الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12509 المعرفة الإنسانية .

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2022 / 6 / 29
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


سنختلف على مصادرها الحقيقة. وأقصد هنا على الكائن الإنساني بصفته الوريث الشرعي لأجيال معرفية .أقلهم سبعة أجيال مضروبة بسبعة. وهؤلاء ينتمون إلى بيئات مختلفة ويحملون ثقافات مختلفة .بعضها موروث وبعضها مكتسب .
كما يحملون مفاهيم دينية ومذهبة مختلفة. وهؤلاء أسسوا معرفتهم ومعارفهم كلها على مبدأ الخوف .
الخوف من مصير مجهول .لهذا نرى ما يشتركون به ليس فقط الجمجمة والمخ وحالة انتصاب الجسم الإنساني بل تلك العقلية التي تربط صاحبها بقوة خارقة لاتراها وتعتقد أنها هي محور الخلاص .ونسبة هؤلاء ليست أرقاماً قليلة ضحلة لافاعلية اجتماعية لها بل بالحقيقة تكاد نسبتهم تصل إلى 93% .بالمئة.
وأما ال 7% بالمئة . فهؤلاء أيضا أرى فيهم ما يجعلنا نعتقد بأنهم خارج نطاق بحثنا.بمعنى أنهم يعيشون خارج دائرة مؤثرات الكبت والخوف الوجودي لأنهم يدورون في عالم الحرية التي يُسميها المجتمع بالجنون .
إن أية معرفة ترتبط بقوة دينية وتنشد إليها .تُعتبر معرفة ناقصة ولاتملك تجربة حرة في تقرير مصير صاحبها أولاً .
ولا هي تؤدي به إلى السعادة التي تكون ثمرة الجهد المعرفي الحقيقي. ونقصد بالحقيقي هنا .المعرفة العلمية التي تتشكل من خلال التجربة لافتراضات وضعها العالم ، تلك المعرفة إن توصل إليها صاحبها أصبحت قانوناً غير قابل للتغير والتبدل إلا إذا غيرنا الوجود برمته الذي تحققت عبر مؤثراته وضغوطاته تلك المعرفة .ويحق لنا أن نسميها بالمعرفة العلمية .
إنّ جميع المعارف التي تتمسك بأيّ فكر ٍ ديني كان تُعدْ غير جديرة بأن نعتمدها لنؤسس عليها أبحاثاً سلوكية تقوم على مبدأ علمي بحت.
إن الديانات لابل الدين الإبراهيمي، عبر مذاهبه سواء أكان الموسوي وريث الحقبة التاريخية السومرية والأكادية ( البابلية والآشورية). بكل تنوعها وغنى تراثها المعرفي والذي يُشكل النظام الملكي والآلهة محور المعرفة وبواكيرها في بلاد مابين النهرين تلك المعارف التي استقاها الدين اليهودي أثناء السبي البابلي وجاء ولقحها بالفكر الآموني المصري و فكر الجماعات الآرامية في غربي بلاد الشمس ونقصد بهم الفينيقيين الذين نشأت مملكتهم 2500 سنة قبل الميلاد في صيدا والساحل السوري .
أجل من هذه الحقب التاريخية والمناطق الجغرافية تشكلت الديانة الموسوية .وهي ليست سوى مجموعة ضوابط أخلاقية لتحقيق توازن في المجتمع اليهودي بغض النظر عن موضوع الآخرة التي ترتبط بالأعمال وتقديم الضحايا ومجموعة طقوس التي يقوم بها ويلتزمها الموسوي كما وتحمل جانباً تاريخيا ً عبر جولات جغرافية لم يُثبتها علم الآثار ( الأركيولوجيا).والآخرة في الموسوية تتلخص في تحقيق الوصايا العشر التي نزلت على موسى باعتباره كليم الله.إنّ الشخصية في هذه المنطلقات نراها ونتخيلها بأنها متوازنة نفسياً وعقليا ولكنها محتجزة فقط في إطار تحقيق الوصايا .والآخرة تتلخص في سعادة أو نار متقدة .والرحمة هنا موضوع يُحدده العمل الناتج عن تحقيق الوصايا في حياة الكائن الإنسان.
.بينما نرى في المسيحية (على الرغم من أن المسيحية ليست ديانة بل هي حياة ) التي جاءت وولدت في رحم اليهودية ومؤسسها السيد المسيح الذي عاش كيهودي لكنها تشكلت وأخذت من مناهل الفكر الفلسفي وأفكار المدارس التي تدارست فكرة الوجود الإنساني منذ تكوينه وحتى مابعد موته .
لهذا نرى أنّ المدرسة المسيحية تعتمد في قراءاتها الجديدة والمتطورة لمبادىء الموسوية بأنّ هناك حياة مابعد الموت .وعلينا أن نُعد لها مرتكزات خلاصية هامة تتمثل بأنّ الله عامل في التاريخ البشري وهو من أعدّ للعالم هبة الخلاص المجاني إن نحن آمنا به وبكفارته ولهذا نرى المسيحية تقوم على مبدأ مهم ألا وهو القيامة من الموت كباكورة لخلاص البشرية جمعاء . إنّ قيامة السيد المسيح باعتباره كلمة الله لابل هو الله المتجسد والذي خلق العالم والوجود والكون ولأجله قد خُلق كل هذا .تُشكل الأسس التي تعتمدها المعرفة الخلاصية في المسيحية كأهم قاعدة لهذا نراها تُعالج موضوع الخلاص ومسألة الروح والنفس والجسد والمرشد الأول والأخير هنا هو شخصية السيد المسيح الذي إن لم نؤمن بأنه صُلبَ ومات وقام. فإننا لسنا في النسق الوجداني للمسيحية التي تؤمن بمسألة الخلاص باعتبارها الركيزة لهذا الفكر .
وهنا الإنسان المفكر في المسيحية لايملك حريته لا النسبية ولا بالمطلق إلا إذا تمرد على الفكر المسيحي ذاته .
فكلّ أفكاره تنضوي تحت مجموعة قناعات شكلتها التجربة الإنسانية الواعية والمرئية (المحسوسة وليست الخيالية)من قبل جيل كان موجوداً وعاش ورأى معجزات قام بها السيد المسيح وهناك من وثقها بإثبات الشهود وظلت في التراث الديني محمولة على اعتقاد لايمكن أن يتزعزع هو أنّ هؤلاء الرسل طفقوا يبشرون المعمورة بالسيد المسيح القائم من الموت وكانت هذه الفكرة تجسيداً لأفكار كانت موجودة في التراث الإنساني لكنها كانت مجرد أفكار إنما مع السيد المسيح تتحقق حقيقة واقعية وليست خيالية وإن من يفتش عن إثباتها المادي فهي موجودة في المحمول من التراث الديني وتواترها عبر الأجيال التي تؤمن بها وهنا لا أقدم مرافعة لهذه الفكرة وجوهرها إنما من يرفضها فهو يمنعنا من القول أننا من نسل شخصية وهمية هو آدم وأمنا حوّاء .
وإذا ما انتقلنا إلى الإسلام نراه جاء من خلال دمج العديد من المعتقدات والديانات سماوية وغير سماوية .وهو الآخر يؤمن بأهمية التفكير بالآخرة كما يُعطي للحياة الأرضية أهمية ويقوم بالتوازي والمساواة بينهما. ما لم أقل أنه أعطى الحياة أهمية أكثر لأنه يقوم على المحسوسات ولكنه يستكين في حدائق القدرية التي نراها واضحة جلية في كل مفاصله .
والفكر والعقل هنا لا يُعمل بهما. لكننا سنجد في وقت بعيد نسبياً بعض الحركات التي تتجاوز الفكر الإسلامي في قدرتها على معالجات تخرج عن طوطمية ذاك الفكر. وهذا ما نجده عبر المنطلقات النظرية لحركة المعتزلة التي نشأت في أواخر العصر الأموي وبداية القرن الثاني الهجرة حيث كانت البصرة التربة التي ولدت عليها .وكان للأفكار الفلسفية والمنطقية لدى المعتزلة ما يؤهلنا للقول بأنها مرحلة فكرية من مراحل الفكر الإسلامي . كما هناك فرقاً إسلامية أخرى تحمل في جوهرها فكراً فلسفياً نراها واضحة لدى جماعة الموحدون ( الدروز) وعند جماعة (الأثنا عشرية )عند الشيعة الذين يقولون بالعصمة . والعصمة هنا ليس المقصود بها برهان غير قابل للطعن بل هو لطف يُفعلهُ الله في المكلف ليتفادى الوقوع في المعصية . وكأن ّ العصمة تحمل إمكانية ارتقاء الإنسان المجتهد إلى مصافي النزاهة. وهذا أيضا ً يماثل الفكر الغنوصي الذي نرى مؤثراته في الإسلام كما أثرت الزردشتية والمسيحية واليهودية والصابئة ( المندائيين) وعبادات أخرى في تكوّين الفكر الإسلامي برمته. وسبيلنا لنتأكد مما نقوله علينا بقراءة كتاب الملل والنحل للشهرستاني.
والحديث يطول في موضوع المعرفة البشرية سواء أكان في مصادرها أو مؤثراتها . إنما نؤكد على أنّ المعرفة الحقة لا تكون ولا تتشكل إلا من خلال الكائن الذي يتجاوز مؤثرات البيئة والمجتمعية وثقافاتها الراسخة عبر منطلقات فكرية تؤكد مجموعة من القيم المفيدة التي تتجاوز الماضي باعتباره مرحلة لتؤسس من خلالها ما هو أفضل منها عبر مستقبل بشري يتسلح بالعلوم التجريدية والتطبيقية والنفسية كأساس لحياته.
المعرفة التي تتخذ من المثالية المطلقة والمثالية التوافقية منهجاً لها لا تكتمل هذه المعرفة مالم نُلقحها بحقيقة علمية قادرة على تأسيس قوة دافعة فكرية كانت أم مادية.لبناء منظومة فكرية لاتقوم على الغيبيات والخُرافات والأوهام .
والمعرفة هي الحاجة الهامة التي تتشكل من خلال مرحلة تاريخية واجتماعية تأخذ بكلّ أسباب التقدم والتطور والتقنيات بعيداً عن الفكر الخُرافي.
وللحديث صلة.
اسحق قومي.ألمانيا في 29/6/2022م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ