الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانتظار الثورة العقلية العراقوكونية*/ 5/ ملحق1

عبدالامير الركابي

2022 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تطابق الثورة الاعقالية العراقية العظمى، مهمة "التعرف على الذات" بصفتها مهمة ( وطن / كونية) انقاذية بين احتمالين احدهما فنائي، والاخر تحولي، منعت وظلت تمنع دون تبلورها على مدى التاريخ التصيّري البشري منذ بدات الظاهرة المجتمعية، حالة من القصورية العقلية التكوينيه، ظل العقل ابانها ادنى قدرة على الاحاطة بالظاهرة المجتمعية ومنطوياتها، وماهي موجودة لاجله، وسائرة باتجاهه. ولا انفصال هنا بين"وطني"، و" كوني"، فهو تجل واحد، وتاخره هو تاخر مقدر ضمن مستلزمات كشف النقاب عن الحقيقة المجتمعية بوجه عام.
ولايجري الحديث عن اشكال التعبيرية "الوطنيه"الشائعه، بالاخص في العصر الحديث، سواء من موقع النموذجية العليا الاوربية، بارفع اشكالها المواكبة ل( الدولة / الامة’)، او من زاوية الرد الاستنفاري للطاقات المجتمعية المتوفرة بمواجهة الهيمنه التي مارسها الغرب ويمارسها ضد الشعوب التي لم تعرف الثورات البرجوازية سوى كمحاولات رد، بلا اسس مادية، على الهيمنه البرجوازية المتحولة للراسمالية في عالم الثورة الالية المصنعية وسطوتها.
وكانت الانقلابية الالية البرجوازية قد ترافقت، لابل هي تشكلت بنية موحدة مع منظور للعالم والتاريخ، ومختلف مناحي التعرف على الوجود، فكان هذا الجانب من الظاهرة الجديدة الحداثية الغربية، العامل الاساس والحاسم في تكريس هيمنه الغرب، بجانبه الاقناعي كنموذج وليد التاريخ وعملية " التطور" الامر الذي بررته بقوة، شبكة المنجز الاوربي الشامل والعام في المجالات المختلفة، اضافة الى جدة وفرادة المتغيّر الحالي على المستوى التاريخي، ومضاء الوسائل المرافقه له، والتي كرسته، فما كان امام "الامم" والشعوب ان تواجه طرفا صارت هي طامحه في العمق للحاق به، والتمثل باجمالي ماقد حققه، الامر الذي اوجد شبه استحالة مطلقة، تحول بين الاطراف المتاخرة عن الانقلاب البرجوازي الالي على مستوى العالم، وبين ماتجد نفسها في حال نضال للتخلص من وطاته.
والاهم على هذا المستوى، ان العالم غير الغربي الاوربي، لم يتسن له الانتباه الى كون الغرب هو صانع مفهوم "التحرر الوطني"، حتى مع انشطاره، وماحدث من تجليه القطبي في القرن العشرين، يوم تحول الى نمطين، ببرجوازية غير مكتملة القوام، نصف استبدادية شرقوية بنيويا، وكلاسيكي، مايتجلى واقعا ايديلوجيا بلنين مكان ماركس، الاول كحالة متقدمه من تداخل الايديلوجيا مع الالة ضمن اشتراطات بنيوية البرجوازية فيها وليدة مسارات اخرى، لاتنطوي على اليات الطبقوية المجتمعية التاريخيه، كما الحال في موضع الانشطارية الطبقية الصافية غرب اوربا.
هذا يعني ـ مهما قيل من تبريرات مصدرها الغرب نفسه ـ ان بلدان مايعرف ب"التحرر الوطني" ليس لها، ولم تمتلك بذاتها مفهوما ل "التحرر" الى الان، وان هي ظلت تلوك مفاهيم تطلق عليها هذا الاسم، مع ان هذا النقص الكبير والفادح قد لايكون ابديا، او انه مستحيل التجاوز، او غير حاضر ضمن اليات وديناميات التاريخ الراهن، بشرط ان تغير السردية الحداثية، فيزال منها الاعتباط التسلطي الغربي كما تكرس اليوم من ضمن عملية الشمول الهيمني، بحيث يصير النظر للعالم، ولموقع الغرب الحداثي، هو موقع الفترة التاريخيه المؤقته الهامة كما هي بالضبط، ليحل مكان هذا المفهوم، القول بان الثورة الاليه البرجوازية هي صفحتان، الاولى او ربية منجزا ومفهوما مهيمنا على العالم، تغلب ابانه بصورة كاسحة مفاهيم الغرب التي يراها عن نفسه وغيره، بما يكرس سيطرته ونفوذه الشامل، تعقبها صفحة اخرى كونية، تنهي المتبقيات الارضوية الاحادية المحركة للمنجز الاوربي، لتنتقل بالمجتمعات البشرية الى مابعد احادية انتهى مفعولها وزمنها.
وثمة عامل اساس يسهم بقوة في تعزيز موقع الغرب ومكانته كمثال ومبتغى، الخروج عليه يعتبر مخالفة "لقوانين التاريخ"، و "رجعية"، كون هذه الظاهرة الضخمه تاتي في وقت استمرار القصورية المجتمعية العقلية الملازمة لظاهرة المجتمعات، وماظل يحول دون احاطة العقل بالظاهرة المجتمعية ومنطوياتها، وخاصيات عمل الياتها، والى اين متجهه، وهو ما منع ابتداء، ومع تبلور المجتمعية في ارض مابين النهرين، التعرف على الحقيقة المجتمعية ومستهدفاتها، الامر الذي ظل يلازم علاقة العقل بالظاهرة مدار البحث، الى ان جاء الغرب ونهضته، والانقلابية النوعية التي تحققت في ظهرانيه، فتكرس هو وبما صار عليه، "نموذجا" اعلى هو من يقرا التاريخ، ويعين مساراته، ويحكم على ظواهره.
فهل الغرب وكما يعتقد بجزم جدير بذاتيته، وهل هو متوفر على الاسباب اللازمة والضرورية لكي يضع منجزه في الاطار الذي هو موجود تاريخيا لكي يؤديه، على الطريق نحو مابعد مجتمعية، والانتقال المنتظر من المجتمعية الجسدوية الحاجاتيه، الى العقلية؟ من هنا ومن هذا المدخل، تنتقل المركزية الدالة على قانون التصيّرية التاريخيه الى موضع اخر، غير اوربا التي تجد نفسها وقت تحضر لهذا الموضع من العالم، في حال اصطراعية افنائية، بين نمطين ونموذجين مجتمعيين، احادي في اعلى وذروة تجسده الالي، وازدواجي لاارضوي، اصل ومبتدا مؤجل ادراكا نموذجيا، وبلا افصاحية على مر تاريخه.
ويمكن كمروية تاريخيه، ولاسباب منطقية وجيهه، ان نضع الظاهرة الحديثة الغربية بموقع الضرورة اللازمة لتحفيز النطقية الازدواجية "اللاارضوية"، المغفلة غير مكشوف عنها النقاب، لتكتمل وتعدل كما ينبغي، وبحسب ماهو موافق لاليات التاريخ، مكانة الانقلابية الاوربية الحديثة الفعلي، مايتطلب بالطبع تغييرا في زاوية النظر، وفي رؤية المستهدفات الكامنه في العملية المجتمعية التاريخيه، مخلصا اياها من وطاة الجزئية الانيه كما يفرضها الغرب، وظل يفعل على مدى يقارب الثلاثة قرون.
وبمقابل ماقد بلغته الاحادية الارضوية المجتمعية بنموذجها الاوربي، يصير واجبا مع الوقت ومسار الاصطراعيه التحري عن تمخضات "اللارضوية"، وتاريخ تعبيريتها خلال الدورات الثلاث: الاولى الابراهيمه السومرية البابلية، والثانيه العباسية القرمطية، وذروتها "الانتظارية"، وصولا للحظة الحالية الراهنية والمنتظر منها بعد كل ماعرفته الحركة التفاعلية التاريخيه، وما بلغته من انقلابية شاملة، وهنا نصبح عمليا امام اهم واكثر الجوانب المتصلة بموضوعنا خطورة و تعذرا على الاحاطة، الامر المتاتي بداهة من تراكمات ظاهرة الهيمنه المفهومية الاحادية الطويلة، وتكرسها لدرجة تحولها الى مايقارب البداهة، أوقانون الطبيعة الملازمة للمجتمعية وظاهرتها، فموضوع العالم "الحاضر غير الناطق"، قد يكون اهم مايمكن ان يواجه العقل البشري من هنا فصاعدا، على مستوى، ومن مدخل المقابلة المعتادة بين الواقع والافكار، او التجليات الممكنه مع اختلاف الاليات، فموضوع النبوية الحدسية الابراهيمه، واللاارضوية السماوية الاولى، واشتراطاتها، لم يسبق من قبل ان جرت ملاحظتها، او محاولة قراءتها من باب "الواقع المادي"، ومايقابله من نوع تعبيريه وسياقاتها، وكيفيات تشكلها والياتها التي تؤمن الاستمرارية والحضور، والشيء ذاته حصل بما يخص الذروة التعبيرية "المهدوية"، والسبب عائد الى كوننا اصلا لم نتعرف على الاساس، او الخلفية التي انجبت مثل هذين التعبيرين مع مايحايثما ويتصل بنموهما المطرد، ونوع الظروف التي ضمنها يتقرر وجودهما ابتداء واستمرارا.
وما يسمى او يطلق عليه اسم " الدين"، عاد وصار في العصر الحديث "ظاهرة اجتماعية" وهي ذروة علومية الغرب، و"علم اجتماعه" الباهر، برغم ان من وضعوا الفذلكة المذكورة لم يكتشفوا يوم رهنوا الدين بالمجتمع، عن اي مجتمع يتحدثون، وهاهم ينسبون ظاهرة مجتمعية لاارضويىة، اي وليدة ومعبرة عن مجتمع اخر نوعا غير مكشوف عنه النقاب، لمجتمعيتهم الاحادية الارضوية، مرتكبين بذلك خطأ مزدوجا بحق الدين ومصدره المتطابق مع نوعه، والمجتمعية وحقيتها واصل تكوينها، وهكذا يكونون فعلوا عكس ماكانوا ياملون او يهدفون لتحقيقة اعقالا، بحال كانوا يقصدون اماطة اللثام عن المصدر المادي للظاهرة السماوية، وعلى هذا فانهم قد ساهموا بالاحرى باستمراروقوف العقل عند ماقد ظل على مدى تاريخه القصوري، بحال عجز عن مقاربة اخطر ماينبغي علىيه اجتيازه.
لم يحقق الغرب بعد كل ماحققه وانجزه، المطلوب والمنتظر من العقل البشري، ومستهدف مساره فلم يمط اللثام عن الحقيقة المجتمعية، وقصر دونها، ليبقي اليوم لابل لكي يكرس، واقعة قصورية اساسية، رافقت علاقة العقل بالمسالة الاجتماعية ومساراتها ومستهدفها، ومع كل الادعاء المبالغ فان ظاهرة الغرب الحديث، تبقى ارضوية احادية ذروة، مادون ازدواج لاارضوي، هو الحقيقة الكبرى المنتظرة، والتي لااكتمال للعقل وللظاهرة المجتمعية، ولموقع الكائن البشري داخل العملية المجتمعية، من دونها، والامر على هذا الصعيد يمكن فهمه بناء على نفس قانون التعبيرية، وعلاقتها العضوية بالاساس الذي تتمخض عنه.
ـ يتبع ـ
ملحق 2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* غيرنا عنوان الملحق عما سبق وجرى الاعلان عنه في الحلقة الماضية كي يكون اكثر تطابقا مع المضمون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل