الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبهلله(26)

محمد أبو قمر

2022 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


33 عاما تقريبا هي فرق السنين بين مظاهرات 1977 ، ومظاهرات يناير 2011 ، الجيل الذي قام بمظاهرات 1977 هم آباء الجيل الذي أشعل مظاهرات 2011 ، لكن مشكلة متظاهري 2011 هي أنهم لم يتعلموا من الخطأ الذي وقع فيه جيل 77 ، ففي ذلك الوقت لم يكن سعر رغيف الخبز حينذاك هو أهم المصائب التي كان ينبغي الخروج ضد السادات من أجلها .

وبالرغم من أن جيل 77 كان أكثر وعيا وأكثر ثقافة من جيل 2011 إلا أنه رفع الشعارات الخطأ لأنه لم يدرك أن السادات يأخذ البلد بخبزها وبإرادة شعبها وبتاريخه كله وبمعارفها وبوحدة شعبها وبآماله وتطلعاته وباقتصادها وبثقافتها لكي يلقي بذلك كله في حجر الاسلاميين من كافة المشارب لكي يتولوا تصفية ما بقي في الشعب من عقل ومن وعي ومن ضمير ومما ورثوه من قيم أخلاقية وإجتماعية وإنسانية ، ويبدو أن ذلك الخطأ هو الذي سهّل علي النظام ضرب هذه المظاهرات وتشويهها وإطلاق عليها وصف انتفاضة الحرامية.

كان واضحا في تلك الأيام أن جميع عناصر الحياة في مصر تتهاوي ، وكانت ممارسات السلطة شنيعة ومفزعة وخارج نطاق المعقول ، لم تكن هناك أي رؤيا اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ، لم يكن الرجل كما يقال زعيم سياسي ، فلم تكن هناك سياسة بالمرة ، وحين تدقق في بعض الممارسات التي كانت بعيدة عن الأعين حينذاك تكتشف أن الرجل كان وكأنه زعيم منظمة إرهابية تعمل ضد الشعب المصري ، وفي هذه النقطة بالذات ينبغي مراجعة تكليفاته إلي المدعو محمد عثمان ، أو مراجعة الأنشطة التخريبية المشبوهة التي قام بهامحمد عثمان هذا بغطاء من السادات نفسه والتي كوفيء عليها آنذاك بتعيينه محافظا

هذا ليس ادعاء ولا افتراء فقد صار معلوما للكافة أن نشاط الجماعة الاسلامية الارهابية في صعيد مصر كان أيام السادات تحت إشراف محمد عثمان شخصيا ، واستمر وجوده كمحافظ يمارس أعماله الارهابية لفترة طويلة في عهد مبارك إلي أن تمت إقالته حين فاحت رائحته كثيرا .
موضوع المدعو محمد عثمان لم يعد سرا ، ثم إن إن هناك واقعة شهودها أحياء مايزالون ، ففي معسكر التثقيف الصيفي لطلاب الجامعات في حلوان الذي كان بمثابة سجن مؤقت للنشطاء من الطلاب زارنا ذات يوم الأستاذ خالد محي الدين وكان وزيرا للشباب حينذاك ، بصحبة حافظ غانم والدكتور عبد الحميد حسن الذي كان وكيلا لوزارة الشباب ، بعد أن ألقي الزوار كلماتهم جاء دور الطلاب ليطرح من يريد منهم سؤالا أو رأيا عما يجري في مصر، فوجيء الجميع بأحد الطلاب وهو يعترف بأنه واحد من الطلاب الذين تم دعوتهم لحضور لقاء مع محمد عثمان في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي الذي وزع عليهم مكافآت مالية وأسلحة بيضاء وكلفهم بالاندساس بين المتظاهرين وطعنهم بالسلاح الأبيض وهم مطمئنين أنهم في حماية الدولة كما وعدهم محمد عثمان نفسه بذلك.

بعد إدلاء الطالب بشهادته وبعد أن ذكر أسماء بعض الذين تورطوا في هذه الجريمة من الطلاب المنتمين للتيار الاسلامي هاج السيد حافظ غانم ونهر الطالب واتهمه بالكذب وهدده ، لكن خالد محي الدين غضب من أسلوب حافظ غانم ومن تهديده للطالب وهتف مع جميع الطلاب ضد هذه المماراسات الارهابية ، انصرف حافظ غانم بسرعة ، وفي ذلك اليوم تم حرمان المعسكر كله من الطعام لمدة يوم كامل بحجة تأخر الموردين عن الوفاء بالتزاماتهم.

رغم قولي بأن شعارات مظاهرات 77 كانت الشعارات الخطأ ، وأنه كان ينبغي أن يكون المطلب أبعد وأعمق من مجرد عدم رفع سعر رغيف العيش ، لأن الطريق الأسود الذي كان الرئيس - بادعاءاته الاسلامية وبتسليمه مصير الشعب المصري للاخوان الارهابيين ولمشايخ الصحوة عديمي الضمير والأخلاق – يأخذ البلاد إليه كان يؤشر بكل الضياع الذي تحقق واكتمل وترسخ في عهد مبارك ، رغم قولي هذا إلا أن جيل 77 كان أكثر وعيا وأكثر صلابة وأكثر إدراكا من جيل أحداث يناير 2011 .

الفرق بين جيل انتفاضة 77 وبين جيل ثورة يناير 2011 هو أن الأخير كان قد تربي في أحضان الصحوة ، كان قد رضع كل فتاويها ، معارفه العلمية لم تتجاوز ما كان يطرحه الدكتور مصطفي محمود في برنامج العلم والإيمان ، معارفه الدينية كانت تنحضر فيما قيل عن الصلاة ركعتين شكر لله علي هزيمتنا في 67 ، وفي فتوي نكاح الصغيرة ، وفي عدم مشروعية علاج مرضي الفشل الكلوي ، وفي أفضلية اختراع المنديل الورقي علي اختراع القمر الصناعي ، وفيما قيل عما إذا تعارض النص القرآني مع السنة فالسنة أولي ، وفي خرافة رجم القرود للقردة الزانية ، وفي مشروعية ضرب المرأة ، وفي اعتبار الحجاب أهم الأركان التي تؤكد شرف المرأة وتنفي عن ذويها تهمة الدياثة.

غياب الدور الثقافي للدولة طوال أربعين عاما كان قد حطم معارف هذا الجيل ، التعليم المنحط الذي تم تدميره تماما في عهد مبارك أفقده التمييز أو التفرقة بين عدوه الرئيسي وعدوه الثانوي ، يبدو هذا الجيل في سمته حداثيا وله تطلعات حضارية لكن ضميره كان قد تم تعبئته بأقصي المفاهيم المتخلفة عن المرأة ، معظمهم كانوا منضوين تحت قيادة مجموعات من الانتهازيين ، كان لبعض قادة الثوار اتصالات مشبوهة مع جهات خارجية معروفة ومعروف تماما ما الذي كانت تريده هذه الجهات من مصر ، وينبغي تذكر خطاب جماعة 6 إبريل الذي كان يتماهي تماما مع فكر الاخوان ، وخطاب الاشتراكيين الثوريين الذي يتطابق تماما مع أشد الجماعات السلفية الارهابية دموية وكراهية للجيش وإنكاره حق البلاد في أن يكون لها جيش أصلا.

لنكن صرحاء ، فقد كانت لجان تسيقية الثورة المنتشرة في القاهرة ومدن الأقاليم تضم كل منها في عضويتها مندوبا من الجماعة الارهابية وكان لهذا المندوب الكلمة الفصل في الشعار الذي ينبغي رفعه في مظاهرات كل يوم من أيام الثورة ، وكان لهذا المندوب أيضا الحق في تحديد من يحضر اجتماعات اللجنة ومن لا ينبغي له الحضور ، وقد شاهدت وسمعت بنفسي كيف كانت قناة الجزيرة تتصل فجأة بأحد الثوار الذي كان يملي عليها أكاذيب كانت تستغلها عبر برامجها لتسيير دفة الأحداث في الميدان .

باختصار كان الشعب ثائرا ضد أوضاع أفقدته حتي إرادته ، لكن من كانوا يتصدرون المشهد كقادة لفعاليات الثورة الشعبية كانوا حفنة من الانتهازيين ، ولنا أن نتذكر مشهد أكثر قادة الناصريين شهرة وأعلاهم صوتا وهو يخطب في الميدان بينما كان الدكتور محمد البلتاجي أحد قادة الجماعة الارهابية يمسك له الميكرفون ويضع المايك قرب شفتيه الكريمتين لكي يصل صوته للملايين الثائرة في الميدان.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف