الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة التطبيع مع العرب

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 7 / 7
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني



في الوقت الذي يسعى فيه نظام البعث السوري، ويشمّر عن ساعديه للعودة لحظيرة الجامعة العربية، التي وصفها الناطقون باسمه، ذات يوم غير بعيد، بالمتآمرة و"الصهيونية"، وبـ"الجامعة العبرية"، ةوالعميلة وبكل مرادفات "الخيانة" المتداولة في قاموس الإعلام البعثي الشهير، وأرسل أمس موفداً خاصاً، رفيع المستوى، هو وزير خارجية البعث فيصل المقداد (دبلوماسي عتيق مخضرم لأكثر من 40 سنة في السلك ومحافظ جداً على الثوابت لا يتزحزح عنها في الوقت الذي تعتبر فيه المرونة والمناورة سمة العمل الدبلوماسي الناجح ومن أولويات مهاراته)، لمشاركة الجزائر أفراحها بالذكري الستين لـ"عيد استقلالها"(استقلت عن فرنسا لتقع تحت نير احتلال قمعي أمني عسكري بوليسي مستعرب أسوأ وأشنع وهو احتلال الجنرالات اللصوص ومافيات المستعربين)، وكان منتظراً أن تلعب الجزائر دوراً محورياً وبارزاً في عملية "السمسرة" والوساطة لعودة ميمونة لسوريا للجامعة "العبرية" (التعبير من إعلام البعث نفسه)، في هذا الوقت، تفاجئ دولة البعث، التي ترفع رايات البعث عالياً وتطنطن مزغردة بالعروبة وعظمتها في إعلامها، برفض مصري حازم وحاسم لأي عودة سورية للجامعة، التي باتت-أي العودة- وعلى ما يبدو، رهن مساومات ومقايضات وأثمان وصفقات كثيرة هنا وهناك، لم تـَدُر بخلد، ولم تخطر خباياها ببال مخضرمي الدبلوماسية السورية الأفذاذ.
فقد قال موقع "إنتلجنس أونلاين"، نقلاً عن مصادر، إن "القاهرة تعارض عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي ستعقد قمتها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل". وأضاف الموقع أن "الأمر يُعَدّ تحولاً في موقف القاهرة، بعد أن كان رئيس الاستخبارات المصرية، عباس كامل، يقود العمل لدعم عودة سوريا إلى الجامعة منذ عام 2020". وأشار إلى أنّ "مصر تصطفّ في هذا الموقف مع السعودية، التي تعارض بشدة عودة سوريا، في الوقت الذي تتفاوض القاهرة مع الرياض بشأن قضايا رئيسة، أكثرها حساسية قضية جزيرتي تيران وصنافير، اللتين يُعَدّ نقل ملكيتيهما إلى السعودية في صميم عملية التطبيع المحتملة بين الرياض وتل أبيب".
وفي القراءة الأولية، والتحليل المبدئي للتطور، ومن وجهة نظر شخصية، فإن الموقع المذكور* "إنتلجنس أونلاين"، ليس ببعيد عن دوائر استخباراتية غربية فاعلة وناطق باسمها، فالأمر برمته، وكما يبدو، مرتبط بالحرب الأوكرانية، ورسالة غربية واضحة لموسكو، مع حليفها السوري، لضربها في خواصرها، وعبر ممارسة سلسلة من الضغوطات المختلفة عليها، ومحاصرتها في كل حيز ممكن والإضرار بمصالحها في كل مكان، عبر الحلفاء الغربيين الفاعلين في المنطقة كالسعودية ومصر، اللتين تتحريا البوصلة الأمريكية في أي عمل ونشاط دبلوماسي، للعلم فقد كانت سوريا قد اعترفت رسمياً باستقلال إقليمي لوغانسك ودونيتسك، وأكاد أجزم، أن الخطوة المصرية-السعودية، هي واحدة من الردود، وبالوكالة، على الموقف السوري .
لكن السؤال المنطقي، كيف نطبّع مع العرب في الجزيرة العربية الذين يحتلون سوريا والعراق ومصر وشمال افريقيا من ١٤٠٠ عام ونطلب لا بل نتوسل الانضمام لجامعة الغزاة السباة المحتلين وبنفس الوقت نقيم علاقات دبلوماسية كاملة معهم وفي الوقت الذي كان إعلام البعث يتهم علناً ورسمياً دولاً عربية بالمشاركة في الحرب الإرهابية على سوريا، وذات الأمر ينطبق على تركيا (لليوم هناك قنصلية حكومية سورية هنا) وهي-أي تركيا- تحتل شمال سوريا والعراق، ولا زالت تحتل لواء اسكندرون ذا الأغلبية السكانية النصيرية الحيدرية السورية منذ حوالي القرن، واحتلت سابقاً دولنا لأربعة قرون متتالية، أعادتها فيها لألف سنة إلى الوراء، ونطلب ودهم ونتباهى بالعلاقات "الأخوية" مع هؤلاء الاشقاء "المحتلين" وندعو لتطوير العلاقات مع هؤلاء الغزاة المحتلين الذين ارتكبوا جرائم قتل وإبادات أثناء العدوان وعملية الاحتلال راح ضحيتها الملايين من أبناء وسكان المنطقة الأصليين، ففي معركة واحدة، مثلا، ذبح الغازي والمعتدي العربي المسلم خالد بن الوليد ٤٠٠ ألف سوري،(في عملية تحريرهم من الرومان كما زعموا ورجاء ممنوع الضحك)، ولكن، وبالمقابل، نرفض التطبيع مع إسرائيل التي يقولون أنها تحتل دويلة واحدة في المنطقة من ٧٠ عاما فقط، ونعتبر التطبيع معها وإقامة علاقات دبلوماسية معها جريمة وخيانة ونشتم من يفعل ذلك ونرميه بأقذع الألفاظ... فكيف تستوي هذه التناقضات وكيف نبتلع هذا الهراء؟؟؟؟؟....
ومن هنا، تجب المساواة فيما بين جميع الاحتلالات، ولا فرق، ها هنا، بين احتلال العرب، واحتلال العثمانيين واحتلال إسرائيل، ولا ننسى احتلال إيران للأهواز، ومن ثم، فالتطبيع وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع أي محتل، وخاصة المحتل والغازي والمعتدي العربي، باعتباره أقدم وأول عدوان واحتلال، وهو الذي احتل سوريا بالقوة من 1400 عاماً، ودمّر تراثها وعاداتها وقضى على تاريخها وفرض ثقافته ولغته عليها، لا يقل خطراً وإجراماً عن أي احتلال آخر عبر التاريخ والتطبيع معه جريمة لا تقل عن جريمة التطبيع مع إسرائيل التي يعتبرها النظام الرسمي السوري جريمة مع إسرائيل وخيانة عظمى....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه