الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين هتف الصدر (كلا للبعث) بعد 19 سنة

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2022 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


حديث عن إعادة ضبط الإعدادات في الدولة العراقية

اتذكر قبل سنوات حين بادر نائب برلماني في حينها، وهو السيد عبد الهادي الحكيم، الى رفع مسودة قانون اطلق عليه اسم (قانون حظر حزب البعث)، حيث كان الغرض من هذا القانون ترسيخ واحدة من الأساسات الرئيسية التي قام عليها العراق الجديد، وهو أن يكون دولة ديمقراطية اتحادية حرة على النقيض تماماً من حزب البعث فكراً وسياسة وممارسات.

ولو نظرنا الى القرارات الخمسة الاولى التي اصدرها (بول بريمر) في أول أيامه سنجد انها جميعاً كانت مخصصة لاجتثاث وملاحقة حزب البعث، ويتمثل ذلك بالأمر رقم (1) المعروف باسم (اجتثاث البعث/ De-Ba’athification)، والأمر رقم (2) الخاص بحل (الكيانات التابعة لحزب البعث) وهو ما يعني عدم الاكتفاء بملاحقة البعثيين وانما جميع المؤسسات الحكومية او غيرها من المنظمات والجمعيات، ثم جاء الأمر رقم (4) الخاص بمصادرة أموال وممتلكات حزب البعث في داخل العراق وخارجه، ووصولاً الى الأمر رقم (5) الذي تم بموجبه إنشاء (هيأة اجتثاث البعث).

وكل هذه القرارات والقوانين والتشريعات تندرج ضمن ما يطلق عليه (قوانين واجراءات العدالة الانتقالية) وهي تنتمي لجملة المباني التي تأسس عليها العراق الديمقراطي الذي ينبغي عليه أن يعتمد سياسة حيادية متوازنة، ويكون صديقاً لجيرانه وللعالم، وأن تطبق فيه قواعد ومعايير حقوق الانسان، وأن يتم فيه توزيع الثروة بشكل عادل بين مواطنيه، وأن تحترم فيه الحريات الشخصية، وأن يتم فيه الفصل بين السلطات، فضلاً عن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.

ولكن على ما يبدو أن كثرة التحديات وسرعة وقوع الاحداث وتراكمها ادى الى تناسي ما تم تشريعه قبل 19 سنة وما بعدها، لدرجة أن عملية تشريع القوانين صارت وكأنها تأتي لغرض رصف التشريعات على مساحات فارغة فوق رفوف المكتبات، وليس لغرض تفعيلها وتطبيقها لتنظيم حياة الناس ومسارات البلد.

ومن هنا يبدو كلام السيد مقتدى الصدر أمام جمهوره بعد 19 سنة، وفي ذكرى استشهاد والده واشقائه على يد (حامل السكين/ حزب البعث) كما يقول، ووسط هتاف (كلا كلا لحزب البعث)، إنما هو كلام مهم، وفي توقيت مهم، لكنه يكشف عن مدى عجز النظام العراقي وفشلة في تطبيق قوانينه التي جرى تشريعها، وهي بمثابة قوانين أساسية جرى تأسيس العراق الجديد عليها، فحين يتذمر زعيم اكبر كتلة برلمانية من (حزب البعث) بعد 19 سنة على اجتثاثه، هذا يعني أن الدولة العراقية تحتاج الى إعادة ضبط الإعدادات الأصلية التي وضعها المؤسسون.

ويثار هنا التساؤل الواقعي عن جدوى تشريع (قانون تجريم التطبيع) اذا ما كانت القوانين التي يتم تشريعها لا تطبق لاحقاً ؟!؟!، كما حصل مع (قانون حظر حزب البعث) !!!.

وهو ما يتطلب منا التوقف عند حالة الخروج عن (الإعدادات) التي يعمل بموجبها النظام العراقي، وهي الحالة التي تفرض علينا القيام بعملية (reset) كما يقول أهل الكومبيوتر، أو عملية (setting) كما يقول أهل الهندسة، وهي جميعها عمليات تهدف الى إعادة ضبط الدولة وفق الفلسفة والمعايير التي تأسست عليها، من خلال إلزام الجميع بكل ما يصدر من تشريعات وقوانين.

والجدير بالذكر هنا أن جهود السيد عبد الهادي الحكيم واخرين معه في اتجاه تشريع (قانون حظر حزب البعث) لم ترى النور إلا بعد جهود كبيرة استمرت حتى عام 2016، وذلك تحت ضغط ما حصل من احداث كارثية على رأسها اجتياح تنظيم داعش للموصل، فتم تشريع القانون تحت أسم (قانون حظر حزب البعث والكيانات والاحزاب والانشطة العنصرية والارهابية والتكفيرية) والذي حمل الرقم (32).

والغريب في الموضوع اكثر أن (قانون حظر حزب البعث رقم 32 لسنة 2016) رغم المماطلة والتأخير في تشريعه لم يتم تفعيله بالشكل المطلوب اصلاً، لدرجة أنه حتى لم ينشر على موقع قاعدة التشريعات العراقية على الانترنيت حتى هذه اللحظة، بل أن حكومة السيد عادل عبد المهدي اضطرت لاصدار أمر ديواني في شباط 2019 يفرض على وزارة العدل تطبيق بنود قانون حظر حزب البعث خصوصاً في مفوضية الانتخابات.

ومع ذلك، وبعد كل الدماء والدموع التي سالت جراء حكم وممارسات حزب البعث، ومنها اغتيال الصدر الاول والصدر الثاني ونجليه، ورغم أن ابناء ضحايا البعث هم الحاكمون اليوم والمتنفذون، تبقى القوانين معطلة ومهملة، وهو ما يستوجب إعادة ضبط البلاد والقائمين على إدارتها، وعدم الاكتفاء بترديد شعارات التنديد في لحظات الاستذكار الحزينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان