الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزانية عام 2007 بعد لبنان اولمرت يحارب الفقراء

اساف اديب

2006 / 9 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


خلافا للخطاب حول ضرورة "تقوية النسيج الاجتماعي" في اعقاب الحرب ودعم الفقراء، تسعى حكومة اولمرت لاستغلال موضوع نفقات الحرب، لتمرير مشروع الميزانية لعام 2007 التي تتضمن "اصلاحات" خطيرة حسب نهج نتانياهو، والتي عجزت الحكومة سابقا عن تطبيقها بسبب الاستياء الشعبي منها.

اساف اديب

كيف تغطي اسرائيل نفقات حربها على لبنان؟ ما الاستنتاجات التي خرجت بها المؤسسة الحاكمة الاسرائيلية من الاحوال المأساوية التي تعيشها بلدات التطوير الشمالية كما تبين اثناء الحرب؟ هل سيطرأ تراجع على التوجه الاقتصادي العام الذي يخدم رؤوس الاموال على حساب الطبقة العاملة والفقراء؟ كانت هذه الاسئلة التي طرحتها الصحافة الاسرائيلية مؤخرا. الرد جاء على لسان وزير المالية، ابراهام هيرشزون، في مؤتمره الصحفي (الثلاثاء 5/9) الذي قدم فيه مشروع الميزانية لعام 2007.

مشروع الميزانية الذي لا تزال تنتظره عملية طويلة من الصراعات والتصويت في الحكومة والكنيست، يتضمن سلسلة من الاجراءات التقشفية الخطيرة والتحولات البنيوية التي تضرب شرائح واسعة من الطبقة العاملة والشرائح الضعيفة من كبار السن والعاطلين عن العمل والمعاقين، في حين يعفي الشرائح العليا من اية مشاركة في تحمل نفقات الحرب.

المعلق الاقتصادي سيفر بلوتسكر انتقد بشدة مشروع الميزانية في مقال بعنوان "الواحد بالمئة الاغنى يخرج دون اذى" (يديعوت احرونوت، 6/9)، فكتب:

"ان ميزانية عام 2007 هي ميزانية يمينية بكل معنى الكلمة. ومع انها ميزانية متوازنة واصلاحية تصبو للنمو الاقتصادي، الا انها من الناحية الفكرية والاجتماعية ميزانية غير عادلة وغير متوازنة. ميزانية هيرشزون تقضي بان من سيدفع ثمن الحرب كله هذا العام، هم اولئك الذين يعيشون من المخصصات ومعونات خدمات الرفاه الاجتماعي او من اجور منخفضة...".

ويضيف بلوتسكر: "ما كشفته الحكومة في مشروع الميزانية هو جدول عمل قائم على المبدأ الحديدي الذي يحرّم المس بمن يتقاضى اجرا يفوق ال50 الف شيكل في الشهر. الواحد بالمئة الاغنى في المجتمع، غير مطالَب بالمساهمة باي شيء لتغطية نفقات الحرب".



من سيدفع الثمن؟

ما يحدث عمليا هو استغلال الحرب ونفقاتها لتضخيم الاخطار المحدقة بالاقتصاد الاسرائيلي، وبالتالي تمرير التحولات البنيوية التي قادها وزير المالية السابق، بنيامين نتانياهو، والتي جوبهت باستياء وتذمر المجتمع الاسرائيلي. البنود الاساسية التي من المقرر ان تشملها الميزانية الجديدة هي:

اولا، تأجيل الارتفاع المتفق عليه في الحد الادنى للاجور. ويعتبر هذا الموضوع النقطة الاهم بالنسبة لعمير بيرتس، زعيم حزب العمل. وكل مسّ بها يزيد من زعزعة مصداقيته المتضررة اصلا، بعد اهماله الوزارات الاجتماعية وقبوله بوزارة الدفاع.

ثانيا، تجميد مخصصات التأمين الوطني، وخاصة مخصصات الاطفال وكبار السن، بمعنى خفضها بنسبة 1.65% مقارنة بارتفاع غلاء المعيشة. وقف التقليصات في مخصصات الشرائح الفقيرة وكبار السن، كان في صلب برنامج الانتخابات لحزبي شاس والمتقاعدين، اللذين يشكلان اساس الائتلاف الحكومي.

ثالثا، رفع سن الاستحقاق لمخصصات البطالة من 20 عاما الى 28 عاما. ويسدد هذا البند ضربة قاصمة لجيل الشباب الذي حُرم منذ خمسة اعوام من مخصصات ضمان الدخل، واليوم يتم شطبه نهائيا حتى من حقه بالحصول على مخصصات البطالة.

رابعا، تسهيل عملية فصل مستخدمي الدولة، دون حاجة لتفسير قرار الفصل امام لجنة العمال ودون الاستماع لموقف المستخدمين. ويعتبر الامر ضربة خطيرة لنقابة موظفي الدولة التابعة للهستدروت على هذا النحو، الامر الذي قد يقود الى نزاعات عمل واضرابات.

خامسا، خصخصة واصلاح ادارة شركتي الكهرباء والبريد. او بكلام آخر خصخصة الخدمات العامة لصالح رؤوس الاموال الكبار واخضاعها لمنطق الربح.

سادسا، خفض عدد العمال الاجانب في البناء والزراعة والصناعة، بهدف توفير اماكن العمل للعمال المحليين. وهو قرار ايجابي مبدئيا لانه يساهم في خفض نسبة البطالة، ولكن المشكلة انه قرار قديم اعلن عنه مرات عديدة دون تنفيذ. وذلك بسبب تراجع الحكومة امام مجموعات الضغط القوية للمزارعين وارباب العمل المستفيدين بشكل مباشر من استيراد العمال الاجانب واستغلالهم كقوة عمل رخيصة.



ميزانية من المطبخ الامريكي

بنود الميزانية تثبت ان ائتلاف اولمرت-بيرتس محكوم باسس "الاقتصاد الحديث" الذي بدأ العمل به منذ 20 عاما، والذي نفذه بدقة نتانياهو. ولا علاقة بين هذا الاقتصاد وبين خطابهما السياسي او الاجتماعي الذي تشدقا به قبل الانتخابات واعلنا فيه عن محاربة الفقر.

في هذا السياق كشفت صحيفة "هآرتس" (6/9) كيف تم تحديد طبيعة الميزانية في وزارة المالية الاسرائيلية. مدير عام الوزارة، يوسي باخر، اجرى لقاءات هامة في واشنطن في اواخر آب الماضي، نجمت عنها موافقة الادارة الامريكية على زيادة حجم الميزانية لعام 2007 بنسبة 3.3%، لمرة واحدة بهدف تغطية نفقات الحرب. وكان مقررا ان تكون الزيادة بنسبة 1%، وذلك كشرط من الولايات المتحدة مقابل ضمانات القروض التي منحتها لاسرائيل عام 2003.

ضمانات القروض التي بلغت في حينه عشرة مليارات دولار، ساهمت في تثبيت مكانة اسرائيل في الاسواق الدولية وزادت ثقة المستثمرين بها. ولكن الثمن كان دورا كبيرا للادارة الامريكية في ادارة السياسة الاقتصادية الاسرائيلية. كذلك الاصلاحات المقترحة من قبل المالية، يتم رسمها في المطبخ الامريكي.

يذكر ان عميد بنك اسرائيل، ستنلي فيشر الامريكي الاصل، والذي يتمتع بعلاقات وطيدة في اروقة الادارة الامريكية والمؤسسات المالية الدولية، حذّر في بيان صحافي نشر على خلفية النقاش الدائر حول الميزانية بان "قرار الحكومة زيادة الميزانية والعجز سيسيء حتما لمكانة اسرائيل في الاسواق الدولية ويضرب ثقة المستثمرين باقتصادها". (nrg،(6/9

هنا بيت القصيد: الطبقة الحاكمة في اسرائيل عام 2006 غير ملزمة بشعبها وعمالها ولا حتى بالرأي العام الاسرائيلي، ولا ترى نفسها مجبرة على توفير اماكن عمل او رفاهية لاحد، بل تعمل في خدمة رأس المال الاسرائيلي الكبير المندمج تماما في رأس المال العالمي ومؤسساته. ما يخدم اصحاب رؤوس الاموال الكبار، اصبح مقدسا تقره الحكومة والكنيست وكافة الاحزاب الموجودة في الائتلاف ملتزمة بنفس الاجندة، بغض النظر عن خطابها.

المفارقة ان اولمرت لم يستخلص العبر من سقوط حزب الليكود برئاسة نتانياهو، وتراجعه الى 12 مقعدا قبل ستة اشهر فقط، بسبب سياسته الرأسمالية العنيفة المعادية للفقراء. وها هو يسعى لتطبيق السياسة نفسها بحذافيرها.

صاحب المال هو صاحب القرار، وهذا هو حال الطغمة المالية الاسرائيلية التي باتت تتحكم بالاقتصاد الاسرائيلي والقرار السياسي. الرسالة التي اراد اولمرت ايصالها للمستثمرين واصحاب الرساميل من خلال عرض مشروع الميزانية الجديد، هي انه يجدد ولاء حكومته لبرامجهم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال