الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمس ٣٠ يونيو

فاطمة ناعوت

2022 / 7 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شمسُ "٣٠ يونيو"

[email protected]


زي النهارده منذ تسع سنوات، أشرقتْ على مصرَ شمسُ ٣٠ يونيو الساطعة. وهذه شهادتي للتاريخ. (موعدنا ٣٠ يونيو)، كانت العبارةَ التي أختتمُ بها جميعَ مقالاتي بجريدة "المصري اليوم"، منذ قررنا، مع طفح الكيل من أخونة مصر، تطهيرَ عرشها العالي من سرطان الإخوان، وإسقاط الجواسيس الذين سرقوها بليلٍ، فيما نحن عنهم غافلون. على مدى شهرين كاملين بدأتُ الحشدَ ليوم عظيم من عمري؛ بكامل عُدّتي وعتادي، وأسلحتي: (القلمُ) في مقالاتي وكتبي، (الحاسوبُ) في التغريدات والبوستات، (الحنجرةُ) على شاشات الفضائيات والإذاعات والمحاضرات، و(اللافتاتُ) المناهضة لحكم المرشد، أحملُها وأجوبُ بها الطرقات.
تخلّل ذلكما الشهرين (اعتصامُ المثقفين)، الذي أشرق مع بداية شهر يونيو ٢٠١٣. وكان "اعتصامُ المثقفين" الشرارةَ التي انطلقت من دار الأوبرا تضامنًا مع "مديرة دار الأوبرا" آنذاك، "د. إيناس عبد الدايم"، وزيرة الثقافة الحالية، التي قرر وزيرُ الثقافة الإخواني آنذاك "علاء عبد العزيز" إقالتَها. ولم نقبل، نحن الشارعَ الثقافي، هذا العبثَ فخرجنا من دار الأوبرا لنحتلَّ وزارة الثقافة في شارع "شجر الدرّ" بالزمالك، واعتصمنا بها لا نبرحُها حتى نمنع الوزيرَ الإخواني من دخولها. قاومنا بلطجيةَ الإخوان الذين تحرّشوا بنا وحاولوا إيذاءنا، ولقّنا الإخوانيين: "أحمد المغير، وعمرو عبد الهادي"، الهاربين الآن خارج مصر، درسًا لا ينسياه. أجّجَ اعتصامُنا حماسَ الشعب المصريّ ضد خونة الأوطان. وتصاعدت مطالبُنا من إقالة الوزير الإخواني (عدو الثقافة والفنون)، إلى إسقاط المرحوم "محمد مرسي" والمرشد (عدو الوطن ) عن عرش مصر. رددنا على تحريم الفنون بأن رقصنا "زوربا" مع فرقة باليه القاهرة في الشارع أمام وزارة الثقافة في شارع "شجر الدر" بالزمالك، وشاركتنا جموعُ الشعب المصري من المارّة وحُراس العقارات وسُيّاس الچراچات، فكانت تظاهرةً شعبية فنية فائقة الجمال. من داخل الاعتصام هتفتُ للإخوان: (أهلا بكم في عُشّ الدبابير، موعدُ رحيلكم آنَ الآنَ أيها الإخوان". فالمثقفُ قد يصمتُ ويغضُّ الطرفَ مادام "عُشُّه الثقافيُّ" مُحصّنًا وشرنقته الإبداعية في أمان. فإذا ما تهدَّد ذلك العشَّ خطرٌ ما، خرج عن صمته وانتفض). وهو ما كان. التحمَ المثقفون والفنانون والأدباء على قول واحد وقرار: “لا محلَّ للإخوان في ديارنا". وربضنا في مقر وزارة الثقافة قرابة الشهر حتى أشرقت شمسُ ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
تمطّع أحدُ أعضاء حزب النور السلفيّ ظهير الإخوان، وهَرَف قائلا: "الباليه فنّ العُراة"!! ثم أفتى بتحريمه لأنه يثير الشهوات! سألتني باليرينا نحيلة والدمعُ في عينيها: (هل حقًّا أجسامُنا مثيرة للشهوات ونحن نرقصُ الباليه؟) فأجبتها بسخطٍ: (من تُثِر شهواتِه الفراشاتُ، فعيناه ليستا في رأسه، بل في مكان آخر!) هنا أدركتُ أن إسقاطَ الإخوان، بات قابَ قوسين أو أدنى. فالإخوانُ والتكفيريون والمتطرفون، جميعهم تنويعاتٌ مختلفة على نغمةٍ نشاذ واحدة تكره العلمَ والفنَ والحياة، بقدر ما يكرهون الوطن.
طلبتُ في أحد مقالاتي أن يهبط "الباليه" من برجه العاجي/ خشبات مسارح الأوبرا، ويُقدَّم للناس في الشارع، كما كان يفعل فنانو "التروبادور" في إسبانيا. وبالفعل استجابوا ورقصوا الباليه في الشارع ورقصنا معهم. أقسمنا نحن المثقفين ألا نفُضَّ اعتصامَنا، حتى لو أُقيل الوزير المزعوم، حتى يلتحم اعتصامُنا بثورة ٣٠ يونيو الشعبية الخالدة. وكانت لوحةُ المثقفين التي رسمناها باعتصامنا الطويل القطعةَ الفنية الأرقى والأكثرَ أناقة بين كل ما أنتجته الشعوبُ من قطع فنية خالدة.
وحين أشرقت شمسُ نهار ٣٠ يونيو، هدرت جموعُ الشعب من كل صوب تنادي بسقوط الخونة عن عرش بلادنا. ساندنا وحما مشوارَنا وبارك إرادتَنا الشعبيةَ، جيشُنا المصري العظيم، وفارسُنا الجسور المشير/ "عبد الفتاح السيسي” الذي كافأنا اللهُ به رئيسًا بعد ذلك. وجرت المياهُ في النهر من جديد.
كنا على يقين من أن بداية النور والتنوير والانعتاق من الظلام سوف تبدأ في اليوم التالي لإسقاط الإخوان، وهذا ما سعى إليه الرئيسُ السيسي المستنير. لكن مشوارَ التنوير مازال طويلا وشائكًا وقاسيًّا، لأن البناءَ عسيرٌ بعد طول هدم مظلم ومنظّم بدأه أعداءُ الحياة منذ نصف قرن يضربون خاصرة التنوير بمعاول الظلام والتجهيل ومحاربة الفكر والعلم والفنون. طويلٌ مشوارُنا التنويريُّ حتى نوقدَ ما يكفي من شموع لمحو الظلام الذي رسمه الظلاميون في أركان مصر وجوانبها. دعونا نوقد شموعَ التنوير في مصر ونعمل بجدّ كما يجدُّ ويكدُّ الرئيسُ العظيم / "عبد الفتاح السيسي"، حتى ننهضَ بمصرَ؛ وتُكلَّلَ ثورتُنا بالنجاح، ويغمر قلبَ مصرَ الفرحُ. مصرُ اليوم تنهضُ في وثباتٍ تنموية وحضارية وتنويرية متسارعة لا يُنكرها إلا أعمى أو كذوب. وسوف يشرقُ غدٌ قريبٌ على مصرَ بإذنه تعالى، وهي "قد الدنيا"، كما يليق باسمها الخالد العريق.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد