الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة

عزالدين مبارك

2022 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية




لقد كان يوم 25 جويلية 2021 حدثا بارزا في تاريخ تونس الحديث بحيث هب الشباب المفقر والمهمش والمعطل عن العمل ثائرا على منظومة الأحزاب والطبقة السياسية والنخب المرفهة والتي استولت على الحكم بقيادة الإخوان المسلمين إثر الإنقلاب في 14 جانفي 2011 على الثورة الحقيقية التي اندلعت في سيدي بوزيد بتاريخ 17 ديسمبر 2010 بقيادة الشباب المهمش وقد ركبت بعض القوى صهوة الثورة الوليدة بصفة إنتهازية. فقد تم بطريقة ما الدفع بالرئيس بن علي نحو المغادرة إلى السعودية بالحيلة أو قسرا لإجهاض ثورة الشباب والجياع وفسح المجال لقدوم الإخوان من الخارج للإنقضاض على الحكم وكتابة دستور ملغم وعاجز عن حل الأزمات والإختلاف بين الرئيس والبرلمان، على نار هادئة على مدى يقارب ثلاث سنوات وبتكلفة مالية واجتماعية باهضة فقد كانت الإغتيالات والإعتصامات والتطرف والإرهاب والتمكن من مفاصل الدولة وتفاقم المديونية وانتشار الفقر والبطالة بحيث لم يحصل المهمشون على مطالبهم وحقوقهم فتغولت الأحزاب الحاكمة وأثرت على حساب الفقراء وتحالفت مع النخب الفاسدة ومافيات التهريب والفساد حتى تعفن المشهد السياسي ووصلت البلاد إلى حافة الإفلاس والخراب وصولا إلى حدث يوم 25 جويليية 2021.
نلاحظ أن كل من يعارض مسار 25 جويلية قياداتهم مرفهة ومن الطبقة البورجوازية وتتمعش من الريع مثل إتحاد الشغل ، الدستوري الحر، النهضة، التيار ولا علاقة لهم بالمهمشين والفقراء والمعطلين والكادحين لا من قريب ولا من بعيد فما يقومون به ليس سوى تسلية سياسية من ناحية أولى ومحافظة على إمتيازاتهم ومصالحهم الشخصية الضيقة وخوفا من فتح ملفات الفساد والمحاسبة من ناحية ثانية. وهكذا تم يوم 25 جويلية الفرز الموضوعي بين عالمين مختلفين تماما ومتناقضين بصفة حادة، بين فئة مرفهة وتغنم من الريع الإداري والمالي والسلطوي في غياب منظومة ناجزة وفعالة للمراقبة والمحاسبة وفئة مهمشة وبائسة ومنسية يغلب عليها الطابع الشبابي المعطل عن العمل. وهذه الفئة الأخيرة هي من ثارت على منظومة ما قبل 25 جويلية فكان التحالف الموضوعي بينها وبين قيس سعيد الذي قدم للسياسة بالصدفة ومن مطبخ التدريس الجامعي وليس من دهاليز السياسة بكل تعفناتها وتعرجاتها ولم يستطع التأقلم والتعايش مع الفئة الأولى التي تتنفس إنتهازية وتلونا ونفاقا ولهذا لم يستطيعوا ترويضه فكان التصادم الحتمي لاختلاف في الرؤى والفكر والمنهجية مما جعلهم يتحدون ضده رغم كرههم لبعضهم واختلافاتهم الجذرية في ما بينهم فكان تحالف المصالح بين الإسلاميين واليساريين والدساترة في خلطة عجيبة لا يمكن أن تثمر إلا حصرما في غياب المشروع. ويستمد قيس سعيد قوته من معادلة خفية عجزوا عن فك رموزها متكونة أولا من مجيئه من عالم غير مسيس وموبوء فهو لا يرى في السياسة إلا امتدادا لدرس في القانون الدستوري ومن يتعامل معهم كطلبة فلا يتأثر أبدا بما يقع من هرج ومرج في المدارج وقد تعود على ذلك لسنوات طويلة ومن شباب قد آمن بمعجزته إلى حد التقديس ثانيا. وستكون نتيجة الإستفتاء ليوم 25 جويلية 2022 حاسمة، فإذا كانت نعم غالبة وهذا هو المتوقع فستدخل البلاد فعلا في مرحلة أخرى وجمهورية جديدة ربما تأخذ من جمهورية بورقيبة النزعة الزعاماتية ومن جمهورية بن علي الانضباط وهيبة الدولة ومن جمهورية المتاهة ما بعد 14 جانفي 2014 أنه بدون إقتصاد قوي وتوزيع عادل للثروة لا يمكن الحديث عن استقرار سياسي مستدام. أما إذا كانت لا هي الغالبة وهذا مستبعد بحكم أن الأغلبية من الشعب التونسي تريد تغيير المشهد السياسي برمته وتجاوز عشرية من الخراب والضياع فقد ندخل في مرحلة من التعقيد رغم إننا سنبقى في الحالة الإستثنائية والرئيس هو الفاعل الوحيد في غياب المحكمة الدستورية والبرلمان. والحل الأمثل حسب نظري هو التوجه نحو انتخابات برلمانية سابقة لأوانها (الرئيس غير ملزم بالإستقالة) حسب قانون انتخابات جديد وهو الذي يعد دستورا جديدا بالتوافق ويستفتى عليه الشعب في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر. فالعودة لدستور 2014 لا يحل المشكلة وسيعمق الصراع ويؤجج الوضع والبلاد في حالة هشاشة إقتصادية واجتماعية وهو أصل الخطيئة الكبرى وقد بات من الماضي وقد فتح حراك 25 جويلية 2021 بابا كان مقفلا بالحديد للتخلص من عبء كبير ولا بد من استغلال هذه الفرصة المتاحة لرسم نظام سياسي جديد وفاعل متسلحين بالعقلانية وبالحكمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع