الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار- العدد 65

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2022 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية




العدد /65/ حزيرانيونيو2022
---------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية: هناك حرب بين إمبرياليات في أوكرانيا

مازال كتاب لينين:"الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية "، المكتوب عام1916والمنشور عام1917، طازجاً وراهناً. في ذلك الكتاب يبين لينين أن "الإمبريالية هي: في بداية القرن العشرين الصورة الإجمالية للاقتصاد الرأسمالي العالمي في علاقاته العالمية "،أي في النطاق الجغرافي الخارجي للرأسمالية لبلدها المحلي حيث تكون الرأسمالية تميل داخلياً للتمركز والاحتكار ،فيما خارجياً ،عندما تشعر بأن السوق المحلية غير كافية أوأن نموها وتراكم رأسمالها يتطلب سيطرة على جغرافية خارجية،تتجه نحو الغزو الجغرافي ،وبالتالي الحروب،كماأنها في حالات أخرى يمكن أن تتجه لوسائل أخرى غير الحروب عندما تشعر بأنه يمكن تحقيق امتداداتها الاقتصادية إلى ما وراء الحدود سلمياً. في كتاب لينين نجد تحديداً لواقع أن هناك امبرياليات عديدة متنافسة ،وأن هناك امبرياليات قوية وامبرياليات ضعيفة،وأن التنافس يولد الحروب،ويمكن لإمبريالية ضعيفة، أوتشعر أنها ناشئة و"مغبونة"أولايعترف لها بالمكانة التي تريدها بين الامبرياليات، أن تتجه إما إلى التحالف ضمن حلف متعدد الأطراف مع امبرياليات أخرى من أجل تحقيق طموحاتها الجغرافية،كمافي حالة روسيا القيصرية في الحرب العالمية الأولى،ويمكن في حالة أخرى أن تكون هناك إمبريالية ناشئة وسريعة النمو ووصلت لوضع الاقتصاد القوي كما ألمانيا بعد وحدة 1871،أن تكشر عن أنيابها وتطالب بحصتها في التقاسم العالمي للجغرافية ومناطق النفوذ والسيطرة وهو ما ترفضه الإمبرياليات القديمة،الأمر الذي أدى إلى نشوب الحرب العالمية الأولى بين التحالف البريطاني- الفرنسي- الروسي ضد الحلف الألماني- النمساوي في عام1914 وهي حرب يسميها لينين بأنها "كانت من جانب الطرفين حرباً إمبريالية".
روسيا التي نشأت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عام1991،تتصرف منذ تولي فلاديمير بوتين للسلطة في الكرملين عام2000وفق هدف فرض مكانتها القوية بين أقوياء العالم وهي تشعر بالجرح واستصغار الآخرين لها ،في سنوات التسعينيات وخاصة من خلال توسع حلف الأطلسي- الناتو بالنصف الثاني من التسعينيات ليشمل دول حلف وارسو السابق،ومن خلال محاولة الأمريكان الامتداد بالنفوذ الاقتصادي إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة ،وقد زاد هذا الشعور بالعقد الأول من القرن الواحد والعشرين عندما جرى ضم جمهوريات سوفياتية سابقة ،هي أستونيا ولاتفيا وليتوانيا،لعضوية حلف الأطلسي – الناتو وتم وضع خطط معلنة في قمة الناتو بالعاصمة الرومانية بوخارست عام2008من أجل ضم أوكرانيا للحلف. وقد أراد بوتين من حربه في جورجيا عام2008 أن يعلن عن استيقاظ روسيا بعد ضعفها الذي وصل في الجغرافية والمكانة السياسية إلى حدود غير مسبوقة ما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي بالقياس إلى ما كانت عليه في العهدين القيصري والسوفياتي ،وهو ما ترافق مع محاولة فرض هيمنة روسية ونفوذ سياسي على جمهوريات سوفياتية سابقة ،كما في أوكرانيا وبيلاروسيا وطاجكستان ،بالتعاون مع نخب محلية هناك وعندما جرى إسقاط الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكيفيتش ،الموالي لموسكو،عبر مظاهرات شعبية في كييف بشباط2014،تحرك الكرملين عسكرياً وفرض سيطرته على شبه جزيرة القرم وقام بمساعدة الأقلية الروسية في اقليم دونباس بشرق أوكرانية على التمرد على السلطة الجديدة في كييف وإعلان الانفصال عبر أمر واقع عسكري جديد تم تطويره عام2022نحو تشكيل جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك باقليم دونباس.
بين شباط2014وشباط2022كان واضحاً أن هناك اصطداماً سيقع بين القطارين الروسي والأميركي في أوكرانيا،وفعلاً حصل هذا الاصطدام في صباح يوم24شباط2022،وهو ماشكل حرباً عالمية جديدة ميدانها هو الجغرافية الأوكرانية والأوكران يخوضون فيها حرباً بالوكالة ضد روسيا نيابة عن واشنطن زعيمة حلف الناتو.
الحرب الأوكرانية هي حرب بين امبرياليات،مادامت الإمبريالية الروسية ،حيث تحكم في الكرملين فئة سياسية تمثل الرأسمالية الروسية الجديدة ، تسعى للهيمنة العسكرية- الأمنية- السياسية- الاقتصادية على الجمهوريات السوفياتية السابقة،أوتسعى للسيطرة على بعض تلك الجمهوريات السوفياتية السابقة،مثل أوكرانيا،لمنع حلف الأطلسي من أن تكون حدوده مع روسيا هي الحدود الأوكرانية- الروسية إضافة لجمهوريات البلطيق السوفياتية السابقة الثلاث:أستونيا-لاتفيا-ليتوانيا والأولى منها مجاورة لمدينة سانت بطرسبورغ(لينينغراد)،ومادامت الإمبريالية الأميركية التي هي زعيمة الرباعي الإمبريالي الأميركي- البريطاني-الأوروبي-الياباني ،تسعى إلى إضعاف روسيا وإخضاعها ،إما من أجل تفكيكها كماجري مع الاتحاد السوفياتي الذي تفكك عام1991بفعل انهيار سيطرة موسكو على دول حلف وارسو في أوروبا الشرقية والوسطى بخريف عام1989،أومن أجل الحاق روسيا وجعلها تابعاً لواشنطن في المجابهة الأميركية مع الصين التي يعتبرها الأمريكان هي الخطر الرئيسي على الهيمنة العالمية الإمبريالية لواشنطن .
ليست الحرب الراهنة في أوكرانيا حرباً بين الأمريكان ومن معهم وبين "محور المقاومة والممانعة "، هذا "المحور "الذي يمده بعضهم من بكين إلى موسكو وإلى طهران ومن ثم إلى كاراكاس بل حرباً بين امبرياليات.
الشيوعي الماركسي وليس الشيوعي الستاليني، يأخذ موقف لينين من هذه الحرب الأوكرانية كماأخذ لينين الموقف عام1914ضد الحرب، بخلاف أغلبية أحزاب الأممية الثانية التي وقفت كل منها مع السلطات الحاكمة في بلدانها، وهو ما جعل لينين يعلن "إفلاس الأممية الثانية".
----------------------------------------------------------------------------------------------
ملاحظات منهجية حول الطبقة العاملة السورية
- يوسف الطويل -
لكل مطلب ورؤية سياسية إسقاط اجتماعي تستند إليه، ورؤية الحزب الشيوعي هي الدفاع عن مصالح الكادحين بأدمغتهم وسواعدهم للوصول لمنظومة من القيم والعلاقات التي تتيح المجال أمام تأمين شروط معيشة لائقة وكريمة وتحفظ كرامة الإنسان وتطوره الروحي والذاتي وتفتح الأفق نحو إطلاق العنان لتطوير قوى الإنتاج.
تعاني الطبقة العاملة السورية من ضعف التطور الرأسمالي في بلادنا وارتهان النقابات العمالية للسلطة وعدم وجود اطر تنظيمية بديلة تدافع عن حقوقهم وتحافظ على مكتسباتهم ، وأيضا تعاني من القمع المتواصل لأي محاولة لبلورة إطار تنظيمي بديل يمثل مصالحها ، فيعاني عمال القطاع غير المنظم والخاص والعام من هضم الأجور نتيجة لارتفاع الأسعار وعدم القدرة على الدفاع عن مصالحهم الطبقية بسبب الاستبداد السياسي المفروض على البلاد والمجتمع وارتهان النقابات العمالية للسلطة السورية ، فتلعب الطبقة العاملة السورية دور هامشي وثانوي في الحياة العامة بسبب ضعفها العددي وضعف الوعي الطبقي لديها وسيادة العشائرية والقبلية والطائفية في تحديد مواقفها السياسية ، وهذا ما يحتاج إلى دفع التطور الرأسمالي والعمل على تنمية الوعي الطبقي لدى أفراد الطبقة العاملة السورية وتنظيماتها النقابية والعمل لتحشيد أفراد هذه الطبقة في اطار النضال لأجل تسوية سياسية للازمة السورية بما يحفظ حقوق العامل التي كفلتها الشرعة الدولية .
من المفيد القول إن الطابع البرجوازي الصغير للطبقة العاملة السورية يعيق تكون وعي طبقي عمالي، وبل أيضا يعيق نموها العددي داخل التركيبة الطبقية للمجتمع، فالوصول للوعي الطبقي شاق وطويل ويحتاج لصبر وقدرة على إدارة الصراع المرحلي بما يخدم الاستراتيجية المحددة، ويجب القبول بإنجاز المرحلة الديمقراطية بمعناها البرجوازي لان هذا يفرز عنه ازدياد حجم الطبقة العاملة عددياً ويعزز تواجدها في القطاعات الاستراتيجية في الاقتصاد الوطني مما يعطيها قوة في الحياة السياسية السورية.
فالطبقة العاملة السورية قد قل حجمها العددي من عام 1970 حيث بدأ التحول نحو مواقع البرجوازية الصغيرة ينمو تحت ثقل تأزم الوضع المعيشي ، ووفق هذه المنهاجية يمكن القول أن الأسباب التي تكمن وراءها قد منعت تكون طبقة عاملة مستقلة الملامح واضفى عليها طابع البرجوازية الصغيرة المزدوجة والمترددة مما سمح بحالات التفكك والتشرذم وعدم الانسجام والوضوح الطبقيين كنتيجة طبيعية لحالة عدم التناغم الطبقي وعدم استقلال الطبقة العاملة ، مضاف إليه تبعية الحركة النقابية لأجهزة السلطة دون دفاع مبدئي عن حقوق ومكتسبات العمال ، فلا يمكننا في هذا الواقع المعطى تاريخيا أن نرفع راية النضال العمالي ، بل يمكننا أن ندعم إنجاز المرحلة الديمقراطية بالأفق الرأسمالي لخلق الشروط الموضوعية لنجاح أي تحرك سياسي باتجاه تجاوز الرأسمالية ، مما يؤدي وفق منطق الإمكانية الموضوعية إلى النضال من اجل التحرر الوطني الكامل واستكمال الثورة الوطنية الديمقراطية بأفق رأسمالي لتحديث الدستور والقوانين الوضعية وتغيير جذري في بنية السلطة باتجاه التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة .
هذه هي حركة الواقع الحالي ويجب على القوى الشيوعية السورية أن تعي متطلبات المرحلة وآفاق التطور الموضوعي للمجتمع السوري وإلا ستظل الحركة الشيوعية السورية على جانب حركة المجتمع السوري ومنعزلة وغير فعالة في الحياة السياسية السورية.
. .
السويد وفنلندا: من سياسة الحياد إلى حلف الناتو
- نادر عازر -
شكّل قرار السويد وفنلندا بإرسال طلب انضمام للناتو تغييراً كبيراً وسريعاً في سياسة الدولتين، بعد سنوات طويلة من تجنب الحروب والنزاعات عبر انتهاج مبدأ عدم الانحياز العسكري الذي اتخذته السويد منذ مائتي عام وفنلندا منذ أكثر من ٧٥ عاماً.
ورغم سياسة الحياد المعروفة إلا أنه فعلياً يمكن القول إن البلدان بدءا قطيعة تدريجية مع هذه السياسة منذ تسعينيات القرن الماضي مع انتهاء الحرب الباردة، عبر إبرامهما اتفاقات شراكة مع الناتو والاتحاد الأوروبي، مما عزز تقاربهما مع الكتلتين الغربيتين.
في ١٥ أيار/مايو ٢٠٢٢، أعلن الرئيس الفنلندي أن فنلندا، التي تشترك مع روسيا بحدود تبلغ ١٣٤٠ كم، ستقدم طلباً لعضوية الناتو بعد استشارة البرلمان. ورأت الحكومة الفنلندية أن محيطها السياسي والأمني تغير بشكل جذري بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير ٢٠٢٢، وأن الاتفاقيات الدولية والمبادئ المشتركة لأمن أوروبا لم تمنع اندلاع الحرب.
وأكدّت فنلندا أيضاً أن الانضمام إلى حلف الناتو سيعزز أمنها، وسيزيد من قدرتها على الردع الدفاعي، ويمنحها فرصة المشاركة والبت في قضايا السياسة الأمنية التي تعتبر مركزية لها.
فيما قالت الحكومة السويدية إن عضوية السويد في الناتو هي أفضل طريقة لحماية أمنها في ضوء السياسة الأمنية المتغيرة جذرياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومعروف أن روسيا كانت ترسل دوماً طائرات لتخترق المجال الجوي السويدي وخاصة فوق جزيرة غوتلاند، وآخرها كانت بعد تلميح السويد لإمكانية انضمامها للناتو.
وما شجع السويد على طلبها كانت الضمانات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا خلال فترة انتظار الموافقة على طلب الانضمام للناتو. وخاصة بعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى ستوكهولم. وشملت الضمانات حضور عسكري ومناورات مشتركة ودعم سياسي قوي من دول الناتو.
واختارت السويد وفنلندا عضويتهما وفق النموذج النرويجي والدنماركي، بحيث لا تلزمهما العضوية بقبول وضع أسلحة نووية أو قواعد دائمة للناتو أو قوات على أراضيها في وقت السلم. وخاصة وأن الولايات المتحدة نشرت ما يقارب مائة رأس نووي موزعة على بلجيكا وهولندا وإيطاليا وألمانيا وتركيا.
ووفق استطلاعات الرأي في السويد فإن الموافقين على طلب الانضمام للناتو أصبحوا خمسة وأربعين في المائة بعد أن كانوا ثلاثين في المائة عام ٢٠١٤، والرافضين أصبحوا خمسة وثلاثين في المائة بأن أن كانوا أكثر من أربعين في المائة.
كما أن أكثر من ٦٣٪ من السويديين قالوا إنهم مع الانضمام للناتو في حال انضمت فنلندا أيضاً.
وفي فنلندا ارتفعت بشدة نسبة المؤيدين للانضمام إلى الناتو بعد الغزو الروسي إلى ٦٢٪ بعد أن كانت ١٩٪ عام ٢٠١٧، فيما تقلصت نسبة المعارضين إلى ١٦ بالمائة.
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "توسيع الناتو ليشمل فنلندا والسويد لا يشكّل تهديداً مباشراً لنا، لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد"، محذراً مما وصفه بـ "التغيير السلبي" في السياسة الخارجية لهلسنكي على العلاقات الروسية الفنلندية التي بُنيت لسنوات بروح حسن الجوار والتعاون والشراكة.
وفي وقت سابق اعتبر الكرملين أنه سيكون من الخطأ أن تنضم هلسنكي إلى الناتو وتتخلى عن السياسة التقليدية للحياد العسكري، وإن ذلك سيضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسيكون خطأً حيث لا توجد تهديدات لأمنها.
من جهته، قال الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو إنه أبلغ بوتين أن حرب موسكو على أوكرانيا غيرت البيئة الأمنية لفنلندا، وإن انضمام هلسنكي إلى الناتو يعزز أمنها.
وفي تصريحات أخرى قال نينيستو إن الحرب الأوكرانية أوضحت بأن روسيا لا تحترم سيادة جيرانها.
وردّت روسيا بعد رفض فنلندا دفع ثمن الغاز بالروبل بقطعه عنها اعتباراً من ٢١ أيار/مايو ٢٠٢٢، لكن الغاز يشكل ٥٪ فقط من الطاقة المستهلكة في فنلندا التي تستورد ٩٠٪ من هذه النسبة من روسيا. ولن يتأذى من هذا الانقطاع سوى قطاع الصناعات الكيميائية الذي سيتم تعويضه باستيراد الغاز عبر أنبوب من إستونيا.
أما السويد، فهي تعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة ٢,٧٪ فقط من إجمالي حاجتها للطاقة. ومعظمه يأتي من ألمانيا عبر أنبوب من الدنمارك، فيما لا تعرف النسبة الحقيقية القادمة من روسيا. أما النفط الروسي يشكل ٨٪ مما تستورده السويد.
ومن ناحيته، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفضه انضمام كل من فنلندا والسويد إلى الناتو بدعوى تحول هذين البلدين إلى "فندق لإرهابيي حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره أنقرة ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وقالت أنقرة إن السويد وفنلندا تأويان أعضاء من حزب العمال الكردستاني، مبدية أيضاً انزعاجها من فرض البلدين وقفاً لتصدير الأسلحة إلى تركيا في عام ٢٠١٩ في أعقاب الهجوم العسكري التركي على شمال سوريا الذي استهدف وحدات حماية الشعب.
ورغم أن كمية السلاح المصدرة لتركيا صغيرة وتشمل معدات إلكترونية وبرامج حاسوبية ودروع وقطع دبابات، لكن لها دلالة سياسية تشير بشكل ما إلى أن تركيا دولة معتدية. ووسط هذه التعقيدات أعربت السويد أن المحادثات مع تركيا قد تصل إلى عام كامل.
فيما أشارت تقارير صحفية إلى أن هذه الورقة التركية منحتها موافقة روسية للهجوم على مناطق جديدة في سوريا.
لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلوا أكد بعد محادثات مع نظيريه السويدي والفنلندي دعم بلاده لسياسة الباب المفتوح لعضوية الناتو. كما أعرب الرئيس الفنلندي عن استعداده للقاء نظيره التركي من أجل بحث مسألة انضمام بلاده للناتو.
جدير بالذكر أن حلف الناتو يتألف من ثلاثين دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية، وتأسس عام ١٩٤٩ في أعقاب الحرب العالمية الثانية ومع صعود الاتحاد السوفييتي كقوة عظمى آنذاك.
- دور الاحتجاجات الاجتماعية الشعبية في التغيير –

ظهرت الحركات الاجتماعية في العالم كنتيجة لعوامل متعددة يتعلق بعضها بالجانب السياسي _ الأمني وبعضها الآخر يتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والحقوق المدنية والحريات العامة والخاصة ،وهي تسعى في الغالب لتغيير الوضع القائم وتحقيق مكاسب سياسية أو حقوقية أو اجتماعية أو اقتصادية ،هذا وقد تعرض العديد منها للمد والجزر أو لتجاذبات مختلفة وذلك تبعا لطبيعة الأنظمة القائمة أو للأهداف والمطالب التي قامت من أجلها ،كما نجد البعض منها تحول من احتجاجات سلمية إلى احتجاجات تصادمية أو صراع مسلح إلا أنه يمكن القول أن ظاهرة الحركات الاحتجاجية الاجتماعية منذ القرن الثامن عشر ازدادت وتيرتها وساهم تطورها في تحقيق الكثير من المكاسب في مختلف المجالات الديمقراطية والحقوق المدنية الاقتصادية كما أدى البعض منها إلى انهيار أنظمة وصعود أنظمة أخرى . ففي الدول الغربية نجد الاحتجاجات قد عمت مختلف الولايات الأمريكية بعد عام ١٨٤٨ وإعلان الاستقلال حيث اصبح مطلب حق الإضراب في مقدمة مطالب الاحتجاجات الشعبية حتى تحقق لها ذلك واصبح حقا دستوريا وقانونية للشعب الأمريكي ، وبفضل هذا النجاح وبفضل تلك الاحتجاجات العامة تحقق للمرأة الأمريكية صدور تشريعات تتعلق بحقوقها ومساواتها بالرجل ،كما برزت في القرن التاسع عشر حركة الحقوق المدنية في أغلب الولايات الأمريكية بعد الانتهاكات العنيفة لحقوق المواطنين السود وكان من أولويات تلك الحركة إنهاء التمييز العنصري ضد السودوقد برز خلالها الزعيم مارتن لوثر كينغ الذي اغتيل عام1968. أما في بريطانيا فقد ظهرت عام ١٩٦٧ رابطة الحقوق المدنية المطالبة بإنهاء التجاوزات على حقوق الأقلية الكاثوليكية الرومانية واحترامها الأمر الذي أدى إلى إصدار تشريعات تستجيب لتلك المطالب بالإضافة إلى العديد من الاحتجاجات التي تطالب بتحسين أوضاع العمال ، وفي فرنسا كان هناك العديد من الاحتجاجات والاعتصامات في كل عام وكان من أهمها ما تم التعارف علية بأحداث مايو لعام ١٩٦٨ حيث عمت الاحتجاجات المدنية جميع المدن الفرنسية واستمرت لأسابيع عديد تخللها اعتصامات الطلاب والجامعات والمصانع وتوقفت الحركة الاقتصادية حينها في الدولة الفرنسية مما أدى ذلك إلى استقالة الرئيس ديغول عام1969 ،كما نجد بين أعوام ١٩٧٠ و١٩٩٠ قد عمت الاحتجاجات العديد من دول أوربا الغربية وبفضلها تم فيها تحولات ديموقراطية مثل إسبانية والبرتغال ، كما استطاعت الحركات الاحتجاجية الاجتماعية والسياسية السلمية في دول شرق أوروبا مثل تشيكوسلوفاكيا وبولندا أن تنجح في فرض دساتير ديموقراطية ضمن حدودها القومية حيث نجد أن حركة التضامن البولندية عام ١٩٨٠ التي أشعلها فاليسا وهو عامل كهرباء في حوض السفن غير متعلم ليجعل منها باكورة الاحتجاجات في أوروبا الشرقية وقد ساهمت إلى حد كبير في انهيار الاتحاد السوفيتي كما نجد أن شخصية فاليسا الكاريزمية دورا في تحريض العمال ، هذا وقد كانت مطالبهم في بداية الاحتجاجات لا تتجاوز تحسين ظروفهم الاجتماعية والمطالبة بالسماح لهم في الإضراب ثم تطورت إلى المشاركة في الحكم مع الحزب القائد ،وقد استطاعت تلك الحركة أن تحشد أكثر من عشر ملايين محتج على الأوضاع وفق التقارير الصحفية آنذاك وقد استمرت الحركة في الاحتجاجات حتى استطاعت استلام السلطة عبر انتخابات رئاسية عام ١٩٩٠ فاز بها فاليسا بنسبة عالية من أصوات الناخبين وأصبح في أوربا الشرقية من أبرز رموز الإصلاح السياسي بعد الزعيم التشيكي دوبتشيك زعيم ربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا عام ١٩٦٨ .
• أما في البلدان العربية فقد بقيت تقريبا بعيدة عن رياح التغيير الديمقراطي واستمرت المنطقة بشكل عام تعيش أزمات متعددة ومركبة سياسية وديمقراطية واجتماعية واقتصادية وبقيت متخلفة عن اللحاق بالدول التي حققت انتقالا ديمقراطيا سلميا رغم أن أغلب البلدان العربية عاشت مع بداية الألفية الثانية موجة احتجاجات شعبية واسعة وسلمية في كل من المغرب وتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ومؤخرا في السودان ،احتجاجا على أنظمة حكم استبدادية فاسدة استمرت مسيطرة على السلطة عقود عديدة هيمنت خلالها على مقدرات البلاد فأفقرت شعوبها وحرمتهم من أبسط الحقوق المدنية والسياسية والأمنية والاقتصادية وحقوق الإنسان ، وقد اطلق على تلك الاحتجاجات ب(الربيع العربي) وشكل حينها بعد انطلاق شرارتها في تونس وهروب الرئيس التونسي للسعودية عام ٢٠11 ثم تلا ذلك موجة الاحتجاجات العامة في مصر وتنحي الرئيس المصري عن السلطة املأ كبيرا بانهيار أنظمة الاستبداد العربي وساد انطباع عام بأن التحولات السياسية والديموقراطية أتية لا محال وقد تميز هذا الحراك ابتداء في أغلب البلدان بالظهور القوي لناشطين حقوقيين وسياسيين فاحتلت المطالب الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية مساحة واسعة في النشاط السياسي كما استجابت بعض الدول منها لمطالبهم الإصلاحية كما حدث في المغرب عند صدور دستور جديد عام ٢٠١١، وفي تونس وبعد تجاذبات سياسية حادة بين القوى السياسية وبفعل التأثير القوي للحركة الشعبية فيها تم تغيير النظام القديم وبناء نظام جديد وصدور دستور جديد عام ٢٠١٤ ذو توجهات ديمقراطية وإنسانية ، كما تم تحولا ديموقراطيا جزئيا في مصر بعد الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العاصمة وأغلب المدن الكبرى وصدر خلالها تشريعات توحي بتغيرات ديموقراطية قادمة و صدر دستورا ديمقراطيا بفعل تأثير حركة ٢٥/كانون الثاني من نفس العام إلا أنه لم يعمر طويلا حيث انه تم تعليقه بأقل من عام على صدوره بفعل هيمنة الجيش على السلطة ، وعلى ذلك سرعان ما تبددت تلك الآمال التي عاشتها شعوب المنطقة العربية التي لم تدم بفعل الهجوم المضاد من قبل قوى الاستبداد والفساد وأوقفت تقدم الإصلاحات والتغيرات الديمقراطية التي طبقت ، ففي مصر استطاع الجيش أن يعود مجددا للسيطرة على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية وأن يحد من الحياة الديمقراطية ، وفي ليبيا لم تعمر الحياة البرلمانية طويلا بسبب الصراع المسلح بين القوى الداخلية والقبلية فسيطرة الميليشيات المسلحة على المشهد السياسي ودخلت عليه قوى خارجية فرنسية وروسيا وتركية لدعم الأطراف المتنازعة على السلطة ، أما في اليمن فأصبحت يمنان نتيجة للصراع المسلح المذهبي فيها ( شيعي وشافعي) وسيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء بدعم من ايران وتم قتل الرئيس السابق علي صالح على يد الحوثيين كما ازداد المشهد السياسي تعقيدا بعد تدخل كل من السعودية والإمارات في الصراع الدائر فيها ، وفي سورية فالوضع فيها يزداد سوءً على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية فلا يزال أكثر من نصف الشعب السوري بين نازح ومهجر وعشرات الألوف في المعتقلات أو مغيبين قسريا لا يعرف مصيرهم ، وتزداد كل يوم معاناة الشعب من جراء ارتفاع أسعار المواد الأساسية فأصبح أكثر من ٨٠/. من الشعب السوري دون خط الفقر وعاجزا عن تأمين اهم مستلزمات استمرار حياته ، كما ازدادت معاناته اليومية بسبب سياسة التقنيين المطبقة على الكهرباء والغاز والخبز والمازوت والبنزين مع ارتفاع أسعارها الجنوني ، وسياسيا أصبح الحل السياسي التوافقي بين المعارضة والسلطة وفق بيان جنيف واحد لعام ٢٠١٢ والقرار الدولي ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥مرتهنا لإرادة الدول الخارجية الفاعلة بالأزمة السورية وتحديدا الروسي والأمريكي وبالتالي أصبح الحل السياسي بالنسبة للمعارضة السورية كالسراب تلهث ورائه لتطبيقه ، بينما أصبح عند السلطة السورية من الماضي وفق تعبير وزير الخارجية السورية ويستمر النظام في عرقلة التقدم في مسار صياغة دستور جديد أو إصلاحا دستوريا بعد تغير ميزان القوى على الأرض وسيطرته على ما يقارب ٧٠/.من أراضي الدولة السورية بمساعدة القوات الروسية والميليشيات الإيرانية والعراقية ومليشيات حزب الله اللبناني على ، هذا إضافة إلى أن مفهوم السيادة الوطنية أصبح خارج المفاهيم الوطنية بسبب وجود خمسة جيوش اجنبيه ، أمريكية وروسية وتركية وإيرانية وإسرائيلية على الأرض السورية وعلى ثرواتها الوطنية وأصبحت تلك الجيوش الأجنبية تتصرف فوق أرضها وفي سماءها دون حسيب أو رقيب ، أما في السودان ورغم اعتقال الرئيس البشير وبعض رموز الاستبداد والفساد فيها فلا تزال الاحتجاجات الشعبية مستمرة دون توقف في أغلب المدن والولايات السودانية بسبب هيمنة القيادات العسكرية على مجلس الحكم الانتقالي ورفضهم تسليم السلطة لحكومة مدنية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والمضي قدما بالتحولات الديمقراطية المتفق عليها مع قوى التغيير الديمقراطي ، ومن جهة أخرى وخلافات لما كان سائدا في اغلب احتجاجات الدول العربية فأننا نجد أن نخب الحركة الاحتجاجية في السودان قد امتازت في توجيه المسار الديمقراطي السلمي بعقلانية عالية ووعي سياسي مميز حيث بقيت محافظة على سلمية الاحتجاجات وعلى وحدة الدولة السودانية وترابها الوطني منذ انطلاقتها عام ٢٠١٩ ٠
• وفي نفس السياق، يمكن القول إن العفوية في الاحتجاجات التي عمت العديد من الدول العربية وفقدان الخبرة التراكمية عند قادة الاحتجاجات وغياب التأطير الفكري والأهداف والبرامج الواضحة والتوجيه العقلاني لها وعدم بروز شخصيات كرازمية جامعة وموحدة وتأخر الأحزاب السياسية الديموقراطية المعارضة في بعض الدول بالانخراط مبكرا بالاحتجاجات والإفادة من خبراتها السياسية التاريخية في العمل الشعبي – التحريضي، والنزوع نحو العمل المسلح عند البعض الأخر، إضافة إلى التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية
• في تلك الاحتجاجات، كانت تلك العوامل مجتمعة عند البعض من الاحتجاجات أو في جزء منها، سببا كافيا في فشلها في تحقيق نقلات نوعية سياسية ديموقراطية في هيكلية أنظمة الحكم العربية.
• ويبقى السؤال الهام والعام، هل تبق الأنظمة الاستبدادية الشمولية في المنطقة العربية على هذا النحو مهيمنة على رقاب العباد وخيرات البلاد أم سيظهر ربيعا عربيا أخر جديدا مستفيدة قيادته من أخطاءها السابقة وتجاوزها لتحقق تحولا وطنيا ديموقراطيا تحترم من خلاله حقوق المواطنة المتساوية للجميع دون تمييز والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة ودولة حيادية اتجاه الأديان وحريات عامة وخاصة مصانة.
------------------------------------------------------------------------------------------------------


الركود والصراع: عصر الرأسمالية الجديد
٣١ أيار/مايو ٢٠٢٢2022

روب سيويل، كاتب ومحرر جريدة النداء الاشتراكي التروتسكية البريطانية «The socialist appeal»
ترجمة رامز باكير

يعيش الاقتصاد العالمي حالةً من الاضطرابات، تعصف به الحرب والوباء والمزيد من السياسات الحمائية. ويلوح في الأفق
التضخم والركود للرأسمالية، كل هذه العوامل تشكل وصفة نهائية لانفجارات ثورية غير مسبوقة في كل مكان.

«نحن نعيش الآن في عصر جديد تمامًا». (هنري كيسنجر، ٩ أيار/مايو ٢٠٢٢)

ويشهد السوق العالمي انخفاضاً في أسعار الأسهم منذ أسابيع، حيث يسيطر الخوف على الأسواق ردًا على الحرب في أوكرانيا، والتضخم المتفشي، والإغلاق في الصين، وخطر حدوث ركود جديد. حيث يمر مؤشر فوتسي «FTSE All-World» الآن في أطول سلسلة خسائر له منذ منتصف عام ٢٠٠٨ -على قدم المساواة مع أزمة «الليمن برذرز» للرهون العقاري «Lehman Brothers».

وما كل هذه التقلبات غير المنتظمة في البورصات العالمية سوى انعكاس للتشاؤم الذي يسيطر على الطبقات الحاكمة في كل مكان. وفقًا «لوارن بافيت» أحد كبار المستثمر الأثرى في العالم: «لسنا بعيدين جدًا عن تكرار شيء ما شبيه لما حصل في عام في عام ٢٠٠٨، بل حتى أسوأ من ذلك».

كما أكد «لوكا باوليني» كبير المحللين الاستراتيجيين في «Pictet Asset Management»، أن «الأسواق تنخفض ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار الفائدة». وأضاف «خطر حدوث ركود في الاقتصادات الكبرى كبير». «الحقيقة هي أن جزءًا كبيرًا من الاقتصاد العالمي يتقلص بشكل أساسي».

تلاشي النشوة:

تبخرت نشوة الانتعاش الاقتصادي والأسواق التي حصلت العام الماضي بعد وباء كورونا تمامًا. فبعد التغلب على ما بدى أزمة واحدة، ظهرت أزمة أخرى بسرعة حلت محلها. وقد أثار هذا الذعر على مجالس إدارة الشركات، كما أوضحت صحيفة فايننشال تايمز، الناطقة بلسان الرأسمالية البريطانية، مؤخرًا:

” في العام الماضي فقط، كان العديد من الاقتصاديين يتوقعون أن يكون عام ٢٠٢٢ فترة من الانتعاش الاقتصادي. وستعود الشركات إلى توفير الوظائف بعد كوفيد. وسيكون للمستهلكين الحرية في دفع مدخراتهم المتراكمة في جميع العطلات والأنشطة التي لم يتمكنوا من القيام بها أثناء الوباء. قال البعض إنه ستكون فترة جديدة شبيهة بـ «العشرينيات الصاخبة» The Roaring Twnties، في إشارة إلى عقد النزعة الاستهلاكية الذي أعقب زمن الإنفلونزا الإسبانية ١٩١٨-١٩٢٠. “

٥ شباط/فبراير ٢٠٢٢"الفاينانشال تايمز"

فقًا لما سبق، فإن مثل هذا الازدهار سيفتح حقبة جديدة من النمو والازدهار. لكن في فترة زمنية قصيرة، تحول هذا المنظور إلى أنقاض. بدلاً من «العشرينات الصاخبة»، تواجه الرأسمالية ركودًا عالميًا جديدًا.

لقد دخلنا حقبة جديدة تمامًا، على حد تعبير كيسنجر -حقبة من الأزمة المتفاقمة، حيث انقلبت الأعراف القديمة رأسًا على عقب. «لقد أصبح العقل والمنطق بلا فائدة». وعادت أزمة الرأسمالية الأساسية، التي اعتقدوا أنهم احتووها للانتقام.
كما ذكرت افتتاحية آخر أعداد الفايننشال تايمز:

” هذا الأسبوع، تغيرت أنغام المزاج الاقتصادي إلى أنغام أكثر قلقًا، حيث تتردد أصداد الصدمات الأخيرة لاقتصادات العالم المتقدم لفترات أطول وأعلى مما كان متوقعًا“

ركود تضخمي في المستقبل

ما زالت التوقعات الاقتصادية بانخفاض سريع. فالكثيرون يتوقعون الآن أن يبلغ متوسط النمو الاقتصادي العالمي ٣.٣٪ هذا العام، مقارنةً ب ٤.١٪ في شهر كانون الثاني/يناير، قبل الحرب.
التضخم، الذي لطالما اعتبر ميتًا، رفع رأسه مرة أخرى، مع تأثير انخفاض قيمة العملات، ورفع التكاليف، وخفض مستويات المعيشة. من المتوقع الآن أن يبلغ التضخم العالمي ٢.٢-٦.٢ نقطة مئوية (أعلى من توقعات كانون الثاني/يناير هذا العام).

في الولايات المتحدة، بلغ التضخم ٨.٣٪ في نيسان/أبريل هذا العام، ومن المتوقع أن يرتفع إلى أعلى من ذلك. في الوقت نفسه، انكمش الاقتصاد الأمريكي أيضًا في الربع الأول، على الرغم من التوقعات السابقة التي أشارت إلى عكس ذلك. وتوضح صحيفة فايننشال تايمز أن هذه «الصدمة التضخمية لعام ٢٠٢٢» بأنها عالمية.

” وهذا انعكاس لزيادة تكامل وترابط الأسواق العالمية، لا سيما على مدى السنوات الثلاثين الماضية. إن جميع البلدان مرتبطة ببعضها البعض أكثر من أي وقت مضى، مما يزيد من خطر العدوى. حيث بكمن المعنى الحقيقي لـ«العولمة». “

الترجل عن النمر بعد صعوده

يأمل محافظو البنوك المركزية بشدة أن تستقر الأمور. لكن توقعاتهم، كما هو الحال دائمًا، مفرطة في التفاؤل. فرغم كل شيء، يدّعون أن التضخم سيكون «انتقاليًا» و «مؤقتًا» فقط.

لقد أعمتهم نظرياتهم السحرية (سواء النظريات الكينزية أو النظريات النقدية) عن الوضع المزري الذي تواجهه الرأسمالية إلى أن وقعوا في شرك تناقضاتها.

لسنوات، كانت الرأسمالية مليئة بالنقود، مما أبقى النظام واقفًا على قدميه بشكل مصطنع. فمنذ عام ٢٠٠٨، ضخت الطبقة الحاكمة أموالًا رخيصة في الاقتصاد، مما أبقى أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة تاريخيًا من أجل درء احتمالية حصول كساد آخر. وبينما نجحوا في تحقيق هدفهم المباشر، أصبح النظام الرأسمالي مدمنًا على هذا التحفيز. لكننا الآن نرى العواقب، حيث اضطرت الطبقة الحاكمة متأخرة إلى اتخاذ تدابير لتثبيط النشاط الاقتصادي وعكس سياسات العقد الماضي.
عادةً، كان من الممكن أن تؤدي هذه السيولة الزائدة منذ فترة طويلة إلى التضخم. مع ذلك بقي كل شيء تحت السيطرة بسبب حالة الكساد في الاقتصاد العالمي. ولكن كل شيء حدوده. وقد أدت نهاية الإغلاق العام، والتي أعقبتها الحرب في أوكرانيا في تتابع سريع، إلى إشعال التضخم. لذلك، تحاول الطبقة الحاكمة يائسة العودة إلى نوع من «الحياة الطبيعية»، من خلال كبح جماح الحوافز المالية وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، تلك الإجراءات التي أصبحت بشكل واضح غير مستدامة.

في مواجهة دوامة التضخم، اضطر الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا إلى رفع أسعار الفائدة. مما سيدفع البنوك المركزية الأخرى إلى أن تحذوا حذوهم، بدءًا من البنك المركزي الأوروبي. فيجب خفض الميزانيات العمومية المتضخمة، المحملة بمستويات تاريخية من الديون، ولكن دون التسبب في انهيار. بطريقة ما، يجب إنهاء عصر الأموال الرخيصة. لكن هذا لن يكون سهلاً. إنه مثل محاولة النزول عن ظهر نمر جائع دون أن يأكلك.

آفاق قاتمة

بالنظر إلى الوضع العام، من الواضح أن زيادة أسعار الفائدة وتقليص الحوافز المالية يمكن أن يتسببان في ركود عميق. حيث تم إبقاء العديد من الشركات على قيد الحياة” بأموال رخيصة“. وتقليص هذه الحوافز سيدفعها حتماً إلى الحافة، مما سيؤدي إلى حالات إفلاس واسعة النطاق.

لكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعرفها المصرفيين، والتي من خلالها يمكنهم احتواء التضخم.

بشكلٍ عام، الاستمرار كما كان من قبل، عن طريق ضخ السيولة سيؤدي حتماً إلى كارثة، وإلى التضخم المفرط وتفاقم الأزمة.

وكما حذر «نورييل روبيني» الأستاذ في كلية ستيرن بجامعة نيويورك:

” لا يمكن للمصرفيين في البنوك المركزية أن يأخذوا بهكذا سياسات تطبيعية دون الوصول إلى حد المخاطرة بانهيار مالي في أسواق سندات الديون والأصول والأسهم“. لكن ليس لديهم خيار كبير.

تبدو الآفاق قاتمة بشكل متزايد. كما أوضحت الفايننشال تايمز:

” إن خطر الركود على جانبي المحيط الأطلسي مرتفع للغاية الآن. ربما يكون الأوان قد فات بالفعل، فقد خرج جني التضخم من المصباح السحر وتحتاج السياسة النقدية إلى توليد ركود لإخراجه من النظام. بدلاً من ذلك، سيكون صانعو السياسات حذرين للغاية وبطيئين للغاية وسيسمحون باستمرار التضخم وترسيخ نفسه في الاقتصاد مع نفس العواقب النهائية.

الطريق الذي نرغب فيه جميعًا ضيق، ويقع بين هذه الكوارث الاقتصادية. قد تكون هنالك إمكانية بأن نقضي على التضخم المرتفع دون حدوث انكماش اقتصادي عميق، لكن الاحتمالات لهذه النتيجة الإيجابية منخفضة الآن بالفعل. “

١٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٢"الفاينانشال تايمز"

الانتعاش الهش

الأزمات لم تعد كما في السابق، فبدلاً أن تكون حدثاً يحدث مرة واحدة في القرن، أصبحت الأزمات أكثر تواتراً وخطورة، وأصبح هذا هو حال الإيقاع الجديد لدورة الازدهار والركود.


قبل أن يضرب الوباء، كان الاقتصاد الرأسمالي العالمي يتباطأ بالفعل، مع زيادة السياسات الحمائية والإنتاج المفرط الذي يؤثر على القطاعات المختلفة. أعطى فيروس كورونا الأزمة لمسة قاتلة جديدة، مما أدى إلى شحذ وتفاقم التناقضات في النظام.

لقد انهارت الرأسمالية في سلسلة كاملة من النقاط، مما أدى إلى تعطيل الإنتاج والإمداد. أدى هذا بدوره إلى إغلاق قطاعات كبيرة من الاقتصاد، إلى جانب انهيار الطلب. وتم تسريح الملايين، مما زاد من دوامة الهبوط.

هذا يعني أن الأسواق والتجارة وسلاسل التوريد -شرايين الاقتصاد العالمي -تعطلت بشدة أو أصيبت بالشلل التام.

ما بدأ كأزمة نامية للإنتاج المفرط انتهى بالإغلاق الفعلي للعديد من قطاعات الاقتصاد الرأسمالي.

نتيجة لذلك، في عام ٢٠٢٠، انكمش النشاط الاقتصادي في ٩٠٪ من دول العالم. حيث تجاوز هذا النسبة التي كانت في كل من الحربين العالميتين، الكساد الكبير، والركود العالمي ٢٠٠٨-٢٠٠٩. فعلى سبيل المثال، شهد اقتصاد المملكة المتحدة أكبر انخفاض له منذ ٣٠٠ عام.

بالطبع، لا يمكن أن يستمر مثل هذا الانهيار إلى أجل غير مسمى. في مرحلة معينة، سيحدث الانتعاش حتمًا، بمساعدة الدولة الغير مسبوق.

تم الإعلان عن هذا الانتعاش كبداية لعصر جديد. من المفترض أن يؤدي طلب المستهلكين المكبوت، الذي يتم إنفاقه الآن في الحانات والمطاعم، وفي أيام العطلات، إلى انتعاش اقتصادي قوي.
من المؤكد أن الاقتصادات قد انتعشت لبعض الوقت. ووصل العديد منها إلى مستويات ما قبل الوباء من الإنتاج. لكن التعافي كان يقطعه باستمرار الاضطراب -أو الانقسامات الكاملة -في سلاسل التوريد.

أحدث الإنتاج الذي عزز أرباح الرأسماليين في العقود السابقة فوضى كبيرة، حيث نفدت الصناعات والقطاعات الرئيسية من الأجزاء الحيوية. حيث أدى هذا النقص بدوره إلى ارتفاع الأسعار وأثار طفرة جديدة في التضخم.
الحرب والركود

لقد أصبح الوضع العالمي كله شديد التقلب. لقد تحول هذا النظام التكاملي التجاري العالمي ذاته، الذي كان رافعة كبيرة في الماضي إلى عكس ذلك. حيث يمكن أن يكون لحدث واحد في بلد واحد تأثير كبير في مكان آخر. إن عمليات الإغلاق في الصين، على سبيل المثال، والتي تؤثر بشكل مباشر على الصادرات، لها تأثير على التجارة العالمية.

وبالمثل، يمكن أن يكون لعوامل أخرى -سواء كانت مشاكل ما بعد الوباء، أو الحرب في أوكرانيا، أو الصدمات السياسية، أو «الحوادث» الأخرى -تأثير حاسم على عمل النظام الرأسمالي.

اليوم، أطلق الصراع في أوكرانيا سلسلة من الأحداث التي لها عواقب بعيدة المدى -سياسيًا ودبلوماسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. فأصبحت الحرب حربًا بالوكالة بين روسيا ودول الناتو، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تضخ الإمبريالية الغربية أسلحة بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا.

هذا له تأثير هائل في كل مكان. وسيكون للعقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب، بهدف عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي، تداعيات خطيرة.

يبدو الإمبرياليون الأمريكيون والبريطانيون ذوو الأدمغة العظمية، على وجه الخصوص، عميان عن مثل هذه العواقب. إنهم مستعدون للمخاطرة بكل شيء لهزيمة روسيا. لكن كل هذا لم يؤدي إلّا إلى تفاقم الأزمة.
وقد أدى الارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة إلى ارتفاع التكاليف والأسعار بشكل عام، حيث أصبح التضخم مترسخاً بشكلٍ أكبر في كل مكان. فإذا توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وهو ما يطالب به البعض، فسيؤدي ذلك إلى ركود فوري، بدءًا من ألمانيا.
فالجزاءات الاقتصادية (الحرب بوسائل أخرى) تزيد من حدة الوضع. وفي المقابل، يزداد تآكل الطلب الاستهلاكي وتوقف الاستثمار الرأسمالي، مما يدفع الاقتصاد العالمي إلى مزيد من الركود.

القومية الاقتصادية

كل هذه العوامل تتفاعل بشكل جدلي مع بعضها البعض لجر الأمور إلى الهاوية. جميع العوامل التي ساهمت في زخم الرأسمالية في الماضي هي الآن العوامل التي تمهد الطريق لكارثة اجتماعية واقتصادية.

يقول «مارتن وولف» محرر الاقتصاد في صحيفة فايننشال تايمز:

” إن الحرب باختصار، تضاعف الاضطرابات في عالم معطل أساساً.
الآن للأسف، نحن مرة أخرى على طريق الانحدار إلى عالم من الانقسام والاضطراب والخطر.

٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٢"الفاينانشال تايمز"
فالاقتصاد العالمي آخذ بانهيار إلى كتل، وتنهار معه سلاسل التوريد، حيث يحاول الغرب قطع إمدادات الطاقة الروسية وتقليل وصول البلاد إلى أسواق العملات.

لقد دخلنا فترة من القومية الاقتصادية مماثلة لتلك التي كانت في فترة ما بين الحربين العالميتين -وهو انعكاس آخر على أن الملكية الخاصة والدولة القومية أصبحت حواجز أمام التقدم.

سلط «بيير أوليفييه جورينشاس» كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، الضوء على عواقب هذه التغييرات الجذرية:

” إذا ما أصبحنا عالمًا مكوناً من العديد من الكتل المختلفة، فسيتعين علينا التراجع عن الكثير من الاقتصادات المتكاملة وسلاسل التوريد التي بنيناها... وبناء شيء آخر أكثر ضيقًا وأصغر نطاقاً.

وأضاف:

” ستكون هناك تكاليف لهكذا تعديل، وستكون هناك خسائر في الكفاءات، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة في تكاليف الوحدات لأن الأمور لا لن تتم بكفاءة كما كانت من قبل“.

إذا كنا في عالم لدينا فيه كتل مختلفة، فأنا لا أعرف بالضبط كيف يمكن أن يعمل صندوق النقد الدولي. هل ستصبح مؤسسة تعمل لصالح كتلة دون الأخرى؟ وكيف سيعمل عبر مناطق مختلفة من العالم؟ إنه بالتأكيد ليس شيئًا مرغوبًا فيه على جبهات عديدة.

حدود الرأسمالية

إن الأزمة الحالية تقوض ما تبقى من عالم ما بعد الحرب، وتكشف بوضوح حدود النظام الرأسمالي.

أوضحت صحيفة فايننشال تايمز أن «استخدام التمويل والاقتصاد كسلاح، له آثار عميقة على مستقبل السياسة الدولية والاقتصاد».

” لقد تم قلب العديد من الفرضيات حول حقبة ما بعد الحرب الباردة رأساً على عقب. وقد سوّقت العولمة ذات يوم كحاجز يمنع الصراعات، وعلى أنها شبكة من التبعيات من شأنها أن تقرب الأعداء السابقين من بعضهم البعض. ولكنها بدلاً من ذلك، أصبحت العولمة بحد ذاتها ساحة معارك جديدة“.
الفايننشال تايمز، ٦ أبريل/ نيسان ٢٠٢٢

تسببت الحرب في أوكرانيا في إحداث فوضى وحطمت أي أمل في التعافي. إن الارتفاع الكبير في تكاليف الطاقة وحده سيكون كافيا لقلب الوضع. علاوة على ذلك، فإن انخفاض إنتاج القمح والحبوب في أوكرانيا وروسيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مع كل الآثار السياسية المصاحبة لها.

كما حذرت صحيفة فايننشال تايمز في مارس:

” عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية في عام ٢٠٠٨، حيث ساعدت في إشعال الربيع العربي، وفي النهاية، الحرب الأهلية في سوريا. لقد زرع الغزو الروسي لأوكرانيا بذور أزمة ستظهر حتماً خارج الحدود الأوروبية“.٥

آذار/مارس ٢٠٢٢"الفاينانشال تايمز"

الاستنتاجات الثورية

من خلال أفعالهم، فتحت البرجوازية صندوق باندورا. لقد دمروا أي مظهر من مظاهر الاستقرار أو التوازن، مما أدى إلى تعميق تناقضات الرأسمالية في كل مكان، إيمانًا منهم بسردياتهم والبروباغاندا الخاصة بهم، فقد كثفوا الأزمة الرأسمالية بطرق لم يكن من الممكن توقعها.

السيناريو برمته سيضع حجر أساس جديد وسيؤدي لانتعاش الصراع الطبقي، في بريطانيا وعلى الصعيد الدولي. حيث سيؤدي التضخم إلى خفض مستويات المعيشة ورفع التكاليف بشكل كبير. ولن يكون أمام الطبقة العاملة بديل سوى القتال.

بعد الحرب العالمية الأولى، أوضح ليون تر وتسكي أن «تكلفة المعيشة هي أقوى عامل للتخمر الثوري في جميع البلدان». كان هذا السؤال هو الذي أدى مرة أخرى إلى رفع الصراع الطبقي إلى آفاق جديدة في السبعينيات، ووضع الأحداث الثورية على جدول الأعمال. كل هذا على وشك أن يتكرر -ولكن على مستوى أعلى بكثير.

كما حذرت المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي «كريستالينا جورجيفا»:” لقد أظهر التاريخ أن الجوع غالبًا ما يثير الاضطرابات الاجتماعية والعنف“.

ليس الازدهار أو الركود هو الذي سيولد الثورة فحسب، ولكن التحولات بين أحدهما والآخر، مما سيؤدي إلى زعزعة الوعي في هذه العملية. وتراكمت الكثير من المواد القابلة للاشتعال في الفترة الأخيرة. وهذا يتزايد باستمرار. لقد ولت ايام استقرار الماضي.

أشار إنجلز إلى السنوات الأربعين من نوم الطبقة العاملة البريطانية، والتي كانت مقدمة لانفجار الحركات النقابية الجديدة في تسعينيات القرن التاسع عشر، بأنها أشعلت حقبة جديدة من الصراع الطبقي والحرب والثورة.
اليوم، المد والجزر في الصراع الطبقي في البلدان الرأسمالية الرئيسية - وهو المد والجزر الذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود - يقترب أخيرًا من نهايته.
مع تزايد ضباب الحرب، ووقوع الأزمة الرأسمالية، سيجد ملايين العمال والشباب أنفسهم ملقون في الصراع الطبقي. جيل شاب جديد على عتبة الدخول في الحرب، جيل غير ملوث بهزائم الماضي.
بالنظر إلى الأزمة، سيجد الكثير من الشباب أنفسهم يستخلصون عبر واستنتاجات جذرية، بل وحتى ثورية.

يقول «مارتن وولف»:
”مرة أخرى على طريق الانحدار إلى عالم من الانقسام والاضطراب والخطر“
محذراً الطبقة الحاكمة لخطورة ما هو قادم.

ما يتحدث عنه هنا، لكنه لا يجرؤ على قوله بالاسم هو ثورة.
ولأولئك الذين لديهم البصيرة لرؤيتها، هذه هي بالضبط طبيعة الفترة التي نحن بصدد دخولها.

----------------------------------------------------------------------------------

الأطماع التركية في الأراضي السورية
محمد سيد رصاص
"وكالة نورث برس"- 562022
تم وضع نظام الانتداب على أراضي محددة من الدولة العثمانية وفق المادة22من ميثاق عصبة الأمم التي تأسست عام1919في مؤتمر فرساي للدول الحليفة (والمشاركة)المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ،تلك المادة التي أشارت إلى "مجتمعات معينة كانت تنتمي سابقاً للامبراطورية التركية وقد وصلت لدرجة من التطور يمكن معه من أجل تنظيم وصولها لوضعية الأمم المستقلة أن يتم اعدادها عبر نقل إدارة شؤونها إلى سلطة مكلفة بالانتداب بشكل مؤقت حتى الوقت الذي تستطيع أن تقوم لوحدها بذلك".في مؤتمر سان ريمو للحلفاء بشهر نيسان1920تمت الموافقة على الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان،وبناء على ذلك تحرك الفرنسيون للسيطرة العسكرية على سوريا بدءاً من السيطرة على دمشق باليوم التالي لمعركة ميسلون في 24تموز1920.ووفقاً لمنطوق المادة22فإن الانتداب هو سلطة إدارية مؤقتة لبقعة جغرافية معينة ولسكانها وليس سلطة سيادية عليهما،وقد أوضحت المادة الرابعة من قرار مجلس عصبة الأمم بالمصادقة على مقررات مؤتمر سان ريمو الخاصة بالانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان في يوم 24تموز1922أن "سلطة الانتداب ستكون مسؤولة عن النظر على أن ولاجزء من أراضي سوريا ولبنان يتم التخلي عنه أويتم تأجيره أويوضع تحت سيطرة سلطة أجنبية"،وهذا يشمل المدة البادئة بدخول القوات الفرنسية الأراضي السورية وليس اليوم الذي صدر فيه القرار المصادق على الانتداب الفرنسي من قبل عصبة الأمم.
بعد أسبوعين من (ميسلون)تم التوقيع على معاهدة سيفر في 10آب1920بين الدول الحليفة (والمشاركة)المنتصرة في الحرب من جهة وبين ماتمت تسميته لأول مرة ك"تركيا"،لانهاء حالة الحرب ورسم الحدود بناءاً على ماأسمي بالمعاهدة باتفاقية "هدنة 30تشرين الأول 1918بين حكومة الامبراطورية العثمانية ودول الحلفاء الرئيسية"ولتكون معاهدة سيفر معاهدة سلام. وفقاً لذلك تم رسم الحدود بين "تركيا"ودول مختلفة ،وكان من بينها الحدود السورية- التركية ،وقد نابت فرنسا عن سوريا بذلك بوصفها سلطة منتدبة عليها .في (سيفر) تم تعيين الحدود السورية- التركية بدءاً من بلدة كاراتاش على ساحل البحر الأبيض المتوسط عند شمال غرب خليج الاسكندرونة وهي على خط طول مدينة أضنة ثم يتجه الخط حتى بلدة جيهان ثم يتجه شرقاً وبحيث تكون ضمن الأراضي السورية مدن عنتاب وأورفة وماردين وجزيرة ابن عمر ويكون خط الحدود الشمالي الشرقي الأقصى عند التقاء نهر (قره صو)مع نهر دجلة ثم تمشي الحدود بخط جنوبي مستقيم مع نهر دجلة حتى دخوله الأراضي العراقية ،وقد وقع الفرنسيون على (سيفر) ليس فقط نيابة عن فرنسا المتحاربة مع العثمانيين بالحرب العالمية بل بوصفهم أيضاً سلطة منتدبة على سوريا. ولكن ،ومع رفض القوى العسكرية المقاومة لسيطرة قوات الحلفاء على مناطق جغرافية واسعة ومنها مدينة اسطنبول،بقيادة مصطفى كمال(أتاتورك لاحقاً)،ومساعدته لثورات سورية ضد سلطة الانتداب الفرنسي،اتجهت باريس لعقد (اتفاقية أنقرة :التركية- الفرنسية)في 20تشرين الأول1921مع ماسمي ب"حكومة الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا"،تنازلت فيها سلطة الانتداب لتركيا عن ثمانية عشر ألف كيلومتر من الأراضي السورية المحددة في معاهدة سيفر وبحيث تكون هي الحدود السورية- التركية الحالية زائد لواء الاسكندرون الذي تسميه المادة السابعة من الاتفاقية كمقاطعة district يوضع لها "نظام إدارة خاص"ضمن الوحدة السياسية الجغرافية التي اسمها سوريا التي تأتي بعدها المادة الثامنة من الاتفاقية لكي ترسم الحدود التركية معها والتي تقع فيها مقاطعة الاسكندرونة ضمن سوريا.هنا،وعند توقيع "حكومة الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا"على معاهدة لوزان في 24 تموز1923مع الدول الحليفة والتي على أساسها تم تأسيس الجمهورية التركية في 29تشرين الأول1923فإن الأتراك قد وافقوا بالنص على أن حدودهم مع سوريا هي وفق المادة الثامنة من اتفاقية أنقرة ،ولم يكن هناك أي إشارة للواء الاسكندرون،وفي معاهدة لوزان وبالمادة السادسة عشر "تتخلى تركيا عن كل حقوق أومطالب ملكية فيمايخص الأراضي الموضوعة خارج الحدود المرسومة في هذه المعاهدة".
يمكن بهذا الصدد،تسجيل أن معاهدة سيفر تطابق القانون الدولي الذي حدده ميثاق عصبة الأمم،وأن اتفاقية أنقرة ومعاهدة لوزان تتعارضان مع ميثاق عصبة الأمم في المادة22،ومع قرار مجلس عصبة الأمم في 24تموز1922المحدد لصلاحيات سلطة الانتداب الفرنسي على سوريا،كماأن فرنسا كدولة منتدبة قد خالفت عهدها لعصبة الأمم كسلطة منتدبة على الأراضي السورية وتجاوزت صلاحيات سلطة الانتداب عندما أعطت تركيا أراضي سورية في اتفاقية أنقرة ومن ثم جرى تأكيد ذلك في معاهدة لوزان. يمكن ،هنا أيضاً،تسجيل أن الحدود الدولية للدولة السورية وفق القانون الدولي مع تركية هي حدود معاهدة سيفر وأنه يمكن المحاججة بذلك وفق القانون الدولي .من جهة ثانية يمكن القول بأن اعتراف الدولة التركية المقامة وفق معاهدة لوزان بتخليها عن كل مطالبات جغرافية خارج الحدود المرسومة بالمعاهدة يجعل لواء الاسكندرون وفق ذلك خارج الأراضي التركية،وخاصة أن تركيا عندما قبلت كعضو في عصبة الأمم عام1932فإن قبولها في المنظمة الدولية كان على أساس معاهدة لوزان،وقبول الدول كعضو في المنظمات الدولية يتم على أساس أنها ذات قوام حدودي جغرافي معين ومرسوم.
وفعلاً،فإن معاهدة3أيلول1936التي أعلنت فيها فرنسا استقلال الدولة السورية ونقلها لها السلطة خلال ثلاث سنوات كانت تشمل لواء الاسكندرون ضمن الأراضي السورية ولم تكن هناك أي إشارات خاصة إلى وضعه،وبالتالي عندما تحججت تركيا أمام عصبة الأمم بأن المادة السابعة من اتفاقية أنقرة تجعله خارج الأراضي السورية بوضع خاص مثل لبنان،فإن هذا يخالف منطوق اتفاقية أنقرة التي لاتشير له كوحدة جغرافية-سياسية بل تشير له كمقاطعة يجب أن يكون لها نظام إداري خاص مع حقوق ثقافية ولغوية للناطقين باللغة التركية بالمقاطعة،كمايخالف نص معاهدة لوزان. وقد ظلت فرنسا تقاوم الأتراك لأشهر ستة أعقبت معاهدة 1936متسلحة بذلك،ولكن اعتبارات تحييد الأتراك في الحرب المقبلة مع ألمانيا النازية ،والتي كانت غيومها تتجمع بوضوح في عام1937،قد جعلت باريس تخالف ميثاق عصبة الأمم والقانون الدولي وحدود سلطتها كدولة منتدبة عندما وافقت على سلخ لواء الاسكندرون عن سوريا ..
خلال الخمسة وثمانون عاماً من سلخ لواء الاسكندرون،ظهر المزيد من الأطماع التركية في مناسبات عدة،كما في شهر حزيران1941،في ظرف الهجوم البريطاني على سوريا ولبنان من العراق وفلسطين،عندما سعت حكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان والتي كانت تسيطر على سوريا إلى تمرير قطارات امداد عسكرية عبر البلقان والأراضي التركية لسوريا في ظل الحصار البحري البريطاني،حيث طالب الأتراك مقابل الموافقة على ذلك بضم منطقة الجزيرة السورية ومنطقة حلب إلى تركيا(ميشيل كرستيان دافيه:"المسألة السورية المزدوجة:سورية في ظل الحرب العالمية الثانية"،دار طلاس،دمشق1984،ص 247)،وهو مالم يوافق عليه الفرنسيون.خلال الأزمة السورية الممتدة حتى الآن منذ عام2011،استغلت تركيا الأزمة من أجل السيطرة على أراضي سورية،عبر اتفاقات مع موسكو في خط جرابلس- أعزاز عام2016مقابل الضغط على المسلحين المعارضين للخروج من شرقي مدينة حلب،وللسيطرة على منطقة عفرين ومدينتها عام2018مقابل الضغط على المسلحين المعارضين للخروج من منطقة الغوطة،وفي عام2019كان هناك غض بصر روسي وأميركي عن السيطرة التركية على خط تل أبيض- رأس العين(سري كانيه).الآن وفي هذه الأيام،هناك مشروع تركي لتوطين ملايين من اللاجئين السوريين في تركية في شريط شمالي سوري محازي للحدود التركية،وسط أحاديث من مسؤولين في حزب أردوغان عن أن تركية ستكون في حل من أحكام ونصوص معاهدة لوزان بعد انقضاء مئة عام على التوقيع عليها،ممايوحي بأن مشروع توطين اللاجئين السوريين سيكون مقدمة تركية من أجل تغيير الخريطة الجغرافية التركية- السورية،وخاصة في ظل اجواء دولية ربما تقبل بتغيير الخرائط القائمة،كماتوحي إشارات غربية تصدر من الأميركان والأوروبيين عن امكانية تغيير الخارطة الأوكرانية لصالح روسيا،وهو ماسيكون أردوغان على ضوئها وبعدها متشجعاً على أن يفعل شيئاً مماثلاً في سوريا.
نص معاهدة لوزان
24تموز1923
(ننشر في "المسار"نص معاهدة لوزان لأن هناك حديثاُ من مسؤولين أتراك عن أن تركيا هي في حل من نص والتزامات معاهدة لوزان بعد انقضاء مائة عام على التوقيع عليها،أي في يوم24تموز2023،وهذا يعني أن تركيا لن تعود من ذلك اليوم تعترف بالحدود القائمة بينها وبين دول الجوار وفق معاهدة لوزان التي أقيمت الجمهورية التركية على أساسها في 29101923برئاسة مصطفى كمال أتاتورك)
الإمبراطورية البريطانية ، فرنسا ، إيطاليا ، اليابان ، اليونان ، رومانيا والدولة الصربية الكرواتية السلوفينية من جانب واحد ، وتركيا من الجانب الآخر; وإذ اتحدوا في الرغبة في إنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة في الشرق منذ عام 1914 ، وحرصوا على إعادة إقامة علاقات الصداقة والتجارة التي لا غنى عنها للرفاه المتبادل لشعبي كل منهما ، واعتبروا أن هذه العلاقات يجب أن تقوم على احترام استقلال الدول وسيادتها ، فقد قرروا إبرام معاهدة لهذا الغرض ، وعينوا مفوضين لهم: جلالة ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا والسيادة البريطانية فيما وراء البحار, إمبراطور الهند: الرايت أونرابل السير هوراس جورج مونتاجو رومبولد ، البارونيت ، جي سي إم جي ، المفوض السامي في القسطنطينية ؛ رئيس الجمهورية الفرنسية: الجنرال موريس بيل إير ، سفير فرنسا ، المفوض السامي للجمهورية في الشرق ، الضابط الأكبر في وسام جوقة الشرف الوطني ؛ صاحب الجلالة ملك إيطاليا: الأونرابل ماركيز كاميلو غاروني ، عضو مجلس الشيوخ عن المملكة ، سفير إيطاليا ، المفوض السامي في القسطنطينية ، الصليب الأكبر لأوامر القديسين موريس ولعازر ، ولي العهد م. جوليو سيزار مونتانا ، المبعوث فوق العادة والوزير المفوض في أثينا ، قائد أوامر القديسين موريس ولعازر ، الضابط الأكبر في تاج إيطاليا; صاحب الجلالة إمبراطور اليابان: السيد كينتارو أوتشياي ، جوسامي ، الدرجة الأولى من وسام الشمس المشرقة ، السفير فوق العادة والمفوض في روما ؛ صاحب الجلالة ملك الهيلينيين: م. الفثيريوس ك. فينيس إرملوس ، الرئيس السابق لمجلس الوزراء ، الصليب الأكبر لوسام المخلص ؛ م. ديميتريوس كاكلامانوس ، الوزير المفوض في لندن ، قائد وسام المخلص ؛ صاحب الجلالة ملك رومانيا: م. قسطنطين دياماندي ، الوزير المفوض ؛ م. قسطنطين كونتسيسكو ، الوزير المفوض; صاحب الجلالة ملك الصرب والكروات والسلوفينيين: الدكتور ميلوتين يوفانوفيتش ، المبعوث فوق العادة والوزير المفوض في برن ؛ وحكومة الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا: عصمت باشا ، وزير الخارجية ، ونائب أدريانوبل ؛ والدكتور رضا نور بك ، وزير الصحة والمساعدة العامة ، ونائب سينوب ؛ وحسن بك ، الوزير السابق ، ونائب طرابزون ؛ الذين ، بعد أن قدموا تفويضهم الكامل ، ووجدت في شكل جيد ومستحق ، اتفقوا على ما يلي:

الجزء 1.
1. البنود السياسية.
المادة 1.
اعتباراً من تاريخ تفعيل هذه المعاهدة ، ستعاد بالتأكيد حالة السلام بين الإمبراطورية البريطانية وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا والدولة الصربية-الكرواتية-السلوفينية من جهة ، وتركيا من جهة أخرى ، وكذلك بين رعاياها. وستستأنف العلاقات الرسمية بين الجانبين ، وسيلقى الممثلون الدبلوماسيون والقنصليون ، في الأقاليم المعنية ، معاملة وفقا للمبادئ العامة للقانون الدولي ، دون الإخلال بما قد يبرم من اتفاقات في المستقبل.
القسم 1
البنود الاقليمية
المادة 2
من البحر الأسود إلى بحر إيجة ، يتم وضع حدود تركيا على النحو التالي:
(1) مع بلغاريا: من مصب نهر رزفايا ، إلى نهر ماريتزا ، نقطة تقاطع الحدود الثلاثة لتركيا وبلغاريا واليونان: الحدود الجنوبية لبلغاريا كما تم ترسيمها حاليا.
(2) مع اليونان: من ثم إلى ملتقى نهر أردا وماريتزا: مجرى نهر ماريتزا ؛ ثم المنبع على طول نهر أردا ، حتى نقطة على ذلك النهر يتم تحديدها على الفور في الحي المباشر لقرية تششريك كيوي ؛ مجرى نهر أردا ؛ ومن ثم في اتجاه الجنوب الشرقي حتى نقطة على نهر ماريتزا ، 1 كيلومتر تحت بوسنا كيوي: خط مستقيم تقريبا يترك في الأراضي التركية قرية بوسنا كيوي. يتم تعيين قرية تششريك كيوي إلى اليونان أو إلى تركيا حيث أن غالبية السكان يجب أن تكون يونانية أو تركية من قبل اللجنة التي نصت عليها المادة 5 ، السكان الذين هاجروا إلى هذه القرية بعد 11 أكتوبر 1922 ، لا تؤخذ بعين الاعتبار ؛ ومن ثم إلى بحر إيجة: مسار ماريتزا.
المادة 3
من البحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد فارس ، وضعت حدود تركيا على النحو التالي:
(1) مع سوريا: الحدود المذكورة في المادة 8 من الاتفاق الفرنسي التركي في 20 أكتوبر 1921; (أي معاهدة أنقرة ،التي رسمت الحدود ضمن الحدود الحالية بين تركيا وسوريا زائد لواء الاسكندرون،الذي سلخه الفرنسيون بين عامي 1937و1939وأعطوه لتركيا في مخالفة لنص معاهدة أنقرة الذي يعتبر اللواء جزءاً من الأراضي السورية،وفي مخالفة لنص انتداب عصبة الأمم لفرنسا على سورية الذي يمنع الحاق الأراضي الخاضعة للانتداب إلى طرف ثالث)
(2) مع العراق: يتم تحديد الحدود بين تركيا والعراق في ترتيب ودي يتم إبرامه بين تركيا وبريطانيا العظمى في غضون تسعة أشهر. في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومتين خلال الفترة المذكورة ، يحال النزاع إلى مجلس عصبة الأمم. وتتعهد الحكومتان التركية والبريطانية بالمثل ، ريثما يتم التوصل إلى قرار بشأن موضوع الحدود ، بعدم القيام بأي تحرك عسكري أو أي تحرك آخر قد يغير بأي شكل من الأشكال الحالة الراهنة للأراضي التي يتوقف مصيرها النهائي على ذلك القرار.(تمت تسويته عام1926عندما تخلت تركيا عن مطالبتها بضم منطقة الموصل واعترفت بالحدود القائمة الآن بينها وبين العراق)
المادة 4
يتم تتبع الحدود التي وصفتها المعاهدة الحالية على خرائط واحد-في-المليون المرفقة بهذه المعاهدة. في حالة الاختلاف بين النص والخريطة ، سيسود النص. [انظر المقدمة.]
المادة 5
ستُعيّن لجنة للحدود لتعقب الحدود المحددة في المادة 2 (2) على الأرض. تتكون هذه اللجنة من ممثلين عن اليونان وتركيا ، حيث تقوم كل دولة بتعيين ممثل واحد ، ورئيس يختارونه من مواطني دولة ثالثة. وتسعى في جميع الحالات إلى اتباع الأوصاف الواردة في هذه المعاهدة بأكبر قدر ممكن ، مع مراعاة الحدود الإدارية والمصالح الاقتصادية المحلية قدر الإمكان. ويتخذ قرار اللجنة بالأغلبية ويكون ملزما للأطراف المعنية. تتحمل الأطراف المعنية نفقات اللجنة بحصص متساوية.
المادة 6
وفيما يتعلق بالحدود التي يحددها الممر المائي على أنها متميزة عن ضفافه ، فإن عبارة "مجرى" أو "قناة" المستخدمة في وصف هذه المعاهدة تعني ، فيما يتعلق بالأنهار غير الصالحة للملاحة ، الخط الوسيط للممر المائي أو فرعه الرئيسي ، وفيما يتعلق بالأنهار الصالحة للملاحة ، الخط الوسيط للقناة الرئيسية للملاحة. وتقع على عاتق لجنة الحدود مسؤولية تحديد ما إذا كان خط الحدود سيتبع أي تغييرات قد تطرأ على المسار أو القناة ، أو ما إذا كان سيتم تحديده بالتأكيد من خلال موقع المسار أو القناة في الوقت الذي تدخل فيه هذه المعاهدة حيز النفاذ. ونظرا لعدم وجود أحكام تخالف ذلك ، فإن هذه المعاهدة تنص على إدراج الجزر والجزر الصغيرة الواقعة على بعد ثلاثة أميال من الساحل ضمن حدود الدولة الساحلية.
المادة 7.
وتتعهد مختلف الدول المعنية بتزويد لجنة الحدود بجميع الوثائق اللازمة لمهامها ، ولا سيما النسخ الأصلية للاتفاقات التي تحدد الحدود القائمة أو القديمة، وجميع الخرائط الكبيرة الموجودة ، والبيانات الجيوديسية ، والدراسات الاستقصائية المنجزة ولكن غير المنشورة ، والمعلومات المتعلقة بالتغييرات في المجاري المائية الحدودية. يجب تسليم الخرائط والبيانات الجيوديسية والمسوحات ، حتى لو لم يتم نشرها ، والتي هي في حوزة السلطات التركية ، في القسطنطينية بأقل تأخير ممكن من دخول المعاهدة الحالية حيز التنفيذ إلى رئيس اللجنة. ويتعين على الدول المعنية أيضا إصدار تعليمات إلى السلطات المحلية بأن تبلغ اللجنة بجميع الوثائق ، ولا سيما الخطط والسجلات العقارية ودفاتر الأراضي ، وأن تقدم عند الطلب جميع التفاصيل المتعلقة بالممتلكات والظروف الاقتصادية القائمة وغيرها من المعلومات الضرورية.
المادة 8.
وتتعهد مختلف الدول المهتمة بتقديم كل مساعدة للجنة الحدود ، سواء مباشرة أو عن طريق السلطات المحلية ، في كل ما يتعلق بالنقل والإقامة والعمل والمواد (نقاط الإشارة والأعمدة الحدودية) لإنجاز مهمتها. وتتعهد الحكومة التركية ، على وجه الخصوص ، بأن تزود ، عند الاقتضاء ، بالأفراد التقنيين اللازمين لمساعدة لجنة الحدود في أداء مهامها.
المادة 9.
وتتعهد مختلف الدول المهتمة بحماية النقاط المثلثية أو الإشارات أو المواقع أو العلامات الحدودية التي تنشئها اللجنة.
المادة 10.
سيتم وضع الركائز بحيث تكون قابلة للتداخل. سيتم ترقيمها, وسيتم تدوين موقفهم ورقم وريثهم في وثيقة رسم الخرائط.
المادة 11.
وستعد البروتوكولات التي تحدد الحدود والخرائط والوثائق المرفقة بها في ثلاث نسخ ، ترسل منها نسختان إلى حكومات دول الحدود ، وترسل النسخة الثالثة إلى حكومة الجمهورية الفرنسية التي تسلم نسخا أصلية إلى الدول الموقعة على هذه المعاهدة.
المادة ١٢.
القرار الذي اتخذه مؤتمر لندن في 13 فبراير 1914 ، بموجب المادتين 5، من معاهدة لندن 17-20 مايو 1913، و 15، من معاهدة أثينا من 1 إلى 14 نوفمبر 1913 ، والذي تم إبلاغ الحكومة اليونانية بالقرار في 13 فبراير 1914 ، بشأن سيادة اليونان على جزر شرق البحر الأبيض المتوسط ، بخلاف جزر إمبروس وتينيدوس وجزر الأرنب ، ولا سيما جزر ليمنوس وساموثريس وميتيليني وخيوس وساموس ونيكاريا ، وأكد, مع مراعاة أحكام هذه المعاهدة المتعلقة بالجزر الواقعة تحت سيادة إيطاليا والتي تشكل موضوع المادة 15. باستثناء الحالات التي يرد فيها حكم مخالف في هذه المعاهدة ، تظل الجزر الواقعة على بعد أقل من ثلاثة أميال من الساحل الآسيوي تحت السيادة التركية.
المادة 13.
من أجل ضمان الحفاظ على السلام ، تتعهد الحكومة اليونانية بمراعاة القيود التالية في جزر ميتيليني وخيوس وساموس ونيكاريا:
(1) لن تقام في الجزر المذكورة قاعدة بحرية ولا تحصينات.
(2) يحظر على الطائرات العسكرية اليونانية التحليق فوق أراضي ساحل الأناضول. وفي المقابل ، ستمنع الحكومة التركية طائراتها العسكرية من التحليق فوق الجزر المذكورة.
(3) ستقتصر القوات العسكرية اليونانية في الجزر المذكورة على الوحدة العادية التي يتم استدعاؤها للخدمة العسكرية ، والتي يمكن تدريبها على الفور ، وكذلك على قوة من الدرك والشرطة تتناسب مع قوة الدرك والشرطة الموجودة في كامل الأراضي اليونانية.
المادة 14.
تتمتع جزر إمبروس وتينيدوس ، التي تبقى تحت السيادة التركية ، بتنظيم إداري خاص يتكون من عناصر محلية ويوفر كل ضمان للسكان الأصليين غير المسلمين فيما يتعلق بالإسكان المحلي وحماية الأشخاص والممتلكات. وتكفل المحافظة على النظام فيها قوة شرطة تجند من بين السكان المحليين من قبل الإدارة المحلية المذكورة أعلاه والتي وضعت تحت أوامرها. لن يتم تطبيق الاتفاقيات التي تم إبرامها أو قد تكون مبرمة بين اليونان وتركيا فيما يتعلق بتبادل السكان اليونانيين والأتراك على سكان جزر إمبروس وتينيدوس.
المادة 15.
تتخلى تركيا لصالح إيطاليا عن جميع الحقوق والملكية على الجزر التالية: ستامباليا (أستراباليا) ، رودس (رودوس) ، كالكي (خاركي) ، سكاربانتو ، كاسوس (كاسو) ، بيسكوبيس (تيلوس) ، ميسيروس (نيسيروس) ، كاليمنوس (كاليمنوس) ، ليروس ، بطمس ، ليبسوس (ليبسو) ، سيمي (سيمي) ، وكوس (كوس) ، التي تحتلها إيطاليا الآن ، والجزر التابعة لها ، وأيضا على الجزر التي تحتلها إيطاليا ، وكذلك على الجزر الأخرى التي تحتلها جزيرة كاستيلوريزو.
المادة 16.
تتنازل تركيا بموجب هذا عن جميع الحقوق والملكية أيا كانت على أو تحترم الأراضي الواقعة خارج الحدود المنصوص عليها في المعاهدة والجزر غير تلك التي تعترف سيادتها عليها بموجب المعاهدة المذكورة ، ومستقبل هذه الأراضي والجزر التي يتم تسويتها أو التي سيتم تسويتها من قبل الأطراف المعنية. لا تخل أحكام هذه المادة بأي ترتيبات خاصة ناشئة عن علاقات الجوار التي أبرمت أو قد تبرم بين تركيا وأية بلدان محدودة.
المادة 17.
إن تنازل تركيا عن جميع الحقوق والألقاب على مصر وعلى السودان سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من 5 نوفمبر 1914.
المادة 18.
يتم تحرير تركيا من جميع التعهدات والالتزامات فيما يتعلق بالإيوان العثماني المضمون على الجزية المصرية ، أي قروض 1855 و 1891 و 1894. المدفوعات السنوية التي تقدمها مصر لخدمة هذه القروض التي تشكل الآن جزءا من خدمة الدين العام المصري ، وتتحرر مصر من جميع الالتزامات الأخرى المتعلقة بالدين العام العثماني.
المادة 19.
تسوى أية مسائل تنشأ عن الاعتراف بدولة مصر باتفاقات يتم التفاوض بشأنها فيما بعد على نحو يحدد فيما بعد بين الدول المعنية. لن تنطبق أحكام هذه المعاهدة المتعلقة بالأراضي المنفصلة عن تركيا بموجب المعاهدة المذكورة على مصر.
المادة 20.
تعترف تركيا بموجب هذا بضم قبرص الذي أعلنته الحكومة البريطانية في 5 نوفمبر 1914.
المادة 21.
المواطنون الأتراك المقيمون عادة في قبرص في 5 نوفمبر 1914 ، سيحصلون على الجنسية البريطانية وفقا للشروط المنصوص عليها في القانون المحلي ، وبالتالي سيفقدون جنسيتهم التركية. ومع ذلك ، سيكون لهم الحق في اختيار الجنسية التركية في غضون عامين من بدء نفاذ هذه المعاهدة ، شريطة أن يغادروا قبرص في غضون اثني عشر شهرا بعد اختيارهم. المواطنون الأتراك المقيمون عادة في قبرص عند بدء نفاذ هذه المعاهدة والذين اكتسبوا في ذلك التاريخ الجنسية البريطانية أو هم بصدد اكتسابها ، بناء على طلب مقدم وفقا للقانون المحلي ، سيفقدون أيضا جنسيتهم التركية. ومن المفهوم أن حكومة قبرص سيكون لها الحق في رفض الجنسية البريطانية لسكان الجزيرة الذين ، كونهم مواطنين أتراك ، كانوا قد اكتسبوا في السابق جنسية أخرى دون موافقة الحكومة التركية.
2. احكام خاصة.
المادة 23.
يتم الاتفاق على الاعتراف بمبدأ حرية العبور والملاحة ، عن طريق البحر والجو ، في وقت السلم كما في وقت الحرب ، في مضيق الدردنيل وبحر مرمرة ومضيق البوسفور ، على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية المنفصلة الموقعة هذا اليوم ، فيما يتعلق بنظام المضائق. سيكون لهذه الاتفاقية نفس القوة والتأثير فيما يتعلق بالأطراف المتعاقدة السامية الحالية كما لو كانت تشكل جزءا من هذه المعاهدة.
المادة 24.
سيكون للمؤتمر المنفصل الموقع هذا اليوم والذي يحترم النظام الأساسي للحدود الموصوفة في المادة 2 من هذه المعاهدة نفس القوة والتأثير فيما يتعلق بالأطراف المتعاقدة السامية الحالية كما لو كانت تشكل جزءا من هذه المعاهدة.
المادة 25.
تتعهد تركيا بالاعتراف بالقوة الكاملة لمعاهدات السلام والاتفاقيات الإضافية التي أبرمتها الدول المتعاقدة الأخرى مع القوى التي قاتلت إلى جانب تركيا ، والاعتراف بأي ترتيبات كانت أو قد تكون فيما يتعلق بأراضي الإمبراطورية الألمانية السابقة والنمسا والمجر وبلغاريا ، والاعتراف بالدول الجديدة داخل حدودها كما هو منصوص عليه.
المادة 26.
تعترف تركيا بموجب هذا وتقبل حدود ألمانيا وأستراليا وهنغاريا وبولندا ورومانيا وبلغاريا واليونان والدولة السلوفينية والدولة التشيكوسلوفاكية ، حيث أن هذه الحدود قد تم تحديدها أو قد يتم تحديدها بموجب المعاهدات المشار إليها في المادة 25 أو بموجب أي اتفاقيات تكميلية.
المادة 27.
لا يجوز ممارسة أي سلطة أو ولاية قضائية في المسائل السياسية أو التشريعية أو الإدارية خارج الأراضي التركية من قبل الحكومة أو السلطات التركية ، لأي سبب من الأسباب ، على مواطني الأراضي الموضوعة تحت سيادة أو محمية القوى الأخرى الموقعة على هذه المعاهدة ، أو على مواطني الأراضي المنفصلة عن تركيا. من المفهوم أن الصفات الروحية للسلطات الدينية الإسلامية لا تنتهك بأي حال من الأحوال.
المادة 28.
ويقبل كل طرف من الأطراف المتعاقدة السامية بموجب هذا ، فيما يتعلق به ، الإلغاء الكامل للتنازلات في تركيا من جميع النواحي. () المادة 29. يتمتع المغاربة ، من الرعايا الفرنسيين ("الرعايا") والتونسيين في تركيا بنفس المعاملة من جميع النواحي مثل الرعايا الفرنسيين الآخرين ("الرعايا"). يتمتع مواطنو ليبيا ("رعايا") في تركيا بنفس المعاملة من جميع النواحي التي يتمتع بها المواطنون الإيطاليون الآخرون ("رعايا"). إن أحكام هذه المادة لا تحكم مسبقا بأي شكل من الأشكال على جنسية الأشخاص من أصل تونسي وليبي ومغربي المقيمين في تركيا. وبالمثل ، في الأراضي التي يستفيد سكانها من أحكام الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة ، يستفيد المواطنون الأتراك من نفس المعاملة كما هو الحال في فرنسا وإيطاليا على التوالي. تسوى المعاملة التي تخضع لها البضائع الناشئة في الأراضي أو المتجهة إليها ، والتي يستفيد سكانها من أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة ، في تركيا ، وبالمقابل ، المعاملة التي تخضع لها البضائع الناشئة في تركيا أو المتجهة إليها في الأراضي المذكورة بالاتفاق بين الحكومتين الفرنسية والتركية.
القسم ٢
الجنسية.
المادة 30.
الرعايا الأتراك المقيمون عادة في إقليم منفصل عن تركيا وفقا لأحكام هذه المعاهدة سيصبحون بحكم الواقع ، وفقا للشروط المنصوص عليها في القانون المحلي ، رعايا الدولة التي يتم نقل هذه الأراضي إليها.
المادة 31.
يحق للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاما ، والذين يفقدون جنسيتهم التركية ويحصلون تلقائيا على جنسية جديدة بموجب المادة 30 ، في غضون عامين من بدء نفاذ هذه المعاهدة اختيار الجنسية التركية.
المادة 32.
يحق للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاما ، والذين يقيمون عادة في إقليم منفصل عن تركيا وفقا لهذه المعاهدة ، ويختلفون في العرق عن غالبية سكان هذه الأراضي ، في غضون عامين من بدء نفاذ هذه المعاهدة ، أن يختاروا جنسية إحدى الدول التي تنتمي فيها أغلبية السكان إلى نفس العرق الذي ينتمي إليه الشخص الذي يمارس الحق في الاختيار ، رهنا بموافقة تلك الدولة.
المادة 33.
يجب على الأشخاص الذين مارسوا حق الاختيار وفقا لأحكام المادتين 31 و 32 ، في غضون الاثني عشر شهرا التالية ، نقل مكان إقامتهم إلى الدولة التي اختاروها. يحق لهم الاحتفاظ بممتلكاتهم غير المنقولة في إقليم الدولة الأخرى التي كان مكان إقامتهم فيها قبل ممارسة حقهم في الاختيار. قد يحملون معهم ممتلكاتهم المنقولة من كل وصف. ولا يجوز فرض أي تصدير أو فرض ضرائب على هذه الممتلكات فيما يتعلق بنقل هذه الممتلكات.
المادة 34.
مع مراعاة أي اتفاقيات قد يكون من الضروري إبرامها بين الحكومات التي تمارس السلطة في البلدان المنفصلة عن تركيا وحكومات البلدان التي يقيم فيها الأشخاص المعنيون ، يجوز للمواطنين الأتراك الذين تزيد أعمارهم عن ثمانية عشر عاما والذين هم من مواطني إقليم منفصل عن تركيا بموجب هذه المعاهدة ، والذين يقيمون عادة في الخارج عند دخولها حيز التنفيذ ، اختيار جنسية الإقليم الذي هم مواطنون فيه ، إذا كانوا ينتمون عن طريق العرق إلى غالبية سكان ذلك الإقليم, ورهنا بموافقة الحكومة التي تمارس السلطة فيها. ويجب ممارسة هذا الحق في الاختيار في غضون سنتين من بدء نفاذ هذه المعاهدة.
المادة 35.
تتعهد السلطات المتعاقدة بعدم إعاقة ممارسة الأشخاص المعنيين لحقهم بموجب هذه المعاهدة أو بموجب معاهدات السلام المبرمة مع ألمانيا أو النمسا أو بلغاريا أو المجر ، أو بموجب أي معاهدة تبرمها القوى المذكورة ، بخلاف تركيا ، أو أي منها ، مع روسيا ، أو فيما بينها ، لاختيار أي جنسية أخرى قد تكون مفتوحة للمادة 36. لأغراض أحكام هذا القسم, سيحكم وضع المرأة المتزوجة وضع زوجها, ووضع الأطفال دون الثامنة عشرة من العمر من قبل والديهم.
المادة 36.
لأغراض أحكام هذا القسم, سيحكم وضع المرأة المتزوجة وضع زوجها، ووضع الأطفال دون الثامنة عشرة من العمر من قبل والديهم.
القسم 3
حماية الاقليات
المادة 37
تتعهد تركيا بأن الشروط الواردة في المواد من 38 إلى 44 يجب الاعتراف بها كقوانين أساسية ، وأنه لا يجوز لأي قانون أو لائحة أو إجراء رسمي أن يتعارض أو يتدخل في هذه الشروط ، ولا يجوز لأي قانون أو لائحة أو إجراء رسمي أن يسود عليها.
المادة 38.
تتعهد الحكومة التركية بضمان الحماية الكاملة والكاملة للحياة والحرية لجميع سكان تركيا دون تمييز بسبب المولد أو الجنسية أو اللغة أو العرق أو الدين. يحق لجميع سكان تركيا أن يمارسوا بحرية ، علنا أو سرا ، أي عقيدة أو دين أو معتقد لا يتعارض احترامه مع النظام العام والأخلاق الحميدة. تتمتع الأقليات غير المسلمة بحرية التنقل والهجرة الكاملة ، رهنا بالتدابير المطبقة ، كليا أو جزئيا ، على جميع الرعايا الأتراك ، والتي قد تتخذها الحكومة التركية للدفاع الوطني أو للحفاظ على النظام العام.
المادة 39
ويتمتع المواطنون المنتمون إلى الأقليات غير المسلمة بنفس الحقوق المدنية والسياسية التي يتمتع بها المسلمون. جميع سكان تركيا ، دون تمييز بسبب الدين ، متساوون أمام القانون. لا يخل اختلاف الدين أو العقيدة أو المعتقد بأي مواطن تركي في المسائل المتعلقة بالتمتع بالحقوق المدنية أو السياسية ، مثل القبول في الوظائف والوظائف والأوسمة العامة ، أو ممارسة المهن والصناعات. لا يجوز فرض أي قيود على الاستخدام المجاني لأي مواطن تركي لأي لغة في الجماع الخاص أو في التجارة أو الدين أو في الصحافة أو في المنشورات من أي نوع أو في الاجتماعات العامة. على الرغم من وجود اللغة الرسمية ، يجب تقديم تسهيلات كافية للمواطنين الأتراك غير الناطقين باللغة التركية للاستخدام الشفهي لغتهم أمام المحاكم.
المادة 40.
يتمتع المواطنون الأتراك المنتمون إلى أقليات غير مسلمة بنفس المعاملة والأمن في القانون وفي الواقع مثل المواطنين الأتراك الآخرين. على وجه الخصوص ، يكون لهم الحق على قدم المساواة في إنشاء وإدارة ومراقبة على نفقتهم الخاصة ، وأي مؤسسات خيرية ودينية واجتماعية ، وأي مدارس وغيرها من المؤسسات للإرساء والتعليم ، مع الحق في استخدام لغتهم الخاصة وممارسة دينهم بحرية فيها.
المادة 41.
وفيما يتعلق بالتعليم العام ، ستمنح الحكومة التركية في تلك البلدات والمقاطعات ، التي تقيم فيها نسبة كبيرة من المواطنين غير المسلمين ، تسهيلات كافية لضمان تقديم التعليم في المدارس الابتدائية لأطفال هؤلاء المواطنين الأتراك من خلال وسيلة لغتهم الخاصة. لن يمنع ذلك الحكم التركي من تدريس اللغة التركية بشكل إلزامي في المدارس المذكورة. وفي البلدات والمقاطعات التي توجد فيها نسبة كبيرة من الرعايا الأتراك المنتمين إلى أقليات مسلمة ، تكفل لهذه الأقليات حصة مكافئة في التمتع بالمبالغ التي يمكن توفيرها من الأموال العامة في إطار ميزانيات الدولة أو البلديات أو غيرها من الميزانيات لأغراض تعليمية أو دينية أو خيرية واستخدامها. كما تُدفع المبالغ المعنية إلى المؤسسات المختصة المعنية.
المادة 42.
وتتعهد الحكومة التركية ، فيما يتعلق بالأقليات غير المسلمة ، فيما يتعلق بقانون الأسرة أو الأحوال الشخصية ، باتخاذ تدابير تسمح بالتسوية وفقا لعادات تلك الأقليات. وستتولى وضع هذه المسائل في هذه التدابير لجان خاصة تتألف من ممثلين عن الحكومة التركية وممثلين عن كل من الأقليات المعنية بأعداد متساوية. في حالة الاختلاف ، ستعين الحكومة التركية ومجلس عصبة الأمم بالاتفاق حكما يتم اختياره من بين المحامين الأوروبيين. تتعهد الحكومة التركية بتوفير الحماية الكاملة للكنائس والمعابد والمقابر والمؤسسات الدينية الأخرى للأقليات المذكورة أعلاه. سيتم منح جميع التسهيلات والتصاريح للمؤسسات الدينية والمؤسسات الدينية والخيرية للأقليات المذكورة الموجودة حاليا في تركيا ، ولن ترفض الحكومة التركية ، من أجل تشكيل مؤسسات دينية وخيرية جديدة ، أي من التسهيلات الضرورية المضمونة للمؤسسات الخاصة الأخرى من هذا النوع.
المادة 43.
لا يجوز إجبار المواطنين الأتراك المنتمين إلى أقليات غير مسلمة على القيام بأي عمل يشكل انتهاكا لعقيدتهم أو شعائرهم الدينية ، ولا يجوز وضعهم تحت أي إعاقة بسبب رفضهم حضور المحاكم أو القيام بأي عمل قانوني في يوم الراحة الأسبوعي. غير أن هذا الحكم لا يعفي هؤلاء الرعايا الأتراك من الالتزامات التي تفرض على جميع الرعايا الأتراك الآخرين من أجل الحفاظ على النظام العام.
المادة 44.
وتوافق تركيا على أنه ، بقدر ما تؤثر المواد السابقة من هذا القسم على رعايا تركيا من غير المسلمين ، فإن هذه الأحكام تشكل التزامات ذات أهمية دولية وتوضع تحت ضمان عصبة الأمم. ولا يجوز تعديلها إلا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس عصبة الأمم. توافق الإمبراطورية البريطانية وفرنسا وإيطاليا واليابان بموجب هذا على عدم حجب موافقتها على أي تعديل في هذه المواد يوافق عليه في الشكل الواجب بأغلبية مجلس عصبة الأمم. وتوافق تركيا على أنه يحق لأي عضو في مجلس عصبة الأمم أن يوجه انتباه المجلس إلى أي مخالفة أو خطر انتهاك لأي من هذه الالتزامات ، وأنه يجوز للمجلس عندئذ أن يتخذ ما يراه مناسبا وفعالا من توجيهات في هذه الظروف. كما توافق تركيا على أن أي اختلاف في الرأي بشأن المسائل القانونية أو الوقائعية الناشئة عن هذه المواد بين الحكومة التركية وأي دولة من الدول الموقعة الأخرى أو أي دولة أخرى ، عضو في مجلس عصبة الأمم ، يعتبر نزاعا ذا طابع دولي بموجب المادة 14 من ميثاق عصبة الأمم. توافق الحكومة التركية بموجب هذا على إحالة أي نزاع من هذا القبيل ، إذا طلب الطرف الآخر ، إلى محكمة العدل الدولية الدائمة. ويكون قرار المحكمة الدائمة نهائيا ويكون له نفس القوة والتأثير اللذين يتمتع بهما قرار التحكيم بموجب المادة 13 من العهد.
المادة 45.
والحقوق التي تمنحها أحكام هذا الفرع المتعلق بالأقليات غير المسلمة في تركيا ستمنحها اليونان بالمثل للأقلية المسلمة في إقليمها.
المادة 143.
يتم التصديق على هذه المعاهدة في أقرب وقت ممكن. وتودع التصديقات في باريس.
ويحق للحكومة اليابانية أن تكتفي بإبلاغ حكومة الجمهورية الفرنسية عن طريق ممثلها الدبلوماسي في باريس عند التصديق عليها ؛ وفي هذه الحالة ، يتعين عليها أن تحيل صك التصديق في أقرب وقت ممكن. ستصدق كل دولة من الدول الموقعة بصك واحد على هذه المعاهدة والصكوك الأخرى الموقعة عليها والمذكورة في الوثيقة الختامية لمؤتمر لوزان ، بقدر ما تتطلب التصديق عليها. يتم وضع الإجراء اللفظي الأول لإيداع التصديقات بمجرد قيام تركيا ، من جهة ، والإمبراطورية البريطانية وفرنسا وإيطاليا واليابان ، أو أي ثلاثة منها ، من جهة أخرى ، بإيداع صكوك تصديقها. من تاريخ هذا الإجراء الأول ، ستدخل المعاهدة حيز التنفيذ بين الأطراف المتعاقدة السامية التي صدقت عليها على هذا النحو. وبعد ذلك يدخل حيز النفاذ بالنسبة للدول الأخرى في تاريخ إيداع تصديقاتها. بيد أنه فيما بين اليونان وتركيا ، ستدخل أحكام المواد 1 و2 و511 الشاملة حيز النفاذ حالما تودع الحكومتان اليونانية والتركية صكوك تصديقهما ، حتى وإن لم تكن الإجراءات اللفظية المشار إليها أعلاه قد وضعت بعد في ذلك الوقت. سترسل الحكومة الفرنسية إلى جميع القوى الموقعة نسخة مصدقة من إيداع التصديقات. بموجب الثقة بما ورد أعلاه في لوزان وقع المفوضون المتوسطون على المعاهدة الحالية. في ٢٤ يوليو ، 1923 ، في نسخة واحدة ، والتي سيتم إيداعها في محفوظات حكومة الجمهورية الفرنسية، والتي سترسل نسخة مصدقة إلى كل من السلطة المتعاقدة
«الحل النهائي» زلة لسان أم زلة ضمير؟

"القدس العربي"
13 يونيو
2022
الياس خوري

بسقوط الوحش النازي وهزيمته في الحرب العالمية الثانية ترسخت بعض المفاهيم المأخوذة من دروس الحرب العالمية الثانية، فصارت اللاسامية جريمة، وصار إنكار المحرقة اليهودية خطيئة يعاقب عليها القانون. وبرزت محاولات أوروبية من أجل تجاوز الصدمة التي صنعها الفكر العنصري القومي على الوعي والحياة اليومية، وطردت بعض العبارات التي تحمل طابعاً عنصرياً من اللغة.
إحدى العبارات التي تمت إدانتها هي عبارة «الحل النهائي للمسألة اليهودية» بما تحمله من مضمون عنصري وإجرامي.
لذلك فإن قيام مناحيم بيغن باستخدامها في معرض حديثه عن الفلسطينيين يثير الاستغراب والاستهجان في آن معاً.
هل كانت زلة لسان أم زلة ضمير؟
من المرجح أنها لم تكن لا هذه ولا تلك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قاد اليمين إلى حرب لبنان الأولى بمآسيها ومجازرها كان واعياً لما قاله. الفاشيون لا ينتظرون التحليل الفرويدي للاوعيهم الذي يتجلى في زلات ألسنتهم. وحين تسود الجريمة يمتزج الوعي باللا وعي، ونكون أمام لسان ينطق بما يمليه عليه ضمير ميت.
ومع ذلك، فقد فوجئت بالتقرير الذي نشره عوفر اديريت في صحيفة «هآرتس» (6 حزيران- يونيو 2022)، وعنوانه «عندما ناقش ريغان وبيغن حلاً نهائياً للمسألة الفلسطينية».
مفاجأتي ليست بسبب مضمون الحوار، ولا لأنه كشف النية الإسرائيلية لفرض «الحل النهائي»، بل هي مفاجأة لغوية.
فتعبير «الحل النهائي»، يستخدم ككناية عن المشروع النازي لإبادة اليهود. إنه عبارة تحيل حكماً إلى مشروع الإبادة، وهي مستلة من القاموس النازي، واصطلح على استخدامها في هذا السياق.
مفاجأتي تعود إلى عدم تحرج رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك عن استخدام القاموس النازي في الحديث عن الفلسطينيين.
في الوقائع التي كشفها محضر سري للاجتماع بين الرجلين في 21 حزيران- يونيو 1982، والذي أفرج عنه من أجل بحث يُعد في جامعة نيويورك، اقترح بيغن على الرئيس الأمريكي حلاً نهائياً لوجود حوالي 400 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان. والحل هو طرد اللاجئين إلى ليبيا والعراق.
في هذا الربط بين زلة اللسان النازية، والتطهير العرقي، نعثر على المعنى الجوهري للصهيونية.
حرب 1948، كانت المحاولة الأولى لتطبيق الحل النهائي:
فالحل النهائي الإسرائيلي قام على تزاوج عاملين:
العامل الأول هو ترويع الفلسطينيات والفلسطينيين. وأداة هذا الترويع كانت مجموعة من المجازر الموضعية: دير ياسين، الصفصاف، عين الزيتون، عين حوض، أبوشوشة، الطنطورة وغيرها كثير. لم يكن هدف هذه المذابح الإبادة بل التخويف عبر التلويح بمقتلة جاعية محتملة.
العامل الثاني هو التطهير العرقي، الذي يأتي كمحصلة للعامل الأول؛ أي وضع الفلسطينيين أمام الهرب الإجباري سيراً على الأقدام أو في القوارب، ومن لم يهرب يتم وضعه في الباصات التي ترميه على الحدود.
كان هناك حرص إسرائيلي سياسي وأكاديمي على حجب هاتين الحقيقتين المترابطتين، ونفي وجود مشروع تطهير عرقي منظم، والتأكيد على «طهارة السلاح الإسرائيلي» وإلى آخره…
غير أنه مع صعود اليمين العنصري واجتياحه مفاصل السلطة والمجتمع، ومع تحول المستوطنين إلى قوة صاعدة وشبه مهيمنة، ومع عودة الكاهانية إلى المتن السياسي –الاجتماعي، زال الحَرَج الإسرائيلي، إلى درجة قيام عضو الكنيست الليكودي يسرائيل كاتس بتذكير الفلسطينيين بالنكبة، كوسيلة لردع مقاومتهم في الأراضي المحتلة!
صار الإسرائيليون يلعبونها على المكشوف، وسبق لمناحيم بيغن أن تباهى بأن مجزرة دير ياسين (نيسان- إبريل 1948) التي قادها بنفسه، لعبت دوراً تأسيسياً في نجاح مشروع الدولة اليهودية.
بيغن وأستاذه جابوتنسكي لم يخفيا يوماً تبنيهما للنموذج القومي الألماني، لكن لم يسبق لأي مسؤول إسرائيلي، حسب علمي، أن تجرأ على استخدام مصطلح «الحل النهائي».
والغريب أن نشر التقرير في «هآرتس»، لم يثر أي نقاش في إسرائيل، ولم نشهد أي ردة فعل في مواجهة استخدام مسؤول يهودي قادم من بولندا هذا التعبير، الذي يرتبط بذكرى يهودية بولندية لا تزال تعاني من تروما الهولوكست.
إذا قرأنا السياسة الإسرائيلية في المناطق المحتلة بصفتها محطات تمهيدية للوصول إلى الحل النهائي، فسنصاب بالذهول.
كأن هناك خريطة طريق مرسومة بدقة يتم تطبيقها وتكييفها مع الظرف السياسي المتغير.
فالكلام الإسرائيلي عن حل الدولتين، سواء حمله اليسار الصهيوني أو اليمين الفاشي، كان يعني استمرار الاحتلال. ولم يعط الفلسطينيين عبر سلطتهم التابعة، سوى شرف قمع شعبهم، وخدمة المشروع الكولونيالي.
ما نشهده هو عمل إسرائيلي يومي من أجل خلق مناخات تسمح للفاشيين بالوصول إلى فرض «حلهم النهائي»، حين يجدون ظرفاً ملائماً لذلك.
فحين يقوم الجيش الإسرائيلي بتكبيل طفلتين: سلوى (11 سنة) وشقيقتها زينب (12 سنة)، فهذا يعني أن القمع الاسرائيلي دخل مرحلة جنون هذياني. مستوطن في الخليل كان يراقب أطفالاً يلعبون في الشارع، شكّ في احتمال أن تكون سلوى رمت سكيناً، واتصل بالشرطة. لم يكلف الضابط نفسه عناء الاستماع إلى الطفلتين، فكبلهما، لأن الطفل الفلسطيني إرهابي بالضرورة.
تعالوا نفترض أن الشرطة الفلسطينية قامت بتكبيل طفلتين يهوديتين، ماذا ستكون ردة فعل العالم «المتحضر».
افتراضنا خاطئ لسببين، الأول هو أن «الشرطة الفلسطينية غير معنية بحماية الفلسطينيين ولا تجرؤ على ذلك، والثاني لأن تكبيل طفلتين هو عمل وحشي ومدان، بصرف النظر عن هويتهما.
الذي يخوض حرباً على الأطفال ويقتل الصحافيين ويعربد في شوارع القدس، ويعتدي على القرى بشكل يومي، ويذل الناس على الحواجز، ينفذ أجندة واضحة أطلق عليها مناحيم بيغن اسمه «الحل النهائي».
لا شك أن القراء يعرفون كيف انقلبت الأمور، فأنهى بيغن حياته في مستشفى الأمراض العصبية في دير ياسين، القرية التي كان يتفاخر طوال حياته بأن مذبحتها أسست إسرائيل.
وبيغن لم يجانب الصواب حين وصف دور المجزرة التأسيسي في قيام الدولة العبرية، لكن خلفاءه في أيامنا يستعدون للسير مجدداً في وحل الجريمة.
لكنهم يتناسون أن الفلسطينيين قرروا أن يكتبوا نهاية هذه الحكاية الإجرامية، وسيحطمون الحل النهائي بصبرهم وصمودهم ومقاومتهم
---------------------------------------------------------













زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا