الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الارضوتوبيا-بعدعراق الانكليز وعراق الموتى؟/2

عبدالامير الركابي

2022 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


عبدالاميرالركابي

يتوقف حضور الغرب الحديث وظاهرته ابتداء، وبمجرد احتكاكه المباشر بالعراق، فهو من حيث المشروع لايملك المقومات النموذجية او الفكرية الضرورية لجعل حضوره يكون غالبا بازاء الحالة التي هو بصدد الهيمنه عليها، او يحلم بذلك، فالموضع الذي جاء الانكليز ليحتلوه كانوا في الغالب، وفي اعلى الحالات يفترضون بانه موضع "كياني" و "وطني"، مثله مثل اي موضع غيره، فلم يات ببالهم، ولاكان واردا ان يخطر لهم، بان المكان الذي يقصدونه متعد للكيانيه كينونه وبنية، وانه لم يسبق اطلاقا ان تجلى محلويا وبحسب الاليات "الوطنيه" المعروفة، والتي تتحول هنا لتصبح ( وطن /كونيه) ازدواجية امبراطورية، من الاعلى، وسماوية كونية من الاسفل.
وبما ان الغرب شديد الثقه بصلاحية واطلاقية نموذجه، ومايواكبه من افكار فان مايعمد الى فرضه كيانيا، يتخذ صفة ومبرر الشرعية التقدميه بازاء التقليدية والتخلف التاريخي، مايمنح مشروعه الذي يبدا في العراق متعثرا، واقرب الى الهزيمة، خاصية الافناء مع ماهو متوفر عليه من امكانات وطاقة انقلابية، بالاخص الية نوعيه، مع مايحايثها من افتكارية حداثوية، ذلك بمقابل حالة "غير ناطقة"، ماتزال وتبقى كحضور مجرد اليات بنيويه غير معبر عنها ادراكا، الامر الذي تحكمه على هذا المستوى اليات هي الاخرى مختلفة عن غيرها، فالعراق الذي يدخل حالة الاصطراع الافنائي بدون نطقية، يراكم احداثا كبرى نوعيه بلا نطقية مثل ثورة 1920 ، وثورة 14 تموز 1958، وجملة انتفاضات ووثبات لاتتوقف،منطوق باسمها من خارجها، بانتظار "اكتساب السببية العليّة" باعتبارها الحصيلة النهائية، يوم تنتقل العقلانية من عالم الاحادية الاوربية الى عالم الازدواج واللاارضوية.
وهنا في هذه النقطة بالذات ينضاف متكرسا، مظهرا اخر من مظاهر التصادمية العراقية الغربية، معه يعود ليتاكد كون الظاهرة الغربية الحديثة هي عتبه ناقصة، وانها ليست المقتضى والمطلوب من اللحظة التي تبدا مع الالة وانبثاقها، والنهضة الكبرى التي واكبتها تفكرا وعمليا حياتيا في المجالات المختلفة، وهكذا تكون النهضة الحداثية ليست واحده، بل من عتبتين، الاولى احادية تذهب بالممكنات الاحادية الى الذروة، والى اعلى مايمكن ان تتمخض عنه، والثانيه ازدواجية لاارضوية، تتولد عن اصدام الاثنين وتصارعهما، الى ان تكتسب اللاارضوية ماكان ينقصها اعقاليا منذ الابتداء، وظل يحول دون تحققها، فتنتقل من "الحدسية النبوية" التي ظلت تمثل اعلى اشكال نطقيتها في الزمن ماقبل التحققي، وتمثلت في "الابراهمية" ديانه / رؤية اللاارضوية/ العامة الغالبة على مستوى المعمورة، المنتهية فعاليتها بالنبوة الخاتمه، وبالاعلان "الانتظاري" المهدوي في الطورالثاني العباسي.
وبما ان الاحادية لاترى غيرها كوجود مجتمعي، فانها لايمكن ان تفترض احتمالية تجل اعقالي عقلاني، سببي، وعلّي، يمكن ان يتولد ضمن اشتراطات اخرى غير تلك الاحادية بصيغتها العيا الارفع والذروة، على توهميتها وقصورها المجحف في النظر لذاتها والعالم، الامر الذي يتطلب اصلا قفزة اعقالية اخرى، غير تلك التي يحققها الغرب في المجالات المختلفة، ضمن حدود ومايسمح به او يتيحه عالم الارضوية الاحادية، بحيث نجد انفسنا امام مسارات "تقدمية" اخرى، غير تلك التي يكرسها الغرب ويصر على تعميمها بما انها متصلة به وبنمطه، لنصبح امام لوحة تبدا بالغرب وعقلانيته الناقصة، وتنتهي باللاارضوية واعقاليتها المنتظرة منذ الاف السنين.
مدى تعاقبي كهذا لن يكون باية حال مقصورا على موقع الغرب ودوره ابتداء ومنتهى، من دون تلك الثلة من الاشخاص ممن يلتحقون به، ويكونون جزءا من تجليه الشامل المنفصل عن المكان والياته، والمنتظر المتوقع منه، ومع الغلبة الغربيه قبل النطقية اللاارضوية، تظهر هنا تعبيرات سبقت الاشاره لها، طابعها الاساس "ايديلوجي" ببغاوي، منفصل كليا عن كبنونة الموضع الذي تدعي التعبير عنه، مع ان هؤلاء واجمالي ظاهرتهم ومايدلون عليه، لاتكون مع طبيعتها النقلية، عرضية تماما، وتمر فترات من تاريخ العراق الحديث، يكون لمثل هذه الظواهر مكانا في المشهد، متصل بالاحرى عضويا بحالة اللانطقية التي يعاني منها المجال اللاارضوي ضمن الصراعية الناشبه، والتي يتمتع فيها الطرف الغربي ابتداء، وعلى مدى يقارب القرن من الزمن بالنطقية المفردة.
ويدخل هنا فاعلا قانون "الاستبدال" اللارضوي التاريخي، وهو قانون تعبيري اضطراري لجات له المشاعات اللاارضوية في الماضي، كما لجات له اليوم وظلت تستعمله منذ بدء الدورة الثالثة، عندما بدات القبيلة اللاارضوية السومرية الحديثة تاخذ بالتبلور والحضور بلا كيانيه معلنه، فلجات الى جماعة قبيليه اتت بها من خارج المكان / من صفوان جنوبا،" لتجعل منها "قيادة اسمية"، مستفيدة من طبيعتها التغلبيه القبلية الغائبة لدى القبيله العراقية اللاارضوية، مايجعل مسالة التزعم او القيادة بين ( بني مالك، والاجود، وحميد) القبائل العراقية اللاارضوية الثلاث التي تشكل منها " اتحاد قبائل المنتفك" غير وارد، ومع التبلورات البنيوية اللاحقة على فترة الانقطاع الثاني المستمرة من سقوط بغداد عام 1258، فلقد استوجبت اللحظة اصطناع " قيادة " اسمية من خارج المكان، ومن نوع ونمطية مختلفة، هم "ال شبيب" قبل احفادهم " ال سعدون"، فكانت تلك حالة الاستبدال الاولى الحديثة التي ستستمر الى القرن الثامن عشر، قبل ان يحدث وقتها متغير على هذا الصعيد وفقا لذات القانون، وضمن اشتراطات استجدت بعد الثورة الثلاثيته 1787 حين تبين بوضوح خلالها، ميل "ال شبيب" الى الكيانيه وطلب الحكم.
بعدها مباشرة وبالذات مع القرن التاسع عشر، مالت القبائل السنيه الجنوبيه في الغالب الى التشيع، والى الالتحاق ب " دولة اللادولة المدينه" النجفية من خلال "التقليد" الذي صار يربط القبيلة بالمراجع بلا سلطة قهرية، الامر الذي لاحظة ابن سند، مؤرخ داود باشا، فكتب يلفت النظر اليه وهو مااورده عبدالله النفيسي، في كتابه عن /دور الشيعه في تطور العراق السياسي / منشورات افاق 2020/ كما ترد ملاحظة عنه في / شيعة العراق/ لاسحق نقاش/ ترجمة عبدالله النعيمي/ دار الرواد. وهو التاريخ الذي انتقلت ابانه قيادة عملية التشكل اللاارضوي الى المركز النجفي الانتظاري، وانتزع بذلك جانب اساس من متبقات وما كان “ال شبيب” قد راكموه من سلطة منفصله، زينت لهم الخروج على القانون الناظم لنمط السلطة والدولة اللادولة اللاارضوية التي كانت وراء ماحظيوا به من مكانه، اختتمت بالصراعية على الولاية مع داود باشا، الذي التجا الى ال بابان في الشمال بينما نصبت المنتفك سعيد بن سليمان الكبير بحرابها، واليا في بغداد، مادفع داود باشا لان يكتب من مكان لجوئه الى الباب العالي قائلا :"ان سعيد حكم العرب اهل الغشامة والظلم" وارد في / داود باشا والي بغداد/ الدكتور سليمان عبدالعزيز نوار/ دار الكاتب العربي للطباعه والنشر/ وكانت مضبطة قد رفعت الى الباب العالي اثر ثورة 1787 تطالب يتولية ثويني العبدللة" قائد الثورة الثلاثية "الاسد الذي يحميها من العجم ويؤمن الطرق" مقال / انتفاضة سنة 1787 العربيه الثلاثية ضد حكم المماليك الاتراك في العراق/ محمد حسن علي/ مجلة افاق عربيه/ السنه الرابعه/ العدد11/ تموز 1979.
وهكذا كانت التعبيرية اللاارضوية تحضر حية وفعالة وراء كل اشكال الكيانية اللاكيانيه في ارض السواد، وان بلا نطقية، وبلا تجسيد للنمط، ابتداء من القرن السادس عشر، وضمن اشتراطات الانبعاث وسط الانقطاع والانهيار المستمر منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر، الامر الذي هو من قبيل الممارسة التقليدية خصوصا في الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، الى ان حضر الانكليز مع بدايات القرن العشرين، حين اتخذت الاستبدالية صيغة وحضور مختلف، بناء على نوع وطبيعة المواجهة التي دخلتها، ماجعلها تنقلب مستنفرة اقصى طاقاتها، وابعد مامدخر وكائن فيها كما تقتضية اشتراطات الاصطراعيه الافنائية التي وجدت نفسها مقحمه فيها، وفجاة، وكما لاسابقة له، بالاخص مع دخول القوات الانكليزية من الفاو، وصعودها ال بغداد،مخترقة " منطقة الامان التاريخيه"، الامر الذي لم يعرف من قبل على مر تاريخ هذا المكان المعرضة على مر الحقب لهبوط الاقوام والسلالات من الجهات الثلاث، الشرقية، والغربيه، والشمالية من قوس الجبال الجرداء والصحارى، الامر الذي كان من شانه استثارة ردة فعل وجودية سريعه وهائلة لاشبيه لها، من نوع موقف الحياة او الموت، نشبت في حزيران عام 1920 وكانث الحدث الفاصل اللاارضوي الاكبرغير الناطق، والذي به يحتسب نوع التجابة الاصطراعي مع الطاريء الاحتلالي، طبيعة ونوعا ومسارا.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة