الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هوامش من الإنتخابات التشريعية الفرنسية
الطاهر المعز
2022 / 6 / 21مواضيع وابحاث سياسية
صوّت 22,5 مليون من إجمالي 48,6 مليون مُسجّل في قوائم النّاخبين، ما يجعل نسبة المُشاركين لا تتجاوز 46,3% من المُسجّلين، منها حوالي 1,8 مليون بطاقة بيضاء أو مُلْغاة، ما يُخفض نسبة المُشاركين في عملية التصويت إلى 42,7 مليون ناخب، يوم الأحد 19 حزيران/يونيو 2022، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، حيث يضُمُّ المجلس 577 نائبًا، وانحصرت المنافسة بين فِرَق اليمين من جهة وائتلاف الديمقراطية الإجتماعية (الاتحاد الشعبي الاجتماعي والبيئي الجديد ) من جهة أخرى، وكانت الحملة باهتةً رَفَضَ خلالها اليمين "الأقل تطرفًا" (الدّاعم للرئيس ماكرون والرئيس الأسبق ساركوزي) أي حوار مع منافسيه، وتلخّصت وعود هذا الصنف من اليمين في رفع سن التقاعد إلى 65 سنة ودعم أرباب العمل، بتعلة "إصلاح قوانين العمل" والتخفيف من الضرائب (للأثرياء) بذريعة تشجيع الأثرياء على الإستثمار... أما ائتلاف الديمقراطية الإجتماعية (الاتحاد الشعبي الاجتماعي والبيئي الجديد ) فقد وَعَدَ بخفض سن التقاعد من 62 سنة حاليا إلى 60 سنة، كما كانت قبل عشر سنوات، ورفع الحد الأدنى للأجور (المعروف باسم سميك) بنحو 15% إلى 1500 يورو شهريا وتجميد أسعار السلع والخدمات الضرورية والأساسية وتوفير مليون وظيفة...
حصل ائتلاف الرئيس إيمانويل ماكرون على 350 مقعد سنة 2017، وانخفض العدد إلى 245، سنة 2022، وفقد بذلك الأغلبية المُطلقة ( 289 نائبا على الأقل) التي كانت تُسانده "ظالمًا أو مظلومًا"، لكن بقي اليمين مُسيطرًا بشكل مُطلق على مجلس النواب بإجمالي 424 مقعد، مُوَزّعة على أصناف اليمين، المُدافع عن المصارف واستغلال الكادحين واضطهاد الشعوب، إذ لم يحصل الإئتلاف الديمقراطي الإجتماعي سوى على 133 نيابة، وقد يُسانده عشرون نائبًا من "المُستقلين" المحسوبين على اليسار الديمقراطي الإجتماعي، فيما ارتفعت حصة أهم أحزاب اليمين المتطرف (حزب عائلة لُوبَّان) من ثمانية مقاعد إلى 89 مقعد، وهي نتيجة قياسية تاريخية، وحصلت قوى اليمين الأخرى المُتفرّقة على حوالي تسعين مقعد.
ملاحظات:
فقد الرئيس وحزبه المُصْطَنَع الأغلبية المطلقة ولكنه لا يزال يحتفظ بالأغلبية النّسبية، ويتوجب عليه التقارب مع منافسيه اليمينيين ليتمكّن من إقرار مشاريع القوانين التي يُقدِّمها.
روّج الرئيس وأنصاره العديد من الأخبار الزائفة بخصوص منافسية من التيارات الديمقراطية الإجتماعية (حزب ميلانشون والخُضْر وما تبقى من الحزبيْن الشيوعي والإشتراكي) وادّعى أن انتصارهم سوف يَنْشُر التّطرُّف والفَوضى بالبلاد.
واصل اليمين المتطرف صعوده منذ عشرين سنة واكتسح محافظات ومناطق عديدة، بالتوازي مع انحطاط مستوى النقاش السياسي الذي يُهْمِلُ الفَجْوة الطّبَقية ومشاغل المواطنين العاملين والمُعَطّلين، من ذوي الدّخل المنخفض والمتوسّط، وغاب الصّوت الذي يُمثل مصالح العُمّال وصغار المُزارعين والمُعطّلين عن العمل والفُقراء، في مناخ غلاء أسعار الطاقة والغذاء وإيجار المَسْكن وخصخصة قطاعات النقل والصحة والطاقة وغيرها.
أدّى إهمال مصالح الكادحين والفُقراء إلى انخفاض مُستمر لعدد ونسبة المُشاركين في عملية التّصويت، إذْ لم تَعُد العقيدة الإشتراكية ومصالح العُمّال مُمثَّلة في وسائل الإعلام وفي الدّعاية الإنتخابية، وانحصر النقاش في العداء للمهاجرين من المستعمرات الفرنسية السابقة وأبنائهم، واختلقت أحزاب اليمين مشكلة "الهوية" والإجتياح المزعوم الذي "يُهَدّدُ الهوية الأوروبية والمسيحية للأُمّة الفرنسية"، واندمج خطاب اليمين التقليدي مع اليمين المتطرف، وغابت مُعارضة أشلاء اليسار لهذا الخطاب، ولذلك امتنع أكثر من نصف الناخبين عن التصويت، وبلغت نسبة الإقبال 46,23%.
اختلق الحزب الإشتراكي بقيادة فرنسوا ميتران، ثم اليمين التقليدي، فَزّاعة اليمين المتطرف ليحصلوا على دعم الناخبين، منذ 1983، وانحَطّ الخطاب السياسي، خصوصًا منذ انتخابات 2002، ليُصبح موضوع الهجرة أو اللُّجوء أو "الإسلام" موضوعًا رئيسيا للحملات الإنتخابية، فيما لا يُمثل من تمّ حشْرُهُم في صفوف "المُسلمين"، سوى حوالي 7% من السّكّان، ويعود هذا الموضوع إلى السّطح، خصوصًا عندما يتنافس مرشح اليمين أو "اليسار" (الديمقراطي الإجتماعي) مع اليمين المتطرف، ليتم ابتزاز الناخبين، فيختاروا "أخف الضّرَرَيْن"، أي اليمين التقليدي، خوفًا من فَوْز اليمين المتطرف، وأدّى هذا التكتيك، إلى ترسيخ نفوذ اليمين المتطرف في البلاد، على مدى السّنين، وأصبحت إيديولوجيته سائدة، في وسائل الإعلام وفي الخطاب السياسي الرّسمي وينعكس ذلك في دعم الحُرُوب العدوانية ضد الشعوب (ليبيا وسوريا ومالي ) وتراجع الدّعم للقوى التقدّمية وحركات تحرير الشعوب، وظَهَر كذلك في ارتفاع عدد القوانين الزّجرية التي تنتهك الحُرّيات، بما فيها حرية التعبير والتظاهر، وفي حَظْر التّضامن مع الشعب الفلسطيني، وفي ممارسات الشرطة التي ارتفع عدد ضحاياها من القَتْلى والمُصابين.
رفضت أحزاب وقوى اليمين التقليدي دعوة الناخبين إلى التصويت ضد اليمين المتطرف، في الدّوائر التي تنافس بها في الدّور الثاني، ممثلون عن الديمقراطية الإجتماعية (الاتحاد الشعبي الاجتماعي والبيئي الجديد ) وحزب عائلة لوبان، وهو ما وصفه "ميلانشون" بالفشل الأخلاقي لمجموعة ماكرون التي مَكّنت اليمين المتطرف من الفوز بما لا يقل عن عشرة مقاعد نيابية بفارق ضئيل، لا يتجاوز عشرات الأصوات.
بقيت عملية التّصويت تَعْكِسُ الإصطفاف الطّبَقِي، حيث حاز ائتلاف الديمقراطية الإجتماعية على كافة مقاعد الضاحية الباريسية الأشدّ فقرًا ( Seine Saint-Denis ) أي 12 مقعدًا، وضَمّت قوائم "الإتحاد الشعبي الإجتماعي والبيئي الجديد" مجموعة جديدة من النواب منهم عاملة في فندق قادت رفاقها ورفيقاتها في معركة من أجل الحصول على رواتب وظروف أفضل، هَزَمتْ وزيرة الرياضة السابقة في انتخابات يوم 19/06/2022، لكن وفي غياب يسار قوي وداعم للطبقة العاملة، تمكّن اليمين المتطرف من إيصال ثلاثة عُمّال إلى مجلس النواب، وبذلك فقد اليسار جزءًا هامًّا من قَواعده الإجتماعية، خصوصًا في المناطق الريفية والمُدُن متوسّطة الحجم، وارتفع عدد المُمْتَنِعِين عن التصويت، ومن لا ينتظرون منها أي تغيير إيجابي، واتّجه جُزْءٌ من الفُقراء والمُهَمّشين (إلى جانب فئة من الرأسماليين وذوي الدّخل المُرتفع) للتصويت لصالح اليمين المتطرّف الذي لم يطرح أبدًا، ولو بصورة ديماغوجية، الدّفاع عن العُمّال والكادحين والفُقراء، ويُظْهِرُ برنامجه الإقتصادي، الذي لم يطّلع عليه سوى القليل، خطورةَ أُطْرُوحاته على العاملين والفُقراء. يُضَاف إلى ذلك العلاقات الحميمة التي تربُط الكيان الصهيوني باليمين المتطرف في الدّول الرأسمالية المتطورة، خصوصًا منذ 2010، حيث تعدّدت اللّقاءات والتظاهرات المُعْلَنَة بين الكيان الصهيوني واليمين المتطرف الأوروبي.
تُمثل الإنتخابات محطّات دَوْرِيّة هامّة للإتصال المباشر بالمواطنين وللتعريف بالبرامج والخطط والمُقترحات، ولكن نادرًا ما تُؤَدّي الإنتخابات إلى حُصُول تغيير جوهري، لأن الديمقراطية النّيابية تخضع لشروط "الدّيمقراطية البرجوازية"، أي الدّستور الذي يُقدّس رأس المال والمِلْكِيّة الفَرْدِية وحُرِّيّة السّوق وما إلى ذلك من القواعد الرأسمالية التي لا تستطيع أغلبية نيابية تغييرها، لكن الشارع والعمل من خارج البرلمان يستطيع فَرْضَها بقُوّة العدد وبدرجة الصّمود والمُقاوَمة...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا