الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هامش بين الامتحانات ومشاورات التجويد

توفيق بوشري
كاتب

(Taoufik Bouchari)

2022 / 6 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي


على هامش مشاورات تجويد المدرسة المغربية.. ودائما على هامش الهامش هناك هامش مهمش ومهشم وخارج السياق، يتعلق الهامش هنا باقتراب الاستحقاقات الوطنية المتعلقة بالامتحانات عامة والبكالوريا خاصة، إذ من المفروض أن تحرص الدولة في شخص من يمارس المسؤولية في مجال التربية والتكوين على إعداد العدة وحسن تدبير هذه المحطات والعناية بها بما يناسب حجمها وأهميتها ومن ذلك استدعاء السادة الأساتذة والسيدات الأستاذات بحكم ارتباط مهامهم بهذه المحطات التقويمية التتويجية، للقيام بالحراسة أو ما أصبح يسمى مراقبة الإجراء، ولا أرى أن شيئا تغير بتغيير التسميات، بقدر ما نلاحظ جميعا أن الأمر يزداد سوءا في كل ما يتعلق بالامتحانات الإشهادية عموما.
هذه الاستدعاءات جاءت في ظرفية مذكرة تمنع الأساتذة من إنجاز مهام خارج سلكهم الأصلي مما سبب التباسا كبيرا لدى أطر التدريس ونقاباتهم، إذ كيف يستقيم استدعاء أستاذ أو أستاذة لحراسة امتحانات خارج السلك الذي ينتمي إليه؟ ولنقل بأن المذكرة تتحدث عن شيء آخر وأن الامتحانات شيء آخر كما يرى البعض، فلماذا لم تكلف الوزارة المسؤولة نفسها عناء التوضيح على الأقل وإن كان الأمر يقتضي تأطيرا تنظيميا قانونيا واضحا يكشف الالتباس وينهي النقاشات العقيمة.
ولنفرض أن هؤلاء الأطر مطالبون بالمشاركة فيما يسمى استحقاقات وطنية تجاوزا، فمن المنطقي أن تتم العناية بتسليمهم للاستدعاءات وتيسير كافة ما يتعلق بقيامهم بالمهمة الصعبة والخطيرة جدا في ظرفية الانهيارات المتواصلة للمدرسة المغربية وإفراغها من عملها التربوي والقيمي مما رفع نسب الغش والعنف والهدر وغيرها من النتائج السلبية لسوء تدبير القطاع وغياب نوايا سياسية لإنقاذ رأس مال الدولة وركيزتها.
في الغالب يتسلم الأساتذة والأستاذات استدعاءات مستنسخة لم يتم الاعتناء بها بالقدر الكافي وتفتقد إلى المعطيات اللازمة في كثير من الأحيان ويظهر بجلاء أن أهميتها التي هي من أهمية الاستحقاقات أهمية جد شكلية وبلا قيمة وتجد الأساتذة يتساءلون حول الكثير من الأمور التنظيمية والتقنية التي من المفروض أن تحفل بها تلك الورقة اليتيمة التي يتبين أن أهم ما فيها هو الاسم ورقم التأجير وهذا كاف جدا، فالمراد هو السربيس كالعادة.
فما الذي يمنع من العناية بالاستدعاء وما يتصل به؟ والرفع من سقف التحدي؟ قد يقول قائل بأن مثل هذا الخوض شكلي للغاية وتافه. ولكن كيف نختار ملابسنا بعناية لحضور حفل ما دام الهدف هو أن نلبس شيئا فحسب ونستر عوراتنا؟ أ لا يحلم أستاذ أو أستاذة مثلا أحيانا أن يتلقى ورقة كارطونية لا تغني ولا تسمن من جوع تشكره على مجهوداته وتشجعه؟ إن العناية بالشكليات هو تتويج لنجاح الأساس، ومنه فتهميش الشكليات والمسائل التقنية هو نتيجة لفساد الأساس.
من جهة أخرى، كيف يعقل أن تجرى اجتماعات من المفروض أن يحضرها الأساتذة والأستاذات من أجل تقديم ما يلزم من المعلومات وتوضيح ما يستلزم التوضيح في شأن المهمة التي هم مقبلون عليها في الغالب في فضاءات تفتقد إلى أدنى شروط السلامة والراحة في أغلب المراكز والمؤسسات؟ قاعات صغيرة تحتضن عشرات الأساتذة والأستاذات كما لو أنهم محتجزون أو معتقلون حقا، وفي أجواء صيفية معلوم ما يرافقها من العناء والتعب؟ والأغرب عدم توفير الكراسي أحيانا وترك مجموعة منهم وقوفا كأنهم في يوم المحشر ينتظرون حسابا؟ ناهيك عن خروقات أخرى مرافقة لأداء المهمة مثل البادجات البئيسة وعدم توفير عدة لإنجاز ما تتطلبه مراقبة الإجراء...
إلى غير ذلك مما لا يليق بتاتا بمكانة اعتبارية حساسة وتنبني عليها مؤسسات رمزية وحقيقية وقيم وتترتب عنها آفاق وغايات حساسة للغاية... طبعا لا يمكن تحميل المسؤولية لمسؤول دون آخر، لأن العملية ممتدة ويشترك في تدبيرها مجموع بين قوسين مجند لإنجاح كافة ما يتعلق بمحطة يقال عنها وطنية وهامة.
هذه طبعا أشياء بسيطة فيما يبدو أو شكلية، إلا أن هذه الشكليات في الحقيقة تترجم الصمت عن الأساسيات: كالتعويض عن حراسة الامتحانات التي هي مهمة تتجاوز بكثير مهام المدرس سواء من حيث خطورتها أو أهميتها وتعقد القيام بها في الوقت الراهن، أيضا مسألة إعادة النظر في قيمة التعويض عن التصحيح والتي مازالت هزيلة مخزية، هذا دون أن نتحدث عن الظروف التي يجرى فيها التصحيح والتي لا تليق بتاتا لا بمكانة الأساتذة ولا قيمة الامتحانات...
فكيف يمكن أن نمنح الثقة لمراقب الإجراء ذلك الرجل أو المرأة الذي يحمل رسالة تربوية وتعليمية ومن المنتظر أن يكون قيامه بمهام الحراسة إشرافا احتفائيا على تتويج عمله ومجهودات أبنائه متمدرسين أو أحرارا كانوا؟ كيف يمكن أن ننتظر منه أن يقبل على عمل وطني بروح وطنية في ظل سلسلة من اللامبالاة والتهميش والاستهانة بمكانته وهيبته؟ كيف يمكن أن نؤسس لمفهوم مراقبة الإجراء في ظل غياب التحفيز والحماية وخاصة أننا شهدنا خلال السنوات الأخيرة مواجهات عنيفة وخطيرة بين مترشحين ومراقبين أدت إلى عواقب وخيمة وإيذاءات وعاهات وتهديدات تصل إلى القتل... بسبب الانهيار الأخلاقي والتربوي وتحول الامتحانات إلى تحصيل شواهد مفرغة من القيمة والمعنى والجدوى وتبرير الغش والذرائع والاستهتار وغيرها؟ كيف يمكن أن نلقي بالمدرس في نار الاستحقاق دون أن نكون قد دعمناه واعتنينا بتحسين وضعه الاعتباري وعملنا على توفير ما يضمن حمايته؟ كيف نقنعه بواجبه ونحن نسلمه استدعاءات بئيسة ونحتضنه في فضاءات مهينة ونطلب منه بوقاحة أن يفتش المترشحين!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل