الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 75

ضياء الشكرجي

2022 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سَل بَني إِسرائيلَ كَم آتَيناهُم مِّن آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَّمَن يُّبَدِّل نِعمَةَ اللهِ مِن بَعدِ ما جاءَتهُ فَإِنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ (211)
بنو إسرائيل الذين عاصروا محمدا، ويدعوه الله - كما في القرآن - أن يسألهم عن المعاجز (الآيات) التي أظهرها لهم، قد ورثوا هم أيضا القصص عن تلك المعاجز عن آبائهم، فصدقوا بها بلا دليل، ولم يكونوا هم الشهود على حدوثها، حتى يسألهم النبي عن تلك الحوادث.
زُيِّنَ لِلَّذينَ كَفَرُوا الحَياةُ الدُّنيا وَيَسخَرونَ مِنَ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ اتَّقَوا فَوقَهُم يَومَ القِيامَةِ وَاللهُ يَرزُقُ مَن يَّشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ (212)
هذه الآية تفاضل بين المسلمين «الَّذينَ آمَنوا» وغير المسلمين «الَّذينَ كَفَرُوا»، والمفاضلة تأتي من مؤلف القرآن، فتحدثنا هذه الآية عن غير المسلمين كونهم كانوا يسخرون من المسلمين، ولعلهم كانوا محقين، أو ربما غير محقين، في سخريتهم من المسلمين. فيأتي تطييب الخاطر للمسلمين «الَّذينَ آمَنوا» من الله، حسب المؤلف، ليطمئنهم أنهم سيكونون يوم القيامة فوق غير المسلمين «الَّذينَ كَفَرُوا» الذين سخروا واستهزؤوا منهم، ويخص بهذه البشارة «الَّذينَ اتَّقَوا».
كانَ النّاسُ أُمَّةً وّاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيّينَ مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ بِالحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ النّاسِ فيمَا اختَلَفوا فيهِ وَمَا اختَلَفَ فيهِ إِلَّا الَّذينَ أوتوهُ مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البَيِّناتُ بَغيًا بَينَهُم فَهَدَى اللهُ الَّذينَ آمَنوا لِمَا اختَلَفوا فيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ وَاللهُ يَهدي مَن يَّشاءُ إِلى صِراطٍ مُّستَقيمٍ (213)
هذه الآية غريبة حقا، فهي تتضمن اعترافا بأن الأديان كانت سبب اختلاف الناس، فقبل الأديان «كانَ النّاسُ أُمَّةً وّاحِدَةً»، فما الذي حصل؟ الذي حصل «فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيّينَ مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتابَ بِالحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ النّاسِ فيمَا اختَلَفوا فيهِ»، وهنا يحيرنا هذا المقطع، فالناس كان قبل مجيء «النَّبِيّينَ مُبِشِّرينَ وَمُنذِرينَ» وقبل أن يكون قد «أَنزلَ مَعَهُمُ الكِتابَ»، ثم يقول إن سبب إنزال الكتاب «لِيَحكُمَ بَينَ النّاسِ فيمَا اختَلَفوا فيهِ»، من هنا سيقال إنهم إذن اختلفوا قبل مجيء النبيين، وإنما بعثهم الله أصلا من أجل الحكم بين الناس بسبب اختلافهم، لكن الجملة التالية تقول «وَمَا اختَلَفَ فيهِ إِلَّا الَّذينَ أوتوهُ مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البَيِّناتُ»، مما يدل إن الاختلاف حصل بعد بعث النبيين وإنزال الكتب، وهذا يؤيد مطلع الآية «كانَ النّاسُ أُمَّةً وّاحِدَةً»، وهكذا يحيرنا مؤلف القرآن فيما يريد قوله بالضبط، ولا تهمنا هنا أقوال المفسرين، لأن أقوال المفسرين ليست بأقوال مؤلف القرآن، ناهيك عن أن تكون أقوال الله. أما لماذا اختلفوا، فـ«بَغيًا بَينَهُم»، أي ظلما لبعضهم البعض، وفسر بعض المفسرين (البغي) بـ(الحسد)، والحسد لا يمكن أن يكون بنفس معنى البغي، ولكن يمكن أن يكون دافعا للبغي، ويمكن ألا يكون. المهم، ماذا فعل الله عندها، حسب القرآن؟ «فَهَدَى اللهُ الَّذينَ آمَنوا [أي المسلمين وحدهم] لِمَا اختَلَفوا فيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ»، ولماذا هذا التخصيص؟ هنا تعطي الجملة التالية الجواب: «وَاللهُ يَهدي مَن يَّشاءُ إِلى صِراطٍ مُّستَقيمٍ».
أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأتِكُم مَّثَلُ الَّذينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَّسَّتهُمُ البَأساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلزِلوا حَتّى يَقولَ الرَّسولُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ مَتى نَصرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصرَ اللهِ قَريبٌ (214)
وهذه من آيات الحث على القتال، وتحبيبه إلى المسلمين، إذ تقول لهم، إنكم لن تنالوا الجنة بالتمني، بل لا بد لكم أن تؤهلوا أنفسكم لدخولها، ولا تكونون مؤهلين ومستحقين لدخول الجنة، ما لم تواجهوا البأساء والضراء، وما لم تزلزلوا، إلى درجة بحيث لا تقولون وحدكم عندها «مَتى نَصرُ اللهِ؟»، بل سيقول حتى «الرَّسولُ»، ويقول معه «الَّذينَ آمَنوا مَعَهُ»: «مَتى نَصرُ اللهِ»، مما يتضمن شيئا من نفاد الصبر، ثم يأتي الجواب المطمئن «أَلا إِنَّ نَصرَ اللهِ قَريبٌ».
يَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ قُل ما أَنفَقتُم مِّن خَيرٍ فَلِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ وَما تَفعَلوا مِن خَيرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَليمٌ (215)
الآيات الخمس 214، ثم 216 حتى 218 تتناول موضوعة القتال، لكن تتخللها آية حول الإنفاق، وخاصة تبدو هذه الآية لا تتناول الإنفاق من خلال علاقته بالقتال، بل كقضية إنسانية فيما هي العلاقة بين بعضهم البعض، طبعا كمسلمين، وإلا فلا يصح الإنفاق على الكافر. وهذه الآية تأتي كجواب على سؤال للمسلمين موجه إلى نبيهم، وذلك بعبارة «يَسأَلونَكَ»، وتتكرر عبارة «يَسأَلونَكَ» خمس عشرة مرة في القرآن، وسؤالهم «ماذا يُنفِقونَ»، فيأتي جواب نبيهم على أنه جواب الله أن يكون إنفاقهم أولا «لِلوالِدَينِ»، ثم «الأَقرَبينَ»، ثم «اليَتامى»، ثم «المَساكينِ»، وقيل إن المسكين هو دون الفقير فقرا، ثم «ابنِ السَّبيلِ»، ثم يعدهم «وَما تَفعَلوا مِن خَيرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَليمٌ»، مما يلمح به إلى بشرى الثواب في الآخرة. هنا سؤال يمكن أن يتبادر إلى الذهن، وهو لماذا يأتي في القرآن ذكر «ابنِ السَّبيلِ» دائما دون غيره بصيغة المفرد، بينما يذكر الآخرون جمعا؟ ألا يمكن اختيار إحدى الصيغيتين، إما صيغة الجمع وإما صيغة المفرد، بحيث يقال «فَلِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَأبناءِ السَّبيلِ»، أو «فَلِلوالِدَينِ وَالقَريبِ [أو ذِي القُربى] وَاليَتيمِ وَالمِسكينِ وَابنِ السَّبيلِ»؟ وبالمناسبة ابن السبيل هو المسافر الذي ينقطع عن أهله وتنفد مؤونته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل


.. مجلس الشؤون الإسلامية في أمريكا: الرد القاسي على الاحتجاج ال




.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع