الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليقاً حول الراهن السياسي وتصريح القائد مالك عقار

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 6 / 8
الصحافة والاعلام


(رأي خاص)

هنالك متغيرات سياسية بخصوص مسألة الحوار السوداني الذي سينطلق بشكل مباشر خلال هذا الإسبوع حسب تصور الآلية الثلاثية مسنودةً بوساطة جمهورية جنوب السودان عبر فريق توت قلواك الذي وصل إلي السودان لدعم الحوار، وقد وجد ملف السودان إهتمام ملحوظ من المجتمع الدولي لكن العملية السياسية تحفها مخاطر جمة بسبب تزايد الممناعات الداخلية والمشاكسات السياسية والتراشقات الإعلامية الغير مفيدة للبلاد، وهناك تسجيلات صوتية، وعشرات المقالات، وأحاديث منسوجة بخيوط " التنمر السياسي" مبثوثة بشكل منظم علي الصفحات الإسفيرية؛ محمولة بنقد وإستنكار حول التصريحات التي أدلى بها القائد مالك عقار اير رئيس الحركة الشعبية للإعلام بشأن ما يدور في سوح المسارح السياسية السودانية من مناطحات، وبعد إتساع رقعة الحملة الإعلامية الممنهجة ضد القائد مالك عقار؛ كتبتُ تعليقاً وجد إنتقادات وتزمر من الأصدقاء الأعزاء، وكذلك قرأت لذات المجموعات المتنمرة "عن قصد أو دون ذلك" ضد رفيقي مالك عقار، ومن باب المشاركة في تحليل ما قاله القائد مالك عقار وما ذهب إليه الناس بين "النقد والنقض والقبول والرفض"؛ نودُ العودةً للتصريح الذي فتح جدل إعلامي ما زال مستعرًا ومستمرًا ومنتشرًا برعاية الإعلام المضاد للحركة الشعبية، وحول هذا الموضوع نتحدث بشفافية، ودون قيود نقبل أراء الآخريين كيفما كانت، ونعرض فيما يلي نقاط أساسية تناولها التصريح الإعلامي المُشّار إليه أعلاه!.

أولاً. تحدث القائد مالك عقار عن أزمة الأمن ومأزق السودان وتصلب بعض المكونات خلف المواقف والتصورات السياسية مُصّعِدةً خطابها دون النظر لعمق الأزمة السودانية؛ باعتبارهم شركاء في الأزمة، وهم وغيرهم يتقاسمون ما يترتب عليها من كوارث سياسية وإنسانية وإقتصادية وأمنية ستضع البلاد برمتها علي خط النار؛ مما ينبئ بانهيار وشيك للسودان، وهو واقع معاش لا يحتاج لدلائل وبراهين ومجادلات، والحقيقة أما أن نننتج الحل اليوم أو لن نجد غداً مساحة كافية للتباري والصراع، والسودان لا يتحمل كل هذا الإختناق، وهنالك من يرفضون فكرة إخراج البلاد من هذه المعضلات السياسية "أما برفضهم الحوار مطلقاً أو بالمماطلة والتخوين وتشويه مواقف وأراء الذين يستجيبون لدعوات الحوار"، وهذا المنهج لا يخدم مصلحة السودان البتة، ونلاحظ ذلك في البيانات المنشورة أمام أعين الجميع، ولكنا ظللنا نركز علي الجوانب الإيجابية، وهذا لا يعني إقفالنا عن سلبيات مواقف الآخريين، وكذلك نظرتنا للتجارب الإقليمية من الساحل إلي القرن الافريقي؛ إضافةً للكثير من المتغيرات الدولية التي لا بد من إبصارها بينما نحاول العمل بأمل مع من يبحثون عن السودان الجديد، ونحن مع حل الأزمة السودانية عبر إيجاد منبر حوار يشارك فيه الجميع بغية مخاطبة الجذور التاريخية والمعاصرة لأزمة إدارة الدولة والتنوع، ونحاول إبراز أهمية هيكلة المؤسسات العسكرية والمدنية والقضائية مع إنتاج ترياق ناجع يحقق الديمقراطية التشاركية والسلام المستدام والتنمية العادلة في سودان المواطنة بلا تمييز.

ثانياً. إنتقد القائد مالك عقار إشراك الأطفال في الإحتجاجات، وقال بالحرف الصريح أن مكان الأطفال الصحيح هو "ميادين اللعب وفصول المدارس"، وهل هذا خطأ يعاقب عليه؟، وإذا تحدثنا بوضوح أكثر سنجد أن هناك مخاطر حقيقية ستنتج من هذه الممارسة، وهذا الحديث لا يتجزء عن برنامج الحركة الشعبية لحماية الأطفال من المخاطر أينما كانت أمكانهم، وللحركة الشعبية إتفاقيات مع الهيئات الدولية المعنية بقضايا النساء والأطفال وكافة حقوق الإنسان، وما زالت الحركة تلتزم بتنفيذ هذه الإتفاقيات، ويمكن مراجعة وثائق الحركة وبياناتها حول قضايا الأطفال والنساء في مناطق الحروب وغيرها، وتحدث أيضاً عن الإرهاب الممارس ضد الدولة ممن تتخالف مواقفهم حول قضايا البلاد، ويجب هنا تسفيير معنى الإرهاب وتوصيف أنواعه وأشكاله، وهذا الحديث يُقرأ مقرونًا بتهديدات غلق الموانئ البحرية والمنافذ البرية وقطع إمدادات النفط والمواد الغذائية والأدوية المنقذة للحياة، وكذلك مهاجمة مؤسسات الدولة وإنتشار خطاب الكراهية والعنصرية وتغذية الحروب القبلية والتحريض علي العنف والعنف المضاد من قبل تلك المجموعات المعروفة للجميع، ولبعضها صلات بائنة مع النظام الإنقاذي البائد، والآن جارٍ تدميير الدولة، وتلك المجموعات تحاول إثارة غبار كثيف لتغطية سوء مخططاتها، والبعض يعطيهم الفرص "بثمن أو بلا ثمن" بالهروب من مواقع الحقائق للخوض في معارك جانبية وإنصرافية بعيدة، وهذه مسألة خطيرة للغاية يجب النظر إليها قبل الإندفاع خلف هذا الصراع، وهذا يفسر أجزاء من إنعكاسات صور الفوضى في المشهد العام، ويجب علينا إيلاء الإنتباه اللازم لمخططات المجموعات الإرهابية التي لا يريدون التحدث عنها، وستفتح بذلك نوافذها لتقفز منها مثُل الأشباح مرة آخرى، ويجب أن لا نسمح بذلك.

ثالثاً. هنالك جهات سياسية تمارس التنمر والإرهاب بطرق متعددة، وسيماها التلون والدوران حول نفسها وبرنامجها فقط، وهذه الجهات لم تدرك بعد كيف هزمتها مواقفها الخائبة وإيدلوجياتها البائرة بنما تحاول بيع الأوهام، وتودُ تصفية حسابات سياسية مع الحركة الشعبية بتدويل تصريح الرفيق عقار اير دون تحليله بمعيار موضوعي، والقفز من وراء هذا التصريح لن يؤدي بهم إلا لخسارة تلو الخسارة؛ هذا لأنهم لم يعالجوا المشكلة الأساسية بل إستخدموها كأداة للصراع مع الآخريين، وتعودنا علي مثّل هكذا مماحكات، وسنواجه ذلك بما يلزم، وسنوحد صفوف الحركة الشعبية ونصعد لوحدة السودان ككل، وسنعمل لهزيمة السودان القديم، وجميعنا نعلم حجم الأزمة السودانية المتشابكة، وأن التحدث عن الحقائق وحده الذي سيعالج مشكلات السودان، وأن تكرار الإنقلابات العسكرية نفسه هو نتاج فشل السياسات وصراعات المصالح وعدم وجود برنامج متفق عليه حول كيفية إدارة شؤن البلاد، ومن لم يستطيع توحيد المجموعات السياسية تجاه قضايا الشعب الجوهرية لن يوحد السودان أبداً، وما نشاهده اليوم من أزمات شائكة وإضطراب واسع النطاق جاء نتيجةً لتلك الأخطاء الجسيمة التي يهرب البعض من مواجهتها، ولا مناص من المواجهة، ولكنهم يحاولون أن يخفوها بمبررات لا صلة لها بالواقع المنظور، وهذه مشكلة السودان يجب أن ننظر إليها بعين ثاقبة ونخاطبها بشكل واضح وبقرار حازم للعبور إلي الأمام.

رابعاً. الرفيق مالك عقار اير أتى إلي الخرطوم من رحلة كفاح طويلة قضاها محاربًا يدافع عن قضايا المهمشيين والنازحيين وجميع المطهديين في الريف والمدينة، وكان يجول بين جبال وغابات وصحاري السودان من الجنوب إلي النيل الأزرق مروراً بجنوب كردفان، ومن يسعون الآن لفحص الحمض السياسي والثوري عليهم بمطالعة تلك الصفحات المفتوحة؛ فقد فارق عقار دياره مبكرًا للمشاركة في الكفاح المسلح، وفارق السلطة ذات يوم عندما إستبدت وفسدت سلطة الإسلاميين، وإختار الوقوف مع قضايا شعبه من جديد، وجاء للسلام حاملاً مأساة الحروب القديمة بحثًا عن السودان الجديد الذي كافح من أجله لعشرات السنيين، وذهبنا معه في هذا الطريق الشاق من حيث إنطلقنا، وكانت مجايلة بلا قيود، وبالطبع كل قائد خبر الحياة وصار علي دروب السياسة الوعرة وجرب طعم معاناة الحروب والمنافي يشعر بقلق بالغ تجاه مصائر شعبه، ولا يريد الإستماع لأخبار الموت عبر الإذاعات والقنوات والصحف، وما حديث الرفيق عقار اير إلا تحذيرًا من مخاطر الإستمرار في الصراعات السياسية التي وجدها أمامه، بعد عودته للخرطوم، وكانت جزء من إهتمامات الحركة الشعبية، وهو يدرك أن الأزمة السودانية لا تُحل إلا الحوار السياسي، وقد جرب ذلك في عدة منابر طوال فترة الحرب، وأعتقد أن الحوار الوسيلة الأمثل والأقل تكلفةً لإحداث التحرير والتغيير في السودان.

خامساً. القائد عقار كما نعرفه لا يعرف مواراة الحقائق إنما هو يطلق الحديث الصحيح والمجرد مهما كانت تكلفة النطق به ومدى هوس المتربصيين والباحثيين عن الفُرص للتموضع السياسي علي حساب الغير، ومن يعزفون أوتار الإنقسامات، وكل هذا غير مفيد، وربما هذا الحديث جلب للقائد عقار بعض المتاعب مع من نصبوا أنفسهم أوصياء علي الرأي الآخر، ولكن في كل الأحوال يتوجب علينا أن نضع هذا الحديث الصريح في ميزان تحليلي غير تضليلي بل منطقي وموضوعي، ومن يريدون تصفية الحسابات السياسية إختاروا توقيت خاطئ، ونحن مع حماية حقوق الإنسان خاصةً الأطفال والنساء وكبار السن طبقاً لما تنص عليه كافة الإتفاقيات والمعاهدات الدولية وما تمليه الأخلاق، ونخاطب الواقع بما فيه، ونتحمل مسؤلية ما نقوله أمام حاكم التاريخ، والحركة الشعبية ولدت من رحم أعظم ثورة، وباقية ما بقى السودان، وسنظل نناضل لتحقيق السلام والديمقراطية والعدالة الإجتماعية، ونؤمن بأن الدولة تبنى بتحمل المسؤلية، ويجب أن نتحدث جميعاً بصراحة عن التحديات والمهددات الأمنية والإرهاب الذي يمارس الآن بعدة إتجاهات ضد الدولة، وأن نبني أوسع جبهة لمقاومة مؤامرات المجموعات الإرهابية، وكشف مسببات التنمر السياسي لبناء دولة المؤسسات والقانون، وقبل كل شيئ يجب أن نعمل من أجل "السودان أولاً"، وأن نساهم بما يمكن الخروج من هذه الكوارث دون فقدان المزيد من الأرواح، والقائد مالك عقار لن يكون إلا في طريق السلام.

8 يونيو - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على