الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنمية المستدامة وحركة المجتمع

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 7 / 9
الادارة و الاقتصاد


التنمية الشاملة عملية إرادية ترتبط بحركة المجتمع بكل قطاعاته نحو أهداف محددة وواضحة، والتنمية مسألة نسبية تقاس مؤشراتها وأبعادها بالنسبة لمحوري الزمان والمكان، كما أنها عملية متكاملة متشعبة ومتوازنة، عندما تتحقق التنمية يكتسب المجتمع قوة ذاتية تدفعه نحو التطور المستمر (التنمية المستدامة)، فعملية التنمية تسهم إرادياً في عملية التغيير الاجتماعي وتوجهه نحو مرحلة تسمح باستغلال الموارد المتاحة لصالح الأفراد في المجتمع، ويمكن أن تستخدم التنمية الأدوات التقليدية في الإنتاج وتطورها بما يتناسب ومرحلة التطور الاجتماعي، ويمكن أن تستمر عملية التطور هذه بما يخدم الوظائف الحيوية والاقتصادية والاجتماعية وتدخل في تفاعل مع معطيات الظروف العصرية وبذلك تشمل التنمية كافة السبل التي تساعد على التقدم واستغلال كل ما يسهم في تفجير الطاقات الكامنة في المجتمع، وهي بذلك تؤدي إلى التحديث والتطور.
ونظراً لأهمية البعد السكاني كغاية للتنمية وكمحور أساسي في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد ازداد الاهتمام على المستوى الدولي والقومي في موضوع السكان والتنمية، وتتعاون مجالات علمية عديدة (multi disciplines) في محاولة قياس وتحليل العوامل التي تؤثر في تنمية نوعية ورفاهية السكان، والتي يمكن التعبير عنها من خلال المؤشرات التالية:
• نوعية التعليم
• الرعاية الصحية
• العدالة في توزيع الدخل
• حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والمدنية والثقافية
• توفير الخدمات الأساسية من مياه الشرب والصرف الصحي، والكهرباء والإسكان والخدمات الأخرى.
لا بد من التأكيد على أن تكون التنمية قابلة وقادرة على الاستمرارية (التنمية المستدامة)، وقد أخذ هذا المفهوم الجديد للتنمية بالانتشار وبخاصة منذ نشر تقرير اللجنة العالمية حول البيئة والتنمية في عام 1987.
اكتسب مصطلح التنمية المستدامة اهتماماً عالمياً كبيراً ومتزايداً بعد ظهور تقرير مستقبلنا المشترك الذي أعدته اللجنة العالمية للبيئة والتنمية في عام 1987 (WCED,1987). وتم صياغة أول تعريف للتنمية المستدامة في هذا التقرير على أنها: (التنمية التي تلبى حاجات الجيل الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجاتهم).
هناك محاولات عديدة لتحديد مؤشرات يتم بوساطتها قياس التنمية المستدامة وشروط تحقيقها. وبشكل عام فإن مفهوم التنمية المستدامة يطالب بضرورة التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية والعدالة بين الأجيال المتعاقبة في تحقيق الحاجات الرئيسية.
مما تقدم نلاحظ أن مصطلح (التنمية القابلة للاستدامة) يستخدم للتعبير عن السعي لتحقيق نوع من العدل والمساواة بين الأجيال الحالية والأجيال المقبلة. وهذا يعني ألا تعرض العمليات التي يتم بوساطتها تلبية حاجات الناس وإشباعها للخطر قدره الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها وإشباعها، وهو يعني في نفس الوقت، بالنسبة لمعظم الناس السعي لتحسين مستوى المعيشة حياة أفضل، يقاس عادة بمستوى الدخل واستخدام الموارد ومستوى التقدم التقني. وبذلك نجد أن للتنمية المستديمة أهداف بيئية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية. فالتنمية المستدامة هي التي تؤمن احتياجات الجيل الحالي دون أن تحد من الإمكانيات التي تلبي احتياجات الأجيال القادمة.

لكي تكون التنمية قادرة على الاستمرار يجب أن تتوفر فيها الشروط الثلاثة التالية كحد أدنى:
• أن تكون ممكنة ومفيدة اقتصادياً وناجعة.
• ألا تلحق أضراراً بالبيئة بل لابد أن تكون منسجمة مع الأهداف البيئية.
• أن تصل نتائجها الإيجابية إلى كافة أفراد المجتمع وبالتالي أن تحظى بدعم شعبي واسع.
لا يمكن للتنمية أن تولد إلا بعمل واع ومدروس ومنسق لتحقيق السيطرة الاقتصادية والاجتماعية على الموارد المحلية وتسخيرها لخدمة التنمية، وينبغي لهذه السيطرة أن تكون قبل كل شيء حصيلة إرادة وطنية فلا يمكن للتنمية أن تفرض من الخارج، أو تحقق بواسطته لأنها في الأساس تغيير عميق في العمل والوجود والتفكير. إن التعاون الدولي أو التعاون الإقليمي يمكن أن يسهل مهمة حكومات الدول النامية ي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لكنه لن يغنيها عن العمل الجاد والفعال. ومن خلال هذا المنظور فإن كل دولة مدعوة إلى أن تختط طريقها بنفسها لتنجح عملية التنمية.
دلت تجربة الإنسان التاريخية في التنمية، وتدل دوماً على أن في وسع الموارد البشرية حين تنمو وتزدهر أن تتغلب على نقص الموارد المادية الأخرى اللازمة لعملية التنمية وزيادة الإنتاج بفضل التقانة والتقدم العلمي. وعلى سبيل المثال، ما تكاد تنفذ مصادر معينة للطاقة حتى يحل الابتكار البشري محلها مصادر طاقة جديدة. والواضح أن أفضل استثمار في التنمية هو الاستثمار في العقل البشري. ومن هنا نظر بعض الباحثين إلى الهوة بين البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة على أنها هوة في تنظيم العقل البشري وتوظيفه التوظيف الأمثل في التنمية الشاملة.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024




.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام