الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور الشر في فيلم الشريط الأبيض لمايكل هانيكه

طارق حربي

2022 / 7 / 1
الادب والفن


يتقصى المخرج النمساوي مايكل هانيكه، في فيلم الشريط الأبيض الفائز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2009، جذور الشر التي مهدت تلميحاً لا تصريحاً لصعود النازية في المانيا.
ففي قرية بروتستانتية تقع في شمال المانيا، تبدو هادئة في الظاهر لكن يعتورها اختلال وظيفي وقمعي، وعشية اندلاع الحرب العالمية الأولى، تقع حوادث غامضة من تعذيب وقتل وحرق حضيرة وتخريب مزرعة. يبدأ الفيلم بسقوط طبيب القرية من على ظهر حصانه بسبب سلك رفيع رُبط بين شجرتين، وإصابته بجروح بالغة وموت الحصان في الحال، ثم موت إحدى القرويات في حدث غامض يهزُّ القرية، ويتعرض ابن البارون إلى الضرب، وابن القابلة المصاب بمتلازمة داون إلى تشويه وجهه وعماه وغيرها.
أربع شخصيات محورية في الفلم هي البارون ويمثل وجه الظلم الطبقي. والطبيب الذي يعامل مربية أولاده بعد رحيل زوجته، بأنواع من القسوة جراء اخفاقها في معاشرته، إلى درجة أنه يتمنى لها الموت، ويغتصب ابنته! أما القس وبما له من وجه متجهم على الدوام وسلطة روحية، وبدلاً من أن يعمل على نشر روح السلام والتسامح والمحبة في القرية الهادئة، جعل يربي أولاده تربية دينية صارمة، بإخافتهم من الخطيئة ومعاقبتهم بالسياط على أدنى غلطة! ووضع الشريط الأبيض على ثيابهم وأيديهم دليلاً على النقاء! ويبقى المعلم العاشق يطلب معرفة الحقيقة، فيبحث عنها إلى أن يعثر على خيوطها بيد أطفال القرية أنفسهم!
في شريط بصري أخاذ يقاوم التفسير الواضح، بالأسود والأبيض وبما يلائم طبيعة السينما في بداية القرن، وإرهاصات الحرب الأولى، يتقصى هانيكة في طبيعة المجتمع الألماني خاصة، والمجتمعات الأوربية عامة في نهاية القرن التاسع عشر وبدء العشرين، جملة من الثيمات المؤسسة لفيلمه، مثل التشدد الديني وصرامة تربية الأطفال وتأثير العنف البدني والنفسي، والكذب والحسد والخطيئة والأنانية، وكل ما يقوض أركان المجتمع والإنسانية، وولادة جيل يعاني من التشويه النفسي والمعنوي، ورث كل الخطايا من جيل الآباء.
لم يقل هانيكي المتبصّر، خريج الفلسفة (يبدو لي أن المخرجين الذين درسوا الفلسفة هم الأكثر تبصراً في أفلامهم مثل تيرانس ماليك في فيلمه اللافت شجرة الحياة) وصانع الأفلام التي تتقصى الشرَّ في جذوره البعيدة، بأن مثل تلك الأفعال أسست لظهور النازية والفاشية في بدايات القرن الماضي، وحقبة هتلر والحرب العالمية الأولى وضحاياها ولعنتها، وترك هذا الأمر للمشاهد المشارك في التأويل، أي ترك الحبل على الغارب كما تركه معلم المدرسة الشاب في بداية الفيلم بقوله (لستُ واثقاً إنْ كانت القصة التي أريد أن أحكيها لكم حقيقية تماما، وبعد كل هذه السنين جزء كبير منها لا زال غامضاً، والكثير من الأسئلة لا زالت بلا إجابة، كما أني لا أتذكر على وجه الدقة أشياء كثيرة، جزء منها سمعته عن طريق الأقاويل، ولكني أعتقد أنه يتوجب عليَّ أن أحكي عن الأحداث الغريبة التي حصلت في قريتنا، فمن الممكن أن توضح بعض الأشياء التي حدثت في بلدنا)
رابط الفيلم
https://supercima.com/%d9%85%d8%b4%d8%a7%d9%87%d8%af%d8.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما