الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر كما تريدها أمريكا من صعود ناصر إلي سقوط مبارك

عطا درغام

2022 / 6 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


كانت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا أول مسئول عالمي المستوي بإدارة أوباما يذهب إلي القاهرة بعد اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك أكثر حلفاء الولايات المتحدة الموثوقين في الشرق الأوسط لعقود عديدة، صاحت مبتهجة أثناء"تمشيتها" بالميدان: " إنها لتجربة استثنائية بالنسبة لي أن أري البقعة التي حدثت فيها هذه الثورة بكا ماتعنيه بالنسبة للعالم" .
بيد أن النيوويورك تايمز عنونت مقال" تمشيتها " بما يُضمر أكثر من مجرد محاولة اللحاق بسلسلة متلاحقة من الأحداث كانت قد تركت الولايات المتحدة غير متأكدة من موقعها بعد اختفاء عامود سياستها في الشرق الأوسط.
عكس التردد الذي أظهرته إدارة أوباما لدي بدء الاحتجاجات في 25 يناير 2011 شعورها بعدم اليقيم والخوف من المستقبل.كانت الوزيرة كلينتون قد صرّحت قائلة في اليوم الأول للثورة "تقديرنا هو أن الحكومة المصرية مستقرَّة وأنها تسعي إلي سبيل تستجيب بها لاحتياجات الشعب المصري ومطالبه المشروعة". أحد تضمينات هذا التصريح هو أن الولايات المتحدة شعرت وأنها في وضع يمكِّنها أن تقرر ما هو مشروع وماهو غير مشروع بعد ذلك.
هاتف أوباما مبارك وحثَّه علي ألا يلجأ إلي القوة، فيما شجع نائب الرئيس جو بايدن في ظهور تلفزيوني له الحل السلمي ، ورفض أن يدعو مبارك طاغية، تلي ذلك وعلي مدي الأسابيع التالية مهاتفات من جانب روبرت جيتس وزير الدفاع، والأميرال مايك مولن رئيس الأركان العامة لنظيريهما بالقاهرة، في محاولة لمعرفة رأي القوات المسلحة المصرية في المحتجين.
ثم وعندما أصبح من الواضح رفض مبارك التخي عن منصبه ،حاولت الولايات المتحدة منع الجيش من الانضمام إلي أي من الجانبين.
وفيم انصب اهتمام البنتاجون الأساسي علي عدم فقدان الصلة مع الجيش المصري الذي استثمر فيه 50 مليار دولار منذ أن أمسك مبارك بالسلطة،أظهرت حليفتا الولايات المتحدة إسرائيل والسعوودية بالغ قلقهما وغضبهما،وذلك لأن الولايات المتحدة تخلت عن الديكتاتور الذي تقدم به العمر ، والذي ظل متحكمًا في الحياة السياسية المصرية مع دعم الجيش الكامل له.
ومن الناحية الأخري ، فلم يكن الأمريكيون قد اهتموا كثيرًا بالتدقيق في السياسات التي اتبعها بلدهم أثناء زمن مبارك،ناهيك عن الخلفية التي طورت بها واشنطون مثل تلك العلاقة الوثيقة معه بعد سلسلة من الخطوات الخاطئة منذ ثورة يوليو 1952.
والآن وبأكثر من أي وقت مضي، ومع استلهام المحتجين في بلد بعد الآخر يقتضي النقاش حول السياسات المستقبلية الإلمام بالماضي.وهذا الكتاب يفتح الماضي.
في البداية كان جمال عبد الناصر الذي أجبرإصراره علي قيادة العالم العربي بعيدًا عن الاعتماد علي الولايات المتحدة والغرب أثناء الحرب الباردة، أجبرإدارة أيزنهاور البائسة علي اتخاذ قرار صعب بمعارضة حلقائها الأوربيين أثناء أزمة السويس، ثم كانت مبادرات السادات الجسورة والمتهورة بدءًا بحرب أكتوبر عام 1973 والتي فاجأت نيكسون وكسينجر وجيمي كارتر.
واخيرًا وبعد اغتيال السادات ظهر مبارك الذي توافق طموحه الهائل مع الحكم مع رغبة واشنطون جعل مصر ما ظلت دائمة تريده لها:حليفًا تابعًا ومواليًا لها يتصدي للمشاعر والتوجهات القومية الراديكالية في العالم العربي ويثبطها.
حافظ مبارك علي اتفاقية السلام التي وقعها السادات مع إسرائيل، وحاول الحصول علي دعم جماهيري لسياسات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط (وبخاصة في مواجهة إيران وضد العراق).
كما كان دعمه لنهج إدارة جورج دبليو بوش في "الحرب علي الإرهاب"محوريًا حيث تعاون مبارك مع برنامج السي آي إيه لتسليم المشتبه فيهم إلي بلدنهم الأصلية كي يُعتقلوا ويُخضعوا لمختلف أنواع التعيب لانتزاع الاعترافات أثناء استجوابهم ،وهذا ما حدث لعدد منهم بمصر.
بالطبع، توقع مبارك الحصول علي مقابل مادي مُجز لتلك الخدمات،ودفعت واشنطون ما مجموعه 1.5 مليار دولار سنويًا نظير ما أسمته مساعدات عسكرية، وتوقعت مقابل ذلك خدمات داخلية لصالحها فيما أغمضت عينيها عن الانتهاكات التي كانت تحدث بالداخل المصري.
بعد هجمات 11/9 وحينما لم يُعثر لأثر لأسلحة الدمار الشامل بحوزة صدام حسين،تحولت إدارة بوش إلي خطاب نشر الديموقراطية كدافع للحرب علي نظام صدام، وكالمعتاد اسُتخدم هذا الخطاب لإضمار حماية المصالح المادية مثل آبار النفط والتغطية علي الفجوات المحرجة ( مثل عدم وجود أسلحة دمار شامل). لكن لهذه اللعبة مخاطرها،إذ إن من المحتمل للشعوب أن تفهم رسالة هذا الخطاب بحرفيتها وتبدأ في تقييم أداء الولايات المتحدة علي أساسه.
بيد أن من المرجح أن أحداث ميدان التحرير كانت ستقع بدون خطاب الولايات المتحدة بعد 11/9 بالطبع .
لكن السؤال الأهم كثيرًا هو ما إن كانت تلك الأحداث ستقع من دون دعم الولايات المتحدة السخي لمبارك لسنوات طويلة، وما إن كان مبارك سيشعر أن بإمكانه المضي في سياساته القامعة لولا تمتعه بمساندة الولايات المتحدة التامة له طوال ما يقرب من ثلاثين عامًا
وأيًا كان ما نعتقده بخصوص تلك الأسئلة؛ فإن تاريخ العلاقات الأمريكية/ المصرية يمدنا بالعامل الضروري المفقود لفهم الأسباب التي جعلت الحكومة الجديدة بالقاهرة ، بالرغم من وضعها الانتقالي تحيد عن أجندة مبارك التي كانت تتمحور حول إرضاء واشنطن في كل شيء،وفهم النقاط التي حادت عنها.
أشارت الحكومة الجديدة إلي نيتها لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران،وإنهاء تعاونها مع إسرائيل بإغلاق معبر رفح،بل وتوسطت في عقد مصالحة بين فتح وحماس التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة تنظيمًا إرهابيًا.وفيما صرح ممثل للحكومة أن مصر تنوي الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل.
أضاف في إشارة موجهة ضد تعاون مبارك مع أمريكا بشأن تسليم المعتقلين لتعذيبهم بالسجون المصرية بين أسرار أخري،أن مصر تأمل في أن يكون التزامها أفضل ببروتوكولات حقوق الإنساننوأيضًا صرحت السفيرة منحة باخومنالمتحدثة باسم وزارة الخارجية المصرية بالقول إن مصر ستستعيد دورها الذي تخلت عنه.
سيكون من الصعب من دون الإلمام بالخلفية التاريخية، فهم ما كانت تعنيه السفيرة باخوم- التخلي لمن؟ ولماذا؟
أثناء تمشيتها في ميدان التحرير ترتدي البليزر الأحمر المتوهج.
وازنت كلينتون نفسها علي "الخط الديبلوماسي الرفيع" ثم أعلنت ان الولايات المتحدة ستمنح مصر مئات ملايين الدولارات كمساعدة اقتصادية، فيما حرصت علي عدم إقحام نفسها في أسئلة حول ما إن كانت خُطي الحكومة الجديدة مفرطة السرعة ،أم علي درجة غير كافية من السرعة.
وبدت وأن اللحظة تمتعها ،ومضت تحيي من يقتربون منها لالتقاط الصور بموبايلاتهم- تذكرة بكيفية انتشار الثورة علي تويتر داخل مصر وخارجها بدرجة سريعة ، لم تترك لصناع السياسة الامريكية وقتًا لتخطيط مواقفهم متابة.
ويصحبنا الكتاب(مصر كما تريدها أمريكا ) من تأليف لويد سي .جاردنر في رحلته عبر ستة فصول بداية من عهد عبد الناصر مرورًا بعصر السادات حتي الربيع العربي وسقوط نظام مبارك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه