الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم وثائقي استقصائي يوازن بين الرعب والعقل والغضب

سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)

2022 / 6 / 15
الادب والفن


الآن وبعد 18 عامًا ، اجتمع العديد من الناجين معًا في فيلم وثائقي جديد من انتاج نيتفليكس Netflix بعنوان 11 آذار / مارس : الرعب في مدريد (11M : Terror in madrid)، من اخراج الإسباني خوسيه كوميز Jose Gomez ، التصوير السينمائي جوردي أدريا، عرض مؤخرًا على منصة نيتفليكس يوم 9 حزيران / يونيو 2022.

في 11 آذار 2004 ، وقعت واحدة من أكبر الهجمات الإرهابية في تاريخ أوروبا بمدريد - إسبانيا. في صباح ذلك اليوم الخميس المميت ، وخلال ساعة الذروة المزدحمة بالسكان في المدينة ، فجر إرهابيون مرتبطون بالقاعدة 13 انفجارًا متزامنًا عبر 4 قطارات ركاب في صباح يوم 11 آذار. سلسلة من القنابل أنفجرت على طول شبكة قطارات الركاب في مدريد في هجوم منسق غير مسبوق. واسفر عن مقتل، 191 شخصا وأصيب نحو 2000 بجروح مختلفة.

الفيلم الوثائقي الاستقصائي 11 آذار / مارس : الرعب في مدريد، يعتمد على كتاب ، انتقام القاعدة : تفجيرات قطار مدريد 2004 (Al-Qaeda’s Revenge: The 2004 Madrid Train Bombings) للكاتب "فرناندو ريناريس"، الذي يعتبر كتابه أساس الفيلم بالاضافة الى لقطات صورت اثناء الحادث، ثم العودة الى الناجين والموقف السياسي للحكومة الإسبانية حينذاك من الحدث. يغطي الفيلم والكتاب تفجير قطارات ركاب في 11 آذار 2004 في مدريد بإسبانيا . في بحث وكتابة ريناريس ، يقارن بين تفجيرات القطارات في مدريد ، وهجمات 11 سبتمبر في نيويورك ، مستخدمًا وثائق استخباراتية ، وملخصات قضائية ، ومقابلات لفحص صعود القاعدة في التسعينيات إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. عمل على الكتاب خلال الفترة التي قضاها في مركز ويلسون عام 2011 ، حيث أكمل مشاريع حول العقيدة الجهادية وهجمات مدريد وتجنيد الإرهابيين.

عرض الفيلم في مدريد في 23 شُباط/ فبراير 2022 ، ويتميز بردود افعال مباشرة وينقل الفيلم الكلمات الاولى للناجين من الهجوم وأوئل المسعفين الذين هرعوا الى مكان الحادث . كما يقدم ملاحظات تحليلية من قبل العلماء وصانعي السياسة - بما في ذلك الكاتب ريناريس - حول صعود القاعدة ، والتخطيط للهجوم ، والآثار المترتبة على السياسة الخارجية لإسبانيا .

لا يغطي الفيلم الهجمات المروعة فحسب ، بل يُظهر أيضًا طريقة تعامل الحكومة مع التحقيق الذي أعقب ذلك ومختلف نظريات المؤامرة التي ظهرت. وبالطبع يبحث في التأثير الدائم الذي أحدثته التفجيرات على المدينة وعلى من عاشوا فيها ومع ذلك ما زالوا تطاردهم الصدمة.

بمرور الوقت ، ظهرت روايتان من حطام القطارات. أولاً ، استغل وأتهم رئيس الوزراء اليميني "خوسيه ماريا أثنار " من الحزب الشعبي الحاكم على الفور جماعة الباسك الانفصالية إيتا (ETA) على الرغم من عدم وجود دليل واحد من المحققين - مما دفع وسائل الإعلام والأمم المتحدة وحتى الرئيس الأمريكي إلى إدانة حركة إيتا . وبمجرد أن تم الكشف عن اتهامات أزنار ساعدت فرص إعادة انتخابه بعد ان كانت كل قياسات الرأي تشير الى خسارته - فقد كان الشعب غاضبا بعد ان تورطت حكومته بشكل مثير للجدل في الحرب على العراق ، وبسبب هذا القرار ووقوفه الى جانب بوش، كان من شأنه أن يؤدي خسارة حزبه، ثم خسارته اثناء الانتخابات. لكنه استخدم مأساة الهجمات الإرهابية لتضليل مواطنيه والحفاظ على سلطته.
وخلصت الرواية الثانية ، المستمدة من تحقيق قضائي رسمي ، إلى أن قرار الجهاديين بمهاجمة مدريد اتخذ في الواقع بعد غزو العراق ونتيجة له. وقد تم تلقين الحكومة الإسبانية اليمينية درسًا للوقوف إلى جانب حلفائها الاميركين والإنكليز .

يغطي المخرج خوسيه كوميز الكثير من الدوافع والنقاشات في هذا الفيلم الوثائقي الذي يتعمق في عنف الهجمات المميتة، والسياسة المضطربة للحكومة، ودور الإعلام في نشر المعلومات المضللة ، والتحقيق الذي توصل في النهاية للجناة الحقيقيين والقبض عليهم . حتى أن كوميز يعود بالزمن إلى عام 1994 ، ويظهر جذور خلية القاعدة في إسبانيا التي نفذت في نهاية المطاف الهجمات المروعة. كل ذلك يروي قصة حقيقية واقعية مثيرة للغضب بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالهجوم المخطط له بدقة، وفشل الأجهزة الأمنية في الكشف عن الخلية ، يفتتح الفيلم من خلال تقديم جدول زمني مفصل للأحداث. بدأ مع الناجين الذين شاركوا في رواية ما حدث في الحادي عشر من آذار الذي كان مجرد يوم عادي آخر في حياة المدينة. يتذكر الناجون بألم التفجيرات في محطات القطار المزدحمة حيث تبدأ العربات بالانفجار عبر الطريق. أسلوب المخرج كوميز يكشف ويتابع الأحداث ولكنه حساس ومتعاطف أيضًا. ونحصل على صورة أكمل للإصابات المدمرة وفقدان الأرواح من خلال روايات المسعفين الأوائل ، وكثير منهم يحمل ندوب ذلك اليوم الرهيب.

لكن التركيز الأكبر في عمل المخرج ينصب على التداعيات ، وخاصة الجهود الحثيثة للحكومة لاتهام ولإلقاء اللوم في ما حدث على جماعة الباسك الانفصالية إيتا. وأسرع رئيس الوزراء اليميني بتصنيف الحركة على أنها جماعة إرهابية، كمتهم سهل ومفيد له، بالرغم من عدم وجود اي دليل يربط حركة إيتا بالهجمات. وبالنظر إلى أن التفجيرات وقعت قبل ثلاثة أيام من الانتخابات العامة الإسبانية . يحدد المخرج دوافع، والموقف السياسي وراء تصرفات رئيس الوزراء، وكيف استطاع التأثير واستخدام
وسائل الإعلام لإلصاق التهمة ب الجماعة الانفصالية لخداع الرأي العام ، ومن ثم على الانتخابات القادمة بالرغم من الأدلة المتزايدة التي تشير إلى المتطرفين الإسلاميين مسؤولين عن ذلك.

قرب نهاية الفيلم الوثائقي الذي تبلغ مدته 90 دقيقة.. يعود المخرج للضحايا من جديد في الدقائق الأخيرة للتأكد من أننا نتذكر أولئك الذين عانوا أكثر. يؤكد وينبه في النهاية إلى أي مدى ستبذل قيادة مظللة للجماهير قصارى جهدها لتسلّم السلطة.



*ريناريس ، خبير في الإرهاب والتطرف ، يعمل أيضًا كمحلل أول ومدير برنامج التطرف العنيف والإرهاب العالمي في معهد إلكانو رويال Elcano Royal ، وهو أستاذ مساعد في جامعة جورج تاون.

*إيتا منظمة سرّية ثورية استخدمت الكفاح المسلّح بهدف التوصّل إلى استقلال بلاد الباسك. وهكذا تأسست منظمة Euskadi Ta Askatasuna، في 31 يوليو 1959 المعروفة اختصارا باسم إيتا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في