الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان والعراق .. أية علاقة؟

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2022 / 6 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شهدت المنطقة التي يطلق عليها حاليا أسم كردستان تغيرات ديموغرافية كبيرة على مدى تأريخها، ففي القرون السابقة لميلاد المسيح كانت في وقت ما جزءا من الأمبراطورية الأكدية، ثم صارت جزءا من الأمبراطورية الآشورية، وأصبحت بعد ذلك جزءا من الدولية الميدية، التي يرى الكرد الحاليون أنهم أمتداد ديمغرافي لها، وبعد بروز الإسلام وفي إطار عمليات الفتح أصبحت كردستان جزءا من دولة الخلافة الإسلامية. ومثل سائر أقاليم الدولة الأسلامية نشأت في كردستان مثل غيرها أمارات قبلية، تتمتع بشيء من الإستقلال عن الأمارات الأخرى، لكنها تتبع شكليا على الأقل دولة الخلافة، وربما شهدت، مثل غيرها أيضا، جرعة أكبر قليلا من الأستقلالية، خلال مراحل تهروء مركز الخلافة في بغداد.

وبعد إنهيار الخلافة تحت سنابك خيول المغول، الذين سرعان ما دحروا، ورثت المنطقة الدولتان الفارسية والعثمانية وتصارعتا على أقتسام كردستان، كما على سائر المناطق الأخرى. ووصل صراعهما الى مركز الخلافة القديم بغداد حيث تناوبتا لمرات عديدة على احتلاله، وإعادة إحتلاله. وكانت الغلبة النهائية في بغداد والبصرة لبني عثمان. فيما أنتهى الصراع في كردستان بتقاسمها بين الدولتين.

طوال الفترة المذكورة كانت الرابطة الرئيسية بين الجماعات الأثنية في كل مناطق العالم الإسلامي هي الرابطة الدينية، تليها الرابطة القبلية، ولم يتبلور أي وعي قومي فيها إلا على إعتاب القرن العشرين، وساعدت القوتان العظميان الأوربيتان بريطانيا وفرنسا، في تحفيز هذا الوعي، في مسعى منهما لأضعاف الكيانين السياسيين القائمين آنذاك أيران والدولة العثمانية.

في نظام الولايات الفضفاض الذي اتبعته الدولة العثمانية ربط القسم الشمالي من كردستان بولاية ديار بكر، فيما ربط القسم الجنوبي منها بولاية الموصل. وحين انهارت الخلافة العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى، وتحت ظل الإحتلال البريطاني تشكل العراق المعاصر في مطلع عشرينات القرن الماضي بتوحيد ولايات بغداد والبصرة والموصل، وفيما كان التوحد أمرا بديهيا بالنسبة لسكان بغداد والبصرة، ولم يستدع إجراء أستفتاء حول الكيان الجديد، تطلب الأمر إجراء أستفتاء في ولاية الموصل، التي كانت تركيا وريثة الدولة العثمانية، تسعى إلى أبقائها ضمن ولاياتها، كونها كانت تضم إلى جانب كردستان والموصل لواء كركوك، االغني بالنفط وذو الأغلبية تركمانية حينها، هذا فيما كانت ألوية مثل أربيل والسليمانية ذات أغلبية كردية بينما كان مركز الولاية لواء الموصل ذو أغلبية عربية، ويبدو أن الأستفتاء الذي أستهدف التعرف الى رغبة السكان في الإنضمام الى الكيان الجديد أو البقاء ضمن تركيا، قد أقتصر على المدن ولم يشمل الأرياف التي كانت تسودها الأمية. وكانت النتيجة أن غالبية المشاركين في الأستفتاء اختارت الإنضمام الى الكيان السياسي الجديد العراق.

وهكذا فان العراق الحالي تشكل استجابة لرغبة بريطانية، ورسمت حدوده الحالية أستجابة لتلك الرغبة، المؤسسة بالطبع على مطامع إقتصادية وجيوسياسية للإمبريالية البريطانية، ولم يكن لعرب العراق ولا لكرده يد فيها. ولهذا يصبح الحديث عن أن العراق يحتل كردستان إفتراءا على الحقائق التأريخية. فقبل الأحتلال البريطاني للولايات العربية (( العثمانية )) لم يكن ثمة كيان سياسي عربي يدعى العراق، وبديهي أن لا يكون هناك جيش عراقي عربي، قام بغزو كردستان واحتلالها، وإلحاقها بالعراق.

والحقيقة الوحيدة، فيما يتعلق بالعلاقة بين العراق العربي وكردستان، هي أنه ليس بأمكان أحد، إرغام جماعة بشرية أو شعب على القبول بالأنتماء الى أمة لا يشعر بالانتماء إليها. ولهذا فأن أوساطا عراقية واسعة، مع أنها تتمنى بقاء العراق موحدا وأمة واحدة متعددة القوميات والمعتقدات الدينية،، لكنها لا تعارض استقلال كردستان، على ان لا يؤدي ذلك إلى إلحاق بعض المناطق غير الكردية قسرا بكردستان المستقلة، وأن لا تتم عملية الأستقلال عبر التآمر مع قوى دولية وأقليمية تعادي العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك