الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض من الارتجال لا يفسد للعلم قضية

أميرة أحمد عبد العزيز

2022 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما احتاط لحساسية عدد كبير من أبناء الشعب العربي في مصر اتجاه حقيقة موضوعية ليست ذات قبولا نفسيا لديهم، هذه أننا أمة عربية، وذات حضارة عربية إسلامية. واعتقد أن الأمر الثاني لهو شديدا عليهم أكثر من الأول، فالبعض يتقبل حقيقة وجود الأمة العربية، لكنهم لا يتقبلون فكرة أن الإسلام يمثل الهيكل الأساسي للحضارة القومية العربية، لعلهم كانوا يتقبلون أننا حقا أمة عربية ولكن ذات حضارة أمريكية مثلا أو فرعونية..
كنت أتلمس لعدد من هؤلاء عذرا، هؤلاء من لا يعتقدون في الإسلام عقيدة، علما بأن ليس معني أن الإسلام يشكل هيكل الحضارة القومية العربية أن الشعب كله يعتنق الإسلام دينا أو يجب عليه هذا. بل أن بإمكان المواطن العربي أن يغير دينه إن كان مسلما، أو أن يلحد، مع ذلك تستمر سمات حضارته الأصيلة تشكل شخصيته ومؤثرة فيه. ذلك كما أن المسيحية شكلت قسطا وافرا من الهيكل الحضاري لأغلب الأمم الأوربية، وعلى هذا يكون كل شخص سوي في تلك الأمم الأوروبية يحمل في داخله سمات الثقافة المسيحية، حتى ولو كان مسلما، وانا أكتب هذه الكلمات الأخيرة، اعتقد أن ذاتي كشخص مسلم لا تتقبل هذه الفكرة أيضا، لكنها الحقيقة الموضوعية وإلا صار المقابل مسوخا مغتربين، بعيدون عن الأصالة.
الأهم أن ما لفت انتباهي، أن يوجد من بين المصريين مثلا، الذين لا يتقبلون فكرة الحضارة العربية الإسلامية لارتباطها بالإسلام، تراهم ينادون بفكرة العودة لما قبل الحضارة القومية، وبالعودة لحضارة شعوبية (الفرعونية)، ولا يجدون في هذا غضاضة ولا ضيق، برغم ما يشوب هذه الحضارة التي تنسب لفرعون (الحاكم الأوحد) من سمات مضادة للحرية، ومن سمات مضادة لمعتقداتهم التي يعتنقونها اليوم، لكنهم مع هذا يدافعون عنها في مواجهة الثقافة العربية الإسلامية، ولتكن بديلا عنها، إنهم يريدون أن يوقظوا الموتى ليدفنوا حيا مكانها، وتراهم يحاولون تزيين وجه الميت بأكاذيب.
يقول مصطفي كامل (لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا) سأوسع مجال الجملة وأقول: (لو لم أكن عربية لوددت أن أكون عربية)، ثم سأتجاوز لاختيار ثالث غير أمتنا، وأقول: (لو لم أكن عربية لوددت أن أكون عربية، ولو كان اختيارا غير الأمة العربية، لوددت أن أكون مرتبطة بأمة أصيلة مرتبطة بحضارتها، قابلة لتراثها).
لا أعلم هذه الأيام بدقة الوضع السينمائي والفني في البلاد الأوربية، فأنا أهوي الأفلام التراثية وخاصة الأجنبية. لكن بشكل عام معروف أن السينما اليوم تحمل آثار الغزو الإمبريالي الثقافي للأمم والشعوب بشكل قوي. لكن بالنسبة لما نسميه كلاسيكيات السينما، فنجد مثلا السينما الإيطالية لها مميزات مرتبطة بالحضارة الإيطالية، وكذلك الأمة البريطانية ويظهر هذا في الأداء التمثيلي والأعمال الخاصة بتراث شكسبير وأمثاله، وتري الفرنسيون وهو من أجن السينمائيين في العالم يقدموا ما يعبر عن حضارتهم، والفرنسيون كما يبين نتيشة عنهم قوما متصالحين مع بربرياتهم – هكذا كانوا، ولا أعلم ماذا عن حالهم اليوم؟-، أما الأمة الروسية، فتلك الأمة تعبر أعمالها السينمائية الكلاسيكية وتراثها الأدبي والمسرحي عن علو إنساني يغلب على الأفكار المادية التي جلبتها الثورة الروسية عام 1917.
انبهر واغتبط كثيرا من مثل هؤلاء، خاصة الأمة الفرنسية والروسية، والأصالة سبب هام للانبهار وليس الجمال الظاهري، ولمن الظاهري كما يقال ما يبهر في البداية كضوء قوي يضرب في العين ثم ينتهي للاشيء، أما الأصالة فهي عمق واستمرارية.. مثل هذا النوع الأول الظاهري الغير عميق متمثل في النسبة الأكبر من السينما الهندية، وفي مصر في بداية السينما -إلا القليل-. ولم تبدو السينما العربية في مصر تصنع اتجاه يمثل سينما أصيلة إلا في جيل عاطف الطيب وداوود عبد السيد ومحمد خان، ثم للأسف انقطع الحبل بعد ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم