الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد مختلفة من تأملات امرأة مصرية

منى نوال حلمى

2022 / 6 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


--------------------------------------------------
المشهد الأول :
--------------------

ايمان ملايين البشر بأفكار غبية حمقاء هشة ، ضد الانسانية والعقل السوى والعدل والحرية ، لا يحولها الى أفكار جديرة بالاعتناق ويجعلها فى مرتبة الحقيقة .
والعكس صحيح تماما . فايمان شخص واحد فقط امرأة أو رجلا ، بأفكار تتفق مع الانسانية والعقل السوى
والعدل والحرية ، لا تتحول الى حماقات فاسدة يجب التخلص منها ، أو التقليل من شأنها ، أو الاستهزاء بها ،
لمجرد أن ملايين البشر لا يؤمنون بها . معايير جودة الأفكار عكس معايير " العدد فى اللمون ".

المشهد الثانى :
----------------------

ما يسميه البشر مصائب وكوارث ، مثل العيوب الخلقية ، والمرض ، وحوادث السيارات ووقوع الطائرات وغرق السفن ، وسقوط العمارات والبيوت ، واحتراق المبانى ، وخسارات الفلوس ، وجرائم القتل والذبح ، ليست الا
" حقائق " الحياة المتسقة مع طبيعتها العبثية العشوائية غير مبالية بالبشر .

المشهد الثالث :
---------------------
عندما أتوقف عن التساؤل الذى يحير الناس والفلاسفة والنساء والرجال فى كل العصور ، فى كل مكان ، وهو
" ما هى السعادة ؟ " . أتأكد فقط حينئذ أننى وصلت الى الاجابة ، وأننى حقا قد أصبحت " سعيدة " .

المشهد الرابع :
-----------------------

هناك مجموعة من المحامين الذين اشتهروا بالتخصص فى تقديم بلاغات للنائب العام خاصة
فقط كلها بشئ اسمه ازدراء الأديان والتعدى على الرسل والاساءة الى الأنبياء والذات الالهية
العليا والتحريض على الفسق والفجور وافساد قيم الأسرة المصرية المترابطة المتدينة بطببعتها
بلاغات ضد آراء ومقالات ومسرحيات وأفلام وقصائد ومسلسلات وفيديوهات تيك توك
ورقص وغناء الناس على مركب ترفيهى ، و مهرجانات سينما ، وتصريحات ضد فنانين
وفنانات ، وغيرها من البلاغات التى تتكلم كلها باسم الفضيلة والحفاظ على عادات وتقاليد
وأخلاق المجتمع المصرى ، وكلها باسم الشعب المصرى مع ان الشعب المصرى لم يوكل
احدا للوصاية الدينية والأخلاقية . ما علينا ، السؤال الذى يطرح نفسه ، اذا كان هؤلاء
المحامين يتابعون بدقة ما يسمونه الانحدار الأخلاقى والاساءة الى الاسلام وافساد المجتمع ،
لماذا لم نسمع أن تقدم أحد منهم بالحماس والحمية والغضب نفسه ، الى النائب العام ببلاغ ضد
أخطاء الأطباء التى تقتل الناس ، وضد اهمال المستشفيات الخاصة والعامة وعدم توافر كل
المعدات اللازمة لانقاذ الحياة فورا ، و ضد الطرق الوعرة غير انسانية خاصة فى القرى
والكفور والنجوع الفقيرة والتى تحصد الناس من وعورتها وسوء أحوالها سواء طريق السيارات أو أحوال الترع على الطريق ، وضد الموظف أو الموظفة التى تطلب علنا أو فى الخفاء رشوة لكى تؤدى واجبها ،
وتسهل قضاء مصالح الناس ، وضد مدارس ليس فيها الحد الأدنى للتعليم الصحى المفيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ . أليست هذه أوضاع تسئ الى الدين والاسلام والفضيلة والأخلاق ؟؟؟. أليست هذه أوضاع تدمر الأسرة المصرية من كل النواحى ؟؟

المشهد الخامس :
----------------------------
التعريف الحقيقى أو لنقل التعريف الذى أؤمن به للعلاقة الجنسية بين المرأة والرجل ، أنها " نبوءة كونية " ،
و" مشروع حضارى " ، ولقاء خاص خصوصى سِرى ، للامتزاج بالدهشة وقمة الشغف واكتشاف أنبل
معانى النفس التى هى جزء عضوى من معانى الكون والطبيعة بأسرارهما وقوانينهما ، وانفتاح
على الحزن والفرح فى لحظة خارجة عن الزمان والمكان ، وحب فضول لمعرفة مكان الذات
فى الوجود وغاية الحياة ، وانتظار ممتع لليأس والرجاء ، وتحمل مشبع باللذة لمأساتنا البديعة
المتفردة على الأرض . وفقا لهذا التعريف الذى آمنت به طول عمرى ، يكون اذن من المنطقى
أن هؤلاء النساء والرجال الذين يؤمنون بهذا التعريف ، نادرا ما يمارسون الجنس على مدى
عمرهم ، وأنها مرات ربما تعد على اصابع اليد الواحدة ، أن تشهد أيامهم هذه الممارسة .
مع الأسف والأسى والاشمئزاز والشفقة أيضا ، يمارس الجنس على أنه اشباع لشهوات
متعفرته فى النصف الأسفل من الجسد ، وفك كبت وحرمان وتسلية عابرة مفرغة من أى معنى
قيمة نافعة حقيقية ، أو كما يقولون فى مجتمعاتنا عند الزواج الذى هو فى الأصل اسمه " عقد نكاح " ، " حلال ربنا " ، " شرع ربنا " ، للخلفة ، وحقوق غرائزية شرعية واجبة على الطرفين ، خاصة على المرأة التى يجب ألا تمتنع الا اذا كانت ستفارق أنفاسها الأخيرة . وان ماتت هناك " نكاح الوداع ". هذه النكاحات شرعية وغير شرعية التى تصبح عادة مبرمجة ومتعة مزيفة ولذة موقوتة بانتفاضات أجساد مغتربة متفسخة ، لا تنتج الا المزيد من الاغتراب والوحشة والتعاسة والقرف والكآبة والاكتئاب وكراهية النفس والطرف الآخر ، ونتيجتها أجنة ونسل وذرية ، محملة بالخطيئة الأصلية ألا وهى ، ممارسة الجنس كتفريغ للشهوات وتعويض عن مناخ مجتمعى قاهر ومتخلف وعنصرى وذكورى . بالمنطق كده ، هل يمكن أن تأتى ثمرة الجنس كنبوءة كونية ومشروع حضارى وكل التعريفات التى قلتها مسبقا عنه ، مثل ثمرة الجنس الذى يمارس كتفريغ شحنات متراكمة من الحرمان ؟؟؟.
الجنس الذى أوضحته فى البداية ، ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بالضرورة بالانجاب ، وزيادة النسل والذرية وعدد سكان الأرض . لو جاءت ثمرة أهلا وسهلا ، ولكن هذا ليس الهدف الأول والأساسى .
المشهد السادس :
-------------------------------

بلادنا هى بلاد ثقافة الموت .... نخاف الموت .. نمجد الموت .. نجهله لكننا نقدسه
نشتمه ونبجله .... ننفق الملايين لبناء المقابر والأضرحة والمدافن ، ولا ننفق مليما على
بناء البيوت والمستشفيات والمصانع ومراكز البحوث والتجارب والاستكشافات ...
لا عجب أن هذه أحوالنا المتدهورة فى جميع النواحى ، خاصة وعلى رأسها الثقافة والفكر
والفن . حياتنا كلها " ماشية جنب الحيط " عشان " بعبع " اسمه الموت .
المشهد السابع :
--------------------------------------
الموسيقى " هارمونى " أى تناغم وانسجام وسباحة قصيرة أو طويلة على الموجة نفسها .
افتقاد هذه العناصر ، فى أى تفصيلة من تفاصيل الحياة ، من أصغرها الى أكبرها ، يسبب الاعتلال واللخبطة
والاختلال والنشاز وتعثر الايقاع ةارتباك الموجة ، فيحدث الوقوع والفشل ، وان كنا حتى نعد فنجانا من القهوة ، أو نلقى تحية المساء . كل شئ اذا افتقد طبيعة الموسيقى ، وأخلاقيات الموسيقى ، محكوم عليه مسبقا بأن يؤذينا ، ويتعسنا ، ويعمى بصيرتنا .

المشهد الثامن :
------------------------------

قليل جدا من أغنياتنا التى تحتوى على كلمات لها قيمة انسانية رفيعة ، وتعبر عن مشاعر عميقة وحب يستحق أن نغنى له . مش معقول أغلب كلمات الأغانى تلعب على مفردات ومعانى ضحلة مستهلكة ساذجة تدل على علاقة بين اثنين فكرهما تافه وعلاقتهما ضحلة ويتبادلان عواطف مضحكة سطحية فى التعبير عنها وسطحية فى معانيها ، وهذه أمثلة منها :
سهرتنى .. باغير عليكى .. وحشتنى .. ضحكتك حلوة .. بافكر فيك على طول .. انت حياتى ..
انتى أحلامى ... باستنى لقانا .. باحبك يا قمر .. باحبك يا غزال .. ليه هاجرنى .. ليه سايبانى
ليه نسيتنى .. غلبنى حبك .. عاشقاك يا ملاكى .. عاشقك يا نور عينى .. والخ
هذا غير الغزل التافه الضحل من الذكور للاناث مثلا
ابتسامتك .. شفايفك .. قدك .. عيونك .. خدودك .. مشيتك .. رموشك .. جفونك .. مافيش شعرك
لأن الفتيات والنساء تحجبن منذ نصف قرن ...
الأغنية أكثر الفنون تعبيرا عن ثقافة الشعوب ، وهى أكثر الفنون انتشارا وأسرعها تأثيرا ،
لأنها قصيرة ومرتبطة بالموسيقى وصوت المغنى والمغنية ..
ولأننا نعانى من تردى ثقافى وفكرى رهيب ومرعب ، فالأغانى تعكس هذا بوضوح . حتى الجمل الموسيقية متشابهة . افلاس واضح .
ولأن منُ يصنعون الغناء من المؤلف والمغنى والملحن ، جزء من التردى الثقافى والفكرى ،
فهم يرسخون بدورهم التردى بما يصنعونه . ..
المفروض أن نستغل أن الأغنية التى تؤثر بسرعة على الناس ، ونقدم أغنيات فيها رؤية للتغيير
الثقافى والفكرى ، وأن تكون الغنوة سلاحا أساسيا فى معركة التقدم الحضارى ، تزودنا بالمتعة والبهجة ،
وأيضا بالأفكار الرفيعة والعواطف العميقة التى تنسف السطحية والذكورية قال " ابن خلدون " فى مقدمته : " لا أهتم بمنُ يحكم بلدى طالما أنا الذى أكتب أغنياته " .
أنا شخصيا عندى ملف خاص بأغنيات كتبتها تحمل معانى جديدة عميقة وتكشف تناقضاتنا الكثيرة ، وأبحث عمنْ يلحنها ويشدو بها .

المشهد التاسع :
----------------------------------

أنا مش مسلمة ولا مسيحية ولا بهائية ولا سنية ولا شيعية ولا يهودية ولا بوذية ولا هندوسية ولا مؤمنة ولا ملحدة .... أنا جعانة ومشردة وهدومى مقطعة ومش باستحمى وباكل من الزبالة مش باروح مدرسة ولا نادى .. ومش لاقية حد يتبنانى عشان قالوا التبنى حرام . بانام فى الشوارع وباتعرض للتحرش والاهانة والبرد فى الشتاء ,,, معرفش التوراة ، معرفش الانجيل ، معرفش القرآن ، أعرف بس الفقر والجوع والعطش والبهدلة .

المشهد العاشر :
-------------------------

يوميا فى القرى والمدن فى كل شبر فى مصر ، تحدث جرائم لا تعد من شكل جريمة طالبة المنصورة .. فأنا متابعة جيدة للجرائم التى تحدث يوميا ، ليس فقط فى مصر ولكن فى البلاد العربية والاسلامية ، كل أنواع الجرائم ، لأن الجريمة تعطى مفاتيح الثقافة الحقيقية الكامنة تحت الجلد لأى شعب من الشعوب .. ضحية المنصورة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، فى مصر أو فى البلاد العربية الاسلامية المتدينة بالفطرة . ولن تكون آخر مرة نشهد تعليقات المشايخ والدعاة وحماة الفضيلة والدين والحجاب والنقاب والعباءات والاسدالات ، التى تنسى الجريمة وتنسى الذى قام بها ، ولا تتذكر الا الضحية شعرها ولبسها وبنطلونها الضيق ، ويقولون صراحة أو تلميحا أنها هى السبب وتستحق . أصلها مش متغطية ، أصلها استفزت الواد برفضها له ، وعدم ركوعها تحت رجليه عندا عرض حبه ورغبته فى الزواج بها ، ازاى واحدة سافرة ولابسة محزق كمان وعندها طموحات غير طاعة الذكور والنكاح الشرعى والخلفة وخدمة الشهوات الذكورية والأطفال ، أن تتجرأ على رفض واحد دكر لمؤاخذة ؟؟ هذا غير مغتفر ولابد أن تدفع الثمن هى وأسرتها التى دعمتها . لن تتوقف هذه الجرائم أبدا ، والعقاب الذى سينفذ حتى لو كان الاعدام ، لن يوقف مطاردة وتهديد وقتل وذبح وسحل وتشويه الفتيات والنساء فى وضح النهار أمام الناس جميعا ، المتدينيين بالفطرة . كل همهم انهم يفتحوا الموبايل ويصوروا الجريمة وينشروها وهم بيتفرجوا ، كأنهم يشاهدون فيلما فى السينما ولم يدفعوا حتى تذكرته . لن تتوقف هذه الجرائم أبدا ، لأن السبب هو طريقة تفكيرنا وثقافتنا ومبادئ تربيتنا ومفهومنا للمرأة وللشرف وتمجيد غشاء البكارة الى حد العبادة ، وطاعة الذكور التى تعتبر مقدسة ، وعدم اعتبار الفتاة أو المرأة ، كائن حر متكامل الحرية فى كل أبعادها وأشكالها وأنواعها ، وعدم عدالة الحقوق فى قانون الأحوال الشخصية ، ونظرتنا للزواج والنكاح والخلفة وعمل المرأة خارج البيت ، ثقافتنا وأخلاقنا المزدوجة بكل أسف هى السبب فى البلاوى التى نعانى منها . سوف تتكرر الجرائم وتزداد بشاعتها ، لن تتوقف لأن الأسباب مغروزة فى التعليم والثقافة والدراما والذكورية المنحطة ، والوجدان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا