الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2 - الرفيق الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب

غسان الرفاعي
كاتب وباحث ماركسي من لبنان

2022 / 7 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


احداث العقدين الماضيين ، عالميا واقليميا ( وقوميا ) ... وعلى الصعيد اللبناني ايضا ، كانت كبيرة وخطيرة ... وادت الى تغييرات اساسية في الوضع اللبناني العام : على مجمل هيكله السياسي الاقتصادي الاجتماعي ، وكان لها انعكاسات سلبية جد فادحة على صعيد ممارسات الطبقة الحاكمة حيث استفحل الفساد وجرى تعميمه على نطاق واسع ، وازداد الميل للتضيق على الحريات الديموقراطية ... وسخرت موازنة الدولة ومؤسسات القطاع العام كالكهرباء ومشا ريع الخدمات العامة الاخرى لمصلحة ارباب الحكم وزبانية الحكم ! وقد ادى ذلك الى تغييرات كبيرة في توازنات القوى السياسية المؤثرة على صعيد الحكم الممارس. وقد سبّب هذا ، بدوره ، اختلالات وتغييرات وتمايزات جديدة في درجة التأثير الذي تمارسه كل قوة خارجية : عربية او اجنبية ، ومدى تدخلاتها في الوضع اللبناني ، الامر الذي زاد في تعقيدات الوضع اللبناني ، ليس سياسيا وحسب ، بل واقتصاديا واجتماعيا ايضا ، نتيجة تفاقم علاقاته الخارجية جراء عدم التوازن في التعامل مع هذه القوى الخارجية وفق ما تتطلبه المصالح الوطنية اللبنانية وحسب ... الامر الذي اوقع لبنان في ازمته الخانقة الحالية ، حيث تتعقد افاق الحل نتيجة رجحان الاتجاهات المصلحية الانانية الضيقة التي تحكم تصرفات المهيمنين على السلطة .

ولابد من الاشارة ، الى جانب كل ذلك --لاستكمال الصورة -- لما تعرضت اليه المنطقة ، ولبنان بطبيعة الحال ، خلال هذه الفترة ، من هجوم مركز ، متصاعد ، لم يقتصر على الوجه السياسي والاقتصادي وحده ، بل اخذ ، في اكثر من حالة ، صورة تدخل عسكري ، كالغزو الاميركي للعراق ، او تنظيم اعمال ارهابية وتفجيرات مسلحة ذات طابع خطير ، والتي مثل تنظيم داعش نموذجها الاخطر ، والاكثر وحشية ، او اخذت منحى تحويل الحركات والانتفاضات الشعبية الاصلاحية التي قامت في العديد من البلدان العربية ، الى حركات عبثية تدمر ذاتها ، بخرقها بمجموعات من المرتزقة الذين تسّيرهم المخابرات ا لامبريالية او الاقليمية المتعددة ... او تعطيلها عن طريق تزييف مريع للديموقراطية حين جرى اللجوء الى " صناديق الاقتراع " ، دون توفر شروط ممارسة الحرية ، كالانقلاب السياسي الذي نفذته منظمة الاخوان المسلمين في مصر ، بمساعدة تركيا اردوغان وقطر ، بتوجيه ودعم اميركي .

ويمكن ادراج الوضع الليبي وتعقيداته ، وما ولده ويولده من تعقيدات سياسية واقتصادية داخلية ، لها انعكاسات قوية على النطاقين الاقليمي والدولي كذلك ، وتولدت منها منازعات اجتماعية داخلية ، بل ومصادمات مسلحة دموية ذات ابعاد وتعقيدات خطيرة على الوضع السياسي العام في تطوراته اللاحقة ... هي ايضا في سياق هذا الهجوم الامبريالي العام الذي تتعرض له المنطقة العربية ، ذي الابعاد والرؤوس المتعددة ، الملتقية على ممارسة العدوان ... المتنافرة ، المتحاربة على الامتيازات !
من الطبيعي ان لا تخرج القضية الفلسطينية ، من حيث هي حلقة رئيسية في منظومة حركة التحرر الوطني - القومي العربية ، من سياق هذا الاستهداف العدواني . وقد تجلى ذلك بصورة نافرة وخطيرة ، في الاونة الاخيرة ، بما سمي " بصفقة القرن " التي طرحها الرئيس ترامب ، وينفذها ، حاليا ، بايدن عبر الخطوات المتدرجة التي تدفع الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل ، وتبرير ذلك بحجة " ... تحقيق مصالح البلد العربي المعني ! " ... مع "تجاهل " مصالح الشعب الفلسطيني في هذا الاطار ! وبهذه الطريقة يتم عزل نضال الشعب الفلسطيني حتى عن ذاك الدعم شبه المعنوي الذي كان يلقاه من بعض العرب ! ... وتركه فريسة للشروط الاسرائيلية والاميركية التي تفرض عليه . وفي هذا الاطار لا يشكل ترداد شعار التمسك " بمشروع الدولتين " اي ضمانة " لتحقيق الحد الادنى من طموحات الشعب الفلسطيني الشقيق المناضل .
ويمكن الجزم ، بدون اي تردد ، بان ما يعانيه لبنان : شعبا ، وحتى " نظاما " ، منذ ستينات القرن الماضي حتى اليوم ، وخصوصا في السنوات الاخيرة ، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي ، وعلى صعيد ازمة نظامه السياسي ، ليس بعيدا عن عوامل فعل القوى العالمية والاقليمية اياها ، ونهجها !... حتى الاختلافات والتباينات والتصادماىت فيما بين القوى السياسية اللبنانية ... ، وحتى التعارضات والتباينات الفكرية والانحيازات السياسية التي تفرّق فيما بين اللبنانيين ، وتمنع توحدهم للرد على ما يعانونه جميعا من صعوبات سياسية ومعاشية تحمل ، جديا ، مخاطر الافلاس والمجاعة بصورة جماعية حاسمة ، انما تعود ، هي ايضا ، الى هذا الواقع الناشيء اساسا من استمرار تدخلات قوى الخارج هذه : حاليا وتاريخيا . ولعل هذا -- على الارجح -- هو السبب الاساس الذي اعاق حركة تشرين الجبارة الرائعة التي عبرت عن حاجات وطموحات الجماهير اللبنانية ، بجميع فئاتها ، وفي جميع المناطق ، من التحول الى حركة موحدة ، منظمة ، مستمرة ، ذات برنامج وخطة نضالية ، ديموقراطية التوجه والتنفيذ لفرض ميزان سياسي للقوى على الارض قادر على تحقيق بنود هذا البرنامج الديموقراطي !
امام هذا الواقع المعقد ، والخطير حقا ، لا يمكن ولا يجوز لأي وطني ، ولا لأي قومي ان يستخف ، او ان يقلل من خطورة هذا الخصم - العدو الذي نواجه ، وحيث لا مفر من المواجهة ، اولا لتعدد اطراف هذا الخصم ... وثانيا لوحشية جميع اطرافه وعدم تورع اي منهم عن استخدام اجرم الوسائل لتحقيق مراميه ... بما في ذلك خصوصا اللجوء الى الدم والى قوة التضليل والخداع ، وتغطية مشاريعه واهدافه وتجميلها بالصفات والمعايير الاخلاقية والدينية التي تتساوق وتتلاقى مع التقاليد والعادات الاجتماعية السائدة .
ولكن لابد لنا ان نلاحظ ، مع كل خطورة ورهابة الوضع بان واقع القوة هذا لم يعد يستند ، في ايامنا ، كما في العهود السابقة ، الى ذات القدرات الفعلية التي كانت متاحة سياسيا و تسمح للقوى الامبريالية ان تلجأ ، بسهولة نسبية ، الى العنف ضد حركات التحرر ، رغم تعاظم الميول العدوانية لديها ، في الظروف الراهنة ، نتيجة بروز وتفاقم ظاهرات ازمىتها البنوية في عهد العولمة واتخاذها طابعا نوعيا : طابع " الازمة المستدامة " التي ولّدتها الثورة العلمية التكنولوجية في الانتاج ، والتي تثير وتفاقم التناقض والتنافس فيما بين اطراف واركان العولمة الثلاثة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان ( راجع هنا النص المرفق : " الماركسية ؟ ... لماذا ؟ " ) ، شرط ان تجري تعبئة وتنظيم الجماهير وتوجيه نضالاتها وفق برنامج علمي ، واقعي ياخذ بعين الاعتبار الظروف والعوامل الجديدة في الواقع الدولي والمحلي ... والعامل الثاني الذي يلجم ، نسبيا ، الجموح العدواني لقوى الامبريالية ضد حركات التحرر هو نشوء توازن دولي جديد باسم ( تحالف او تفاهم سياسي ) ، والذي تشكل الصين وروسيا الاتحادية والهند قوته الاساسية مع العديد من الدول الاخرى . وهذا الواقع الجديد في الوضع الدولي يسمح ويشجع ، بلا ريب ، حركات التحرر والديموقراطية في سائر البلدان ان تنطلق بصورة اقوى واسرع .
ان هذا التوازن الدولي الجديد انتج مظهرا جديدا في العلاقات الدولية، جديرا بالمتابعة ، بتنا نلاحظه في تمايزات مواقف بعض الدول العربية ، كالسعودية والأمارات ، اللتين كانتا وما زالتا ، من حيث الأساس وطبيعة التوجه السياسي العام ، تابعتين للولايات المتحدة ... تأخذان مواقف تتعارض ، بدرجة واضحة ، مع مواقف الولايات المتحدة في قضايا حساسة ، متلا التزود بالسلاح الأستراتيجي ، أو التشارك في انشاء مشاريع تنموية وتجارية كبيرة ، ذات ابعاد استراتيجية مع الصين وروسيا . ومهما اختلفت التقييمات لدرجة وطبيعة ظاهرة التمايز هذه ، يظل في الأمكان التأكيد ، مع ذلك ، بأننا صرنا في أجواء علاقات دولية بمواصفات جديدة ، مغايرة نوعاً ما ! ... تفرض ضرورة الانتباه اليها .

**********

ثمة شبه اجماع ، بعد طول مكابرة دامت عقودا ، على ان اسباب التعقيد والاستعصاء في لبنان ناتج ، بصورة اساسية ، مما ولده ويولده ذاك التداخل والتفاعل فيما بين العوامل والتناقضات التي تولدها البنية الاقتصادية الاجتماعية السياسية اللبنانية مع تناقضات وتصادم المصالح ا لاستراتيجية للقوى الدولية والاقليمية المتصارعة ، وما ينجم عنها من انعكاسات على الوضع اللبناني .
لابد من الاخذ بعين الاعتبار ، كذلك ، بان الوضع الناشيء ، في وقتنا الراهن ، ليس وليد عوامل التاثير المباشرة الراهنة وحدها . بل هو ، كذلك ، من نتاج عوامل تعود الى ماض تاريخي لا يقل امده عن قرنين من الزمن على الا قل ... انشأ ورعى ، في لبنان ، تركيبة اقتصادية اجتماعية سياسية ايديولوجية ذات تكوين متناقض : خاص ومميز !
هذه التركيبة الخاصة ، الشوهاء ، ما كان لها الا ان تصاب ، وقد انصابت في الواقع ، تحت ضغط الاحداث وتطوراتها ، دوريا ، بظاهرات وهن وتفكك في اطرها المجتمعية التقليدية : الطائفية والمناطقية ... وفي تكويناتها السياسية... وما كان لها ان تبرأ منها ، بحكم وفعل وآليات تطورها الخاص بالذات !. ولم تنجح ، كذلك ، في تامين ا لاستقرار الاجتماعي على صيغة محددة ، واضحة من التطور الذي يمكن ان يولد الاطمئنان الاجتماعي ، وان يعزز سلاما وطيدا على الا رض .
في هذه البيئة يتفشى الفساد في الحكم !.. ويفشل النظام السياسي ليس سياسيا وحسب ، بل وامنيا كذلك ، بنتيجة التركيبة المتخلفة ، غير الديموقراطية للهيئات الدستورية ولممارساتها الاعتباطية ، وبنتيجة تدخل الاطر والتجمعات غير الشرعية ( غير الدستو رية ) في شؤون الدولة والقضاء !.. هذا الواقع افسح المجال واسعا لتدخل قوى خارجية : دولا وتنظيمات سياسية في الشؤون السيادية للدولة اللبنانية !
لا يمكن الا ان نعتبر ظاهرات النهوض الشعبي المختلفة التي ميزت السنوات الاخيرة بصورة خاصة الا تعبيرا عن حالة وعي ، وردة فعل على المعاناة والحاجة لدى الناس !.. وقد تطورت هذه المشاعر ، في الاونة الاخيرة ، الى قلق و خوف مشروعين على مستقبل البلاد ومصير الدولة معا .
من هنا ، على وجه الضبط ية : من الطبيعة المشوهة التي تشكل عليها النظام تاريخيا ، ومن استمرار التدخلات الخارجية ، تولدت التفسيرات المختلفة ، المتعارضة والمتناقضة في تفسير الازمة وفي فهمها ... وانطلاقا من ذلك ، على وجه الضبط ، تطرح الحلول المختلفة ، ذات المستويات المتفاوتة في درجة واقعيتها او تكاملها او جذريتها على الصعيد الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي .

قدمت اطراف عديدة : داخلية وخارجية ( البطر ير ك الماروني ... الرئيس الفرنسي ... احزاب ومنظمات ومرجعيات فكر ية ونقابية عديدة ) مقترحات ومشاريع لمعالجة الازمة المستفحلة ، لا يمكن ان عتبرها الا انها منطلقة من شعور بالمسؤولية السياسية والانسانية ... في حين لم تقدم الجهات الرسمية ، حتى الان ، على اي خطوة جدية على هذا المضمار ، وهي من المفروض ان تكون المعنية الاولى على هذا الصعيد .
نود ان نؤكد على ان انتفاضة 17 تشر ين ظلت ، مع ذلك ، الظاهرة الابرز والاوضح تعبيرا عن المطالب الاصلاحية المباشرة والبعيدة المدى التي تستجيب لحاجات الشعب اللبناني بكل فئاته ... لانها طرحت حلولا متكاملة ، ومن قبل الجماهير نفسها ، مباشرة ، و بافق ديموقراطي عام ، غير ملتبس بتعبيرات طائفية او مناطقية ضيقة.. وعبر اشكال متطورة من الحراك الجماهيري لتحقيقها .
ظل سقف الشعار ات المرفوعة اصلاحيا من حيث الاساس ... تركزت على ضر ورة معالجة الازمة المالية ا لاقتصادية الاجتماعية التي تشل المجتمع وتخنق النشاط الانتاجي ، الامر الذي ينمي نسب الافقار بصورة تصاعدية .
ارفقت هذه المطالب الاقتصادية برفع شعارات محا ربة الفساد والرشوة والسمسرات ... واعادة الاموال التي هربت من البنوك الى خارج البلاد ! ... وجرى التشديد على ضرورة احترام الدستور وتطبيقه !... والمطالبة بقيام حكومة كفوءة وذات صلاحيات تؤهلها القيام بالمهام التي تواجه البلاد !.. واجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي ديموقراطي يسمح بالتعبير الصحيح عن ارادة الشعب وتحت اشراف دولي.
مهما كانت طبيعة التقييمات المختلفة لهذه الشعارات والطروحات ، وبغض النظر عن الطرف الذي رفعها ، هي ، في واقعها ، ظاهرات وحالات اجتماعية سياسية ولدت من رحم مجتمعنا بالذات ، وتشكل جزءا مكونا من عناصر الازمة العامة التي نحن بصدد معالجتها ... وبالتالي لابد من اخذها بالاعتبار والحسبان !.. فتجاهلها لا يلغي دورها .. واصحابها " المختلفون " هم في الواقع " متساوون " في المصلحة في حل الازمة ، و " متساوون " في حق الاسهام في ايجاد الحل ! فلابد من افساح المجال للنقاش حولها ، والتداول الحر الديموقراطي ، وعلى المستوى الجماهيري ، وليس بحصر النقاش في مستوى " الزعامات " وحسب ، كما جرت العادة تقليديا ! ... فالازمة بلغت " قعر القعر ! " ، بسبب نهج الزعامات و" تفاهمات " الزعامات ، وباتت في اقصى دركات الاستعصاء جراء التعقيدات المتتالية .3
في مقابل انسداد الافق هذا ، الذي يسببه العجز الرسمي ، السياسي والعملي ، الذي يحمل مخاطر حياتية على المجتمع والدولة ، نؤمن ، نحن في الحزب الشيوعي اللبناني ، وندرك بان بالامكان معالجة الازمة ، وتجاوزها ، وتحقيق سائر الاصلاحات الا قتصادية المطلبية والسياسية على السواء ، بالاساليب السلمية ، لصالح كل الشعب اللبناني بكل فئاته ومناطقه ، بالتدر يج وعلى مراحل ، وفق ما يتيحه ويسمح به الدستور اللبناني والقوانين اللبنانية !... واذا كانت الهيئات الدستو رية قد ترهلت او عجزت عن القيام بمسؤوليتها ...، فان الحراك الشعبي الذي احتلّ الشوارع حاملا قضايا لبنان ويسعى ، ويناضل من اجل ايجاد الحلول الملائمة لها ، منذ اكثر من عامين ، قد ولّد شرعية واقعية ، يحق لها ، وينبغي ان يكون لها ، القرار والحسم ، امام التخاذل والعجز وافللاس المؤسسات الرسمية للدولة ، لمرة واحدة ، الى ان تجري استعادة شرعيتها ، ببنائها على اساس المبادىء الديموقراطية السليمة .



في ضوء هذه الأحداث وتواتراتها الخطيرة الصاخبة ، وتحت تأثيرها ، لا بد من إجراء تقييم نقدي ، موضوعي ، لنهجنا السياسي لتدقيقه ، لكي نحدد ، وان نبلور طبيعة وابعاد المتغيرات الحاصلة واستنتاج المتطلبات التطويرية التي ينبغي اغناء ممارساتنا السياسية بها ، للافادة من الامكانيات التي تتيحها هذه المتغيرات ... ولتسخير بعض تلك التناقضات الناشئة في ممارساتنا السياسية ، لكيما نجعل توجهاتنا في الممارسة اكثر واقعية ، واقرب الى تفهم واستيعاب اوسع فئات الشعب اللبناني ذات التكوينات الايديولوجية والانحيازات السياسية المتنوعة وغير المنسجمة فيما بينها ... ولتكون لطروحاتنا تأثيرها التعبوي والتحفيزي للنضال .
من جهة اخرى تفرض علينا هذه التطورات الجديدة مسؤوليات خاصة لأعادة تقييم سياستنا التحالفية الداخلية في اتجاه زيادة الأنفتاح ومرونة التعامل مع قوى سياسية وتنظيمات مدنية وشخصيات عامة ليس فقط على اساس المباديء العامة والتوافقات الاستراتيجية ، بل في التعاملات التكتيكية : المرحلية واليومية كذلك .
وذلك لأننا نرى أن دائرة المعترضين على النهج السياسي الممارس قد اتسع وتعاظم . وقد لا تكون الدوافع التي تحرك بعض هذه الأعتراضات تتطابق او تتوافق مع المبادىْ والاسباب التي نبرر نحن ونسند بها مواقفنا . وعلى أساس هذا نرى بأنه يجب التخلي عن نهج الأنكفاء السياسي عن المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والعلاقات السياسية ، الذي ساد ردحا من الزمن نهجنا النضالي ، وكنا نبرره بالحرص على " سلامة الموقف المبدئي لضمان التوجه الصحيح " . نحن ندرك ، من جهة ثانية، كذلك ، بأن المستجدات الداخلية والأقليمية والدولية تفرض وتتطلب بالضرورة منا ان ندقق ونطور توجهاتنا في السياسة القومية ايضا ، وذلك بحكم التداخل والتأثير المتبادل : السلبي والأيجابي بين الميدانين الداخلي والعربي أولا. وثانياً ، وخصوصا ، بحكم المتغيرات الكثيرة النوعية ، التي لحقت " بالقضية القومية " ، من حيث المبدأ ، وبما واجهته وتواجههه برامج القوى والأحزاب السياسية القومية وممارساتها من أزمة ، وخاصة عبر ما حصل عبر تجربتها في السلطة ، وعبر تجربة علاقاتها البينية ... وفي تعاملاتها مع قضية الشعب الفلسطيني التي تواجه " صفقة العصر " التي دخلت الى حيز التنفيذ الفعلي ، ولم تحظ بأي مساندة ذات شأن . اننا نحسب بأن هذا ليس الا مظهرا صارخا ، صادما لأزمة عميقة مؤسفة ، لابد من اخراج القضية القومية منها ، وفق رؤية وبرنامج متقدم : ديموبقراطي المحتوى ، ينسجم ويتبادل المساندة مع برامج القوى الديموقراطية والتقدمية في كل بلد عربي ... وذلك لأن القضايا ذات الطابع القومي العام مازالت واقعية وحادة تسيطر على عواطف الجماهير العربية في شتى اقطارها ، وهي جزء من طموحاتها الوطنية بالذات ، اذ تعتبر تحقيقها شرطا لاستكمال برنامجها الوطني الديموقراطي الخاص ... وهذه المهمة الشديدة الأهمية والخطورة تفرض تجديد هذه البرامج التي باتت قاصرة ! وهذا الواقع يلقي على عاتقنا , نحن ايضا ، في لبنان , جزءا من مهمة ا نجاز هذا الواجب مع الاخذ بعين الاعتبار الصعوبات الخاصة المميزة التي تواجهنا ، الناتجة من التطور التاريخي الخاص المميز للبنان الدولة ، وللبنان المجتمع : سياسيا وايديولوجيا . في ضوء هذا الطرح العام المركز نرى ضرورة صياغة ورقة تعالج كل هذه القضايا السياسية – الفكرية الأساسية لكشف مسبباتها الأجتماعية والسياسية والفكرية ، التاريخية والراهنة .... ومحاولة بلورة برامج العمل السياسي – الجماهيري التي تؤمن تحقيقها ، التي تتساوق مع تطور السياسة التحررية الديموقراطية لشعوب المنطقة .
في الصورة الأجمالية العامة ، التي رسمناها لأوضاعنا الراهنة في العالم العربي بعامة ، وفي لبنان والحزب ، بكثير من الاختصار والتركيز ، نقترح التوجه الى المؤتمر الثاني عشر على أساس هذه الخلاصة المكثفة لمعالجة هذه العناوين العامة من قبل المؤتمر ، وتدقيقها وتعديلها وتطويرها...، واتخاذ هذه التوجهات المبدأية أساسا لأعادة توحيد الحزب ووضع خطة واقعية لتوحيد ولترميم الرؤيا السياسية – النظرية العامة لتكون أساسا في ممارسة الحزب الموحد خلال فترة من الزمن محددة : سنة مثلا ... أو سنتين ، افساحا في المجال لتحضير برنامج سياسي جديد ، يعقد على أساسه مؤتمر يكرس ويطّبع وحدة الحزب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا