الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة المثقف في مصر

هدى توفيق

2022 / 6 / 14
الادب والفن


س1: تتفضل الكاتبة هدى توفيق بتقديم نفسها لقراء سحر الحياة ؟
ج ـ هدى توفيق من مواليد محافظة بني سويف ، حاصلة على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة ، فرع بني سويف عام 1995 م . أكتب القصة والرواية والمقالات الأدبية ، ولي بعض التجارب الفنية مثل : قصص أطفال ، ومسرح ، وأشعار قليلة ، ونصوص ، وهكذا ......
س2: ما هو أخر كتاب أدبي أو إبداعي صدر لك ؟
ج ـ أنتظر قريبًا إن شاء الله صدور كتاب بعنوان " مختارات قصصية " ومسرحية شعرية ، عن دار نشر يسطرون للطباعة والنشر والتوزيع / مصر ـ الجيزة / ط1 ـ 2017م .
س3: ما هي مشكلة المثقف في مصر ؟
ج ـ مشكلة المثقف في مصر هي جزء من كل المشاكل التي تخص البناء التحتي ، والأساس الجذري لبقية المشكلات في مصر ؛ مثل مشكلة الصحة والتعليم والثقافة والبحث العلمي ، وعلى رأسهم الأزمة الاقتصادية ، وغلاء المعيشة الفاحش الذي يعاني منه جميع المصريين الآن ، وبما أن المثقف جزء من هذا الواقع البائس في كل مؤسساته القاصرة عن الخروج من عنق الزجاجة إلى الابتكار والنمو والتطور؛ حتى يتخذ مسار صحيح للتنمية الشاملة في جميع المجالات ، ولن يكون بالطبع إلا بأساس معرفي ، وعلمي سواء في المبادئ أو الحقوق والواجبات المؤسس على قانون حق المواطنة والاختلاف المثمر، ومادام أن هذا ليس مطبق بشكل صحيح ونموذجي ؛ سنجد المثقف مثل كل مواطن مصري يعاني للغاية ، فكل شئ مترتب على سابقه ، وبالإضافة أن لدي ظن وربما أكون خاطئة عنه : أن المؤسسة الرسمية (وأنا طبعا لا أتحدث عن الإعلام المستهدف ، وبرامج التوك شو)؛ لا زالت لا تعترف بأهمية دور المثقف المصري الجاد ، والواعي في المجتمع المصري. بل ربما تنظر إليه بقدر من التعالي والرفاهية وعدم الاهتمام ، ولا جدوى من تواجده إلى حد كبير. إلا بالشكل الذي يخدم مصالحهم ، وعلاوة على ذلك أن النخبة الثقافية (رغم أني لا أحب هذا التعبير كثيرًا) داخل بعضها تنتشر بها حالات من التناحر والانحيازات غير الموضوعية ، والعلاقات الودية أكثر منها على الكفاءة والإبداع بما يسمى الشللية ، ومافيا دور النشر ، ولجان الجوائز وغيره من الأمور. مما يجعل المثقف دائما يشعر بالتهميش والاغتراب حتى داخل جماعته. وذلك ما يُسبب له العزلة واليأس ، وتفرز توجه من اللا مبالاة ، وعدم قيمة الإنتاج والمثابرة من أجل مشروعه الأدبي. هذا مع اعتبار أن الأديب الحقيقي الفعال ، والمستمر في طريقه يظل مؤمن وواثق من قدرته على الاستمرار ؛ رغم كل الصعوبات والمشاكل الجوهرية من صحة ، وتعليم ، وبحث علمي ..إلخ، ونأمل في تحسن الأوضاع بالجهد والعمل والصبر.

س4: كيف نجعل الشعب مثقفًا ، محبًا للقراءة والشعر والأدب كما كان من قبل ؟ ولماذا لم يعد يقرأ كما كان من قبل ؟
ج ـ لا أحبذ تعبير من قبل والآن. كل عصر له ضروراته وألياته التي توثقه ، وتجعل منه زمن ماضي وحاضر ومستقبل ، ولا نستطيع أن نغفل مدى تطور السوشيال ميديا ووسائل الإتصال الحديثة على كل المستويات ، وإمكانية البحث والتجول ومعرفة أشياء كثيرة بالضغط على مفاتيح الاب أو الكمبيوتر أو التابلت إلى آخره من أشكال حديثة متطورة. لماذا لا نستغل هذه التطورات المذهلة لصالحنا ؟ وكل شئ يبدو كسلاح ذو حدين. إذ من الممكن أن يكون إيجابي أو سلبي ، فمن الأشياء التي لفتت نظري حديثًا وجود مسابقة كبيرة عن الروايات المنشورة إلكترونيًا ، وهذا شئ جيد ، وعن شخصي قد حصلت على فوائد كثيرة من تلك العوالم الجديدة سواء بالقرءة أو الكتابة أو النشر؛ من خلال هذه الوسائل الحديثة. ما قصدت قوله أن الإرادة والرغبة في العلم وحب الحياة تخلق الكثير من التطور والتفاعل ، وهذا ليس له علاقة بين استحسان أو من عدمه سواء في الماضي والحاضر. المهم مدى انتعاش العقول واستجابتها للنمو والتطور ، والسير إلى الأمام.
أما لماذا لم يعد أحد يقرأ ؟ هذه طبعا حقيقة مؤسفة ؛ لأن القراءة أولاً وأخيرًا تعبر عن مدى ثقافة ووعي الشعب بأهمية القراءة والمعرفة ؛ من أجل المعرقة كقيمة ومبدأ ، وأظن أن هذا يبدأ من النبتة الأولى : أي الطفل في المنزل والمدرسة والشارع والمجتمع كاملاً. وتلك مشكلة قومية وهائلة. أن أخلق طفل بصحة جيدة وتعليم عال وثقافة مستنيرة. في النهاية الإجابة على مكمن سؤال : لما لم يعد أحد يقرأ ؟ ليس له معنى ما دامت المشكلة الأم موجودة ، ومتجذرة في الواقع المصري بشكل عام ، وتحتاج لنهضة شاملة.
س5: لماذا اندثرت اللغة العربية ، وحلت محلها المصطلحات الأجنبية ، ولغة الفيس بين الشباب ، وكيف نُعيد لغتنا الجميلة كما كانت من قبل ؟
ج ـ نحن ندرك أن اللغة العربية الرسمية لا تستخدم إلا في الدراسة أو الكتابة الرسمية أو الكتابة الأدبية ، ونحن هنا نتحدث عن اللهجة المصرية العامية ؛ التي هي خليط من تراكمات لغوية على مر الزمن من تطور اللغة ، وما زالت تتعدد وتفتعل لهجات ، وألفاظ جديدة تنهل من اللغة الأم ، وامتزاجها باللغات الأخرى . يستعملها الشباب اليوم حتى سميت لغة الفيس ، والفرانكو تقريبًا على حسب معلوماتي القليلة عن ذلك. أنا عن نفسي كنت أخطأ أخطاء لا تُغتفر ؛ لأني أمارس فعل الكتابة من فترة ، وأستعين دومًا بمراجع ومدقق لغوي ، وسأظل أجهل الكثير منها مهما ذهبت إلى القواميس والمراجع أثناء الكتابة ؛ لأني طبعا أهتم باللغة العربية ، لأكتب بها فأنا مثل الآخرين والآخريات لم أمارس اللغة العربية في الحديث بوجه عام . إنما لا بد أن أعتني بها جيدًا جدًا في الكتابة لأنه مشروع حياتي. أما عن الشباب ربما هذا يعكس ثقافتهم ، وعن شعورهم وحاجتهم في عمل هذه التنويعات اللغوية. لكن بالتأكيد أنهم أيضا يشعرون بمدى صعوبة تعلم اللغة العربية ، أو أنها صعبة التكوين والإشارة بها أثناء الحديث فيما بينهم أو بينهن ، ولم يتعودوا على التحدث بها. فاللهجة المصرية كان لها طريق وتطور طويل قبل أن نصل لهذا الخليط . أُفضل أن نقول بدل لماذا اندثرت اللغة العربية ؟ أن نقول لما لا نطوعها ونطورها لوقتنا الراهن ؟ ، وهذا هو الأصح في التعبير بالنسبة لي ؛ لتكن بمرونة ويسر؛ حتى تصبح لغة الحديث ، ومادة الكتابة في كل مكان وزمان ، وبين جميع الفئات.
س6: لماذا انحدر مستوى الأفلام السينمائية ، وأصبحت بلطجة ومخدرات وعنف وجنس ؟
ج ـ في الحقيقة لإنشغالي الدائم بمشروع القراءة والكتابة ، للأسف الشديد لا أتابع السينما ، ولا أشاهد التليفزيون إلا لمامًا ، ولا أعرف ما صحة أو مصداقية هذا القول ؛ لأني غير متابعة جيدة لما يحدث في السينما المصرية ، لكن إذا كان هذا صحيح ؛ فأنا أرى أنه ليس انحدار للسينما المصرية فقط ، وإنما هو انحدار للواقع كاملاً ، فالسينما مرآة حية ومؤثرة بالصوت والصورة للتعبير عن الواقع المعاش بكل جرأة وقوة ؛ وما السينما أو الفن عمومًا إلا تعبير عن واقع ملموس نعيشه بكل قسوة وعنف.
س 7: هل الكتاب الإلكتروني يغني عن الورقي ؟
ج ـ لا شك أن الطفرة الكبيرة في عالم الروابط والإتصال باتت تدفعك للتفاعل معها. فأنت الآن تستطيع بكل يسر أن تمتلك مكتبة ، ولو نقل من ألف كتاب على (فلاشة). ياله من شئ عظيم ومذهل ، لكن صراحة بالنسبة لي لا زلت أعتز بالكتاب الورقي ، وأشعر أن علاقتي بالقراءة الورقية لا زالت تحمل داخلي نوستالجيا ، وشجن خاص بأن أتلمس الأوراق وأعيش داخلها ؛ من خلال الكلمات والصفحات ، ولم أخوض تجربة النشر الإلكتروني بعد. لكنها تجربة مثيرة ، وأطمح في عملها في المستقبل ، وخاصة أن من وقت طويل بدأت أتفاعل مع القراءة الإلكترونية ، وأحُمل الكثير من الكتب ؛ لأنها توفر الوقت والجهد والمال.
س8: هل هناك نضوب عندنا في الموهوبين والمبدعين ؟
ج ـ هذا من وجهة نظري"لا" اطلاقًا. مصر ولادة وعامرة بالموهوبين والمبدعين طبعًا. لكن الموهبة لا شئ بدون ثقافة وتدريب وتطوير وتفعيل هذه الموهبة في جوانب قوتها ، ودرء جوانب ضعفها بقدر الإمكان. فالسؤال الأهم كيف تصقل موهبتك ؟ وتجعلها تخرج عن حيزها الضيق ؛ لتنطلق إلى رحاب العوالم الأخرى ، وهذا بالطبع لن يحدث ليس فقط مع شخص موهوب ؛ إنما أيضا من لدية القدرة على الاستمرار والممارسة والتعلم دون توقف ، ومعافرة الطريق ، واستغلال كل ما يمكن استغلاله من المعرفة والبحث ؛ لإخراج أفضل ما لديه من موهبة بالتركيز والعمق البنْاء والثري ، ونحن هنا نتحدث عن الفرد لأني لا أجد دور حقيقي لأي مؤسسة رسمية في مصر صراحة كما قلنا من قبل. هناك العديد من المشكلات الجوهرية التي تؤدي لحالة من الفقر والجفاف لدفع واحتضان الموهوبين والمبدعين. إذًا أنا أتحدث عن الشخص الموهوب دون أي تعزيز ومساعدة من المؤسسات الرسيمة العقيمة فكريا وإجرائيا على العديد من المستويات.
س9: كيف ترجع مصر لدورها التنويري والثقافي والأدبي ؟
ج ـ هذا السؤال كمن يقول لك : إحكي لي تاريخ مصر، ولو نبدأ من تاريخ 23 يوليو/ 1952 م ... وصولاً إلى ثورة 25 يناير 2011 م ؟ أعتقد أنه موضوع لا يحتاج لمجرد سطور. أنت تتحدث عن مصر العظيمة ، وعن حوالي 90 مليون نسمة الآن مروا بمراحل قاسية من التراكم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. فبات ما نحن فيه الآن من تدهور وتراجع في كل شئ ؛ بالتأكيد الموضوع يحتاج لخبراء في جميع المجالات واستشارين متخصصين ؛ ليخبرونا كيف تعود مصر العظيمة ؟ بينما أنا لست إلا مجرد محبة للأدب ، وخاصة السرد ، ومثلما يقول المصريين بفصاحة شعبية : ( ادي العيش لخبازينه ، وكل صنايعي أولى بصنعته ).
س10: هل هناك قصص من مؤلفاتك تعبر عن حياتك الحقيقية ؟
ج ـ بلا شك هناك العديد من القصص لا نقل أنها الحقيقة الكاملة لظروف ومراحل حياتي بالضبط . لكن بها مزج وخلط كالعجين حتى يتشكل إبداعاً أو رؤية متناسقة ، ويصبح في إطار الفن ، فمن الممكن أن أحكي عن شخصية ما في العمل الأدبي. هي في الواقع مزج لشخصين من واقعي فعلًا لتتخلق في شخصية واحدة داخل العمل الإبداعي ، كوحدة فنية خاصة ومناسبة لطبيعة العمل الذي أروي عنه. فحياتي لاشك جزء مهم من عالمي السردي إلى حد ما ، لكن مع قدر كبير من التخييل الفني بإضافة ونقصان كل على حسب الضرورات الفنية ، ومساحة الأفكار والوعي ؛ الذي أرغب في التعبير عنه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
21/9/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي