الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية الحب المحرم محمد عبدالله البيتاوي

رائد الحواري

2022 / 6 / 8
الادب والفن


الرواية يقدمها ثلاثة شخصيات، تحسين العكاكوي، مصطفى الجابر والشيخ عطا، وكلهم تأثروا بالمرأة، الأول "تحسين العكاكوي" كان شهواني (زير نساء) يسعى للإيقاع بهن، رغم أنه متزوج: "لا أنكر بأنني عبدا شهوتي للنساء" ص8، وهذا يشير إلى أنه شخصية ضعيفة، لا يستطيع التحكم بغريزته، وعلى أنه لا يعطي احتراما للآخرين، ويتعامل معهم كأدوات لأخذ ما يحتاجهم منهم.
الثاني "مصطفى الجابر" شخصية قوية، نقية، عمل في الثورة ولم يقبل أن يأخذ (أجرته) كحال الآخرين، ترك فلسطين وذهب إلى لبنان، بعد أن اعتقلته سلطات الاحتلال وعذبته لمدة ستة شهور، بعد أن اعترف عليه "نحسين" تاركا أسرته وحبه ل"سوسن"، ثم انتقل إلى تونس بعد معركة بيروت عام 1982، " وعاد مع العائدين بعد أوسلو، بقيت زوجته مخلصه له، إلى أن علمت من خلال زوجة "تحسين" أنه ينوي الزواج من "سوسن" وهنا تحدث مشادة بينهما، يفقد تحسين على إثرها الوعي، ويذهب إلى المستشفى للعلاج.
"الشيخ عطا" من المناضلين الأنقياء، الذين أخلصوا للثورة، يحمل الثقافة الدينية، لهذا وقف بشراسه أمام محاولة "تحسين" النيل من سكرتيرته "بسمة" التي أحبها وطلبها للزواج.
إذن هناك شخصية شاذة "تحسين" وشخصيتان إيجابيتان، مصطفى والشيخ عطا" وهناك امرأة "بسمة" يسعى إليها كلا من تحسين والشيخ عطا، الأول يريدها لتفريغ شهوته، والثاني يريدها كزوجة، أم "مصطفى" فيندفع إلى عاطفة/حبه السوسن، فما أن يراها حتى يعود الماضي بكل ما فيه من اندفاع.
إذن الاضطرابات والمشاكل التي لازمت شخصيات الرجال كانت بسبب النساء، وهذا يشير إلى حجم تأثير المرأة على الرجل، وعلى دورها وقوة حضورها، فحتى الرجل المتزوج يمكن أن يحتاج إلى امرأة أخرى.
تحسين العكاكوي
سنحاول التوقف قليلا عند شخصيات الرواية ونبدأ من "تحسين" الذي يتحدث عن نفسه قائلا: "لا أنكر بأنني عبدا شهوتي للنساء" ص8، وهذا يشير إلى أنه يعي في قرارة نفسه أنه شخص شاذ، غير سوي، لكن لم يقتصر الأمر على علاقته بالنساء فقط، بل طال انحرافه إلى معنيته في العمل: "ما أكتبه في هذه التقارير معلومات في حق الموظفين أغلبها مفبركة وتفتقر إلى أدني درجات المصداقية... تقارير أحملها كثيرا من المصلحة الخاصة دون مراعاة للمصلحة العامة للعمل، لأنني أريد كل موظف تحت قبضتي" ص 9، إذا ما توقفنا عند ما قاله "تحسين" نجد الانتهازية تجري في دمه، وأيضا يحاول أن يكون ساديا مع الموظفين، هذا ناتج عن شعوره بالضعف أمام "مصطفى الجابر" وأمام زوجته، فهما يسيطران عليه، الأول لأنه هو من وضعه مديرا عاما للدائرة: "..لقد كان له دور الأبرز في حصولي على منصب المدير العام" ص14، وهو من أنقذه في بيروت من الاستمرار في البغاء وخلصه من الأزمة المالية التي وقع فها بعد أن استنفذت العاهرات معظم ما معه من مال: "لهذا يجد نفسه ضعيف/مكشوف أمام ما يعرف أسراره وزلاته: "...كان لدي إحساس دائم بأنه قادر على الولوج في تلافيف دماغي، ليعرف ما أريده منه دون أن أصرح له بشيء" ص24، والثانية لأنها تنتمي لعائلة (عريقة) ذات سطوة منذ أيام الإنجليز وحتى قدوم السلطة: "...لا أخفي خوفي من قدرتها على أن تحشرني في الزاوية فإن لديها قدرة ـ متكئة على قدرة أهلها ـ أن تودي بي في خبر كان" ص11، من هنا يحاول "نحسين" تعويض ضعفه أمامهما من خلال استغلال موقعه ليتحكم في الموظفين، دون أن يراعي المصلحة العامة.
مصطفى الجابر
الشخصي مثالية في كل شيء، حتى عندما استرجع الماضي تصرف بنبل وحكمة، فلم يرد على زوجته بعد أن طلبت الطلاق منه وارتفع صوتها، بدايات الشهامة عند مصطفى بدأت منذ أن خضع للتحقيق والتعذيب لمدة ستة أشهر ولم يعترف بشيء: "... لقد اطلق سراحه بعد اعتقال دام ستة شهور قضى معظمها تحت العذاب والتعذيب" ص29، واستم نبيه بعد أن عاد مع العائدين بعد أوسلو ورفض المناصب والمراكز والمال نظير ما قام به: "... اعتزالي العمل المقاوم والعمل السياسي، وتفرغي لتعويض زوجتي وأبنائي عما فاتهم أثناء غيابي" ص67، وعندما حاوره الرئيس حول هذا الأمر أجاب: ""وأنت ماذا تطلب لنفسك؟"، فعلقت والابتسامة لا تفارق وجهي: "مطلبي الوحيد هو أن يكون الكل سعداء.. وأن لا يندم أحد منهم ذات يوم على ما قدمه" ص101، بهذا العطاء كان تحسين، وأثناء حصار بيروت كان هو المبادر على القيام بمهام خطيرة وشبه مستحيلة: "...عندما حوصرنا في بيروت كان هو الوحيد الذي استطاع بمجهودات خارقة أن يوفر المؤن بعد أن تقطعت بنا السبل" ص118، بهذه الصفات كان "مصططفى" فهو شخصية كاملة بكل معنى الكلمة، على النقيض من "تحسين" الانتهازي والضعيف والمستسلم لشهوته.
الشيخ عطا
رجل مناضل خاضع حرب بيروت، يتميز بإخلاصه واحترامه للآخرين، كما أن ثقافته الدينة جعلته شخصية متميزة، يفهم الدين على أنه أخلاق قبل أن يكون عبادة.
بسمة
سكرتيرة "الشيخ عطا" حاول "تحسين النيل منها، لكنها كانت قوة وصدته أكثر من مرة: " ...يستدعيها كثيرا لمكتبه ليتحرش بها رغم صدها له بجفاء" ص54، وهذا يشير إلى قوتها وعدم تهاونها أمام (سطوة) "تحسين".
زوجة مصطفى
امرأة حافظت على أسرة مصطفى بعد أن أجبر على مغادرة الوطن، وعندما عاد رحبت به، لكن بعد أن علمت أنه يريد الزواج من "سوسن" تعاملت كامرأة حرة فطلبت الطلاق منه.
أم مصطفى
امرأة تعاملت مع نضال ابنها على أنه واجب وطني، فلم تأنبه على ما قام به، وشجعته بقولها: "...كنت أعلم أن السجن للرجال، وأنت لم تسجن على شيء يشين، فسجنك وسام يوضع على صدرك.. والسجن لا يغلق على أحد أبدا" ص98، وهذا يخدم فكرة المرأة القوية التي نجدها في نساء الرواية "بسمة، وزوجة مصطفى" ويخدم فكرة أثرها القوي على الرجال والتي نجدها في "سوسن وبسمة" وحتى زوجة "تحسين نجدها قوية وتسيطر على زوجها، وهذا ما جعل كافة الشخصيات النسائية قوة، على النقيض من شخصية "تحسين" الباهتة.
المكان
في بداية الرواية لا تسمي شخصيات الرواية المكان مباشرة، وتكتفي بالاشارة إلى ما فيه من مواقع وأحياء مثل: "مقهى الهموز" ص76، "سرفيس رفيديا أمام عمارة العنبتاوي غرب الدوار" ص88، وهذا يدل على مدينة نابلس لم يعرفها، لكن بعدها يسمي المدينة مباشرة: "المجموعات الصغيرة النشطة التي كانت تعمل في منطقة نابلس" ص94، ثم يعود لتحدث عن أحياء نابلس من جديد: " خلة العامود الواقعة شرقي المدينة" ص147، وبهذا تكون الرواية قد حددت المكان، لكنها لم تعطيه مساحة أو أثر أو فاعلية في الأحداث أو على الشخصيات. فهو مكان شبه جامد، إذا ما استثنينا أنه واقع تحت الاحتلال مما دفع تحسين ليواجه المحتل ويقاومه.
لغة الشخصيات
كافة شخصيات الرواية استخدمت اللغة المحكية والأمثال الشعبية، فهناك أكثر من عشرين قول أو مثل شعبي في الرواية، وهذا ما يجعل الشخصيات قريبة من المتلقي، شخصيات شعبية.
الرواية من منشورات دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2022.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة