الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نص قصير من كتاب: -ورقات من دفاتر ناظم العربي الكتاب الأول -

بشير الحامدي

2022 / 6 / 14
الادب والفن


ورقات من دفاتر ناظم العربي هو الكتاب الأوّل من ثلاثية سينشر جزآها المتبقّيان لاحقا. هو نصّ لا هو بالسيرة ولا هو بالرّواية ولا هو بالقصّة ولا هو بالشّهادة إنّه بكلّ بساطة حكاية لا تدخل تحت سلطة أيّ جنس من هذه الأجناس الأدبيّة ولا تُسلِّمُ بأن تُرى في غير مرآة الكتابة التي لا تخضع للتّصنيفّ. إنّه نوع من الكتابة المتمرّدة المتفجّرة التى تخرج عن سلطة كاتبها وتعصيه. ورقات من دفاتر ناظم العربي ـ الكتاب الأوّل ـ نصّ سرديّ يكتب الحدث كتابة أشبه ما تكون بفعل الكاميرا سرد رأس ماله التّاريخ والحدث المشهد. لا بطل فيه، فالتّاريخ هو البطل والاسم فيه يصير حكاية. فناظم حكاية، وخنتوش المرعي حكاية، وسي بوراوي الوكيل ومنصور وسي بكّار والمنّوبي الطبّي والسكيزو والأناركي كلهم حكاية وحكايات، ونبيهة أيضا حكاية في الحكاية كلّها. ورقات من دفاتر ناظم العربي يتحدّث بما جرى ويجري وكنا ربما شهودا عليه أو ضحاياه أو فاعلين فيه. إنّه في الأخير نصُّك الذي يكتبك أنت أيّها القارئ.
ـــــــــــــــــــــــ

قالت: "يحدث أن يصبح الوطن أميّا". وكان أجدر بها أن تقول: "يحدث أن يقود الأمّيون النّاس حين تنغلق كلّ المسالك وتنسدّ كلّ المعابر نحو الشّمس ولا يتبقّى سوى محطّة للنّزول".
تذكّر ذلك الرّجل الذي كتب على قبر صديقه "في يوم، تكون معبوداً. وفي يوم آخر، تكون منبوذاً... في يوم، تكون أنت الصيّاد... وفي يوم آخر، الطّريدة".
يحدث هذا دائما قبل الموت. أمّا عند الموت فأنت تستريح من كلّ شيء وتخلد في النسيان.
وقال أمل دنقل الريفيّ المصريّ المثقّف المثقل بأوجاع الحزن والثّورة والثّأر:
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثّة ابن أبيكَ...؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك...
فلا تبصر الدّم...
في كلّ كفّ؟
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصّدامْ
ما بنا طاقة لامتشاق الحسام
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السّلام
كيف تستنشق الرئتان النّسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة...
أنت تعرف أنّك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
كيف تحلم أو تتغنّى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر بين يديك بقلب مُنكَّس؟
وقالت صديقته، التي هجرها نهائيا وما عاد يهتم بحبّها:
"أصل الحكاية أنّ الثّورات تأكل مفجّريها إذا توقّفوا"
وحين يتوقّفون يبدأ الدّود في التّناسل والخروج من تحت الأرض لوليمة العشاء التي تنتظره.
وتخرج الغربان أسرابا من أوكارها التي خبأتها عن الأعين زمن المحن تفاخر بنعيقها وتعلن وجودها ومباشرتها المعترك الجديد. ويحدث، ولقلّة تجربتها وخبرتها بالكواسر الأخرى، أن تسرق النار فتحترق بها وتحرق من معها من الحمام الغرّ الذي حاول السّير معها وتقليدها والتدثّر بريشها فنسي مشيته وخسر ريشه وبقي بين المنزلتين لا هو صعد ولا هو نزل... لا حكمة له غير أن يعيد تجربة السّير مع الكواسر وهو يعلم أنّه لقمتها القادمة. ولا يعلم أنّ الكواسر لا تغيّر من طباعها، فهي على دين أجدادها تقتل وتفترس وتبني أوكارها بالجماجم ولا تموت إلاّ بالبارود أو السهام.
أصل الحكاية، أنّ الكواسر لا تغيّر من طباعها. الصيّادون هم الذين يغيّرون من طباعهم. وكثير منهم، لمجرّد وهم، يستبدلون البارود بالحيلة. وفي زعمهم، أنّه بمقدورهم تدجين الكواسر فيسقطون ويتحوّلون إلى طرائد. ولا تغيّر الكواسر من طباعها وذلك ما كان يقصده ياسمينة خضرا في رواية ليلة الرّئيس الأخيرة حينما تحدّث عن الطّرائد السّهلة. فاستَعِدَّ إذا أيّها الرّجل من الآن ليوم المحن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا