الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطل في مسرح الستينيات للدكتورأحمد العشري

عطا درغام

2022 / 6 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كثر الحديث عن الحاجتنا إلي مسرح مصري أصيل،نابع من بيئتنا وتراثنا.وقد كثرت الآراء في هذا الموضوع، فمن قائل: بان المصريين عرفوا المسرح قبل الإغريق بفترة طويلة ،وأن مسرحيات الآلام الت يكانت تؤدي داخل المعبد..تعتبر الجذور الحقيقية للمسرح المصري..وأن أسطورة إيزيس واوزيريس علي سبيل المثال تحمل في طياتها البذور الأول التي طورها الإغريق فيما بعد إلي شكل مسرحي متكامل
وعلي هذا الأساس فإن عودة المسرح المصري إلي مصر منذ منتصف القرن العشرين يعتبر عودة طبيعية لمنطقة كانت رائدة لهذا الفن الادائي
ومن قائل أيضًا إن المسرح بشكله الأوربي سواء الإغريقي منه أو الحديث،غريب علي المنطقة ودخيل علي تراثنا.وأننا اتجهنا إلي تراث غريب بدلًا من تطويره لجذور مصرية أصيلة ممثلة في فنون تراثية، مثل الأراجوز، وخيال الظل وغيرها...وهي فنون تعرفها مصر منذ قرون عديدة.
ويري بعض النقاد والمنادين بهذا الرأي أننا لو طورنا هذه الفنون بصورة طبيعية،لأصبح لدينا الآن مسرح أصيل، يختلف عن التراث المسرحي الأوربي.
والثابت وهو في نفس الوقت نقطة الانطلاق الحقيقية لهذه الدراسة، أن المسرح المصري حينما بدأ علي أيدي الوافدين اللبنانيين والشوام بدأ فعلا بداية اوربية، فقد اعتمد علي هؤلاء الرواد الأوائل من أمثال النقاش والقباني وغيرهما علي نماذج أوربية وحينما انتقل مصير الحركة المسرحية إلي أيدي المصريين استمر تيار الاعتماد علي الأصول والنماذج.
بل المدارس الاوربية في الأدب المسرحي،وفنون المسرح من تمثيل وإخراج وديكور..إلخ.
ولا غرابة في ذلك. ففنانون مثل جورج أبيض ويوسف وهبي تأثروا أأساسًا بفنون المسرح الأوربي المزدهر الذي احتكوا به احتكاكصا مباشرًا.
وقد تكررت القصة حينما حاول الكاتب المسرحي المصري تقديم نص مصري ، فقد وجد نفسه هو الآخر تحت النتأثير المباشر للمسرح الاوربي...إما عن طريق الترجمات أو الاحتكاك المباشر بتراث المسرح الأوربي المعاصر منه والكلاسيكي،وأوضح مثال لذلك أديبنا الكبير توفيق الحكيم الذي يعتبر الرائد الحقيقي للدراما المصرية الحديثة.
فالبرغم أنه كتب بعض النصوص المسرحية قبل سفره إلي فرنسا لدراسة الحقوق،إلا أن فترة نضجه الحقيقي ككاتب مسرحي لم تبدأ إلا بعد تلك السنوات التي قضاها في عاصمة النور، وهي السنوات التي تحول فيها عن دراسة الحقوق إلي الأدب المسرحي.
وحينما ننتقل إلي الجيل الثاني من كتاب المسرح وهو الجيل الذي أحدث النهضة المسرحية الكبيرة ابتداءً من منتصف الخمسينيات حتي أواخر الستينييات .هذا الجيل الذي تتصدي الدراسة له وتحليل بعض مسرحياته في هذا الكتاب.
فإن المؤثرات الأوربية تظل واضحة وقوية،وإن كانت رقعتها تتسع بشكل واضح، فلم يعد الأمر قاصرًا علي موليير وراسين وكورني وشة، بل امتدت الرقعة لتشمل كتابًا من روسيا القيصرية في الشرق، إلي كتاب أمريكا في أقصي الغرب.
وهكذا يري الإنسان أصابع كتاب مثل تشيكوف وميللر وتنيس ويليامز وبيكت ويونسكو وبيتر فايس وعشرات الأسماء الأخري في معظم كتاب المسرح المصري من الجيل الثاني- جيل الستينيات- وإن كان التأثر يتفاوت كمًا وكيفًا إلي آخر حسب نوع الثقافة والميول والاتجاهات الفكرية والسياسية،ولسنا في حاجة إلي تاكيد ظاهرة أساسية وهي أنه يصعب أن نجد كاتبًا مسرحيًا لم يتأثر بطريقة أو بأخري بالمسرح الغربي.
بل إننا حينما ننتقل إلي جانب شائك بعض الشيء وهو ما يُسمي بالدراما الإسلامية،وهي الدراما التي استشهدت الدراسة بنماذج منها ممثلة في الحسين ثائرًا والحسين شهيدً لعبد الرحمن الشرقاوي.
ومأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور؛ فإن المؤثرات الأوربية تظل واضحة رغم الاختلاف الواضح بين المفاهيم الدينية الغربية والمفاهيم الدينية للإسلام،وخاصة فيما يتعلق بمفهوم القدر والقدرية،والثواب والعقاب وهي مفاهيم تعتبر محورية في نظرية أرسطو.
إنه رغم الاختلافات البيئية بين بعض المفاهيم الأساسية للعقليتين المسيحية والإسلامية إلا أن الإنسان يستطيع مناقشة هذه الأعمال الثلاثة علي المفاهيم الأوربية للتراجيديا.
فالبطل المأسوي عند عبد الرحمن الشرقاوي بطل إسلامي ،هذا صحيح ولكنه من الناحية الفنية بطل تراجيدي بالمعني الكامل، ولا نظنه يختلف عن مفهوم أرسطو لهذا البطل، سواء في نقطة ضعف الأساسية أو في الخطأ المأسوي الذي لا رجعة فيه، وفي سقوطه الحتمي نتيجة هذا الخطأ، بصرف النظر عن القدر والقدرية.
نفس القول علي مأساة الحلاج ذات المنطلق الديني، تمامًا كما كان ينطبق علي معظم أعمال الشاعر صلاح عبد الصبور الاخري،حيث يكون البطل المأسوي بطلًا متكاملًا بالمفهوم الأوربي.وسط هذين النقيضين، وهما الدعوة إلي مسرح مصري أصيل، والواقع التاريخي الذي يربطنا بالمسرح الغربي بمفاهيمه التقليدية المعروفة،تصبح الدراسة التحليلية لنماذج أساسية من التراجيديا المصرية المعاصرة ضرورة علمية، فمثل هذه الدراسة تساعد غالبًا علي تحديد المواقف؛أي أنها محاولة لتوضيح أين نقف في بحثنا عن مسرح مصري عربي والواقع أن هذا هو المنطلق الحقيقي لهذه الدراسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش