الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مسودة مشروع قانون لهيئة الاعلام العراقي-- الطرائق اللغوية، التبويب ، التكرار في تضليل المشرع والمنفذ

محمد خضير سلطان

2006 / 9 / 19
الصحافة والاعلام


نشرت صحيفة الصباح العدد ( 932 )، الاثنين 18 شعبان 1427 ه ، 11 ايلول 2006 م ، مسودة قانون جديد (لهيئة) الاعلام العراقية بدلا من أمر سلطة الائتلاف الخاص بشبكة الاعلام العراقية ذي الرقم ( 66 ) الصادر بتاريخ 20- 4- 2004، ودعا مشروع المسودة المعنيين الى ابداء وجهات النظر حول القانون قبل طرحه على مجلس النواب ومناقشته ومن ثم تشريعه كقانون بات بالنسبة للجهة التنفيذية ( الحكومة) وقبل الشروع في مناقشة المشروع يجب التطرق الى الصفة المعنوية ، المستقلة في نظام تأسيس الهيئات الوطنية كما جاء في الفصل الرابع من الدستور العراقي الجديد الذي يعد بديلا مصدقا عليه للمادة التاسعة والاربعين من قانون ادارة الدولة الانتقالي بعد نفاده .
ان مشروع القانون غفل لاسباب تمت بصلة لاسلوب المسودة وجود هيئة وطنية للاعلام والاتصالات ، مثبتة في الدستور وعمليا ، تستأنف اعمالها في ضوء قانون ادارة الدولة الانتقالي، وهذا لايعني بعدم حق الشبكة الاعلامية في ان تتحول الى هيئة وفقا للقانون غير ان المفارقة تكمن في تخطي المشروع للعملية الاجرائية وسياقها الدستوري، فاذا كانت هناك هيئة مثبتة اصلا، فهل هذه المسودة هي مشروع لهيئة ثانية، وعلى ذلك ، لماذا لم تتم الاشارة او الاحتكام الى قانون تأسيس الهيئات الوطنية.
ينطلق مشروع القانون من ( الغاء) شبكة الاعلام العراقية لاستنفاد امرسلطة الائتلاف ذي الرقم 66 واقتراح تشكيل ( هيئة ) ولكنه يستند بالتعميم الى احكام الفقرة اولا من المادة الحادية والستين من الدستور التي تنص على اختصاص مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية وكان الاحرى كما نعتقد الاشارة الى اجراء تشكيل الهيئة اولا تبعا لاحكام تأسيس الهيئات الوطنية المنصوص عليه دستوريا في المادة( 108 ) من الفصل الرابع ،، ( يجوز استحداث هيئات مستقلة آخرى حسب الحاجة والضرورة بقانون ) ودراسة الفكرة داخل البرلمان قبل الموافقة على تصديق القانون ، اي ان الاطار القانوني هو الاسبق على البت من التفاصيل التي تتضمنه.
لابد من التوضيح قليلا بشأن هذه النقطة، لماذا لم يذكر مشروع القانون المقترح مسألة تشكيل الهيئة ويدرجها كخطوة اولى قبل مناقشة القانون ولماذا لم يستند الى احكام فقرة دستورية كمرجع تشريعي بشأنها ، الواقع ان هيئة الاعلام والاتصالات، تعد احدى الهيئات المستقلة الواردة في الفصل الرابع ( المادة 103 ) من الدستور ، مثلها مثل البنك المركزي وديوان الرقابة المالية ودواوين الاوقاف، اذن هي مثبتة باسم هيئة الاعلام والاتصالات ولاتحتاج الا الى ان تنظم بقانون بعد ان كانت خاضعة لاقرار واحترام حرية التعبير كما تنص المادتان 13 و19 من قانون ادارة الدولة الانتقالي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وقد اصدرت بناء على ذلك لائحة مفصلة بقواعد ونظم البث لغرض توضيح مهماتها فيما تتقدم( شبكة ) الاعلام العراقية بمشروع هذا القانون الذي يلغيها ويؤول بممتلكاتها الى الهيكل الجديد وتعطي تسمية جديدة ( هيئة الاعلام العراقية)، ولعل المواطن العراقي لم يعرف المعلومات الكافية عن هيئة الاعلام والاتصالات المذكورة في الدستور سوى ان مجلة (تواصل) الصادرة عنها، ترأس تحريرها الاعلامية سلوى زكو لسلسلة من الاعداد الماضية ودون ان ينظم قانون الهيئة من قبل مجلس النواب وعدم استنفاد سياقات القانون الانتقالي للدولة بعد ، والسؤال هو ، هل ان شبكة الاعلام استفادت من الوضع القانوني الجاهز لهيئة الاعلام والاتصالات داخل مجلس النواب وعدته مكسبا لها في تخطي مسألة تشكيل ( الهيئة ) ام ان الهيئة القائمة للاعلام والاتصالات والتي ينتظم صدور مجلتها ( تواصل) ، اعطت تنازلا بالانسحاب التلقائي حالما تستكمل الاجراءات التشريعية والتنفيذية من قبل مجلس النواب والحكومة ، وربما تحيلنا التساؤلات ايضا الى تجاور هيئتين ( هيئة الاعلام العراقية ، مشروع المسودة، وهيئة الاعلام والاتصالات، القائمة ) داخل مجلس النواب وهذا من المستبعد في حدود المعقول الا اذا تم توزيع المسؤوليات بين الاعلام كانتاج محدد في هيئة حكومية وبين تنظيم البث العام.
في هذا السياق، على مشروع المسودة أزالة اللبس والتوضيح الذي يسبق مناقشة القانون من قبل البرلمانيين بدءا من الاحتكام الى الفقرات الدستورية الخاصة باجراءات تشكيل الهيئات الوطنية والتساوق مع التسمية






الواردة في الفصل الرابع من الدستور، هذا من جهة ، ومن جهة آخرى، ضرورة التشاور مع هيئة الاعلام والاتصالات من اجل التوصل الى عملية دمج او توزيع مهام ، تتفق والاطار التشريعي والتنفيذي.
من ناحية آخرى وفي صدد الاحتكام الى الفقرات الدستورية، استند مشروع القانون الى الفقرة اولا من المادة الحادية والستين من الدستور التي تنص على اختصاص مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية ،واستند ايضا الى الفقرة خامسا من المادة المائة وثمانية وثلاثين، مفادها ارسال القرارات التشريعية التي يسنها البرلمان الى مجلس الرئاسة لغرض الموافقة واصدارها خلال عشرة ايام من تاريخ وصولها، وهاتان الفقرتان اللتان احتكم اليهما المشروع ،تنطبقان على جميع التشريعات الاتحادية ولايحتاج مجلس النواب الى تثبيتها عند التشريع لانها تمتلك بالتعبير القانوني قوة القانون ولا يكتمل المشروع ما لم يتضمن في مرجعياته الدستورية احكاما مضافة مباشرة، على سبيل المثال، المادة ثمانية وثلاثون، الفقرة، ثانيا، تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب، حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر، والاحتكام الى هذه الفقرة ، يوضح التنظيم القانوني المفصل للمادة الدستورية.
الى ذلك، حفل المشروع بمواد وفصول تنظيمية وهدفية مدروسة بعناية، تتصل بحرفية العمل المهني في ضوء
الراهنية العراقية المتطلعة الى مجتمع ديمقراطي ، فيدرالي، اتحادي، الا ان اكثر من ملاحظة يمكن ايرادها حول
الطرائق اللغوية والتبويب والتكرارات التي تضلل المشرع والمنفذ ما لم يسلط الضوء على التعريفات الجديدة للاعلام المستقل الذي تشرعه الدولة وتنفذه الحكومة ويتم التأكيد على هذه التعريفات من خلال الديباجة او المتن( الفصول، المواد، الفقرات) ، على سبيل المثال، فان الاسباب الموجبة التي جاءت في الفصل الختامي ، تصلح ان تكون ديباجة، تشكل جزءا من القانون وتستطيع ان تدعم الديباجة بصيغة اكثر منطقا من المحمول اللغوي الانشائي الذي جاءت به المقدمة وتخفض من التلاعب اللفظي بالمصطلحات الراهنة.
واذا كان هناك ، المستوى الفني غير المباشر الذي يثير اللبس والغموض، فان هناك مستوى آخر من الجملة الواضحة ولكنها تفتقد الى الدقة مما يستدعي ضرورة استكمال المعنى المباشر كما في بعض المواد، منها المادة العاشرة- (1- يقدم مجلس الوزراء قائمة المرشحين لعضوية امناء الهيئة الى مجلس النواب ) ، بدون ان تذكر المادة التفاصيل الضرورية عن الكيفية التي يختار بها مجلس الوزراء مرشحيه علما ان المعلومات المتوفرة تحدد شروط العضوية للامناء لا الترشيح .
على صعيد آخر، لم تعط مواد المشروع القانوني وضوحا في المهام المحددة لمجلس الامناء من المجلس التنفيذي وتنجم الصياغة اللغوية الى تعدد مصادر القرار بينهما بالرغم من ان مجلس الامناء مسؤول عن رسم الستراتيجية العامة وتحديد سياستها وخطابها الاعلامي الا ان المجلس التنفيذي ، يؤدي دورا مجاورا في امتيازات كثيرة فضلا عن صيغتي التصويت والتعيين ، تتراوحان في حق انهاء الخدمة والترشيح.
وثمة ملاحظة يجب تأكيدها هنا ، بان هذه الملاحظات ، تنطلق من قيمة المشروع والخبرات الكفوءة التي عملت على اخراجه ولاتقلل ابدا من الاهمية الفائقة التي تضمنته وتنطلق المناقشة من الاقرار بخبرة القائمين على كتابتها ولعلها تسدي حصة من حق الحوار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان