الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في الفكر العربي الحديث

عطا درغام

2022 / 6 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


علي الرغم من أننا في أوائل القرن الحادي والعشرين- مازالت المرأة في المجتمعات العربية ما زالت تعاني من التخلف والظلم الاجتماعي سواء من الرجل، أو من العادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع ،كما أن العقل الجمعي ما زال ينظر إلي المرأة علي انها ضعيفة ومكسورة الجناح وأنها دائمًا في حاجة إلي الرجل لكي تستطيع العيش؛فظل رجل ولا ظل حائط.
وكذا من مظاهر الظلم الاجتماعي أن نسب الأمية بين الإناث أكبر بكثير منها بين الذكور ؛كما أن نسب البطالة بين الإناث تزيد كثيرًا عنها في الذكور بل إننا مازلنا نجد العديد من الوظائف الآن أصبحت تشترط في الإعلان الاقتصار علي الذكور، ولا يعني هذا عدم قدرة المرأة علي العمل في هذه الوظائف، وبالمقابل نجد العديد من الوظائف حين يعلن عنها يشترطون امرأة حسنة المظهر، وغالبًا ماتكون هذه الوظائف سكرتيره؛ فغالبًا ما ينظر إلي المرأة علي أنها وسيلة لجذب بأي طريقة وبأي صورة دون المراعاة للتكوين الإنساني للمرأة.
وكذلك فما زالت المجتمعات العربية إلي الآن تُعلي من قيمة الذكر علي الأنثي، ولعل السبب في هذا استمرار التصورات القبلية في مجتمعاتنا فما زال العديد من الأسر يفضلون الذكر علي الإناث. بل إن بعض المتعلمين تعليمًا رفيعًا في المجتمع أحيانًا ما يكثرون النسل من أجل إنجاب الذكور، ولم يكن التعليم وسيلة لتغيير صورة المرأة في المجتمع بل إن هناك العديد من حالات الطلاق او الزراج بأخري علي زوجته يعود نتيجة لان الزوجة لم تنجب له الولد في حين أن العلم الحديث أثبت أن الرجل هو المسئول عن تحديد نوعية الجنين.
وعلي الرغم من فاعلية المرأة في بعض المجتمعات وخاصة في المجتمعع الريفي في مصر،وذلك أن بعض الرجال يستغلون حقهم في الطلاق أحيانًا، وبدعوي القوامة أحيانًا أخري نجدهم يتركون بعض النساء معلقات لا هن متزوجات،ولا هن مطلقات،كما أن الفلاحين في الريف المصري أحيانًا ما يخرجن بناتهن للعمل في الحقل، فيتركن التعليم إما بدعوي الفقر والحاجة، وإما بدعوي أن مآل البنت إلي الزواج.
ولا شك أن جهل الآباء قد يكون وراء ظلم البنت في المجتمع الريفي. كما أن العادات والتقاليد والأعراف أحيانًا ما تكون وراء ظلم البنت وإهدار حقوقها فكان المجتمع فيما سبق ينظر إلي المرأة التي تفسخ خطبتها- وخاصة في الريف- علي أنها أشبه بمن طلقت،ولكن التغيير بدأ يفرض نفسه علي هذا المجتمع وأحيانًا ما نجد المرأة تفسخ خطبتها مرة واثنين إذا لم تتفق مع خطيبها ،وهذا يعني أن هناك تعديلات تحدث، وإن كانت بطيئة جدصا.
ولقد أعطت بعض التفسيرات الخاطئة للنص القرآني حول قوامة الرجل سوء استغلال الرجل لسطاته في الحياة الأسرية وممارسة التسلط والاستبداد،وبالمقابل فإن العمل هو ما يحفظ للمرأة كيانها في المجتمع، وذلك لأن المرأة التي تشارك الرجل في الصرف علي الأسرة تحفظ مكانتها وكيانها في الأسرة والمجتمع لأنها تشارك الرجل في كل شيء،ولهذا فإن معدلات الطلاق بين المتزوجات العاملات أقل منها بين المتزوجات غير العاملات.
وحين يحاول بعض المسئولين في العالم العربي سن التشريعات التي تحسن وضعية المرأة في المجتمع ؛فغالبًا ما يواجهون بضغوط شديدة من التوجهات المحافظة في المجتمع.فمثلًا حين يحاول المسئولون في مصر سن تشريع يُعطي للمرأة حق الخلع من الرجل في حالة عدم توافقها في حياتها مع زوجها ثار المحافظون علي القانون رغم ان للقانون أصوله في الشريعة الإسلامية،وحين حاولت الحكومة في الكويت سن قانوني يعطي للمرأة الكويتية حقوقها السياسية، سواء حق الانتخاب أو التشريع نجد البرلمان الكويتي عام 1999 فقد رفض تمرير هذا القانون خوفًا علي وظيفة المرأة في المنزل.
مع أن الشريعة الإسلامية لا تمنع إعطاء المرأة حقوقها السياسية،وللعلم أن أغلب نواب مجلس الأمة الكويتي الذين رفضوا الموافقة علي القانون هم من الاتجاه الإسلامي المسيطر علي مجلس النواب الكويتي.
ومن الواضح أن التغيير في وضعية المرأة في المجتمعات العربية، إنما يرجع في المقام الأول إلي دور القرار السياسي في المجتمع .فالمرأة لا تحصل علي حقوقها إلا بقرار سياسي أو تشريع قانوني وتظل جهود الفكر والثقافة مجرد إرشادات وإضاءات فقط، وقد يرجع هذا إلي أن دور الفكر هو إنارة المناطق المظلمة في المجتمع، وتوجيه النظر إلي المشكلات فيه.
وعلي الرغم من الدور الرئيسي للسياسة في قضايا المرأة ؛ فإنه يظل السبق دائمًا للفكر في طرح المشكلات الخاصة بالمراة، ولهذا فقد سعت الدراسة إلي إظهار مدي محورية قضية المرأة في الفكر العربي،حيث اهتمت كل تيارات الفكر العربي الحديث وخاصة في الفترة من (1850- 1950 ) بقضية المرأة حيث قامت العديد من المعارك الفكرية في تلك الفترة حول الإجابة علي عدد من التساؤلات المهمة مثل:
هل نهضة المرأة العربية تتحقق باتباع النموذج الغربي أم النموذج الإسلامي؟..
ماهو دور الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في معالجة قضايا المرأة؟.
ماهو حجم الخلاف بين التوجهات الفكرية حول الحجاب وحقوق المرأة وقضايا الأحوال الشخصية مثل تعدد الزوجات وتقييد الطلاق؟
وفي ضوء التساؤلات السابقة كان اهتمام الفكر العربي الحديث لقضية المرأة، وقد تقاطعت هذه القضية مع قضايا الحرية، وجدل الغرب والإسلام، ونقد الاستبداد والتنوير..إلخ.
ولهذا فقد سعت هذه الدراسة إلي بيان مدي اهتمام الفكر العربي الحديث بقضية المرأة، وذلك في الفترة التاريخية ( 1850-1950) تلك الفترة التي برز فيها العديد من المعارك الفكرية حول قضايا المرأة مثل معارك (قاسم أمين/ طلعت حرب ومحمد فريد وجدي) و( جهود الحركة النسائية)و(عبد القادر المغربي/ أحمد الصابونيي)و( نظيرة زين الدين/ مصطفي الغلاييني)..إلخ من الجهود والمعارك الفكرية في تلك الفترة والتي أعطت لقضية المرأة حضورًا طاغيًا في الفكر العربي الحديث.
وينبغي ونحن إزاء إصلاح وضعية المرأة في عالمنا العربي أن نسترشد دومًا بالجهود الفكرية التي أنجزها الفكر العربي الحديث في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين والتي تكشف مدي ثراء قضية المرأة ومحوربتها في تلك الفترة التاريخية علي مستوي الفكر أكثر منها علي مستوي السياسة.
وفي هذا الصدد جاءت الدراسة التي تحمل عنوان:( المرأة في الفكر العربي الحديث ) للدكتور أحمد محمد سالم. .
وقسم الباحث الدراسة إلي قضايا محورية اختلفت حولها الآراء والاتجاهات، وعالج كل فصل من من فصول البحث بعضصا من هذه القضايا، وجاءت محاور الفصول كالتالي:
الفصل الأول: ( نهضة المرأة بين أسباب التدني..وسبل الإصلاح) ويعالج هذا الفصل الأسباب التي ساهمت في تدني وضعية المرأة في تلك الفترة التاريخية ،كما عرضها الفكر العربي ،مثل الاسستبداد السياسي واستبداد الرجل،وتخلف العادات والتقاليد،وجمود الفكر الدينى.
ثم يعالج الفصل فيما بعد سبل إصلاح وضعية المرأة،هل يكون باتباع النوذج الغربي أم اتباع النموذج الإسلامي؟ وحول هذا التساؤل دارت العديد من المعارك الفكرية بين الليبراليين (التحرريين) والمحافظين.
الفصل الثاني: ( المرأة بين الاحتجاب..والحرية) ،ويعالج هذا الفصل مدي الخلاف الكبير بين توجهات الفكر العربي حول قضية الحجاب،وفيه توضح الدراسة أن رفض التوجه الليبرالي للحجاب لم يكن للحجاب رمزي، بل كان رفضًا للحجاب بمعني الاحتجاب المنزلي، وتبين كيف ثار المحافظون ضد الليبراليين في قضية الحجاج، ثم عالج الفصل بعد ذلك حق المرأة في الحرية والخروج لتحصيل العلم والمعرفة والعمل،وذلك لمواجهة دعاوي بعض المحافظين في ضرورة احتجاب المرأة في المنزل.
والفصل الثالث): تربية المرأة وتعليمها)، ويناقش هذا الفصل أهمية قضية تربية المراة وتعليمها، ويوضح مدي الخلاف بين الليبراليين والمحافظين حول التربية، وذلك لأن المحافظين يطالبون بالتربية وفقًا للنموذج الإسلامي،ويتهمون الليبراليين بأنهم يسعون إلي تربية المرأة وفقًا للنموذج الغربي ، ثم تكشف عن أهمية تعليم المرأة ، ويوضح الفصل كيف أن هناك اتفاق عام بين توجهات الفكر العربي المختلفة حول حق المرأة في التعليم.
الفصل الرابع ) حقوق المراة ) ، ويعالج هذا الفصل المساواة بين المرأة والرجل والرد علي دعاوي الاتجاه المحافظ في التركيز علي الخلاف البيولوجي بين المرأة والرجل كأساس لعدم المساواة بينهم.
ويناقش الفصل مسألة الميراث والشهادة الخاصة بالمرأة، ويتعرض الفصل لقضية عمل المرأة والخلاف الواضح بين توجهات الفكر العربي حول حدود عمل المرأة، هل هي داخل المنزل أم خارجه؟
الفصل الخامس): الأحوال الشخصية)، ويعالج هذا الفصل قضايا الزواج وأهميته للنوع الإنساني، ويناقش مدي الخلاف بين التوجهات الفكرية حول قضية تعدد الزوجات ، ثم يتعرض أخيرًا لمسألة ضرورة تقييد الطلاق وإنشاء محكمة خاصة بالأسرة في قضايا الطلاق والاحوال الشخصية.
وانتهي بخاتمة لأهم نتائج الدراسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي