الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعصاء في نظامنا السياسي والحلوب !..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2022 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الاستعصاء في نظامنا السياسي والحلول !...
العراق عاش أزمات متتابعة ومتراكمة منذ الانقلاب الدموي الفاشي في الثامن من شباط 1963 م .
هذا الانقلاب خلق واقع سياسي واقتصادي واجتماعي وفكري ، انعكس سلبا على حياة الناس وعلى التنمية ، وتأثرت نتيجة هذه المتغيرات ، على الطبيعة الطبقية والاقتصادية وبشكل كبير .
ونتيجة الحروب والحصار والاحتلال ، بدأت طبقات اجتماعية بالضعف والتلاشي ، وخاصة الطبقة الوسطى المحرك الأساس لحركة التنمية والبناء والتقدم العلمي والتقني والمعرفي ، الذي أثر بشكل كبير على تطور الطبقة العاملة وعيا وتقنيا ومعرفيا بشكل متوازي مع وسائل الإنتاج ، وبالتالي أثر بشكل كبير على تطور وسائل الإنتاج كما أسلفنا كنتيجة منطقيةلتخلف العراق في خلق تنمية مستدامة ، وقيام ما نطلق عليه اليوم ( بالدولة الريعية )، التي تقوم على بيع المواد الخام واستيراد ما يحتاجه المجتمع من خارج الحدود ، بالأموال التي نجنيها ببيعنا المواد الخام مثل النفط وخلافه .
وتحولنا إلى مجتمع استهلاكي غير منتج للخيرات المادية والعلمية والتقنية ومختلف العلوم التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر ، على التنمية البشرية ووسائل العمل ، الذي نتج عنه ، تخلف الطبقات الخالقة والمنتجة لما يحتاجه الناس ، وبمرور الزمن أدى إلى تخلف الصناعة والزراعة والتجارة ، وتوقف التنمية بشكل شبه كامل في مختلف نواحي الحياة .
وما بيناه وغيره ، ونتيجة لتلك التراكمات المختلفة ، خلقت لنا هذه الظروف والتراكمات ، شرائح طفيلية غير منتجة بل أصبحت معوق رئيس لحركة البناء والتنمية .
بدأت هذه الشرائح الطفيلية ، بالتدخل في الاقتصاد العام والخاص ، من خلال ما حصلت عليه من أموال بشكل غير مشروع ، واستغلال غياب بل تغييب ( للدولة ) والهيمنة على مراكز اقتصادية مهمة في النشاط الاقتصادي والمالي والمصرفي ، وضعوا أيديهم على المقاولات والعقود والمطارات والمنافذ الحدودية والجمارك وبعض المصارف الأهلية والهيمنة على مؤسسات ( الدولة ) وتسخيرها لمصلحتهم الخاصة ولأحزابهم وميليشياتهم وعصابات الجريمة والسلاح والمخدرات ، وتشجيع ودعم وتموين تجارة المخدرات والسلاح والتجارة بالبشر وغير ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر .
كذلك إستخدام نفوذهم وما كسبوه من أموال طائلة بشكل غير مشروع ، للتأثير في المشهد السياسي وإنتاج نظام سياسي واقتصادي يخدم مصالحهم ومصالح أحزابهم ، ولا يخدم مصالح الناس ولا يعبر عن إرادتهم ولا يساهم بالتنمية والرخاء والبناء ، بل عجز عن تقديم الخدمات ومعالجة ما يعترض مسيرة التنمية ، وهذا لا يحتاج إلى تبيان وتوضيح وأدلة ، الواقع العراقي الذي وصل إلى حد الإنهيار هو الذي يتكلم .
لا أريد أن أعرج على فترة مابعد الاحتلال في 2003م وما قدمته الحكومات المتعاقبة من خراب ودمار ، وحجم الكوارث والمصائب التي حللت بالعراق وشعبه ، وما حدث من صراع طائفي سياسي في 2005 و2006 و2007 م وأثار ذلك نلمسه لليوم ، ناهيكم ظهور القاعدة وداعش وحلفائهم الإرهابيين والخونة وتجار العهر والجريمة ، وهيمنتهم على ما يقرب على نصف مساحة العراق في 10/6/2014 م .
إن حجم الضحايا والمصابين كان مروعا وصادما ، ونتج عنه ملايين المهجرين والسبايا والمشردين ، على وجه الخصوص من أهلنا الأيزيديين والطوائف والمكونات الأخرى ، وحجم الخسائر التي خلفتها هذه العصابات الإرهابية المجرمة سوف لن ينسى شعبنا ما حل بهم .
يقدر حجم تكاليف إعمار هذه المدن والقرى والنواحي ، التي دمرت على أيدي داعش والعمليات الحربية ، بما يقرب على المائتان مليار دولار أمريكي .
وما زال عشرات الألاف بعداد المفقودين ، وأكثر من مليون نازح يعيشون في خيم لا تقي حرا ولا بردا ، بالرغم من مرور ثمانية أعوام على ما جرى على الأرض العراقية .
بعد ثورة تشرين الجبارة التي انطلقت شرارتها الأولى في 1/10/2019 م ، وما قدمته هذه الثورة العظيمة من ضخايا ، شهداء وجرحى ومصابين ومفقودين ومعتقلين ، الذي يزيد عددهم على الثلاثين ألف شهيدا ومصاب ومغيب ومعتقل ومشرد ، كان مشهدا مروع وكبير .
نتيجة هذه التضحيات الجسام ، والبطولات التي قدمتها شبيبة وشابات ومختلف الأعمار ، وثباتهم واصرارهم على مواجهة القمع المنهجي الذي مارسته الميليشيات التابعة لأحزاب وقوى متنفذة ، وكذلك قوات مكافحة ( الشعب !) ، ونتيجة استبسال وشجاعة واصرار هؤلاء الابطال على تحقيق النصر وانتزاع الحقوق ، اجبرت حكومة عادل عبد المهدي صاغرتا ، أمام ملايين المتظاهرين والمعتصمين والمضربين ، إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة ، فجاءت حكومة السيد الكاظمي ، التي أخذت على عاتقها إجراء انتخابات مبكرة في 12/10/2021 م .
بالرعم من كل ما شاب تلك الانتخابات من خروقات فاضحة ، والعزوف الكبير عن الذهاب للانتخابات , التي حسب مراقبين وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة ، فإن لا تزيد نسبة المشاركين فيها تقل عن 20% ممن يحق لهم حق الاقتراع .
رغم كل ذلك ومفوضية انتخابات الغير مستقلة ، ولم يطبق قانون الأحزاب الذي ينص على منع أي حزب يمتلك فصائل مسلحة من المشاركة في خوض الانتخابات وهذا لم يحصل ، وإن أغلب قوى وأحزاب الإسلام السياسي له أجنحة مسلحة وما زالوا كذلك ، وهؤلاء يعملون فوق الأرض العراقية وليس تحتها أو في المريخ والسيدة بلاسخارت شاهدة على ذلك وقبل أيام اجتمعت مع هادي العامري زعيم ميليشية بدر !..
المال السياسي كان حاضرا في جميع الانتخابات التي جرت من عام 2006 وحتى كتابتي هذا المقال !..
نعم كان حاضرا لشراء الأصوات والذمم وللرشا ، وللتهديد والوعيد وتأسيس قنوات فضائية ومنابر إعلامية وأبواق وعاض ومرتزقة للتأثير على الناخب العراقي وغيرها الكثير .
ولا ندري من أين جاؤوا بكل هذه الأموال وامتلاكهم للقنوات الفضائية والمنابر الإعلامية ؟
رغم ما بيناه وغيره ، فقد منيت الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي من أحزاب الإسلام السياسي ، منيت بهذائم منكرة و كبيرة ، مما أذهلتهم هذه النتائج التي أفقدتهم صوابهم وتوازنهم ، كونهم سيفقدون مواقعهم وامتيازاتهم ، وربما ستتم مسائلتهم عن الكثير مما تم ارتكابه على أيديهم ، بما في ذلك سقوط المحافظات الغربية وحزام بغداد وأجزاء من كركوك على أيدي داعش الارهابي .
أما عن الفساد وعمليات النهب الممنهج للمال العام ، على أيدي كبار الحيتان المهيمنة على السلطة وأحزابهم الفاسدة فحدث بلا حرج .
نتائج الانتخابات كانت صدمة كلبرة ومدى سحب أيدي جماهيرهم نتيجة نهبهم وفسادهم وفشلهم في إدارة العراق ومؤسساته وتغييب للدولة على أيديهم لم يستوعب هؤلاء اللصوص الفاسدين المتنفذين هزيمتهم ، ولم يعترفوا بنبذ الملايين لنهجهم وفسادهم ، وبقوا متشبثين بالسلطة والنفوذ ،
يهددون ويتوعدون من يحاول إزاحتهم عن مواقعهم التي سيطروا عليها بشكل غير شرعي .وكأن العراق قد ورثوه لوحدهم دون غيرهم .
بعد تحقيق التيار الصدري نتائج كبيرة وحصولهم على الكتلة الأكبر في البرلمان الجديد .
عملوا كل ما بوسعهم لإعاقة التغيير المرتقب ، لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية .
رفض التيار التنسيقي حكومة الأغلبية السياسية بشكل قاطع ، وعرقلوا تشكيل هذه الحكومة وأصبح ما يعرف بالثلث المعطل عائقا للسير قدما لعملية التغيير المنشود .
لم يتمكن التحالف الثلاثي ( الصدر والحلبوسي الخنجر والديمقراطي الكردستاني ) من جمع أصوات الثلثين في البرلمان ، وفي أخر المطاف قام الصدر بخطوة غير مسبوقة ، وفاجأ الجميع ، بإعلانه الإستقالة من البرلمان وعددهم 73 نائب ، واليوم انسحبت كتلة حقوق من البرلمان تضامن مع الكتلة الصدرية ، وأُرجح بأن الديمقراطي الكردستاني ربما في أخر المطاف ونتيجة لعدم الموافقة على شروطه وربما بتدخل أمريكي غربي ، أقول ربما ينسحب هو الأخر من تشكيل الحكومة المزمع تشكيلها ، وأنا أشك بقدرة هؤلاء على تشكيل الحكومة لأسباب موضوعية ولدواعي ذاتية ، وهذه إحدى العقبات الأخرى أمام الإطار والاتحاد الوطني الكردستاني .
قوى الإطار لديهم الأغلبية النيابية في البرلمان الحالي ، بعد الفراغ الذي أحدثه التيار الصدري ، ومهدوا بخطوتهم هذه الطريق سالكا ليكونوا الكتلة الأكبر عددا حاليا .
لا أعتقد بأنهم سيدعون إلى حل البرلمان ، ويحاولون المناورة ومنح بعض التنازلات الغير جوهرية ، للديمقراطي الكردستاني وللحلبوسي ، في سبيل تمرير رئيس الجمهورية ليكون الطريق سالكا لفرض حكومة على مقاسهم تمثل مصالحهم وتعبر عن إرادتهم الذاتية .
هناك مشكلة ستواجه الاطار التنسيقي وحلفائه ، ألا وهي ردت فعل التيار الصدري !..
لا أعتقد جازما بأنه سيبقى متفرجا ، ولم يستخدم الشارع ضد أي حكومة تقوم بعيدا عنه .
كذلك السخط العارم الذي تعيشه الملايين نتيجة غياب الخدمات والبطالة وارتفاع نسبة الفقر ،والغلاء الفاحش .
مطالب ثورة تشرين لن تغيب عن الشارع العراقي ، بما فيه الكشف عن قتلة المتظاهرين والمختطفين .
وأعتقد وبما لا يقبل الشك ، ستشهد الساحة العراقية صيفا ساخنا جدا يصعب التكهن بمدياته ونتائجه ، وأعتقد ستكون مؤثرة إلى حد بعيد على المشهد السياسي ، ولا يمكن تجنب وقوعه أو استيعاب غضب هذه الملايين الجائعة المهضومة البائسة والمصادرة حقوقها ، كل هذا وغيره سيشاهده الجميع داخل العراق في الفترة القادمة .
هناك مسألة أخرى تطفوا على السطح !..
لو فرضنا جدلا بأنهم أي الإطار التنسيقي ، سيضطر مكرها إلى الذهاب إلى حل البرلمان ؟..
سيترتب عليه استحقاقات قبل إجراء الانتخابات ، منها على سبيل المثال ، تعديل قانون الانتخابات ، وتطبيق قانون الأحزاب وكسب الشرعية الشعبية للتخفيف من حدت الإحتقان والرفض الشعبيين .
في هذه الحالة يجب القيام بهذه الخطوات قبل حل هذا البرلمان .
من سيصادق على هذه التعديلات بغياب البرلمان ، وهل التعديلات المراد لها ستكون مقنعة وتنال الرضى من قبل الصدريين والقوى الديمقراطية واليسارية ويوافق عليها غالبية شعبنا ؟..
أنا أشك في ذلك !...
وهناك عامل أخر يتحكم بالمشهد العراقي ؟..
هو العامل الخارجي ، إقليميا ودوليا ، يجب كسب المجتمع الدولي وتقليل تأثير العامل الخارجي وكسب رضاهم ، وما عرضته بلاسخارت على مجلس الأمن كان خطيرا ، وكذلك خطاب السيدة الناشطة المدنية أمام مجلس الأمن كان مدويا وأثار اهتمام الأعضاء الدائمين والمنظمات النسوية العالمية ، هذه وغيرها من المؤشرات يترتب عليها استحقاقات يتوجب على النظنم السياسي الاجابة على تلك التساؤلات التي تمس حياة الناس والأمن الإقليمي والدولي .
الجانب الأخر والأكثر أهمية ، معالجة إقرار الميزانية وتمشية أمور البلد المتوقفة منذ الأشهر الثمانية الماضية ، كون الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ولا يمكنها ممارسة صلاحياتها كاملة .
لا أعتقد بأن الإطار قادر على حلحلت هذه العقد المزمنة والكبيرة !..
حتى لو تمكنوا من قيام تحالفا جديد ، يقوم على المحاصصة والتوافق وتقاسم الكعكة فيما بينهم ، فإن الشارع سيجلس على التل متفرجا ومترقبا ما ستنتجه العملية السياسية ؟...
لا أعتقد ذلك أبدا .. أقول أبدا !...
الحل لا يأتي إلا من خلال حكومة إنقاذ وطني وإعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان ، وتشكيل حكومة من مستقلين وطنيين نزيهين ومن الكفاءات العلمية والإدارية ، لفترة معلومة سنتين أو ثلاث سنوات ووفق أهداف محددة ولفترة محدودة .
تأخذ على عاتقها إعادة بناء مؤسسات الدولة وأولى أولوياتها ، اصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وحل جميع الفصائل والميليشيات والعصابات المسلحة الخارجة عن القانون والحشد الشعبي ، وحصر السلاح بيدها فقط .
إعادة كتابة الدستور من قبل من لهم باع في القانون وعلم الإدارة وعلماء النفس والاقتصاد وبناء الدولة ، وعلى أساس دولة المواطنة ، الدولة الديمقراطية العلمانية في عراق واحد .
إعادة تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة مهنية وطنية ، وتشريع قانون انتخابات عادل ومنصف ، يكون العراق دائرة انتخابية واحدة .
الفصل الكامل للدين عن الدولة وعن السياسية ، حماية للدين وللدولة على حد سواء .
بعد الاستفتاء على مسودة الدستور من قبل الشعب ، ليكون نافذ ، وبعد إنجاز الحكومة لمهماتها الوطنية وتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها ، تشرع هذه الحكومة إلى الأعداد للانتخابات العامة ، وتوفير شروط نجاحها ونزاهتها ، ويحدد تأريخها بقانون .
بعد كل هذه المهمات التي ستنهض بها حكومة الإنقاذ الوطني ، وبعد إجراء الانتخابات في نهاية الفترة الإنتقالية ، عندها تنبثق حكومة وطنية من رحم هذه الانتخابات ووفق الدستور الجديد ، ويتم تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة المنتخبة حديثا .
بذلك نكون قد قطعنا شوطا مهما ووضعنا العربة على السكة ، والسير بثبات لإعادة قيام الدولة التي يسعى إليها شعبنا وكل الوطنيين والديمقراطيين ،والتقدميين ، وإرساء قواعد الأمن المفقود منذ عقود ، ومن أجل التعايش السلمي وتحقيق العدالة والمساواة وخلق الظروف الملائمة والصحية ، للتنمية المستدامة والعيش الكريم والرخاء والسلام والحياة الرغيدة .
هذا هو المفتاح الوحيد المفقود منذ عقود ، لعودة الاستقرار والأمن والتعايش والمحبة ، ومن أجل الحرية والديمقراطية والسلام .
وبعكسه سيستمر العراق وشعبه في متاهات سفينتنا التي تتلاطمها الأموج العاتية والرياح المدمرة وقبطان جاهل يجهل فن قيادة سفينتنا التي تتعرض لأفدح المخاطر ، لها أول وليس لها أخر ، ويستمر التراجع وتستمر الفوضى والنهب والخراب والدمار والموت والشقاق والتناحر .
24/6/2022 م
ال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا