعدة المثلث، وضلعاه هما الفكر والفعل السياسي، فإذا استقامت العلاقة في اقتصادنا بين أبعاد المثلث وكانت متوازنة نتج عن ذلك حركة تطور تنقل الواقع والفكر والعمل إلى مرحلة أرقى من المرحلة التي سبقتها ... وهكذا، وإذا لم تتوازن العلاقة بين الفكر والواقع والفعل وتستقم في اقتصادنا فإن حركة المجتمع معرضة للتخبط والدوران في المكان والانتكاس نحو الوراء بدلاً من التقدم.
ويبدو أن نوعاً من عدم الاتساق بين الواقع والفكر والفعل السياسي، ساد في اقتصادنا في الدول العربية في العقود الأربعة الماضية، وهو الأمر الذي يفسر لنا الإخفاقات التنموية في معظم الدول العربية والفشل في مجابهة الغزو الصهيوني وتعثر تحقيق الوحدة السياسية، وتراجع العمل الاقتصادي العربي المشترك.
وفوق ذلك، فإن المحسوسَ في عملية التفكير، أنها تحتاجُ إلى معلوماتٍ، ولو أوَّليَّةً، عن الموضوعِ الذي يُفَكَّرُ فيه، وأنه لا يُتوصَّل إلى الحقِّ - في حال انعدام المعلومات - إلا مصادفةً، ومثلُ هذه المصادفةِ - لو حصلتْ - لا يُعوَّلُ عليها، في البحث العلمي، ولا في التفكير الحقِّ. وأما تأثُّر التفكيرِ بالواقع الاقتصادي، وعَلاقات الإنتاج وأدواته - كما تزعم الماديةُ الديالكتيكية الماركسية - فليس تأثيرًا تامًّا وصارمًا؛ لوجودِ نتاجاتٍ فكريَّة متباينةٍ تحت عَلاقاتٍ إنتاجيةٍ واحدةٍ.
ونتجَ عن قياسِ الحياةِ الاجتماعيةِ على المادَّة "أن حياةَ المجتمعِ الماديَّةَ، أو موجودَ المجتمعِ هو أيضًا العنصر الأول، أما حياةُ المجتمعِ العقليَّةُ، فهي عنصرٌ ثانٍ مشتقٌّ، وأن حياةَ المجتمعِ المادِّيةَ هي موضوعي موجودٌ بصورةٍ مستقلَّة عن إرادةِ الإنسانِ، أما حياةُ المجتمعِ العقليَّةُ، فهي انعكاسُ هذا الواقعِ الموضوعي، أو انعكاسُ الموجودِ، وبالتالي يَجِبُ البحثُ عن منشأ حياةِ المجتمع العقلية، وعن أصل الأفكار الاجتماعيَّة، والنظريَّات الاجتماعيَّة، والآراءِ السياسيَّة، والأوضاع السياسيَّة، لا في الأفكارِ والنظرياتِ، ولا في الآراءِ والأوضاعِ السياسيَّة بنفسِها، بل في شروطِ الحياةِ الماديَّة للمجتمعِ، في الموجودِ الاجتماعي الذي تكوِّن هذه الأفكارُ والنظرياتُ والآراءُ، وما إليها انعكاسًا له.
يظل البحث العلمي كعملية إبداعية وابتكار تتناول شتى أنواع المعرفة لا يمكن أن يستقيم وينمو دون توفر شروطه الأساسية المتمثلة في البيئة الحرة والمناخ الديمقراطي والتراكم المعرفي، والمقومات المادية والمعنويات العالية. وعلى هذا الأساس تبادر غالبية المجتمعات والدول خاصة المتقدمة منها إلى النظر باستمرار في أمر تطوير أنظمتها التعليمية ومراكز بحوثها وإعادة صياغتها، (ومن هنا فان ممارسة الحضارة المعاصرة وتملكها والإبداع فيها والمشاركة في صنعها والسعي في إنتاجها وفي الارتقاء بها، تعني ممارسة العلم، فليس هناك عمل تنموي خارج منظومة العلم والثقافة، فتقدم الأمم والمجتمعات في سلم الحضارة المعاصرة ذات الطبيعة العالية والنمطية إنما يقاسان بمدى تملكها للعلوم والتقانة، وهذه الظاهرة هي الفارق بين الدول المتقدمة والنامية). وفي ذلك ما يدعو للنظر باستمرار في أمر تطوير أساليب وطرق البحث العلمي وتوفير متطلباته بما يتناسب مع خطط التنمية الطموحة ومع المنجزات المتلاحقة التي وصل إليها العلم كل يوم لرفد عملية التنمية والتطوير).
ترتبط أهم الصعوبات الراهنة، بواقع العلاقات السياسية بين الدول العربية وانعكاساته الحادة على العلاقات الاقتصادية والتكتل الاقتصادي فيما بينها. سيما في المجال الثنائي وكذلك التبدلات العميقة في طبيعة البنى الاقتصادية للدول الأعضاء وزيادة ارتباط هذه البنى وتبعيتها للعالم الخارجي، والتي ظهرت بشكل خاص مع مطلع النصف الثاني من السبعينات خلال ما هو متعارف على تسميته (بحقبة النفط). إضافة إلى عدم التوصل إلى إيجاد حلول عملية مناسبة في مجال تسوية المدفوعات بين الدول، وتوحيد التعريفة الجمركية الخارجية وعدم وجود صيغ تنظيمية ومؤسسية ترعى التبادل التجاري البيني وتؤدي إلى تنميته.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة حد السحب من البنوك لـ250 ألف جنيه و30 ألفا من ATM يومي


.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي: عملنا الإصلاح الاقتصادي النقدي عا




.. البنك المركزي رفع حدود السحب اليومي إلى 250 ألف جنيه، وإزاي


.. وصل لـ 250 ألف .. قرار هام من البنك المركزي بخصوص حدود السح




.. زيادة حد السحب النقدى اليومى من فروع البنوك إلى 250 ألف جنيه