الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضواء على النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2022 / 7 / 1
دراسات وابحاث قانونية


صدر النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2022 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4679) في 13/حزيران/2022 والذي تضمنت المادة (52) منه النص على الغاء النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2005 ، وفي الوقت الذي نثني فيه على عناصر القوة في بعض جوانبه التي كان يفتقر اليها النظام السابق ، الا انه كعمل انساني لايمكن ان يبلغ مبلغ الكمال ، وسنحاول ان نركز في هذه المقالة على مواطن القصور والاغفال التشريعي التي شكلت عناصر ضعف في النظام يمكن تلافيها مستقبلا ، وسنحاول ان نوجزها بالاتي :
1. فيما يتعلق بالمادة (1) من النظام الخاصة بانعقاد المحكمة ، غاب على واضعي النظام الاخذ بوسائل الاتمته الاليكترونية والاستفادة من التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال ، حيث كان حرياً بهم النص على امكانية انعقاد جلساتها وفق مايعرف بالدائرة التلفزيونية وتطبيقات التواصل الاخرى في حال تعذر حضور احد اعضائها او اطراف الدعوى لاسباب قهرية ، ليجنب المحكمة الانتقال المكاني للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .
2. تضمن عجز المادة (2) من النظام الخاصة ببيان اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا عبارة ( والصلاحيات والاختصاصات المنصوص عليها في القوانين النافذه الاخرى ، اذ يؤخذ على هذا النص اضافة اختصاص جديد للمحكمة الاتحادية العليا ، لم يرد في المادة (93) من الدستور والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 ، وهذا الاختصاص يتعلق بنظر المنازعات التي تنص عليها القوانين الاخرى غير قانون المحكمة الاتحادية ، وهنا يحق لنا ان نتسأل هل يجوز ان يضيف النظام الداخلي اختصاص للمحكمة الاتحادية العليا لم يرد في الدستور وحتى في قانونها المشار اليها انفاً ، اذ يعد ذلك تجاوزاً على القانون والدستور من تشريع فرعي خلافاً لقاعدة تدرج القوانين .
3. فيما يتعلق بالمادة (3/ثانياً) من النظام كان من المستحسن النص على تدوين اعمال المحكمة واجرائاتها ورقياً واليكترونياً ، وايضاً النص على امكانية التوقيع الاليكتروني على المحضر في حال انعقاد جلسة مرافعه اليكترونية لظروف قاهرة ، كما حدث في ظل جائحة كورونا التي عطلت اعمال المحاكم ومنها المحكمة الاتحادية العليا ، وكان على واضع النظام الاستفادة من هذه التجربة وتوظيفها لتسهيل العمل القضائي .
4. اشارت المادة (3/ثالثاً) الى ان الاقدمية تحتسب اعتباراً من تاريخ صدور المرسوم الجمهوري بالتعيين ، وهذا النص غير دقيق اذ كان لابد من بيان جهة التعيين هل المقصود التعيين كقاضي في سلك القضاء وهو المعنى الاقرب للمنطق ام من تاريخ التعيين كقاضي في المحكمة الاتحادية العليا ، لان في كلا الحالتين يصدر مرسوم جمهوري بالتعيين .
5. اشارت المادة (4/ اولاً) من النظام الى امكانية تخويل رئيس المحكمة صلاحياته الى نائبة او احد اعضاء المحكمة في حين خلا النظام من تنظيم هذه الصلاحيات ، وكان الاجدر بواضع النظام النص اولاً على صلاحيات رئيس المحكمة ومن ثم امكانية تخويل هذه الصلاحيات .
6. اشارت المادة (3/ثانياً) من النظام الى ممارسة رئيس المحكمة الصلاحيات المالية والادارية المنصوص عليها في الدستور والقوانين والانظمة النافذه ، وهذا النص اذا كان ممكنناً بالنسبة للقوانين والانظمة التي تخول الرئيس الاداري صلاحيات مالية وادارية ، الان ان ذلك مستحيل بالنسبة للدستور ، اذا لايوجد نص في الدستور يشير الى صلاحيات مالية او ادارية للرئيس الاداري .
7. اشارت المادة (7) الى مهام الامين العام للمحكمة وهي تتمثل في تسجيل الدعاوى والاحالات والواردة للمحكمة واكمال اجراءات التبليغ فيها وما يخوله رئيس المحكمة من اختصاصات ادارية ومالية ، والذي يتبدى من هذا النص ان الامين العام للمحكمة لايمارس اي مهام فعليه لان تسجيل الدعاوى والطلبات والتبيلغات من اختصاص قسم الدعاوى والشؤون القانونية المنصوص عليها في المادة (11) من النظام ، كما انه لايمارس اي اختصاص اداري او مالي اصالة الا اذا خوله رئيس المحكمة ذلك ، واذا دعت الحاجة لتخويل بعض الاختصاصات المالية او الادارية فأن من الاحرى تخويلها الى مدير عام دائرة الشؤون الادارية والمالية والقانونية لانه يمارس اختصاصات ادارية ومالية وقانونية اصيلة ورد النص عليها في المادة (8) من النظام وهو الانسب في ممارسة ما يفوض اليه من اختصاصات مالية وادارية من رئيس المحكمة حسب الاختصاص وكونه يملك وسائل وادوات ممارسة هذه الاختصاصات ، حتى اعداد الدراسات فهي من اختصاص قسم ادارة مكتب رئيس المحكمة ، لذا نجد ان هذا المنصب وبدرجة (وكيل وزارة) لن يعود بفائدة لعمل المحكمة كما انه غريب عن التشكيلات القضائية في العراق فضلا عن كونه يكلف خزينه الدولة التخصيص المالي لهذه الدرجة ، وكان الاجدر بالمشرع عدم النص علية في المادة (7) من قانون التعديل الاول رقم (25) لسنة 2021 لانه احرج واضعي النظام في تحديد صلاحياته .
8. كان على مشرع قانون المحكمة وواضعي النظام الداخلي الاخذ بنظام هيئة المفوضين المعمول به في المادة (40) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (48) لسنة 1979 بدلا من الامين العام للمحكمة وبدلاً من اللجنه والاجراءات المنصوص عليها في المادة (17) و(21) و(42) و(43) من النظام الداخلي ، حيث تعمل الهيئة المذكورة على دراسة الدعوى واعداد تقرير مفصل عن المسائل الدستورية والقانونية المثارة مع رأي الهيئة مسبباً لاغراض تقليل الزخم على هيئة المحكمة وضمان التحضير الجيد للدعوى واوليتها لتكون جاهزة امام هيئة المحكمة .
9. حدد النظام في المادة (19) و(24) منه الجهات التي لها حق طلب التفسير الاصلي لنصوص الدستور وكنا نتمنى ان يتم حصر طلب التفسير الاصلي بالرئاسات الثلاث وعدم منحها لاعضاء السلطة التنفيذية من الوزراء ، كما ان هذا النص غير عادل لانه سمح لاعضاء السلطة التنفيذية طلب التفسير بكتاب موقع من الوزير المختص ، في حين لايمكن لاعضاء السلطة التشريعية (النواب) طلب التفسير الا من خلال رئاسة المجلس ، كما يجب ان لايكون النص موضوع التفسير محل طعن امام المحكمة ذاتها وهذا ما اغفل عنه هذا النص .
10. اعطت المادة (22) من النظام خصوصية للطعن في قانون الموازنة وحددت سقف زمني للبت فيه بما لايزيد عن (30) يوم من تاريخ تسجيل الطلب ، الا اذا اقتضت الضرورة خلاف ذلك وهذا النص فيه تزيد ولامبرر له لان السقوف الزمنية لحسم الدعاوى منصوص عليها في قانون المرافعات المدنية الذي يطبق على اجراءات المحكمة ، كما ان النص غير ملزم للمحكمة ذاتها لانها هي من تقدر حالة الضرورة التي تستوجب تجاوز هذا السقف ، وهنا نتسأل ماهو الجزاء المترتب على تجاوز المحكمة هذا السقف الزمني دون وجود حالة ضرورة ؟ ، والحقيقية اننا نعلم جيدأ دوافع وضع هذا النص وهي دوافع سامية تستهدف المصلحة العامة في سرعة حسم الطعون الخاصة بقانون الموازنة العامة لتعلقه بالمصلحة العامة ، الا ان مشكلة الموازنة تتمثل بالتعطيل في الاجراءات بين الحكومة ومجلس النواب ، لذا نرى هذا النص غير ذي جدوى من الناحية العملية وان كان يشكل ضغطاً معنوياً على المحكمة ، وبالنتيجة نحن نعول على وجدان المحكمة وقيودها الذاتية .


11. تضمنت المادة (27) و(28) من النظام الداخلي اجراءات مساءلة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ، في حين لم يصدر مجلس النواب لغاية تاريخ صدور هذا النظام اي قانون ينظم مساءلة رئيس واعضاء السلطة التنفيذية ولم يحدد النظام ماهو القانون الاجرائي الذي سوف تطبقه المحكمة في حالة توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء وماهي ضمانات الدفاع وماهي الاصوات المطلوبه للادانه هل هي بالاكثرية ام باكثرية الثلثين كما ورد في المادة (33) من النظام ، فهل الفصل في المنازعات بين الحكومة الاتحادية والاقاليم اهم من ادانة رئيس الجمهورية رمز وحدة الوطن وسيادة البلاد حتى يخصها النظام باستثناء عند تصويت هيئة المحكمة ، الا يجدر ان يكون التصويت بادانه رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء حكم خاص ، ومن هي الجهة التي تصدر القرار باعفاء رئيس الجهورية اورئيس مجلس الوزراء وماذا لو امتنع مجلس النواب عن التصويت بالاعفاء بعد صدور قرار الادانه من المحكمة الاتحادية العليا بالنسبة لرئيس الجمهورية، والحقيقة ان واضعوا النظام اقحموا المحكمة في حومة اجراءات المساءلة دون وجود قانون ينظم هذه الاجراءات بشكل مفصل اذ يجب ان يراعي نظام المحكمة الية المساءلة التي سوف ينظمها القانون ، لوجود ثغرات تشريعية من شأنها ان تخل بالاجراءات .
12. اشارت المادة (39) من النظام الداخلي الى نظر المحكمة بطلبات القضاء المستعجل والاوامر على العرائض (القضاء الولائي) وفق الاحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات رقم (83) لسنة 1969 المعدل ، وهذا النص فيه مأخذ لان طلبات القضاء المستعجل والاوامر على العرائض تخص القضاء المدني ولايمكن ان تنطبق على الخصومة الدستورية وفق النصوص الحالية ، وهنا يحق لنا التساؤل في حال التظلم لدى المحكمة الاتحادية العليا على الاوامر وفق المادة (153) مرافعات ورد التظلم من قبلها فمن هي الجهة التي يجوز التمييز امامها ، وهذا مانع عملي لتطبيق هذه النصوص ، فقانون المرافعات وان كان المرجع في قوانين الاجراءات الان انه في هذه الخصوصيه لايتوافق مع طبيعه الدعوى الدستورية ، لذا كان حرياً بالمشرع ان ينظم حالات الاستعجال التي تنظرها المحكمة الاتحادية العليا في قانونها، واذا كان واضع هذا النص على قناعة تامة بامكانية تطبيق هذا النص على المنازعات الدستورية ، فان الامر لايقتضي تخيص نص له في النظام طالما يوجد نص اخر يشير الى تطبيق قانون المرافعات المدنية على اجراءات المحكمة ، حيث ان التكرار احد عيوب التشريع.
13. من محاسن النظام انه اشار الى رقابة التصدي والعدول عن الاحكام القضائية دون ذكر ضمانات العدول بما يحقق التوقع المشروع لاطراف الدعوى الدستورية التي هي قيد النظر من قبل المحكمة بما يسمح بتعديل الطعون بالشكل الذي ينسجم والاتجاه الجديد للمحكمة .
14. اشارت المادة (48) من النظام الى اصدار مجلة تحت عنوان (القضاء الدستوري العراقي) وتمنينا ان يشير النص الى كونها مجلة علمية محكمة تحمل رقماً معيارياً دولياً لتكون دافعاً لدى الباحثين الاكاديميين للنشر فيها كونها تلبي معايير النشر الاكاديمية .
15. اشارت المادة (49) من النظام الى تطبيق قانون الرسوم العدلية رقم (114) لسنة 1981 المعدل على الدعاوى والطلبات المقدمة ، وكان من المستحسن وفقا لوجهة نظرنا وضع رسوم خاصة بالدعوى والطعون الدستورية وطلبات التفسير الاصلية بما يتناسب مع طبيعه الدعوى الدستورية وبمبلغ مقطوع وليس بنسب مئوية كما ورد في قانون الرسوم العدلية من خلال تنظيم جدول ملحق بقانون المحكمة .
ماتقدم اعلاه ملاحظات سجلناها على النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا نتمنى تلافي القصور والاغفال التشريعي عند تعديل قانون ونظام المحكمة الاتحادية العليا في المستقبل ...والله ولي التوفيق .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري
30/حزيران /2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون بالإ


.. States must intensify their efforts to combat climate change




.. شبكات | اعتقال وفصل موظفين من غوغل احتجوا على مشروع نيمبوس م


.. لحظة اعتقال شيف سوري في تركيا




.. محمود عباس يرفض طلبا أميركيا بالتراجع عن تصويت عضوية فلسطين