الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجلوس على عرش العقول أكثر خطورة

منى نوال حلمى

2022 / 7 / 3
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


------------------------------------------
البعض يقول أن يوم 30 يونيو 2013، هو يوم طرد الأفاعى والخفافيش الدينية، التى خططت وتحالفت داخليًا، وخارجيًا، لبناء الحكم الدينى الإسلامى فى مصر.. وهم على قناعة راسخة أن الإخوان المسلمين، وتوابعهم، قد حفروا قبورهم فى مصر إلى غير رجعة، بالسنة التى تولوا فيها الحكم، وفضحت وجههم الحقيقى.. لكننى رغم سعادتى البالغة بهذا اليقين، وتمنياتى بأن يكون هذا هو الدرس المستفاد فعلاً، الذى تعلمه الشعب المصرى، إلا أننى أختلف فى هذا التفاؤإن الحلم الإخوانى لحكم مصر منذ 1928، والضربة القاصمة التى تلقاها بعد سنة أولى حكم، لن تميت هذا الحلم بكل بساطة، ولن تجعله فى خبر كان، لأن الشعب المصرى هزمه شر هزيمة، وكشف عن مؤامراته، وكذبه وخيانته .
إن الحلم كبير، ومتداخل الأبعاد، والمصالح المحلية والإقليمية، والدولية، ولا أعتقد أن تنظيم الإخوان المسلمين، بعمليات التكاثر التى أنتجت جماعات مدربة على السلاح، فى المنطقة، وبمشاعر الحقد والانتقام والغِل، وفقدان مصداقيته أمام الدول التى كانت تدعمه بالمال والسلاح والإعلام، وحرية الحركة داخل مصر وخارجها، سوف يتخلى عن هذا الحلم، أو يتنازل عنه..
بل إن المنطق يقول، يدعمه تاريخ الإخوان، أن الإصرار على الحلم، سيكون أكبر، ربما بطرق مختلفة، لكن الحلم لن يموت.. فى الحقيقة، الأحلام لا تموت، سواء كانت خيرة، أو شريرة، وإنما تأتى أجيال جديدة، تحسن من صورتها، وتثرى حركتها، وخداعها، وتستفيد من أخطائها، لتجعل الحلم ممكنا .ً
وإلا ماذا نقول عن الجدل الذى يثار من فترة إلى أخرى، عن إمكانية إجراء مصالحات مع الإخوان، وأنهم قد قاموا بإعادة تحوير، أو مراجعة لأفكارهم، وممارساتهم؟. وماذا نقول عن حزب النور السلفى، الدينى الإسلامى، الذى يقول إنه فقط «للدعوة»، وليس مثل الإخوان المسلمين، له أچندة سياسية، فهو حزب مدنى بمرجعية دينية إسلامية، أهذا منطق؟. وهذا الحزب يملك مدارس، وحضانات، تعلم الفكر السلفى علنًا، لأن الحكومة تقول إنها غير مسئولة، إلا عن المدارس، والحضانات التابعة لها .
منْ قال إن العمل الدعوى، ليس سياسة؟ ولماذا أصلًا يقومون بالدعوة، والدولة فى دستورها، تنص فى المادة الثانية، أن مصر دولة دينها الرسمى الإسلام؟ وهناك آلاف المساجد فى البلد، تخطب يوم الجمعة بانتظام، عن الدين، والإسلام، والإعلام الحكومى، الأرضى والفضائى، متخم بالرسائل الدينية الإسلامية، التى تستشهد بمشايخ ماتوا، أكثر سلفية من السلفيين، وهناك برامج دينية تتدخل فى السياسة، ودار الإفتاء يصلها عدد هائل من التساؤلات عن الدين يوميًا. هل هناك حاجة للعمل الدعوى، مع كل هذا ؟ .
نحن نعلم أن كل الجماعات الدينية الإسلامية، مسلحة أو غير مسلحة، خرجت من رحم الإخوان المسلمين، بما فيها حزب النور السلفى المدنى بمرجعية إسلامية، إنه عنوان تجميلى متحايل، لأن الدستور يمنع قيام الأحزاب الدينية، لكنه يقوم بتهيئة، وتمهيد الأرض بطريقة مسالمة، لغرز فكر الدولة الدينية، وهذا هو الخطر الحقيقى .
لقد انهزم الإخوان يوم 30 يونيو 2013، وقال أحد قادتهم: «على الأقل انتصرنا فى تحجيب فتيات ونساء مصر».. لا أحد ينكر أن المزاج الوجدانى الشعبى، هو مزاج سلفى، إخوانى، ليس بمعنى الرغبة فى حكم دينى، ولكن الإيمان بالتفسيرات الدينية الإخوانية السلفية، والنظرة المهينة للنساء، ورؤيتهم العنصرية المتغطرسة المتعالية للمصريين غير المسلمين .
مرت تسع سنوات فعلًا، على الثورة التى زودتنا بمرآة جديدة، نرى من خلالها ملامحنا، وأحلامنا، وقوتنا، وانتصارنا.. لكن الأهم هو ما بعد الثورات، وما بعد الانتصارات، حتى يكون تفاؤلنا بنهاية الحلم الإخوانى، حقيقة راسخة ثابتة، تقطع كل خيوطه، والتفافاته الثعبانية.
بعد توحد الشعب المصرى، فى أعظم مشهد تاريخى، ليثبت لمنْ يهمه، أو لمنْ لا يهمه الأمر، أن مصر لها «صاحب»، وليست «عزبة» خاصة، تُباع، أو تٌورث. وليست أرضًا على المشاع، قابلة للمساومة، والمفاوضات. والوطن له، مالك «أصلى»، وعنده كل أوراق الملكية القانونية، المعلقة على جدران أقدم الحضارات .
بعد هذا التوحد، لنحذر لأن الإخوان يشتغلون فى كل مكان، بجهد، ودأب، وصبر، بالفلوس، والتكنولوجيا، والتدرب، والإشاعات، والقفز فوق الأزمات، أو خلق الأزمات، وتجنيد واستقطاب طوابير أخرى، والتنسيق مع كل أنصار الخلافة الإسلامية. لم يتنازلوا عن الحلم، بالسلم، أو بالحرب .
انتشر زعماء وقادة الاخوان فى الاعلام ، بعد خروجهم من الحكم بعد سنة واحدة ، بعد 30 يونيو 2013 يصرحون بابتسامة صفراء : " يكفينا أننا استطعنا تحجيب فتيات ونساء مصر". فالحجاب اعتمدوه منذ تأسيسهم فى 1928 ، رمزا سياسيا لهم ، وظلوا يطمعون فى فرضه على فتيات ونساء مصر طوال تاريخهم ، ولم ينجحوا ، الا مع منتصف سبعينيات القرن الماضى ، عندما خرجوا من جحورهم وسجونهم ، وتحالفوا مع الغزو الوهابى البدوى الصحراوى والسلفى لمصر . ولذلك هم يعتبرون تحجيبهم للفتيات والنساء المصريات انجازا تاريخيا ، لم يتوقعوه ، وان تمنوه طوال الوقت .
ولذلك أقول لنحذر مليون مرة ، لأن حكم العقول واحتلال نمط الثقافة والتعليم ، أخطر من حكم الأرض والجلوس على عرش السلطة .
سنحتاج الى زمن طويل ، لازالة هذه السيطرة على العقول . ان التخلص من حكمهم السياسى كلفنا سنة واحدة فقط . ولكن التخلص من ثقافتهم وفكرهم ، سيأخذ سنوات وسنوات .
--------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا