الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئة الدولية للتجارة

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 7 / 6
الادارة و الاقتصاد


تعرضت بيئة التجارة الدولية في الفترة الأخيرة إلى تغيرات قوية (وريدكالية) وأضحى أمام كل دول العالم في التعامل مع السوق العالمي التجارية أحد خيارين:
الأول - الاندماج في السوق العالمية،
الثاني - العزلة.
بالنسبة للاندماج في السوق العالمية عن طريق التجارة الخارجية مع باقي دول العالم. فمن الممكن أن يكون اندماجاً إيجابياً، إذا انخرطت الدولة في المبادلات التجارية الدولية بشكل فاعل ومؤثر في التغيرات في بيئة العلاقات التجارية الدولية، وبخاصة إذا استطاعت الدولة أن تتفاعل بكفاءة ومرونة مع السوق العالمية.
ويكون الاندماج اندماجا إيجابياً إذا حاولت الدولة أن تتفاعل بكفاءة ومرونة مع التغيرات في بيئة التجارة الدولية وتقبل ما يحقق مصالحها ويعظم مكاسبها وترفض ما يتعارض مع مصالحها أو تتحايل عليه. ويكون الاندماج سلبياً إذا قبلت الدولة كل ما يفرض عليها من البيئة التجارية الدولية وتتحول إلى متلق في علاقاتها التجارية، تنفذ لكل ما يطلب من الأطراف الفاعلة في ساحة العلاقات التجارية الدولية.
إن قيام منظمة التجارة الدولية وبدء تطبيق اتفاقيات الغات التي تتضمن التحرير التدريجي للتجارة الدولية منذ بداية عام 1995، يعني أن اقتصادات مختلف دول العالم ستكون مترابطة من خلال الحركة في أسواق دولية مفتوحة نسبياً.
ويبدو أن خيار الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية واتفاقيات الغات قبلها، والاندماج في العولمة الاقتصادية يعني فتح أسواق أي دولة أمام منتجات الدول الأخرى وفتح أسواق الدول الأخرى أمام منتجات هذه الدولة. كما يعني تعرض الاقتصادات الوطنية في أي دولة وبكافة قطاعاتها لضغوط المنافسة الدولية، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار بعض فروع الصناعة، وبخاصة الصناعات ذات الكفاءة المنخفضة والتي كانت قائمة استنادا إلى مبدأ الحماية. كما يوفر الاندماج فرصاً كبيرة لنمو وتطور الصناعات ذات الكفاءة العالية والتي تملك الدولة فيها ميزة نسبية وقدرة تنافسية عالية. وفي المحصلة يؤدي الاندماج في علاقات اقتصادية قوية مع باقي دول العالم إلى رفع كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية، ويوفر إمكانية الحصول على تكنولوجيا متقدمة وعالية من الدول المتقدمة بصورة أسهل، بما يزيد من القدرة على مواكبة أحدث التطورات والتكنولوجيا في العالم.
وفيما يتعلق بالاندماج التجاري من الممكن أن تسمح المنظمة العالمية للتجارة (W. T. O) ببعض أشكال الحماية المؤقتة لبعض الصناعات الوطنية، وبخاصة في الدول التي تقوم بإصلاحات اقتصادية وتتجه نحو إعادة هيكلة تلك الصناعات ورفع قدرتها التنافسية، لتتمكن منتجاتها من المنافسة في الأسواق المفتوحة. صحيح أن عدم الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والانعزال عن بيئة التجارة الدولية والتغيرات التي تحصل فيها يحقق ضمانة وحماية للصناعات الوطنية في أي دولة ويصبح لها فرصة النمو دون مواجهة ضغوطات المنافسة من منتجات الدول التي تتمتع بقدرة تنافسية عالية، إلا أن خيار العزلة يقود إلى تخفيض كفاءة إدارة وتخصيص الموارد الاقتصادية، ويؤدي إلى التخلف التكنولوجي وتراجع حوافز رفع الكفاءة. نظراً لغياب المنافسة والتحديات الخارجية وستكون محصلة النتائج للدولة التي تختار العزلة وعدم الاندماج سلبية.
الملاحظ من التحليل التاريخي أن المجتمعات التي كانت ترغب بالعزلة في علاقتها الاقتصادية مع المجتمعات الأخرى وتسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي عانت من الركود الاقتصادي وانخفاض معدلات التنمية. في حين استطاعت المجتمعات التي كانت ترغب بعلاقات اقتصادية واسعة وتسعى للتكامل اقتصادياً وتجارياً مع مجتمعات أخرى أن تحقق نفوذاً اقتصادياً شاملاً وواسعاً عندما كان اندماجها إيجابياً في علاقتها الاقتصادية والتجارية مع الدول الأخرى، كما تعرضت دول أخرى لتدهور اقتصادها عندما كان اندماجها هذا اندماجاً سالباً.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا