الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا وخيانات العرب

حسام علي

2022 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن خططت أمريكا لتحتل تواجدات العجوز أوروبا بأرض العرب، في ظل تزايد الحاجة الى النفط العربي التائه اليتيم، تم إعادة صياغة المنطقة بمسمى شرق أوسطي جديد في ظل وجود الوكيل الأول، إسرائيل. فكان نتيجة ضرورة الأمر لاستمرار دوران عجلة الصناعة الامريكية، هو الهيمنة على عالم عربي يطفو على خيرات وثروات، وهو في الحقيقة في غنى عن هذه الخيرات والثروات، بسبب إنشغالاته الواسعة التي حققت ارقاماً قياسية بالتناحرات الطائفية والحروب، وتوزيع الخيانات وتعميم الجهل والكسل بفضل التواطؤات، لأن المهم لدى هذا العالم، إبقاءه بالاتفاقات غير المعلنة، على سدات الحكم لأطول مدة ممكنة.
الرئيس الامريكي الأسبق ايزنهاور، حينها قال: إن من الأمور التي تؤكد أهمية منطقة الشرق الاوسط، احتوائها على ثلثي مصادر النفط في العالم. وقال الرئيس فورد: إن أمريكا ذاهبة الى الحرب من أجل النفط. كذلك قال كارتر: إن أية محاولة خارجية لفرض الهيمنة على منطقة الخليج، تعتبر تطاولاً على المصالح المهمة للولايات المتحدة الأمريكية. لذا، جاء إحكام القبضة على دول منطقة الذهب الأسود كعملية حتمية وجعلها تقع ضمن استراتيجية أمريكا السياسية والاقتصادية، مع السعي بذات الوقت الى تفتيت فكرة الصراع العربي الاسرائيلي وتحويل مفهوم الصراع الى مسمى جديد ينضوي تحت مفهوم آخر، هو التطبيع المبطن بادئ الامر، وذلك لتأمين خطط الاستيلاء بدون ما اشتهرت به العرب من احتجاجات او استنكارات، ربما تثير الرأي العام العالمي.
فسياسة أمريكا للسيطرة على النظام العالمي الجديد لا تتم بدون السيطرة على النفط العربي، ولأجل السيطرة على النفط العربي يجب ترتيب الاوراق وهيكلتها طبقاً لمصالح أمريكا واسرائيل حليفتها الشرعية. ما يعني خلق نظام شرق أوسطي يكون تابع لسيطرة أمريكا وفق مفاهيم هي من أتت بها وفرضتها على الساحة العربية والدولية، ذلك أن اللامسؤول العربي من صفاته أن يتلقى فقط، أو بالاحرى أنه سريع التلقف والتنفيذ نظراً لتمتعه بموهبة فطرية قلّ نظيرها !!
لذلك، حاول بعض العرب خداع نفسه بجدارة، بأن حربه الباردة قد ولت وحلّت محلها صفحات جديدة من التقدم والتطور، تمثلت ببناء ناطحات سحاب واستقدام أفخم التطورات التكنولوجية وإقامة أكبر المسابقات العالمية، أو إرفاق مسافر وإجلاسه مقابل مليارات، برحلات فضائية، للتصوير بأن بلدانهم قد أصبحت قبلة أنظار العالمين شرقاً وغرباً، فأصبح هذا هو الدليل بعين هؤلاء العرب. ذلك أن أمريكا ومعها اسرائيل، نجحتا في تمزيق منطقة العرب قبل كل شيء الى أشلاء، فكرياً ومن ثم ميدانياً، ثم، بدء العد التنازلي في لم الأشلاء وجمعها على طاولة (الصديقة) اسرائيل وضرورة التمسك بالوحدة الجديدة تحت خيمتها، تحت ذريعة زرع فكرة تحقيق السلام والأمان في المنطقة من جهة، وولوج حالة مصطنعة في ظاهرها تتصف بالاستقرار أو اللافوضى، وفي باطنها جريان كبير لحرب ساخنة للاستيلاء على الخيرات (النفط العربي) والمقدرات، ونزع الهويات والسيادات ومن ثم تهديم الحضارات، خاصة النيل ووادي الرافدين، من جهة أخرى.
فالمنطقة العربية حيوية بخيراتها، غير حيوية بأفكار مسؤوليها، حيوية بجغرافيتها، وليست حيوية بحضورها في الساحة العالمية، عليه، ستكون اسرائيل بنظر عرب المنطقة، هي المنقذ، وهي مصدر القوة والأمان التي ستتمكن من صنع السلام والاقتدار للعرب، وآه يا عرب.
فلأجل ضمان أمن حقيقي لاسرائيل مع العرب، إنما يجب أن يتأتى عن طريق إقامة معاهدات دائمة وإنشاء علاقات (طبيعية) بعيدة عن فكرة المعاداة، وإتاحة الفرص لمصالح مشتركة تصب في مصلحة اسرائيل دون شك، فتقل المخاطر وتتفتت المخاوف إزاء تنامي العلاقات بالمقابل وتطويرها، من خلال تأمين وتعزيز التسويف المزور للواقع الذي مرره اللامسؤولين وانطلى على الشعب العربي بأغلب شرائحه.
في هذا الحال، كانت من إحدى المخططات لإنجاح فكرة أمريكا في الاستحواذ والهيمنة على ثروات المنطقة العربية وإحكام السيطرة على مراكز القوى السياسية فيها، هو إبراز التفوق العسكري الاسرائيلي، كبداية مشوار طويل، إزاء الواقع العسكري العربي الذي باتت جيوشه ضعيفة جداً والتي كانت يوماً ما قوية، من خلال استحداث أزمات استراتيجية سياسية وعسكرية تؤمن الحضور أو التواجد السياسي والعسكري لأمريكا واسرائيل على حد سواء، وهذا ما حصل للجيش العراقي والمصري والسوري. مع بذر بذات الوقت حالة الحاجة لاسرائيل بذهن هؤلاء العرب، وضمن مفهوم السلام الوهمي.
على ضوء هذا، تم رسم ملامح متكاملة في تمكين اسرائيل بالتفوق على العرب، بنظر العرب الخونة، وجعلها تدخل بإطار أو قالب الصديق الوفي، وتناسي صفة المحتل الذي دمر وشتت واغتال وهدم، بل وحرم أجيال من العيش بسلام وأمان وطمأنينة وحرية، بدءا بفلسطين ومروراً ببقية دول عربية أخرى.
فبدلاً من الحروب العلنية واستعمار الدول العربية التي قضت أزمان طويلة تحت الخيمة الاوروبية واستعباداتها واستبداداتها، كان البديل الأفضل قد حلّ بتنصيب اسرائيل في المنطقة والاعتماد عليها في تأسيس نظام شرق أوسطي وعالمي حقير جداً، يؤتي للمستعمر بالثمار المطلوبة دون حروب، وفي ظل حالات أو علاقات وطيدة أقامتها اسرائيل مع العرب الخونة، ضمنت لها قطف الثمار والتمدد من النيل وحتى الفرات لها، رغماً وعمداً، من جانب، مع تقديم النفط العربي على طبق من ذهب لأمريكا في الجانب الآخر، وضمن صورة نادرة تكاد تكون تاريخية، لا تزال تتمثل بابتسامة وانشراح السذج من العربان الخونة وهم يصافحون، أعداء الأمة والتاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي