الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثه السائله بالمجتمعات العربيه

فاطمة الحصي

2022 / 6 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تأثرت العلاقات الانسانيه كثيرا بإنتشار أمراض مثل الايدز وفيروس كورونا وبقية الأمراض المعديه حتى أصبح السؤال ملحآ حول:هل تتجه الإنسانية حقا إلى إكتفاء الإنسان بذاته و الانعزال عن المجتمع الذي يعيش فيه والجماعه التي ينتمي إليها؟ وهل هناك توجه عام نحو تكوين ثقافه خاصه مرتبطه بشكل كبير بالعصر الحالي تقوم على الإنعزاليه والفرديه والانانيه والتقوقع داخل شرنقة الذات فقط.
هذا الحوار الداخلي يدفعني إلى التفكر في شكل الحياه المستقبليه التي سيحياها أولادنا أو أبناءهم في ظل هيمنة الحياه التكنولوجيه وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي والتوجه العام الذي يغلفه  توغل وانتشار فكرة إحتقار العلاقات الملتزمه كالأسره والزواج و إنجاب أطفال كذلك يمكننا التساؤل أيضا حول دور المدرسه وتعليم الاطفال بها؛ المدرسه التي أصبح وجودها  على المحك بعد مرورها بإختبار قاسٍ في ظل الحظر الفيروسي في 20 20 ؛كذلك دور المدرس وعلاقته بتلاميذه ؛ والمناهج الورقيه ؛ ولا ننسى أن كل ذلك سينسحب بالتاكيد على الصحف الورقيه  التي تغلق أبوابها تاعا واحدة تلو الآخرى يوما بعد يوم ،ولا يعلم أحد إلى متى سيصمد ما تبقى من صحف  ؟! وهل سيظل الإنترنت والتكنولوجيا المرتبطه به المهيمن في السنوات القادمه ؟ وما هي الآليه التي تجعل من كل هذا فاعل وفعال في المستقبل القريب خاصة في الدول الناميه التي ما زالت تتأرجح ما بين التكنولوجيا ومساراتها المتقدمه وبين التقهقر إلى الخلف حيث التخلف يسود في صوره البشعه..
والحق أن الوضع في الدول الناميه أكثر دعوة للقلق لأن حجم التناقضات بهذه المجتمعات  مبالغ فيه، فبها نجد الحديث عن القيم والمبادئ التي لا بد للإنسان أن يلتزم بها والتي غالبا ما تكون قيم متفحله ومتعملقه، كذلك التمسك بكل ما هو هش بها وبكل ما هو مظاهر خارجيه وقشور  ؛ أما عن صراع الأديان وتحكم كل دين  في  فئه على حده .. فحدث ولا حرج !


 ولا ننسى أيضا الحديث عن  المشكلات الملحه كالفقر و الجهل ؛ وهو ما يقودنا لنتساءل حول كيفية التعامل مع كل هذه التناقضات في المجتمعات الناميه في ظل هيمنة التكنولوجيا المرتبطه بالإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي والتي من خلالها ظهرت مشكلات  إجتماعيه وتواصليه شديده الارتباك هذا من ناحيه , من ناحية اخرى كثيرا ما ينتابني شعور بأن ما نحن فيه هو خطه منهجيه لنشر العشوائية في العالم؛ وهذا لا يعني الركون بسهوله لنظرية المؤامره؛  إلا أني أتوقف قليلا  لأناقش الأفكار السانحه في نفسي :هل  حقا يتجه العالم الى العشوائيه  وما المقصود به ؟ هل المقصود بما بعد الحداثة انتشار الفوضى الأخلاقيه والعبث بالقيم الإنسانية العالميه ليتحول ما كان يُطلق عليه صفة الجمال إلى الرداءه والجمود والبلاده.. وتصبح اللوحات الفنيه التي لا تعبر إلا عن القبح هى مثال للفن المابعد حداثي ويصبح إرتداء الملابس الكلاسيكية العتيقة كالبدله والفستان والملابس غير الممزقه دليل على بلادة الشخص وعدم مواكبته لعصر ما بعد الحداثه وللتطورات المتلاحقة في الحياه العصريه ..
وغير خافِ أن الجرأة والفجاجه في القول والفعل  هى من علامات  العصر الحالي..
ويمكن القول إن الزمن الحالي أصبح "زمن الابتذال" كما ذكر الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري في عام ٢٠٠١٧ وشرح هذا المصطلح في أن الإبتذال أصبح يُعلق كقلاده ويُحتفى به كجماليه عندما يقترفه لاعبو كرة القدم والممثلين والرياضيين بصفه عامه و ذوي الشهره والنجاح ومقدمو البرامج في التلفزيون، وهو أمر ملحوظ وتجلي بشكل أكبر من خلال تطبيقات الانترنت كالتيك توك واليوتيوب.
و هذا ما  يدفعنا إلى الايمان بأن العصر الذي نحياه هو عصر" الحداثه السائله" ذلك المصطلح  الذي صكه في عام 2000  المفكر زيجمونت باومان ؛ وهو مصطلح يشير الى أن هناك سعى لتشكيل قالب من الأفكار والنظم والروابط، على أن تكون قابلة للإذابة. ففي هذا العصر ستكون المرونة هي الثابت الوحيد، والزوال هو الدوام الوحيد، والسيولة هي الصلابة الوحيدة، واللايقين هو اليقين الوحيد!
ولكن الى ماذا سيأخذنا هذا العصر هل يمهد للفوضى ؟ أظنه كذلك !


*كاتبه من مصر /رئيس تحرير موقع هوامش تنوير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على