الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة في سجن التاجي

صوت الانتفاضة

2022 / 6 / 15
أوراق كتبت في وعن السجن


((ان السجن مكان تغمض عنه عين المجتمع وتموت فيه قوة القانون وتختفي فيه المخاوف)) مصلح السجون البريطاني جون هوارد..... 1726-1790.
سجن التاجي او سجن الحوت، منطقة موحشة، عسكرية تماما، تمتد لأميال عدة، فيها جيش وشرطة اتحادية وقوات رد سريع وميليشيات وامن وطني واستخبارات؛ يقطن في ذلك السجن الرهيب الالاف من السجناء، بتهم مختلفة، منها القتل والخطف والمخدرات والاغتصاب والإرهاب، اغلب الاحكام لهؤلاء السجناء هي المؤبد. والتاجي هي منطقة تابعة لقضاء الكاظمية شمال بغداد.
السجن عبارة عن قاعات كبيرة، قسم منها مصنف طائفيا، وأخرى لبعض أعضاء الميليشيات؛ في ذلك السجن تموت قوة قانون الدولة، فقط قانون إدارة السجن هي من تكن لها اليد الطولى، فهي المشرع والمنفذ؛ يقال ان لا أحد يستطيع ان يجبرها على فعل شيء، حتى ان بعض المنظمات واللجان التحقيقية اشتكت من انها منعت من الدخول للسجن بأمر من الإدارة، بل ان هذه الادارة ومنذ بداية العام سمحت فقط بزيارة النساء لذويهم، اما الرجال فيتم منعهم، بداعي كما ترى إدارة السجن "الوضع الأمني"!
في داخل ذلك السجن، تسمع الكثير من قصص الاغتصاب للسجناء وبيعهم او مناقلتهم بين "شيوخ السجن"، الكثير من قصص التعذيب والاذلال والاهانة للسجناء، الكثير من الاستغلال والرشاوي والفساد؛ كل شيء هناك موجود، لا توجد خطوط حمر على أي شيء، من السلاح الى المخدرات؛ في كل قاعة من قاعات ذلك السجن هناك "عراب" او ما يسمى بالدارج ال "ماخذ عَ السجن" او "الشقي"، وهذا اما ان يكون مجرما عتيدا لا يخشى شيئا، او صناعة من إدارة السجن لضبط الوضع وإدارة وتنسيق العمليات المشبوهة.
زيارة ذوي السجناء هي المأساة الأخرى، "تتكدس" النساء والأطفال ومنذ ساعات الفجر الاولى في ساحة مكشوفة، يقتلهم الحر او البرد، ثم يتحركون مسافة 500 متر مشيا على الاقدام الى ساحة أخرى، لتسجيل أسماء السجناء، بعدها يتم تفتيشهم بشكل تام وكامل، الإهانة والكلمات البذيئة وعمليات التحرش ترافق الزائرين منذ البداية، ثم يتم نقلهم على شكل وجبات في سيارات خاصة الى مكان التقائهم بالسجناء، تفصل بينك وبين السجين اسلاك شائكة بحدود المتر، هي فقط نصف ساعة مدة الزيارة، وانت الذي اتيت منذ الرابعة فجرا وحتى خروجك عند الرابعة مساءا.
قطعا لا يمكن ان تدخل شيئا الى قريبك المسجون، سوى المبالغ المالية المحددة "شكلا"، وبعض الادوية المسموح بها "شكلا".
تكثر حالات الانتحار بين السجناء، ويموت الكثير منهم بسبب الجوع والمرض، فعمليات نهب المؤن جارية على قدم وساق، وفي بعض الأحيان يموتون بطرق غامضة؛ قائمة العقوبات كثيرة وكبيرة عليهم، بدءا بالضرب المبرح، او السجن الانفرادي لفترات طويلة، او الاغتصاب الجماعي، او الحرمان من الشمس لعدة شهور.
كل شيء هناك بثمن، يستطيع السجين ان يجري اتصالا مع اهله، لكن بمبالغ كبيرة جدا؛ شراء السكائر هو الاخر مكلف جدا؛ الملابس والاغطية والافرشة هي الأخرى موضع تجارة رابحة لإدارة السجن، اما الادوية فهي موضع ابتزاز عال؛ لهذا ترى اغلب السجناء يتمنون النقل من هذا السجن الى سجون أخرى، خصوصا سجني "العمارة والسليمانية"، لكن ذلك يكلف أموالا كبيرة. كتب أحد الناجين من معتقلات النازية يقول: ((من الصعب تماما على أي شخص خارجي أن يدرك كيف أن الحياة الإنسانية في المعتقل لم تكن لها قيمة تذكر))
.
تحول العراق تحت حكم قوى وعصابات الإسلام السياسي الى سجن كبير، المئات من المعتقلات والسجون، فكل حزب وميليشيا وشرطة وجيش لديه سجن او معتقل خاص به، فالجميع هنا معاقب ومهان ومذل، لا تختلف كثيرا الحياة داخل سجن التاجي "الحوت" عن الحياة خارج هذا السجن، سوى ان اسوار ذلك السجن حدوده ضيقة جدا، اما في الخارج فأن الحدود أكثر رحابة وسعة.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى


.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم




.. وزير الخارجية الأيرلندي: 100% من الفلسطينيين بغزة يواجهون شب


.. ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال




.. French authorities must respect and protect the right to fre