الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسوية في القصة الشاعرة عند المؤسس محمد الشحات محمد

صبري فوزي أبوحسين

2022 / 7 / 7
الادب والفن


النسوية الإيجابية في دفتر (من ثقب الشتلات الأولى) للكاتب محمد الشحات محمد
أقصد بالنسوية في عنوان هذه لمقال الدلالة الإيجابية لهذه اللفظة، والتي تناسب هويتنا وثوابتنا؛ حيث العناية بدراسة حال المرأة في المجتمع، والدعوة إلى إعطائها حقوقها، وتحسين وضعها، وتشجيعها على الإبداع، والعمل على ألا تعامل بشكلٍ غير عادل، وعلى حماية النساء والفتيات من مظاهر التهميش أو العنف المختلفة التي قد تمارس ضدهن أدبيًّا أو لسانيًّا، أو جسديًّا من اغتصاب أو تحرش أو تشويه أو عنصرية أو فحش أو تفحش، أو أي نوع من أنواع الإيذاء الخاص بهن أو الدائر حولهن؛ ولذلك وسمت هذه النسوية بالعربية.
إنني أحاول في هذا البحث الإجابة عن التسآلات الآتية:
ما حال المرأة في القصة الشاعرة؟
ما موقف المبدع الذكوري للقصة الشاعرة من المرأى؟
ما نسبة تمثيل المرأة في القصة الشاعرة كموضوع وكمبدعة؟
وهذا ما أحاول الإجابة عنه في المحطات الآتية:

1- النسوية في عنوان القصة الشاعرة:
هذا هو الدليل الإبداعي الأول على هيمنة النزعة النسوية الإيجابية على القصة الشاعرة، حيث نلحظ حضور المرأة اسمًا، وحضور المرأة قضية، وحضور المرأة ضميرًا في عناوين كثيرة من نماذج القصة الشاعرة، ولنطالع الآن دفتر (من ثقب الشتلات الأولى) للمؤسس محمد الشحات محمد، فنجد هذا العنوان الرئيس يحتوي على لفظة (الشتلات) وهي جمع مؤنث سالم، وترمز إلى البنات البريئات، و(الأولى) وصف يدل على هذه البراءة وما يحدث معها عبر حياتها من عنف، تشير إليه لفظة(ثقب)، التي قد تنطق بضم الثاء أو فتحها!
وعندما نطالع ثبت القصص الشاعرة في هذا الدفتر نلحظ أنه إحدى وستون قصة شاعرة، وأن منها إحدى وثلاثين قصة شاعرة يشتمل عنوانها على ما يخص المرأة اسمًا أو قضية أو ضميرًاـ وهذه نسبة عالية جدًّا، هذا فضلا عن أن معظم القصص الأخرى التي خلا عنوانها الرئيس من النسوية قد احتوى متنها على ما يدل على النسوية، سواء كان حدثًا أو شخصًا أو حوارًا! كما أن للمؤسس نماذج أخرة في مجموعة "إشعار في غمزة ليل" ، هي (صبر (.. ، و(هجرسة الحشيش)، و0الحضرة)،و(الأحوص خارج المحاكمة)، و(سدود السحر)، و(ترقية)، و(فياجرا)، إضافة إلى القصة الشاعر الأحدث(دقت الريشة)...وهذه النماذج تحتاج بحثًا أكاديميًّا مستقلاًّ؛ لما فيه من عمق وجدة وإضافات ثقافية وحضارية خاصة جدًّا!
وعندما نقوم بتفحص عنوانات هذه القصص الشاعرة نجدها تتنوع إلى الآتي:
أ‌- عناوين تأتي المرأة فيها اسمًا:
وهي القصص الشاعرة: (بوسي والباب الأزرق)، و(ليلى والشارب الغربي)، و(إيزيس المطر).
ب‌- عنوانات تكون المرأة فيها قضية:
وذلك في القصص الشاعرة: (صفعة)، و(صرخة)، و(لقطة)، و(عودة)، و(ختان)، و(حرية)، و(براءة)، و(ظاهرة).
ت‌- عنوانات تكون المرأة فيه حدثًا:
وذلك في القصص الشاعرة: (من ثقب الشتلات)، و(فك الشفرة)، و(ثورة الصديق)، والثورة الكبرى)، و(أغنيات للموت)، و(القاعدة الأخرى)، و(غيبوبة سكر)، و(لغة الجدار)، و(مرثية للخط الأحمر)، و(عودة إلى ما قبل)، و(عودة القادم)، و(ثوبة ومثوبة)، و(تصفية..لا)، و(أعراس في جسد الشمعة)، و(أسطورة الوردة فيافي)، و(تسبيحة ألوان الشفرة)، و(بعيدًا عن الرقابة)، و(دقت الكلمات)، و(أشرقت)...
وبَيِّنٌ في هذه العناوين حضور علامة التأنيث(التاء المربوطة[شفرة، ثورة/القاعدة، غيبوبة، لغة، مرثية، عودة، ثوبة، مثوبة، تصفية، الشمعة، الرقابة، أسطورة، الوردة، تسبيحة] )، والتاء المفتوحة في جمع المؤنث السالم(الشتلات/أغنيات/الكلمات)، وحضور علامة التأنيث(الألف المقصورة[الكبرى، الأخرى، الأولى)، وحضور ضمير التأنيث التاء(دقت، أشرقت)...

2- النسوية في شخصيات القصة الشاعرة:
عندما نطالع دفتر(من ثقب الشتلات الأولى) نجد كثيرًا من القصص الشاعرة فيه تبني على شخصية نسوية، ففي القصة الشاعرة(تسريح) نجد الشخصية ثريا ترد على الشخصية مسعد، حيث(ردّتْ ثريّا: ومَتَى تَفْهمُ أنّ الكَهْرباءَ انقطعتْ مُنذ خروج الليثِ في نشْرة أصْحاب المعالي؟ ..)،وينبني على هذا الرد هذه الحدث الذكوري الختامي:( شدّ بطّانيّةَ الغابِ ،) ثم هذه النتيجة الأنثوية المريحة والمطمئنة(استراحتْ) ( )!
وفي القصة الشاعرة(رقص) نجد الشخصية هند في قول المبدع(دارتْ هندُ على بطنِ الحوتِ ، وراح كريمٌ يلْعَبُ فوق الشاطئ ..، ( ))، وقد هيمن التأنيث في العبارات: (دقت سارينة إنقاذ،) و(موجة صوت العرب المحتلة)، و(قرش الساعة)!
وفي القصة الشاعرة (انزياح) نجدها تبنى على شخصية فنون، حيث نقرأ: (اشتاقتْ "فنونُ" للأميرات السبايا ..،)، و وشخصية مريم، حيث (مرْيمُ الآن استقالتْ، )، والممرضات حيث: (قَسْرًا تَمّ إجهاض المُمَرّضات في طائرةٍ مجهولةِ المَصْدرِ، لكن ..،) ثم تختم بالأنثى الحيوان حيث نقرأ: (هنا "الكُوبرا" انتهتْ( )).
وفي القصة الشاعرة (صفقة) نجد توظيفًا لاسمي شخصيتين فنيتين حيث نقرأ: (لَفّتْ كوكبُ الشّرقِ ستَار المسْرحِ العائم)، ونقرأ: (ضجّت القاعةُ ، فيْروزُ استقالت .. ،) ثم نجد الحدث الختامي: (زاد تصفيقُ الجواري) ( )!
ولعل في هذا ما يكفي للدلالة على حضور المرأة في البنية السردية لكثير من القصص الشاعرة عند المؤسس، والأمر نفسه نجده عند أتباعه، لاسيما المبدعات منهم؛ فهذا أمر طبَعي، أن تعنى المبدعة في قصها الشاعر ببنات جنسهاـ وأن تدير قصصها الشاعر على حركة شخصيات نسائية!

3- النسوية التامة في قصص شاعرة
عبر قراءاتي في أنماذج القصة الشاعرة وقفت على نصوص تهيمن عليها النسوية كل هيمنة في شكلها ومضمونها، بدءًا بالعنوان، ومرورًا بالشخصيات، والحوارات، وانتهاء بالختام، ومن ذلك القصة الشاعرة (مِنْ ثُقب الشّتْلاتِ الأولى)، التي نصها:
(منتصفُ الليل، وأدْعيةٌ في ديوان النّسوة، معروضاتٌ في ثقْبٍ لم يُردم منذُ القرن الماضي ..، عاد الجدُّ يُفكّر في زيجاتٍ عابرةٍ للجنسيات، وجائزة الدولة، والصّبْية تنْهشُ في الأسْرى، وسبايا المؤتمر السّرّيّ ..،
توارتْ داعشُ، فاخترق الجمهور المَلْعبَ ..،
كانت ليلى مُدْرجةً في قائمةِ الأطفالِ، ولكن باتَ عليها أن ترضعَ أحفاد أبيها ..، شَقّتْ جلبابَ الملجأ،
راحتْ تلْعنُ مُغْتصبَ الشّتْلاتِ الأولى).
عندما نتدبر هذا النص نجد فيه أحد عشر جمعًا متنوعًا، بين أربعة جموع مؤنثة سالمة، وسبعة جموع تكسير، هي: الشتلات، أدعية، النسوة، معروضات، زيجات، الجنسيات، الصبية، الأسرى، سبايا، الأطفال، أحفاد. مقابل واحد وعشرين مفردًا!
ونجد المفردة المؤنثة: وردت خمسة عشر لفظًا، هي: الشتلات، الأولى، أدعية، معروضات، زيجات، عابرة، الجنسيات، جائزة، الدولة، الصبية، ليلى، مدرجة، قائمة، الشتلات، الأولى. وجاءت أفعال مؤنثة الفاعل: (تنهش، توارت، كانت، ترضع، شقت، راحت، تلعن)، وجاء الضمير المؤنث في: (عليها، أبيها)، مما يدل على هيمنة الحالة النسوية على النص! وذلك مقابل ستة عشر لفظًا مذكرًا!
ونجد الفعل الماضي جاء سبع مرات، هي: (عاد، توارت، اخترق، كانت، بات، شقت، راحت)، منها أربع مؤنث، وجاء الفعل المضارع خمس مرات، هي: (يردم، يفكر، تنهش، ترضع، تلعن)، منها ثلاث مؤنثة.
وفي النص أفعال وكلمات عنيفة الأثر، مثل: ثقب، لم يردم، تنهش، شقت، تلعن، مغتصب!
وهيمنت الجملة الفعلية الماضوية على غيرها من الجمل وشبه الجمل! فلماذا هذه الظواهر اللغوية الخاصة: كثرة المؤنثات، كثرة الجموع، كثر الماضويات، كثرة العنف والسلبية في الأفعال، عدم وجود الحاضر أو المستقبل؟!
وها هي ذي الأمكنة تتأنث، فنجد : ديوان النسوة، الدولة، سبايا المؤتمر السري، شقت جلباب الملجأ!
وكذا نجد الشخوص الآتية: النسوة، الجد، الصبية، الأسرى، سبايا، داعش، ليلى، أجناد أبيها، الشتلات الأولى؟!
ونجد التأنيث باديًا في الترميز في التعبيرات الآتية: (ثقب الشتلات الأولى)، و(أدعية في ديوان النسوة)، (الثقب الذي لم يردم منذ القرن الماضي)، (زيجات عابرة للجنسيات)، (جائز الدولة)، (الصبية تنهش في الأسرى)، (سبايا المؤتمر السري)، (توراي داعش)، (اختراق الجمهور الملعب)، (إرضاع ليلى أحفاد أبيها)، (شقت جلباب الملجأ)، (مغتصب الشتلات الأولى)!
وكذا ختام القصة الشاعرة المعبر عن الحل اللساني الصوتي الأنثوي: (تلعن مغتصب الشتلات الأولى)،...
وننتقل إلى قصة شاعرة يدور عنوانها حول قضية تتصل بالعنف ضد المرأة طفلة، وهي القصة الشاعرة(ختان)، والتي نصها:
(شقَّتْ أغاريدُ الصّباحِ دموعَ أغنيةِ التراثِ ..، هنا عَلاَ صوتُ المذيعِ ، وهبَّتِ الشطآنِ في جسدِ البراءةِ ساعة اختمرتْ "دعاءُ" تدقُّ باب الجدِّ ، لم يُفتحْ لها ..، صَرَختْ سُدَى ..، رَاحتْ تمزَّقُ صَدْرَها بِالمَشْرطِ المعهود مُنْذُ الوَهْلةِ الأولى ..، هُنَا عَادتْ إلى حَيْثُ النّهاياتِ الأُلى عَبَرتْ مَعَ الجيرانِ تَعْزف دمْعةً .. ، لَمْ أفهمِ المقصودَ، لكنْ كُنْتُهَا .. ، عَصْرًا مَضَتْ)
فنجد النسوية بادية في الأفعال الماضية(شقت، هبت، اختمرت، صرخت، راحت، عادت، عبرت، كنتها، مضت) وفي الأفعال المضارعة(تدق، تمزق، تعزف، لم يفتح لها)، وفي الأسماء(أغاريد، أغنية، البراءة، ساعة، صدرها، الوهلة، الأولى، النهايات، دمعة) هذا اسم الشخصية الرئيسة(دعاء)! وقد بدأت بضمير الأنثى(شقت) وختمت به(مضت)!
وفي النص إحدى عشرة جملة، الجمل الأولى تشير إلى الأحداث التي تمارس عند إجراء عملية الختان هذه، وهي ممزوجة بحزن وفرح للدلالة على التناقض المجتمعي تجاه هذه العملية القاسية، حيث(شقَّتْ أغاريدُ الصّباحِ دموعَ أغنيةِ التراثِ)، و(تعزف دمعة)، والضحية(دعاء) أخذت تدقُّ باب الجدِّ، لم يُفتحْ لها ..، صَرَختْ سُدَى) لكن هيهات! ثم كان أن بشرنا المبدع أن ذلك (عصرًا مضت) أي صار ماضيًا لا واقع له ولا حضور!
وننقتل من القصة الشاعرة الوسطى شكلا إلى قصة شاعرة ومضية برقية، في تجربة: (رد)، التي نصها:
(أغلقتِ البابَ ،
فأخرجَها قسرًا تعتذر ، ولكن..
هيتَ لها ! ( ))
فنحن هنا أمام عمل من ثلاثة أسطر، وثلاث جمل، وعشرة ألفاظ، وفي كل جملة بوجد ضمير الأنثى، حيث التاء في (أغلقت)، والهاء البارزة في(أخرجها)، و(لها) والضمير المستتر في(تعتذر)! وكل سطر يمثل حدثًا: الأول حدث المقاومة والرفض من الأنثى(أغلقتِ البابَ)، ثم حادث القسوة والعنف من الذكر ضدها: (فأخرجَها قسرًا تعتذر ، ولكن..) ثم كان الختام المعتمد على اسم الفعل الماضي هيت بمعنى (تهيأت)، وكان التهيؤ لها، ولكن من السارد وليس ممن أخرجها قسرًا! وكان الاعتداء على المرأة هنا من ذكرين: ذكر مُخرج إياها، وذكر يستعد للاعتداء عليها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-