الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاعبو السرد قراءة للمشهد القصصي في البصرة القسم الاول

رياض قاسم حسن العلي

2022 / 6 / 9
الادب والفن


من نافلة القول ان البصرة تتميز بتقدمها الادبي في العراق لعدة اسباب ليس هنا مجال الحديث عنها ومن مظاهر هذا التقدم هو الاسماء الشعرية اللامعة التي ظهرت في نهاية النصف الثاني من القرن العشرين ومابعدها كالسياب وسعدي يوسف ومحمد علي الاسماعيل المظلوم اعلامياً ونقدياً ومحمود البريكان المقل جداً وغيرهم من الاسماء ولكن في مجال القصة القصيرة بشروطها الفنية المعروفة بغض النظر عن الاتجاهات الاسلوبية المختلفة فأنها تأخرت كثيراً ولم تظهر معالمها الواضحة الا في سبعينيات القرن الماضي وعلى الرغم من أحد كتاب القصة المهمين قد بالغ في كتابة القصة متاثراً باسلوب السرد الفرنسي الجديد الذي ظهر على يد الان روب غريييه الا انه هذا الكاتب لفت الانتباه اليه لعدة اسباب منها ان الاتجاه السائد وقتها في السرد كان للمذهب الواقعي بتأثير من اليساريين لذا فأن وجود أعمال تغاير هذا المذهب لابد وأن تلفت الانتباه اليها ولكن من المثير للاستغراب ان هذا الكاتب لم يكن -ولا يزال - كاتباً مقروءاً من قبل طيف واسع من القراء وانما يوصف بأنه مقروء من قبل النخبة الادبية والنخبة من القراء وهذا شئ طبيعي.
لكن التحول المهم في القصة البصرية هو نشوء جماعة البصرة آواخر القرن العشرين التي أعادت الى البصرة الانظار مجدداً بعد تجربتي محمد خضير المعروفتين وهذه الجماعة قدمت نصوصاً مغايرة لكل ماسبق فهي لم تضع تجارب عبد الوهاب وخضير كمتكأ لها بل انطلقت ولم يكن وراءها سوى طموح متزايد في الابتكار والتجديد لذلك يمكن القول ان النصوص التي قدمت في اصدارات الجماعة كانت اكثر تطوراً من ناحية الاسلوب والتقنيات والافكار من تلك النصوص التي قدمتها جماعة المشغل السردي.
والحق يقال ان عهداً جديداً بدء للمشهد القصصي في البصرة يتمثل في صدور مجموعة ضياء جبيلي ( لا طواحين هواء في البصرة) لذلك يمكن القول بإطمئنان ان حالة من الرتابة اصابت هذا المشهد بسبب أن القارئ الان صار يمتلك وعياً يفوق في كثير من الاحيان وعي الكاتب خاصة مع الانفتاح الثقافي وتعدد القراءات والاطلاع على التجارب العربية والعالمية وعدم قدرة القاص على ابتكار حبكات تؤثر في القارئ واتجاهه نحو التجريب والغموض واللف والدوران بدون أي معنى.
والقائمون على كتاب ( لاعبو السرد / المشهد القصصي في البصرة) الصادر عن كتاب فنارات سنة 2015 ارادوا كما ييدو ان يقدموا صورة لهذا المشهد في البصرة ولكن وباعتراف كاتب المقدمة فأن مستويات النصوص لم تكن في مستوى واحد بل انه عد هذا الكتاب ممثلاً للمشهد الابداعي وهذا يعني اذا اراد القارئ او الناقد ان يتعرف او يقيم الفن القصصي في البصرة عليه ان يطلع على هذا الكتاب لأن المشاركين في كتابة هذه النصوص يمثلون لعبة السرد في البصرة،
فكيف ياترى كانت نصوص ( لاعبو السرد)؟
اول نص كان للراحل محمود عبد الوهاب ولكن للاسف كان نصاً بسيطاً ليس فيه جديد ويذكرنا بتلك النصوص القديمة ذات الصبغة الوعظية والنص يتحدث عن رجل اعزب يعيش وحيداً تاتيه افكار الموت حينما يريد ان ينام ويفكر بما سيحدث بعد موته.
وفي النص الثاني لمحمود عبد الوهاب ايضاً والذي اختار له عنواناً غريباً (دروكوكو) يتحدث فيه عن كاتب يذهب الى كافتيريا مسرح ويستمع الى نقاش بين فتاتين حول قصة نشرها في مجلة ثم يتحول النقاش الى هيمنغواي وقصة انتحاره وحاول عبد الوهاب ان يضيف الى النص لمحات من الميتاسرد وان يقسم النص الى مشاهد متفاوتة وكان لمشهد المحاورة بين الفتاتين اخذ الجزء الاعظم منه وكنت اتمنى لو استمر الكاتب في الحديث عن غربته في مدينتة الخاملة بدلاً من ذلك الحوار التقليدي الذي لم يضف شيئاً الى النص.
في نص ( بلاد الاسماء المتشابهة) فأن اسلوب محمد خضير هو نفسه وحتى لو لم يذكر اسمه في اعلى النص فالقارئ سيعرف أن كاتبه هو محمد خضير فسردياته لا تتعدى تلك الثيمة المعروفة من التنقل بين الاماكن في مدينة صغيرة والعرض البانورامي للناس بالاضافة الى الطريقة التي تجعل القارئ يشعر بأن هذا النص لم يكتب كي يقرأه عامة الناس بل لنخبة النخبة وهذا النص نشر سنة 2007 في صحيفة البيان الاماراتية قبل ان ينشر في هذا الكتاب ، وتبدو الانا المتعالية للكاتب حينما يقول " أني (م) أمنح مواليد باصورا ( ميم) البلاد التي احرقت سجلاتها المدنية" فهو يلغي الاسماء كلها ليبقي على ( ميمه) فقط.وهذا النص يحيلنا الى كتاب خضير ( حدائق الوجوه) الصادر عن المدى سنة 2008 .
في ( سعادات الاماكن المضاعة) يقدم لنا باسم الشريف نصاً ينتمي الى تلك النصوص التي كتبت مابعد الاحتلال والتي تتناول موضوع التفجيرات الارهابية ولكن بأسلوب ولغة من اروع مايكون ودائما ما اقول ان باسم الشريف يمتلك لغة مثقفة وواعية فهو يمنح هذه اللغة الروح الوثابة التي تجعل القارئ يشعر بالسعادة ولا اعرف لماذا لم ينتبه النقاد الى لغة باسم الشريف هذه ،وكنت قد كتبت قراءة متواضعة لمجموعة باسم الشريف التي تحمل العنوان ذاته.
في نص ( ثقوب في ذاكرة البرحي) نلاحظ شئ من اللغة الشاعرية التي افقدت النص حيويته السردية بالرغم من محاولة القطراني ان يبعث فيه الروح السردية في النصف الثاني منه ولكن تلك اللغة الشعرية لم تفارقه وكان ممكن ان يكتب هذا النص بشكل افضل.
لا يفاجئنا جابر خليفة جابر حينما يكتب ( زيد النار) فاللغة المتوارية والكتابة فوق النص هي لعبته وكذلك الانتقالات الزمانية والمكانية وسحب القارئ الى منطقة الكاتب بجمل تقترب من الشعر ولكن ترتبط بحبل خفيف بالسرد الذي يتوارى كالشمس وراء السحاب وفي كل جملة دلالة تدعو القارئ الى التجاوب معها والتأمل في معانيها وهو -اي جابر- يريد من خلال هذا النص واشباهه ان يؤسس لسردية عراقية جديدة سنلاحظ ثمارها بعد سنوات في رائعة جابر المعنونة نور خضر خان،لذلك علينا ان نقرأ لجابر بحذر فهو ماكر في الكتابة.
وفيما يتعلق بنص ( عاشق الشمس) لحسن الظفيري فلم افهمها بالرغم من قراءتي لها ثلاث مرات وربما الخلل في قدرتي على الفهم.
أما خولة الناهي التي يمكن عدها واحدة من افضل كاتبات القصة في البصرة تقدم نص بعنوان ( صاحب الميزان ) وهذا النص قد وقفت امامه طويلاً اثناء كتابتي لقراءة حول المجموعة القصصية الاولى لخولة والشئ الذي لفت انتباهي فيه هو استخدام الكاتبة للصوت السردي الجماعي في جزء مهم للنص،وكذلك دقتها البارعة في وصف حالة صاحب الميزان وهذا النص قريب من القارئ لسبب بسيط وهو أن الكاتبة تشاركه في التعرف على شخصية صاحب الميزان.
وارفع القبعة احتراما وتقديراً لذلك النص الباذخ والرائع لرمزي حسن والمعنون ( عندما لم نعد اطفالاً) وكم شعرت بالحزن حينما وصلت الى نهايته فقد كنت اتمنى ان يستمر رمزي في سرد حكاية عماد، فهذا النص يمكن بسهولة ان يتحول الى رواية ففيه من التفاصيل والشخصيات والاماكن مايؤهله لذلك.
في نص (البيان الاول ) لريسان جاسم عبد الكريم نجد في القسم الاول منه استعراض لحياة ثلاث اشخاص جثثهم في الطب العدلي قتلوا على يد التتار الجدد سنة 1963 في اسلوب رائع يشد القارئ وفي النصف الثاني يدخلنا الكاتب في مشهد فنتازي اراه قد غير مسار النص وافقده الشغف الاول حتى الرمزية في استخدام دلالة التتار لا اجدها انقذت النص من استغراقه الرمزي الثقيل.
ويبدو ان أسلوب سعيد حاشوش هو نفسه سواء في الرواية او في القصة القصيرة لذلك لم استغرب وانا اشعر بالفراغ العميق بسبب الدخول في متاهات نص ( اليحامير) ،ترى هل ثمة قارئ يستمتع بقراءة هكذا نصوص؟
اما قصة ( فريدريك انجلس في سنجار) لصلاح عيال فهي قصة جيدة وكتبت بأسلوب الفلاش باك لكن الشئ الذي لم افهمه كيف لايزيدي يعمل معلماً للغة العربية لكنه يتحدث بلغة عربية مكسرة صعبة.
وليس غريبا على ضياء جبيلي ان يكتب نصاً في غاية الثراء والدسامة والمتعة كما هو الحال مع نص ( حوصلة الزاجل) فضياء اثبت خلال السنوات العشرة الاخيرة انه خير من يمثل السرد في البصرة وأنه كاتب نذر نفسه ليقدم كل اشكال المتعة السردية للقارئ المتعطش لهكذا اسلوب باذخ.
نص ( الشطرمان) لضياء يوسف جندو يشبه تلك النصوص الشيئية التي ظهرت فيما يسمى بالرواية الفرنسية الجديدة والتي كان ابرز ممثليها هو الان روب غرييه لكن نص جندو كان بارداً بلا روح على الرغم من محاولته لتقديم مقاربة بين وظائف قطع الشطرنج والانسان لكنه لم يوفق ولكن في مقابل ذلك اعجبني الاستهلال الذي يذكرني برواية امبرتو ايكو ( مقبرة براغ) مع الفارق بالتأكيد.
عبد الامير محسن يقدم ثلاث نصوص قصيرة لارابط بينهما حتى لو كان قد جمعها في عنوان واحد وهي نصوص بسيطة لاجديد فيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد