الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة النسائية الحديثة: قصة المرأة العربية علي أرض مصرللدكتورة إجلال خليفة

عطا درغام

2022 / 6 / 13
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الحركة النسائية أو النهضة النسائية في مصر، تحتل جانبًا مهمًا من تاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي، وهو جانب حافل بالكفاح والصراع في سبيل قضية من أهم قضايا الوطن والمجتمع والفكر، لا في مصر وحدها ، بل في الوطن العربي كله؛ بان اللائي أسهمن في هذه الحركة كن مزاجًا من نساء مصر وسوريا ولبنان وفلسطين ونساء بعض الدول العربية الاخري.
إن أية قضية من قضايا الوطنية والاجتماعية لم تاخذ من العمل والجهد..ولم يحدث فيها من مصادمات الرأي والفكر، مثل ما حدث في قضية المرأة، ذلك لأن قضية المرأة عندنا لم تكن مجرد مسألة خاصة بالوضع الاجتماعي للمرأة ومشاركتها الفعالة في الحياة العامة، ولكنها قضية المرأة والرجل علي السواء للتطور الحضاري والثقافي الذي ألمّ بنا لاستمرار عجلة الزمن في الدوران.
والذين جاهدوا لهذه القضية وتناولوها بالتأييد أو بالمعارضة،إنما تناولوها علي أساس من الدين والأخلاق والعرف والتقاليد كما يري ويؤمن ويعتقد.
وهذه مسائل كما نعلم تتصل بأعماق النفوس، وليس التحرك في مجالها بالأمر السهل أو المأمون العواقب. ويكفي أن نعرف أن قاسم امين يوم رفع صوته مناديًا برفع الحجاب عن المرأة اتهم بالكفر والإلحاد والمروق من الدين؛لان المعارضين لهذا الرأي كانوا يرون في رفع الحجاب عن المرأة خروجًا علي تعاليم الدين واستهانة بالأخلاق ،وتمردًا علي العرف والتقاليد واستخفافًا بسلطة الرجل وماهو مقرر له من حق القوامة علي المرأة حسب فهمه لهذه القوامة.
في هذا المجال ،طال الصراع الفكري والعقلي وكثرت المجادلات والمصادمات، وانقسمت الأمة إلي فريقين في الرأي،وكافح كل فريق للانتصار لما ينادي.
ومن هنا نري أن المرأة لم تصل إلي ما وصلت إليه اليوم إلا بصراع وكفاح مريرين.وعلي طريق من الشوك والاحجار والنيران،ولكن هذه الحركة النسائية،أو بمعني أصح الثورة الاجتماعية الفكرية وما جري فيها من مصادمات اجتماعية وعقائدية لم تجد إلي الىن مؤرخًا يؤرخ فصولها ويشرح مواقفها ويحصي أعمالها ويتناول آثارها ونتائجها بالتحليل والرأي بدقة وبموضوعية علي أساس من المراجع العلمية والوثائق التاريخية التي لا يعرف عنها أغلبنا شيئًا.
يرصد هذا الكتاب تطور الحركة النسائية، ودور المرأة، ومكانتها في المجتمع المصري منذ العصر الفرعوني إلى العصر الحديث مؤرخًا لدرجات الرقي التي بلغتها المرأة المصرية الفرعونية؛ حيث كانت تحيا حياة عائلية واجتماعية متقدمة للغاية بلغت ذروتها حيث اعتلت المرأة عرش مصر كملكة متوجة مثل حتشبسوت، وسبك نفرو، وغيرهن.
واستمر دور المرأة الطليعي في العصر المسيحي، حيث قامت نساء مصر بتأييد دعوة السيد المسيح عليه السلام، ومساعدة المؤمنين به من قساوسة ورهبان، وأعوان ضد الاضطهاد الروماني الرهيب، ثم استمر الدور الحيوي للمرأة عند ظهور الإسلام والعمل على نصرته سواء في مجال الدعوة أو في الغزوات والحروب، وظهرت أسماء نالت شهرة واسعة مثل خولة بنت الأزور، والخنساء وغيرهن.
ثم يستعرض الكتاب التراجع الذي حدث لدور المرأة أبان الحكم العثماني ومعاناة المجتمع المصري كله من التراجع على كافة المجالات، كما يوضح الكتاب العوامل التي أدت إلى نهوض الحركة النسائية من جديد مثل قدوم الحملة الفرنسية حيث ظهرت ملامح التغيير في مجتمع المرأة، وشاركت المراة الرجل في الثورة ضد الفرنسيين مما شجعها على المشاركة التدريجية في الحياة العامة بعد ذلك، كما كان لذهاب البعثات العلمية إلى الخارج وعودتها بأفكار ومفاهيم جديدة تجاة المرأة والإيمان بضرورة تغيير وضعها، ووجوب تعليمها، كذلك كان لهجرة السوريين والشوام وزوجاتهم إلى مصر أثر في هذا التغيير، حيث ظهرت سوريات رائدات للحركة النسائية حملن لواء الصحافة النسائية فظهرت صحف ومجلات مثل أنيس الجليس، ومجلة الفتاة، ومجلة السيدات وغيرها. كما قامت جمعيات نسائية كثيرة ساهمت في خروج المرأة للتعليم والعمل والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية.
وتري الباحثة أن تناولها لهذا الموضوع هو في الواقع تعبير حي وإنه صادق لواقعها التاريخي كإنسان عاشت بوعي علي هذه الارض وشاهدت انتقال المرأة المصرية السريع من حياة الحريم بأفقها الضيق القائم علي أساس الاهتمام بإرضاء الرجل أيًا كانت سبل هذا الإرضاء إلي الحياة العامة التي تهتم بالمساهمة الفعالة لتقدم الوطن علي أساس علمي وإدراك واعً وقدرات عقلية متفتحة؛لتساعدها علي التخلص من قيود سجن الحريم وخرافاته وتقاليده التي مازالت تعشش في أعماق بعضنا وعقولنا الباطنة
كما تري أن الحركة النسائية رسالة عظيمة والعمل فيها لابد وأن يكون عقيدة عند العاملين في مجالاتها لقدرتها علي رفع شأن الوطن والعمل علي انتصاره في معاركه العديدة في مجالات السياسة والتعليمالبناء والاقتصاد والتصنيع وما إليها. ومن هنا يجب ان تقوم علي أكتاف من ؤمن بها وينظر إليها علي أنها عمل وطني ، بل عمل سماوي يحتمه الخالق لإصلاح هذه المنطقة ونجاحها والعاملين فيها.
والماضي يؤكد هذا القول، فالبنت كانت تخرج إلي الحياة وهي تؤمن أن من الواجب خدمة الوطن وحبه كحب الله –سبحانه-، أنها بشخصيتها وسلوكها تصور هذا الحب وما يدعو له، ومن ثم كانت تسعي إلي أي عمل تشعر أن المجتمع في حاجة إليه دون نظر إلي جزاء.
والحركة النسائية الجادة والهادفة إنما هي في الأساس الأول في نجاح مشروعات البلاد في القطاعات المختلفة، ومن ثم فهي أملنا علي طريق التقدم الحضاري والبشري والثقافي في الوطن العربي ،وهي المنارة الثابتة للأجيال القادمة علي درب القومية العربية .
ولا ينقصها إلا ركائز ثلاث: توعية علمية جادة وتدريب فني سليم وتنظيم هادف دقيق؛لتزيح عن وجه هذه الحركة الستر المهلهلة التي تحجب حقيقتها عن واقع عالمنا المعاصر الذي يسرع مهرولًا نحو أحدث العلوم وتطبيقاتها ،محاولًا تلمس طريق جديد إلي حياة الرخاء والاستقرار التي تنشدها المراة العربية ، وعملت من أجلها منذ القدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن