الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفيق الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب

غسان الرفاعي
كاتب وباحث ماركسي من لبنان

2022 / 7 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رفيق حنا صباح الخير ... تحياتي
قدرت عاليا تسميتكم شخصي مشاركا في الندوة الفكرية في 6 شباط القادم التي تعقد في اطار التحضيرات لانعقاد المؤتمر الثاني عشر .
حين راجعت الملاحظات التي كنت قد دونتها عند قراءتي الاولى للوثيقة المطروحة للنقاش ، وذلك لتركيز وبلورة محاور مداخلتي في الندوة ، تبين لي انه ليس من المستحسن ان اشارك في هذه الندوة ، وينبغي عليّ الاعتذار ، لأن الكثير من الآراء المطروحة في الوثيقة تحتاج الى نقاش جدي ، صريح ، لا يمكن تلافيه ... واذا ما نوقشت قد تؤدي الى اثارة وتأجيج جميع القضايا والحزازات النائمة ...، نحن بغنى عنها ، في الوقت الذي نسعى فيه ، جميعنا ، الى توسيع دائرة التفاهم للملمة صفوف الشيوعيين في اطار حزب شيوعي معافى !
الوثيقة تؤكد التزامها بالمنهجية المادية الديالكتيكية في معالجة القضايا الفكرية والسياسية التي تواجه المؤتمر . الا ان المعالجات التي انتهت اليها تشكو الكثير من عدم الدقة في قضايا تشكل ركائز ومحاور رئيسية في بناء الاستراتيجية التي من المفروض ان يصوغها المؤتمر لنهج الحزب لسنوات عديدة . فثمة التباسات كثيرة وكبيرة ، مع الاسف الشديد ، مثلا ، في فهم طبيعة النظام السياسي والدولة في لبنان : كيف قاما ؟ .. من اقامهما ؟.. ما دور العوامل والقوى الخارجية التي مهدت لقيامهما ؟... بل وفرضت كيانه الدستوري وطبيعته السياسية ؟... ببساطة كلية ، حمّلت الوثيقة هذه المسؤولية " لكيان " لم يكن موجودا ، اخترع فكريا ، هو " البورجوازية التابعة " ، التي تولدت في فترات لاحقة ، عبر عملية استكمال بناء الكيان الدستوري والجهاز الاداري لدولة لبنان الكبير التي استغرقت سنوات لاحقة ، وفق الاسس والمنطلقات التي تأسست عليها .
حتى لو تغاضينا عن طريقة الوثيقة في نسبة ايديولوجية النظام الطائفية ، كذلك ، الى البورجوازية التابعة اياها ، التي لم يكن لها وجود واقعي عند تأسيس النظام ، يبقى الابهام سائدا في تفسير محتوى ودور هذه الايديولوجية ؟ كيف نشأت ؟ ولأي غاية نشأت اساسا ! ... فالطائفية ظاهرة اجتماعية تحتاج الى تفسير لفهمها ولتحديد الاسلوب الصحيح والسليم للتعامل معها... صحيح كان هناك تعسف وظلم عثماني يعاني منه اللبنانيون جميعا ... وصحيح كان هناك نزاعات وصدامات بين الموارنة والشيعة ... وبين الموارنة والدروز ... ومن الطبيعي ان تصطبغ هذه النزاعات بفروقات الانتماء الديني ، لكنها في واقعها ، ومن حيث دوافعها الحقيقية ، كانت تدور حول الارض ... والماء ... والمراعي ، كما في سائر انحاء المعمورة في ظل انظمة ما قبل الراسمالية !... بيد ان المسألة التي نحن بصددها اليوم ، هي : كيف تحولت هذه التمايزات الدينية الى تمايزات ايديولوجية سياسية متنافرة ، تتواجه فيها كتل جماهيرية كبيرة نطلق عليها اسم الطائفية السياسية . الا تتطلب المنهجية المادية الديالكتيكية ، مثلا ، القاء نظرة على نشاط فرنسا وانشطة ديبلوماسييها و " بعثاتها التبشيرية " في الدولة العثمانية لخلق قاعدة بشرية تسند ضغوطها السياسية والديبلوماسية لفرض التنازلات على الدولة العثمانية ؟
وبالطريقة التبسيطية ذاتها جرى تناول النظام الاقتصادي اللبناني، سواء من حيث النشأة ، ام من حيث مراحل الازدهار او الازمات ... وذلك بارجاع الاسباب الى عوامل كما لو انها القضاء والقدر الذي حدد : " بان التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان ، منذ بداية تشكلها ، تميزت بضعف بنيوي في قاعدتها الانتاجية ، وذلك كنتيجة لخضوع تلك التشكيلة لعلاقات انتاج راسمالية تابعة " ، للوصول الى الاستنتاج الذي يقول : " تمخض الامر عن تحويل عملية تحرير القوى المنتجة من العلاقات الاقطاعية الى حصار محكم منع هذه القوى من ان تأخذ طريقها نحو التطور الراسمالي الكلاسيكي التي كانت قد سلكته بورجوازيات الدول الغربية الراسمالية " ! (ص70) ... ومن البديهي ان مثل هذا الافتراض النظري لا يتيحه منطق المادية الديالكتيكية التا ريخية الذي اعلن الالتزام به واحترامه !
في اطار بحث هذه القضايا لايجوز لمن التزم بمنهجية المادية الديالكتيكية التاريخية ان يتغافل عن حقيقة تشير الى ان المعالم الاولية ا لاساسية للدولة اللبنانية ( الحديثة – الحالية ) والاقتصاد اللبناني ، وخط تطورهما اللاحق ، قد نشأت تحت تأثير الصراعات والتناقضات العنيفة : الديبلوماسية والسياسية ( والتآمرية ) بين فرنسا والدولة العثمانية ، كمرحلة اولى ، ومن ثم بين فرنسا وبريطانيا ، توافقا وصراعا، كمرحلة ثانية : اتفاقية سايكس بيكو ثم الصراع المكشوف في مرحلة تطبيق الاتفاقية !
الى جانب ذلك لا يمكن تجاهل دور حدثين مهمين كبيرين في هذا السياق واجهتهما فرنسا ، هما ، اولا ، حركة قومية ذات طابع ومضمون اسلامي ، بقيادة خادم الحرمين الشريفين آنذاك ، الشريف حسين بن علي واولاده المتحالفين مع الانكليز . والثانية ، هي حركة قومية عربية ، مستقلة ، في سوريا ، بقيادة يوسف الععظمة ، المتأثرة بنموذج وافكار حركات النهضة والتوحيد المعاصرة في المانيا وايطاليا. من هنا كان تحسس فرنسي خاص من حركة يوسف العظمة ، اولا ، لانها كانت التعبير العملي المادي لرفض الشعب السوري للانتداب على سوريا التي كانت من " حصة " فرنسا ، حسب اتفاقية سايس بيكو ...، وكان السبب الثاني للتحسس بروز اصداء سياسية متعاطفة ، متجاوبة في لبنان مع ثورة يوسف العظمة !... لذلك سّيرت فرنسا حملة عسكرية لقمع الثورة والاطاحة بالنظام الملكي الهاشمي الفيصلي .

هذه نماذج محدودة تظهر كيف صاغت الوثيقة وركّبت الكيانات السياسية والاقتصادية والا يديولوجية الاساسية للبنان ، واضفت عليها صفات ، وقررت لها ادوارا عبر آراء وتصورات
فكرية ، دون الرجوع الى اي مؤشر او عامل موضوعي كان له دور موصوف ومعروف في التأثير على التطور اللبناني العام . وثمة مسائل فكرية وسياسية رئيسية اخرى تؤثر ، في الواقع، على الممارسات العملية المباشرة للحزب قد عولجت بالطريقة والمنهجية ذاتها . وهذا الامر ينعكس سلبا على دور الحزب بين الجماهير وفي الحياة السياسية العامة . فالتفسير الوارد في الوثيقة عن مرحلة ما بعد مؤتمر الطائف حتى ايامنا الحالية فيها كثير من عدم الدقة والتفسيرات السياسية التي سادت وهيمنت في مرحلة التحكم السوري المطلق في الوضع اللبناني ، ولم تجر تعديلات رئيسية عليها الا ما تتطلبته مصالح التركيبات السياسية التي سيطرت على توجهات الدولة. وفي هذا الاطار تدخل مسائل تبريرالتحالفات سواء مع سوريا او مع حزب الله . ولا اعتقد ان اللجوء الى المبالغة برفع النبرة الثورية المتطرفة والدمج العشوائي ما بين مرحلتي التحرر الوطني التي تبقى ، من حيث طبيعتها راسمالية ، وبين التحويل الاشتراكي الذي يحتاج الى شروط سياسية واجتماعية ، داخلية وخارجية اخرى ...الخ ، يمكن ان تغطي مثل هذه الثغرات ؟؟ ... ومن المسلم به ان الاجتهادات الفكرية ذات الطابع الذاتي البحت والعشوائية تتعارض مع اسلوب لبحث العلمي، وتتناقض ، بديهيا ، مع المادية الديالكتيكية .
وفي تقديري ، في هذا الضوء ، ينبغي ، فوق ذلك ، عدم الاقتصار ، عند تقديم التوجهات التي ترسمها الوثيقة ، وكيفية التعامل معها ، بتناولها ، فقط ، بالنقد الفكري وحده !.... بل ينبغي ان نقدر ، كذلك ، طبيعة الوضع السياسي العام الذي سيحيط بالحزب ، نتيجة التطورات السياسية المتوقعة ، والسعي الى تحديد ، على اساس ذلك ، طبيعة الممارسة السياسية العملية التي تتطلب تأمين حرية الحركة للحزب لابقاء التواصل وتعزيزه مع الجماهير !

كلنا ندرك بان الازمة اللبنانية ، بعد انفجار مرفأ بيروت خصوصا ، دخلت في سياق من التطو ر دفعت اطرافا دولية واقليمية عديدة الى السعي لأن يكون لها دور وحصة في "الحل " ! ... طرحت مبادرة ماكرون ... جرت مساع ، مكشوفة و " مستترة " ، لعرقلتها : الاميركيون " فركشوها " لأنهم رأوا فيها مسايرة لايران !.. ولا تتناسب مع حساباتهم لتشديد الضغط على ايران لفرض تنازلات اكثر لصالح استراتيجيتهم العامة في المنطقة !... ايران وحزب الله عرقلا المبادرة ، لأن الفريقين لا يريدان اي حل ! ... فالحل ، مهما كانت طبيعته ، يحدّ ويقلص نفوذهما الواقعي على الارض !... والسعودية رأت ان المبادرة لا تفسح اي مجال لزيادة الدور والنفوذ وهي قد دخلت واقعيا بنوع من المواجهة مع الطائفة السنية وثمة نوع من الكباش مع الو لايات المتحدة حول علاقاتها مع الصين والاتهامات عن دورها في اغتيال القاشقجي . اما كتلة عون باسيل التي صارت في حضيض الافلاس السياسي والاطراف السياسية الداخلية الملحقة بهذا الطرف الخارجي او ذاك فاخضعت مواقفها لتتوافق مع مواقف مصادرها الخارجية ، كعرض عن استعدادها " للتفهم والتنازل والرضوخ" عن مواقف التشدد ، لكي تحفظ لها دورا في " التسوية " التي يعمل لها . وفي هذا الاطار السياسي المعقد ، غير الواضحة نتائجه بعد ، ارى ان نبيه بري هو في الموقع الاكثر ارتباكا وحراجة ! فهو لا يريد فصم العلاقة قبل اتضاح شروط التسوية والضمانات التي توفرها الاطراف المتعلقدة لتثبيتها والسير بها ، لكي يضمن عجز حزب الله من الانتقام ! فبدون دور في الدولة ينتهي نبيه بري !
دلائل متزايدة تؤكد بان الجهود نشيطة لانضاج " شروط التسوية ". فالتفاهم الاميركي – الفرنسي قد ترمم ! .. بانتقال قيادة التوجيه الى الاميركيين ... وفتحت كوة واسعة لعملية " تسوية وتفاهم " اميركية – روسية حول المنطقة . ورغم انها في بداياتها ، وتترافق بالضغوطات المتبادلة في اكثر من موضوع ، بيد ان الهدف واضح عند الجانبين : فكل منهما يسعى لتحديد شروط افضل لفريقه ، وان يقلص شروط التنازلات من جانبه . الجميع لهم مصلحة في اتمام التسوية . فالاطراف كلها ليس لها مصلحة في المماطلة . فكل منها يواجه في داخل بلده وعلى الصعيد العالمي من العديد من المشاكل والازمات ... الامر الذي لا يسمح بالمماطلة والتسويف ! واذا كنا لا نستطيع ان نحدد ، نحن الان ، البنود والشروط الرئيسية لهذه التسوية فان جوهر توجهاتها واضحة منذ الان : اذ لا يمكن ان تكون الا تقييدا وتضييقا ، بهذه الحدود او تلك ، لنفوذ ودور كل من ايران وحزب الله في لبنان ! ... ومن تحصيل الحاصل ان الشعب اللبناني ، باغلبيته العظمى ، سيرحب ، لاسباب سياسية او طائفية او ... ، بمثل هذا الحل - التسوية ! وعلى هذا الاساس يطرح السؤال : الا يجدر بنا ان نفكر بالبيئة السياسية الشعبية التي سنعمل في اطارها آنذاك ؟... وتحديدا في ضوء التغيرات التي ستطرأ على مواقع القوى الشعبية : فالحزب ، بطبيعة الحال ، وكذلك التيارات السياسية المارونية ستتجه ، على الارجح ، الى العمل لتعبئة الجماهير على اساس انها حققت انتصارا لها !... ولا شك ان الجماهير السنية سترى انها وجهت ضربة انتقامية مهمة الى الاطراف التي خاصمت سعد الحريري ! ... ولا شسك ، ايضا ، ان جنبلاط ، والجماهير الدرزية سيشعرون براحة سياسية لأنهم تخلصوا من كابوس وتهديدات حزب اللله !... وسوف نتابع ، بالتأكيد عملية تمايز ، متسارعة بهذه الدرجة او تلك ، في الوسط الشيعي ايضا .
هذا الوضع الجديد يفتح ، على الارجح ، اجواء اوسع للعمل الديموقراطي الجماهيري حول مسائل الخروج من الازمة العميقة التي يرزح تحتها الشعب اللبناني وشروطها ... ، وان كان من الصعب التقدير ، من الان ،درجة " التحسن " في طبيعة التحالف السياسي الذي سيمسك بالسلطة .
من الطبيعي ان نسعى الى الدخول الى هذه المرحلة الجديدة من التطور السياسي ، كحزب ، بافضل استعداد : بالانفتاح على الكتل الجماهيرية " المتنوعة " وفق استعدادها هي ، وعقلياتها هي في تقدير مصلحتها بالاصلاحات ، مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار بانه علينا ان " نتحرر " من آثار المآخذ السياسية التي تؤخذ علينا ، وخاصة فيما يتعلق بمواقفنا من سوريا وايران وحزب الله . ولا احسب من الجائز ان ندخل ، لا فيما بيننا ، ولا مع اي جهة اخرى : في حوار ومواجهة عمن هو مخطىء ؟ ومن كان على حق ؟ مصلحة الحزب هي التي يجب ان تقرر !... المؤتمر هو المناسبة ، وهو الشرعية التي تحسم القضية !
في ضوء هذه الرؤية اعتقد ان الرفيق الامين العام ، حنا غريب ، هو الشخص الا قدر ، والاكثر اهلية لتنفيذ هذه المهمة في اطار التعقيدات التي تحيط بالحزب منذ سنوات سواء في علاقاته السياسية مع الجماهير والقوى والاحزاب الاخرى ، ام في ابتكار ووضع الخطط لمعالجة قضايا الحزب التنظيمية والسياسية والفكرية ... لذلك اقترح :
اولا - اجراء تلخيص عام لنقاش الوثيقة السياسية في منظمات الحزب لنتبين طبيعة الرأي العام الحزبي بالاقتراحات المقدمة والتعديلات وتثبيت ذلك لا قرارها بما يتلاءم مع المتطلبات السياسية والعملية التي تدخل الحزب في قلب العملية السياسية وتماس حيوي مع الجماهير العميقة .
ثانيا - يهيىء الامين العام مداخلة عامة نظرية سياسية جامعة وموحدة فيما بين الاراء ، بالاستناد على ما طرحته " الوثيقة " والنقاشات ، مع الاستعانة بالاوراق : الماركسية مرشدنا والتقدير السياسي المعنون : احداث العقدين الاخير ين !... مع هذه الورقة الاخيرة التي تحمل عنوان : رفيق حنا صباح الخير ... وأي مرجع آخر يرتأيه الامين العام .
*******************


اذا ما ارتؤي ان هذا الاقتراح المركب صالح للأخذ به ، فمن الطبيعي ان اكون ، انا شخصيا ، على تمام الاستعداد لتقديم اي جهد لانجاح مهمة الامين العام ، وعمل المؤتمر الذي سيكون المنعطف العملي لتوحيد الحزب ولعودته الى دوره التاريخي في خدجمة لبنان وتطوره الديموقراطي المستدام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط