الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة الفلسطينية العمود الفقري للمقاومة

محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)

2022 / 7 / 10
القضية الفلسطينية


ترجمة: محمود الصباغ
لقد رأينا، مؤخراً، صوراً كثيرةً لنساءٍ وفتيات، كباراً وصغاراً ، يشاركن في الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. شارك الكثير من الأشخاص بمن فيهم أنا* [ الحديث هنا لإيمان خالق] هذه الصور عبر الإنترنت والتحدث عنها مع الأصدقاء والعائلة، بوحي من المقاومة الباسلة لشعبنا،. لكني قرأت مؤخراً تعليقاً يشير إلى أن هذه مرحلة جديدة في النضال الفلسطيني، وكأن النساء الآن قد انضممن إلى هذه المواجهات. لكن النساء الفلسطينيات كن دائماً في الخطوط الأمامية وسيكون من الخطر نسيان ذلك. أود أن أتحدث إليكم جميعاً اليوم عن تاريخ النساء في المقاومة الفلسطينية ، والإرث القتالي الذي ورثه جيلنا ولماذا من المهم أن نستمر في هذا الإرث هنا في الولايات المتحدة وفي فلسطين.
التاريخ
سأنطلق من البداية، لأن تاريخنا ملهم ولأنني أريد أن أتأكد من أننا جميعاً نفهم أن مشاركة المرأة في هذه الحركة ليست ظاهرة جديدة. لنبدأ بالمرحلة الأولى من استعمار فلسطين، أي الانتداب البريطاني. يستذكر المؤرخ الفلسطيني صبحي بيادسة** في كتابه عن قرية باقة الغربية حدثاً قاله له أهل القرية. في عهد الانتداب البريطاني في فلسطين، حين قصف الإنجليز قرية باقة الغربية في العام 1936. ثم قام الجيش باعتقال جميع رجال القرية. ردت النساء بالنزول على الثكنات العسكرية ليلاً مع أطفالهن مسلحين بالحجارة فقط، وطالبوا الجيش بالإفراج عن رجالهن، وهو ما نجحوا في تحقيقه. تسلط هذه القصة القصيرة الضوء على الدور البارز الذي تلعبه المرأة الفلسطينية عندما يتعلق الأمر بمقاومة الاحتلال الأجنبي لبريطانيا ثم إسرائيل. ووُجدت خلال تلك الفترة، أيضاً، منظمات نسائية مسلحة، مثل زهرة الأقحوان***، التي تأسست في الأصل كمنظمة اجتماعية في العام 1933 في مدينة يافا من قبل الأختين مهيبة وعربية خورشيد. جاء التحول إلى جماعة مسلحة نتيجة مشاهدة مهيبة قناصاً بريطانياً يطلق النار على طفل فلسطيني في رأسه وهو نائم بين ذراعي والدته. شاركت زهرة الأخوان في قتال العصابات الصهيونية المسلحة حتى سقوط يافا في العام 948 ، عندما تعرض بعض سكان المدينة الفلسطينيين للتطهير العرقي ، بمن فيهم مهيبة، التي عاشت بقية حياتها كلاجئة في الأردن.
وبعد نكبة العام 1948 وقيام دولة إسرائيل، ظهر عدد أكبر من البطلات الفلسطينيات، مثل حياة البلبيسي، المعلمة في دير ياسين، وهند الحسيني، هاتان السيدتان، هما مثال فقط من بين آلاف الأمثلة. كانت حياة البلبيسي في القدس يوم مجزرة دير ياسين، ولكن في اللحظة التي سمعت فيها نبأ هجوم على دير ياسين سارعت لتقديم المساعدة. كانت عاملة في الصليب الأحمر ولذلك في دير ياسين، لجأ 15 فتاة وصبي إلى المدرسة مع حياة التي حولت المدرسة إلى مركز إنقاذ ووضعت لافتة الصليب الأحمر على الباب، معتقدة أنها بهذه الطريقة يمكنها حماية الأطفال والجرحى ، على اعتبار أن الصهاينة سيحترمون القانون الإنساني ولن يهاجموا مركزاً للصليب الأحمر. لكن اللافتة لم تفدها بشيء، فقُتلت حياة، ولم تكن تتجاوز من العمر ثمانية عشر عاماً، برصاص إرهابيين صهاينة، بينما كانت تساعد فلسطينياً مصاباً. واستعرض الصهاينة، فيما بعد، الأطفال البالغ عددهم 55 طفلاً، الذين نجوا من المذبحة، حول المناطق المجاورة وكأنهم جوائز حرب، ثم ألقي بهم في المدينة القديمة حيث عثرت عليهم هند الحسيني واصطحبتهم إلى قصر عائلتها "دار الحسيني"، التي أطلق عليها اسم "دار الطفل العربي". كرست هند الحسيني حياتها كلها لأيتام دير ياسين وأطفال فلسطينيين آخرين، واهتمت بهم ووفرت لهم التعليم. ويضم القصر اليوم مدرسة ومتحفاً للفولكلور والفن الفلسطيني ومكتبة للبحث والتراث العربي في القدس. يوضح هذان المثالان الطرق الديناميكية التي يمكن للمرأة، من خلالها، أن تشارك في النضال ، بشكل مباشر وغير مباشر.
وتعتبر ليلى خالد، بالطبع، من الأمثلة على نضال المرأة المباشر ضد الاحتلال الإسرائيلي، بالطبع، وأصبحت ليلى، المنتسبة إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. أول امرأة فلسطينية تختطف طائرة في العام 1969، وطائرة أخرى في العام التالي. وصورتها الأيقونية، الصورة التي جعلتها رمز المقاومة الفلسطينية وقوة المرأة، هي صورة تعرفها جيداً كل فتاة فلسطينية. لم تقم فقط بواحدة من أكثر الهجمات إثارة للجدل في عصرها ولكنها كانت أيضاً أول امرأة عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ انتسابها في العام 1967 وما زالت عضواً في مجلس قيادة الجبهة اليوم. وأذكر هنا ليلى خالد، على وجه التحديد، لأنني أتذكر قراءة سيرتها الذاتية وشعورها المستوحى من قصتها. ما كان له صدى حقاً هو الحاجة إلى التنظيم من أجل هزيمة العدو الاستعماري. ثم في العام 1987 ، عندما اندلعت الانتفاضة الأولى، تم تأسيس لجنة عمل المرأة. حيث دفعت الانتفاضة النساء للعمل من أجل القضية الوطنية للبقاء في حالة استنفار وطوارئ حقيقية. وأوضح ناشط في نابلس الوضع على هذا النحو: "لأن برنامجنا [قبل الانتفاضة] كان برنامجاً صريحاً من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية، كانت النساء يتوجسن الانضمام إليه، لكن خلال الانتفاضة، بدأ برنامجنا في معالجة الواقع. أصبحت النساء، الآن، أكثر حرصاً على الانخراط في العمل، لأنهن رغبن في معالجة المشاكل في حياتهن الحقيقية ". مددوا جداول مراكز رعاية الأطفال لاستيعاب النساء الناشطات في الانتفاضة، وقدموا فصول التثقيف الصحي والإسعافات الأولية مع تزايد الإصابات في الأحياء، لا سيما في مواجهة الضرب والغاز المسيل للدموع. كما وزعت النساء منشورات، وناقشن القضايا السياسة علانيةً، وحثثن الأشخاص الذين ظلوا غير مقتنعين على المشاركة في الانتفاضة. هذا ما أعنيه بالمنظمة: أن تصبح جزءً من مجموعة تُشرك المجتمع بفاعلية وتستخدم تكتيكات محددة للقيام بذلك. وكما ذكرنا للتو، فتحت الانتفاضة الأولى الطريق أمام طوفان من المقاومة الجماهيرية الشعبية ضد عنف الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، وفي حين تم الاعتراف بدور المرأة في الانتفاضة باعتباره دوراً حاسماً، إلا أنها لم تشارك في عمليات صنع القرار السياسي، وهي الخطوة التالية في التنظيم والمشاركة السياسية.
أدى توقيع اتفاقيات أوسلو في العام 1993 إلى تهدئة العلاقات مع إسرائيل، ووضع حد للانتفاضة الشعبية، والتنازل عن المبادئ الوطنية لتقرير المصير والتحرير والعدالة مقابل الدعم الموعود للسلطة السياسية والاقتصادية. وعلى الرغم من أن المرأة كانت نشطة في المنظمات غير الحكومية و "القتال" المباشر ، إلا أن مشاركة المرأة في حكومة السلطة الفلسطينية المشكلة حديثاً كانت ضعيفة ومهمّشة. كانت فرص عملهن مقتصرة على السكرتارية أو ناسخات أو التعليم في المدارس العامة. ولا تزال المرأة ممثلة تمثيلاً ناقصاً في قيادة الأحزاب السياسية الفلسطينية الرئيسية، بما في ذلك حماس، على الرغم من المستويات العالية للنشاط السياسي. وهذا يقودنا إلى اليوم [تشرين الثاني/نوفمبر 2015]. حيث قتل أكثر من 70 فلسطينياً حتى الآن هذا الشهر من بينهم نساء وأطفال. وتتعرض النساء الفلسطينيات في القدس للهجوم المستمر من قبل القوات الإسرائيلية وعلى أيدي الحراس. وقد وجّه ائتلاف نساء القدس Jerusalem Women’s Coalition، متحدثًا باسم "نساء وأمهات وأخوات وبنات وشباب"، دعوة "لحماية سلامتنا الجسدية وأمننا عندما نكون في منازلنا، وعندما نمشي في منطقتنا، وعندما نحاول الوصول إلى المدارس والعيادات وأماكن العمل و أماكن العبادة". وتتضمن الدعوة أن النساء يعشن في "حالة من الخوف والرعب" لأن إسرائيل "تعدم الفلسطينيين بانتظام في الشوارع". وهذا يظهر الوضع غير المستقر للنساء الفلسطينيات، لاسيما في القدس، حيث يتعرضن لسوء المعاملة من قبل الدولة الإسرائيلية، التي تحكم بيئتهن المباشرة. ولا تتمتع المرأة المقدسية حتى بـ "الحماية" من قبل السلطة الفلسطينية، وإن كانت هذه "الحماية" رمزية إلى حد كبير، وتقول المجموعة: "نحن، نساء القدس الشرقية المحتلة، نعاني اليتم من الناحية السياسية. "نحن ضحايا بلا حماية، حيث لا يحق للسلطة الفلسطينية أن تحمينا في مدينتنا، والدولة الإسرائيلية تعاملنا كإرهابيات يجب إذلالهن ومهاجمتهن وانتهاكهن والسيطرة عليهن". ويتجاوز نطاق السيطرة الإسرائيلية العنف الحالي، ويمتد إلى "المياه، والهواتف المحمولة، والإنترنت، وتنقل، وصحة [و] اقتصاد" النساء الفلسطينيات المقدسيات. وتدعو المجموعات المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للالتزام بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 ، والذي "يعيد التأكيد على الدور المهم للمرأة في منع النزاعات وحلها، ومفاوضات السلام، وبناء السلام، وحفظ السلام، والاستجابة الإنسانية، وفي مرحلة إعادة الإعمار لحقبة ما بعد الصراع. ويشدد على أهمية مشاركتهن المتساوية والكاملة في جميع الجهود المبذولة للحفاظ على السلام والأمن وتعزيزهما ". لطالما كانت المرأة الفلسطينية جزءً لا يتجزأ من النضال الفلسطيني من أجل الحرية والتحرير. لقد كانت، على الدوام، شريكاً للرجل في المقاومة ومحاربة الاحتلال والاستعمار الصهيوني، سواء كانت تنتمي لأصول قروية أو كن عاملات أو مدرسات أو ناشطات أو مناضلات في سبيل الحرية. إن تاريخ المقاومة الفلسطيني حافل بأسماء البطلات والناشطات اللواتي رفضن الصمت أو التراخي أثناء احتلال فلسطين. لكن بالإضافة إلى الأسماء العديدة التي تم تسجيلها في التاريخ الفلسطيني، هناك الآلاف والآلاف من النساء البطلات المجهولات، والناشطات والمقاتلات اللواتي لن نعرف أسمائهن قط، لكنهن سوف يبقين، دائماً، جزءً منا لأنهن جداتنا وأمهاتنا وأخواتنا وصديقاتنا ورفيقاتنا. وهذه أيضاً نقطة مهمة يجب توضيحها. نحن لا نفعل هذا من أجل الشهرة أو "البروزة" والتقاط الصورة أثناء الاحتجاج. بل نحن نكافح لأن حياتنا تعتمد على كفاحنا هذا.
التحليلات
شهدنا الصيف الماضي واحدة من أكثر الهجمات وحشية على غزة والشعب الفلسطيني ككل. حيث قُتل أكثر من 2100 شخص وجرح أكثر من 11000 ودمر نحو 100000 منزل. لم تكن حرب إسرائيل الأحادية الجانب على الشعب الفلسطيني من قبيل الصدفة. لم يكن ذلك بسبب اختطاف ثلاثة صبية ولم يكن بسبب حماس. كانت اعتداءات إسرائيل حرباً على النساء. كانت حربهم الهجومية إبادة جماعية واستهدفت النساء والأطفال في محاولة للتطهير العرقي، في نهاية المطاف، لجميع السكان الفلسطينيين. منذ قيام دولة إسرائيل في العام 1948، لم تستهدف قوات الاحتلال المسلحين أو ساحات التدريب. لقد استهدفوا، دائماً، المنازل والعائلات والأحياء. خلال الهجوم على غزة، تم إبادة 89 عائلة بالتمام والكمال، ولم يعد لهم وجود على هذه الحياة، فُقدت حياتهم وأسمائهم إلى الأبد.. هذا الواقع المرير مستمر منذ وجود الاحتلال. هذه الإبادة الجماعية ليست بسبب سياسي فاسد أو مجرد اثنين من القادة والجنود العنصريين. بل أن هذه الاستراتيجية جزء وثيق الصلة بالفكر الصهيوني. وتقول، غي هذا الصدد، أيليت شاكيد، وهي سياسية وعضو في الكنيست الإسرائيلي: "عليهم أن يموتوا، ويجب هدم منازلهم حتى لا يتمكنوا من إنتاج المزيد من الإرهابيين".. وتضيف "إنهم، جميعاً، أعدائنا ويجب أن تلطخ أيدينا بدمائهم. وهذا ينطبق أيضاً على أمهات الإرهابيين القتلى ". وينظر الإسرائيليون إلى الفلسطينيين بوصفهم "تهديد ديمغرافي". وفقاً للعقيدة الصهيونية، ولذلك من الضروري، من أجل التخلص من السكان الذين يتسببون في مثل هذا التهديد، "اغتصاب زوجات وأمهات المقاتلين الفلسطينيين"، لردع الهجمات التي يشنها مسلحو حماس ، كما ادعى موردخاي كدير ، الضابط السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية. ومثل هذا الخطاب العنصري والمعادي للمرأة الذي يخرج من أفواه هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين يرتبط ارتباطاً مباشراً بالسياسات والظروف التي تخلقها إسرائيل للقضاء على النساء الفلسطينيات اللائي يلدن أجيالاً من المقاتلين. وقد لاحظت رنا بكر، الصحفية المستقلة والناشطة في العديد من القضايا السياسية ذات الشأن الفلسطيني والطالبة في قسم إدارة أعمال في الجامعة الإسلامية في غزة، ما يلي : "بصراحة، عندما يتعلق الأمر بتأثير الحصار الإسرائيلي والسياسات الاستعمارية على سكان غزة، بل وفلسطين بأكملها، لا أعتقد أن تجارب الرجال والنساء تختلف عن بعضها البعض. عندما قصفت إسرائيل المدارس عمداً، فإن تأثير هذا يكون متساوياً على الذكور والإناث على حد سواء. وعندما نتحدث عن القيود التي تفرضها إسرائيل على تطلعاتنا، فإن كلا الجنسين يتشاركان المعاناة ذاتها. تتصرف الحكومة الإسرائيلية بلا مبالاة تجاه السكان الفلسطينيين. ويتم تطبيق ذات السياسات القاتلة على الرجال والنساء والأطفال بطريقة عشوائية ".
وفي حين أن ما تقوله الصحفية رنا بكر صحيحاً، فقد أدى الفقر المصطنع بسبب الحصار إلى اعتماد 80% من فلسطينيي غزة البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة على المساعدات الغذائية، فضلاً عما تسببه الحصار من زيادة معدلات سوء التغذية وفقر الدم لدى النساء. أشار تقرير مشترك صادر عن منظمتي المعونة الطبية للفلسطينيين Medical Aid for Palestinians وإنقاذ الطفولة Save the Children إلى أن فقر الدم أثر على 36.8% من النساء الحوامل في غزة، حيث يمكن أن يؤدي إلى "ضعف نتيجة الحمل، ويسهم في 20% من جميع وفيات الأمهات". تحافظ قوات الاحتلال، عمداً، على معدلات عالية من الإجهاض عن طريق منع الموارد الأساسية مثل المياه والإمدادات الطبية، وإجبار النساء في المخاض على الانتظار عند نقاط التفتيش العسكرية وهن في طريقهن إلى المستشفى، وخلق ظروف غير إنسانية وغير صالحة للعيش للفلسطينيين بشكل عام. وعلى الرغم من حالات الوفيات والدمار التي لا حصر لها، يضاف إليها خطاب الكراهية المتزايد في السياسة الصهيونية السائدة، فقد وافق جميع أعضاء مجلس الشيوخ [الأمريكي] بالإجماع على قرار مجلس الشيوخ رقم 498 القاضي بتقديم الدعم الكامل لأعمال إسرائيل.
تمنح حكومة الولايات المتحدة إسرائيل ما يزيد عن 3.1 مليار دولار على هيئة "معونة" سنوية. وتستخدم إسرائيل هذه الأموال في تطوير إنتاجها العسكري والصناعي وبناء المستوطنات على الأراضي المسروقة. وكانت هيلاري كلينتون، المدافعة عن حقوق المرأة والمرشحة الديمقراطية للرئاسة، قد صرحت مؤخراً أنها إذا تم انتخابها فسوف تعيد التأكيد على الرابطة التي لا تنفصم بين الولايات المتحدة وإسرائيل ونتنياهو. وهذا هو السبب الذي يجعل من الأهمية بمكان، بالنسبة لنا، الوقوف ضد الادعاءات السياسية المنافقة من قبل حكومة الولايات المتحدة. لقد أوضحت كلينتون نقطة للإعلان عن دعمها لقضايا المرأة باعتبارها في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لقد زارت دولاً عديدة في جميع أنحاء العالم، من جنوب إفريقيا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتحدثت إلى الناجيات وأدانت العنف المنهجي ضد المرأة. ولكن، وبينما هي تتطرق إلى هذه القضايا، نراها تنادي، في الوقت ذاته، بتأييد سياسات تضطهد النساء بشكل مباشر. وكما ذكرنا، فإن كلينتون مؤيدة صريحة للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، التي تسعى إلى انتزاع المزيد والمزيد من الأراضي من الفلسطينيين. ويكشف دعم كلينتون للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية عن الثغرات الهائلة في دفاعها عن حقوق جميع النساء لأنه يوضح مدى ضيق وانتقائية واضطهاد النزعة "النسوية" لديها. وهي تعمل على تأبيد تفوق البيض وسلوكهم الاستعماري، من خلال دعم الإمبريالية. ومن واجبنا كنساء فلسطينيات، والأهم من ذلك كمواطنات في هذا البلد، تفكيك نظام التناقضات هذا. يجب أن نطالب بإنهاء الحرب والاحتلال لأنه بدون سماع أصواتنا، لن تُسمع سوى أصوات نساء عل شاكلة هيلاري كلينتون.
ثمة شيء واحد لطالما كنت فخورةً به، وأعتقد أنه من المهم أن أشير إليه، وهو أن الخطوط في فلسطين ليست واضحة فقط عندما يتعلق الأمر بمكانة الرجال والنساء في النضال، بل أيضاً بين المسلمين والمسيحيين. ويشمل الفلسطينيون بالطبع كلاً من المسلمين والمسيحيين، والمسيحيون يتعرضون للاضطهاد مثل بقيتنا. ولإسرائيل تاريخ طويل في حرق وتخريب المدارس والكنائس والمؤسسات المسيحية. كما يتعين على المسيحيين قضاء عدة ساعات عند نقاط التفتيش ويخضعون لذات العنف. لا يوجد مثال أوضح يدل على ذلك من مدينة بيت لحم، مكان ولادة يسوع. يجب أن نستمر في الاتحاد في كل طرق حياتنا إذا ما أردنا لحركتنا أن تنجح. سواء كنا رجالًا أو نساءً، مسيحيين أو مسلمين ، أو حتى عبر العرق والإثنية. كان العام الماضي أحد الأعوام التي شهدت نمواً بارزاً للتضامن بين السود والفلسطينيين. من رحم الإرهاب الموجه ضد مجتمعينا، برز صمود أقوى ونضال مشترك بين حركاتنا. ويجب أن يستمر هذا التضامن. لا يمكننا كسب معاركنا بدون تضامن واستعداد للقتال جنباً إلى جنب. هذه هي النقطة الأولى في العمل المنظم.
ثانياً ، وكما نعلم، بدون ضجة كبيرة منا، سوف يستمر دافعو الضرائب الأمريكيون في تمويل قمع إسرائيل للفلسطينيين. يجب أن نستمر في المشاركة في الحركات في الشوارع وفي حرمنا الجامعي، ويجب أن نستمر في مقاطعة البضائع الإسرائيلية. كل مكسب تقدمي في هذا البلد وفي الخارج يعود إلى الحركات الشعبية التي دفعت بهذه القضايا إلى الواجهة مثل يوم العمل لمدة 8 ساعات، وحق المرأة في التصويت، والحقوق المدنية للأمريكيين من أصل أفريقي، ومكاسب الهجرة. المثال الوحيد الذي يعكس فلسطين أكثر من غيره هو جنوب إفريقيا. حيث ساهمت العزلة الدولية لنظام الفصل العنصري، والمقاومة الداخلية، والحركة السرية الهائلة والمقاومة المسلحة، إلى إنهاء النظام العنصري هناك -كلها عوامل يجب وضعها في الاعتبار عند الحديث عن برنامج لحل القضية الفلسطينية. الضغط الذي مورس على قادة هذا البلد وحتى المشاهير لوقف دعم نظام الفصل العنصري هو بالضبط ما يجري الآن في الحركة الفلسطينية.
لا يمكننا الفوز بهذا بمفردنا. يجب أن ننتظم ونتحد. أنا نفسي لاجئة فلسطينية ولا أستطيع أن أخبركم عن مدى تكامل حياتي للانضمام إلى منظمة مثل ANSWER ، وهي منظمة كانت في طليعة الكفاح ضد الحرب بعد أيام قليلة من أحداث 11 سبتمبر عندما كانت هناك هستيريا جماعية وتعصب ضد المسلمين في كل مكان. عندما أُجبرتُ على العودة إلى هنا في العام 2006 ، ظننتُ أنني أكره هذا البلد، واعتقدتُ أنني أكره الجميع فيه. ولكن بعد ذلك وجدتُ أشخاصاً يشبهونني في التفكير رأوا في فلسطين وفي الحركة المناهضة للحرب جانباً مهماً ليس فقط لتحريري الشخصي بل لتحرير البشرية جمعاء. إن مواطني هذا البلد لا يريدون أن تذهب غالبية ميزانيتهم إلى الحرب واحتلال الناس في جميع أنحاء العالم. بل يريدون التعليم والوظائف والسكن هنا في بلدهم. وهكذا عندما وجدت مجموعة متعددة الجنسيات وجادة في نضالها ضد كل أشكال القمع، عرفتُ أنه كان علي الانضمام إليهم. لم يمنحني الانضمام إلى مجموعة منظمة منبراً لسماع صوتي فحسب، بل منحني، أيضاً منصة حيث يمكنني المشاركة في التقدم المباشر لهذا البلد. من حقنا وإرثنا النضال ضد حكومة لا تلبي احتياجاتنا، هذا ما تعنيه الديمقراطية، أليس كذلك؟
كما نعلم، لا يوجد سوى حل واحد قابل للتطبيق للاحتلال الإسرائيلي وهو ببساطة إنهاءه. لكن ليس فقط إنهاءه، بل تفكيكه أيضاً. إن دولة واحدة علمانية في كل فلسطين التاريخية، والتي لا تعني حدود العام 1967، بل كلها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من النهر إلى البحر، هي الحل الوحيد للحرية الفلسطينية. وهكذا، أيتها الأخوات، كن نشيطات، انخرطن في العمل، لأنه من واجبنا ومن حقنا أن نكافح من أجل يقاء شعبنا، تماماً مثلما فعلت ذلك من قبل أخواتنا. شكراً لكنّ.
المصدر: https://www.liberationschool.org/palestinian-women-the-backbone-of-resistance/
...
ملاحظات المترجم
* تعتمد هذه المادة على الكلمة التي ألقتها إيمان خالق في اجتماع اتحاد النساء الأمريكيات الفلسطينيات -union- of Palestinian American Women في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
** صبحي بيادسة مؤرخ فلسطيني ( توفي في تشرين الثاني /نوفمبر 2015 عن 86 عاماً) ، له كتاب باللغة العربية بعنوان "باقة الغربية تاريخ لا ينسى: مسيرة وتاريخ، صدر في العام 2002 عن دار الهدى للطباعة والنشر، كفر قرع
*** زهرة الاقحوان جمعية نسائية يافوية تميزت بطابع نشاطها العسكري، إذ شاركت في المقاومة الفلسطينية المسلحة مع الرجال الفلسطينيين في يافا عام النكبة (1948)، وبالذات في منطقتي كرم الصوان وسكنة درويش المحاذيتين لمستعمر "بات يام" على حدود يافا جنوباً. تأسست الحركة مابين 1947-1948 على يد مهيبة خورشيد التي كانت من أوائل النساء اللواتي اخترن الكفاح المسلح، وانضمت إليها أختها ناريمان لتحولا مسار جمعية زهرة الأقحوان إلى العمل السياسي، ومن ثم إلى النشاط المسلح، رغم أن الجمعية انطلقت أصلاً للقيام بالأعمال الخيرية الاجتماعية وللتقارب ما بين الأديان ولأهداف أخرى. تمكنت الجمعية من جمع السلاح من بنادق وقنابل يدوية ومدافع رشاشة، واستطاعت أن تجند 12 فتاة عازبات ومنهن: يسرا طوقان وعدلة فطاير وفاطمة أبو الهدى ونجلاء الأسمر التي أصبحت من قادة منظمة الأرض السرية وكذلك بعض الرجال، واستطاعت الجمعية أن تدرب هؤلاء الفتيات على استعمال السلاح. وبدأت عضوات الجمعية بتنفيذ العمليات المسلحة مع الرجال بالإضافة لأعمال أخرى مثل المشاركة بالمظاهرات وجمع التبرعات لشراء الأسلحة وجمع المعلومات الاستخباراتية.
**** ANSWER منظمة أمريكية مقرها الولايات المتحدة تدعى "تحرك الآن لوقف الحرب وإنهاء العنصرية Act Now to Stop War and End Racism "، كما تعرف أيضاً باسم International A.N.S.W.E.R. و ANSWER Coalition ، وهي ائتلاف حركي احتجاجي، يتألف من العديد من المنظمات المناهضة للحرب والمؤيدة الحقوق المدنية. تشكلت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وساهمت منذ ذلك الحين في تنظيم العديد من أكبر المظاهرات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة، بما في ذلك مظاهرات مئات الآلاف ضد حرب العراق. نظمت المجموعة أيضاً أنشطة حول مجموعة متنوعة من القضايا الأخرى، بدءً من النقاش الإسرائيلي / الفلسطيني إلى حقوق المهاجرين في الضمان الاجتماعي.. وغيرها. تصنف المنظمة نفسها على أنها حركة مناهضة للإمبريالية، وتتألف لجنتها التوجيهية من اشتراكيين وشيوعيين ومدافعين عن الحقوق المدنية ومنظمات يسارية أو تقدمية من مجتمعات المسلمين والعرب والفلسطينيين والفلبينيين والهايتيين وأمريكا اللاتينية. وقد تعرضت للعديد من الانتقادات من الجماعات الأخرى المناهضة للحرب بسبب انتماءاتها وتكتيكاتها في المظاهرات والنهج الطائفي المزعوم للعمل المشترك المناهض للحرب. كما واجهت انتقادات من مصادر مختلفة بسبب سياساتها المعادية للصهيونية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي