الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد وزير العدل السوري/ المحترم

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 6 / 13
حقوق الانسان


السيد وزير العدل/ المحترم
السيد النائب العام / المحترم

تحية طيبة، وبعد:
جاء في أحد تشريعاتكم الأخيرة المبهمة والمثيرة للجدل، قدر ما هي مثيرة للشفقة والزعل، (قانون الجرائم الإليكترونية)، أن من يفعل كذا يوهن عزيمة الأمة ويستوجب عقوبة كذا، وتتجلى الإشكالية والإبهام بالمقام الأول، في قضية "وهن عزيمة الأمة"، إذ كيف سيتحقق القاضي من أنه قد تم فعلاً وهن عزيمة الأمة، ووقع الجرم والضرر؟ هل ستقول لكم "الأمة المفترضة" أنه قد تم وهن عزيمتها وتشكو ذلك لكم؟ أم ستتقدم "الأمة" ببلاغ تدّعي فيه أن عزيمتها قد وَهُـنـَت، وأنها لم تعد قادرة على ممارسة مهامها الطبيعية كأمة؟ أم هل سينزل قاضي التحقيق المعني بالقضية للشارع ويسأل مجاميع "الأمة المفترضة" عن رأيها بما قيل وكتب، وإن كان قد أوهن عزيمتها قبل إصدار حكمه؟ القصد، سادتي الكرام، أنه يجب أن تتوفر للقاضي المعني الأدلة والبراهين القاطعة، كما يفترض القانون، بوقوع الضرر والأذى وبالتالي توفر النية الجرمية لدى المتهم بأنه كان يقصد من "فعلته الشنعاء" فعلاً وهن عزيمة هذه الأمة المعنية بالقانون. فما هي الآليات التي سيعتمد عليها القاضي في إثبات "وهن العزيمة" كي يصدر بناء عليها حكمه ضد المتهم المفتري والباغي؟ يعني بالمختصر، وفي القضاء الحر العادل النزية غير المسيس والذي لا يتبع ولا تسيـّره، بالخفاء، أية "جهة"، يجب أن يكون أمام القاضي قرائن وأدلة دامغة أولاً على وجود أمة (وهذا ما سأتطرق له بالجزء الثاني)، وثانياً وقوع الضرر المفترض على هذه الأمة، والاعتداء على حقوقها ووجودها وكيانها والتسبب بـ"وهن عزيمتها". كما يتطلب الأمر توصيفاً لوهن العزيمة، وأعراض ذلك الوهن هل ستدوخ الأمة مثلاً، ويغمى عليها وتسقط أرضاً من الوهن، وتشعر بالدوار وضيق التنفس و"سعلة" وارتفاع بحرارتها" وانحلال بركبتيها؟ ما هو هذا الوهن وكيف نتحراه ونتلمسه ونتحقق من وجوده؟
ومن هنا، نلج للجزء الأهم من القضية، وهو عن أية أمة يتحدث المشرّع والقانون المذكور في ظل عدم وجود "أمة" على الأرض بالمعنى الحرفي والحسي والمادي والجيوسياسي للكلمة؟ فإن كان يقصد بـ"الأمة السورية"، فكما ترون اليوم، أنه لا يوجد كيان سوري مستقل ومتجانس وموحد بجغرافية وديمغرافيا محددة، أي كيان سياسي مستقل قائم بذاته، يمكن أن يشكل، بالتالي، أمة بأية حال، وهو شرط أساس لوجود الأمة، ومن بعدها ستوهن نفسيته مجتمعة، وليس نفسية قسم أو رهط، أو مجموعة سياسية أو جهة أمنية يزعجها ما كتب وما قيل. وللعلم، أيها السادة الأفاضل، فقد نفى وزير مزمن ومدلل ومحبوب ومحظي في الوزارة، كان قد ورث الوزارة عن أبيه، ويستعد، بحمد من الله وفضله، لتوريثها لابنه الآخر الصغير الوارث المحظي المدلل، أيضاً، وجود أمة سورية نهائياً، لا بل تندّر وتهكم على ذلك، في جلسة ذكر شهيرة نقلها إعلامكم، وتداولها سوريون كثر وأحدثت تصريحاته، يومها، غضباً وسخطاً أوهن عزيمة كثيرين، فهل يمكن أخذ تصريحاته الرسمية باعتباره مرجعية دينية وفقهية وسياسية كبيرة كوثيقة رسمية تقدم للقضاء المختص تؤكد غياب وعدم وجود "الأمة السورية"، ناهيكم عن أن شخصيات كبيرة ونافذة بالقيادة، ومن منظور وفقه قومي عروبي إسلامي بعثي، نفت، هي الأخرى، أيضاً، وجود الأمة السورية، من الأساس، ولا تعترف بسوريا ولا بالأمة السورية إلا كـ"قطر" في دائرة العروبة والإسلام، فعن أية أمة تحدث وقصدها القانون المذكور، وهذه أيضاً وثيقة دامغة، ومن فم القيادة، هذه المرة، تقر بغياب "الأمة السورية"؟
أما إذا كان القصد بالأمة هو "الأمة العربية" كما ترد في رومانسيات وأدبيات البعث والفكر القومي، فلم يكن هناك، عبر التاريخ المعروف، أمة عربية واحدة، بكيان سياسي واحد مستقل ومعترف به، ذي كتلة بشرية واحدة متجانسة ديمغرافياً (كما يفترض وجود الأمة)، كما أنها غير موجودة، فعلياً، اليوم، على الأرض، وفشلت كل المحاولات لتوحيد، حتى شطري البعث العراقي والسوري، فما بالكم بتوحيد الأعراب، والعرب، والمستعربين، وعشرات الأعراق والقوميات والإثنيات المتباينة والمتضادة وراثياً وجينياً، بما لا يجعل منها أية أمة، والتي تسكن جغرافيا "الأمة العربية الافتراضية"، ولن نتطرق، ها هنا، للصراعات والخلافات والحروب والمؤامرات العربية-العربية، وصراعات العرب والمستعربين، على زعامة الجغرافيا وحيازة الثروة، واستحالة أن يكونوا أمة واحدة، بالمطلق، في يوم ما.
والأهم من ذلك، كله، هذا القانون يفترض وجود أمة ضعيفة، مهلهلة، مهزوزة، واهنة مرعوبة متوجسة وخائفة، وهو نفسه يوهن عزيمتها، في هذه الحالة، من خلال ذلك، وطالما هي، حكماً وأوتوماتيكياً، ضعيفة مفككة، خائرة، وموهونة القوى، فلا يمكن اتهام أحد بفعل وجريمة الوهن. فهل مجرد كتابة بوست، أو توجيه نقد ولوم لفاسد ولص وحرامي، يتسبب بالضرر المادي والجسدي والمعنوي للملايين، والإشارة لخلل في مفصل ما، يوهن عزيمة "أمة" البطولات والأمجاد والوقائع السوداء وحمر المواضي والصمود والتصدي والتقدم والاشتراكية وقبيلة قريش وعرين الصحراء والفتوحات العثمانية وتحرير الأندلس ومعركة بواتييه وإضعاف أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد؟ هل هذه الأمة هشة ورخوة لهذه الدرجة؟ وما هي هذه العزيمة؟
السادة المحترمون: يجب أن تتوفر أولاً، وقبل كل شيء، أركان الجريمة أهمها وجود المجرم والنية الجرمية ووجود ضرر وضحية "جثة"، أي أن يكون هناك أمة موجودة فعلاً، ويتم وهن عزيمتها، ثانياً، بآليات وقرائن دامغة مثبتة، ووقع الجرم والضرر المادي والمعنوي عليها، حتى يصبح القانون ذا معنى ومغزى جدوى، ونافذاً، لكن مع انتفاء كل تلكم الأركان، فالقانون غير قانوني، وغير دستوري وباطل ولاغ من أصله وأساسه، ويوهن فعلاً، ويحبط عزيمة "الأمة" (أية أمة؟)
وتفضلوا بقبول وافر الامتنان والتقدير والاحترام...
*ملاحظة هامة: أضع هذه المداخلة بتصرف أي محام، سيتولى الدفاع عن متهمين بقضايا وهن عزيمة الأمة، وأخوله استخدامها في دفوعاته ومن دون الرجوع لي....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ