الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنصف بحق أهلنا الإيزيديين المفكر العراقي علي الوردي

شفان شيخ علو

2022 / 7 / 14
الادب والفن


 
مثلما أن التاريخ لا يتستر على السيئين والفاسدين والأشرار، كذلك، فإنه لا ينسى إظهار من هم بالعكس، من الصالحين والطيبين والأخيار إلى الواجهة، ليس لأنهم يحسّنون علاقاتهم مع أفراد مجتمعهم، من جنسهم ودينهم وقوميتهم حصراً، وإنما يحافظون على علاقات طيبة وحسنة مع آخرين في تنوع علاقاتهم. ومن هؤلاء يكون هناك من يعملون في السياسة، وفي مجالات الثقافة. وفي عراقنا المشترك، يبرز اسم عالم الاجتماع والمفكر العراقي الكبير علي الوردي ( 1913-1995 )، ومن خلال كتبه التي يعرفها أبسط مهم بالثقافة، ومن كتبه: مجلداته عن العراق الحديث، ووعّاظ السلاطين، ومهزلة العقل البشري، فهي تضيء بأفكارها العظيمة.. إن هذه العناوين كافية للتأكيد على أنه كان إنسانياً فيما كتبه وبضميره الحي، وعقله اليقظ، ولهذا كثر أعداؤه، سوى أن إيمانه الكبير بالحقيقة جعله قوياً، ولم يحسب حساباً لأي قوة مهدّدة .
في مقطع فيديو، حصلتُ عليه، يضم جانباً من سيمينار له، يشير إلى أحد كتبه، كما يقول، عن أن العثمانيين عندما غزوا العراق ( قال : فتحوا العراق )، اعتمدوا على فتوى مفتي عراقي على الإيزيدية، بأنه حلال دماؤهم، ونساؤهم وأطفالهم، ويؤكد أن مذابح الإيزيدية بالفعل مستمرة وشديدة...ويتساءل هذا المفكر الإنساني الكبير: لو أن هذا المفتي نشأ في بيت إيزيدي " أي كان إيزيدياً " أكان يفتي هكذا ؟ يعني أنه يشير إلى أن كل إنسان يولد داخل عائلة، وعلى دين معين يكون، وينتمي إلى اثنية معينة. يعني أنه استهجن فتوى هذا المفتي، لا بل يدل كلامه، على أنه يستهجن كل من تصرف، ويتصرف بالطريقة هذه، كما لو أنه يدين بقوة كل الذين وقفوا وراء إرتكاب المذابح ضد أهلنا الإيزيدية حيثما كانوا في منطقة شنكَال وغيرها، بلسانهم ويدهم، كما شاهدنا مع الغزو الداعشي الهمجي لأهلنا الإيزيدية في مطلع آب 2014، من قبل الذين ساندوا الدواعش، ومن انخرطوا في صفوفهم، ومن استمروا في إلحاق الأذى المادي والمعنوي بالكورد عموماً، وإيزيديينا خصوصاً .
قلة قليلة من أمثال علي الوردي، تكون بيننا، لا بل ونادرة، حيث الحقيقة لا تقال بسهولة، ولكن الذي يقول الحقيقة، ولو بدفع حياته ثمناً لها، ويشدد عليها، يتخلد في النفوس والرؤوس.
ولا بد أن الذين لا يرتاحون لسماع اسمه، ولا قراءة كتبه، حتى الآن، إنما ينطلقون من هذا الموقف العدائي لما هو إنساني فيه، ويكونون ضد كل من شأنه بناء عراق ديمقراطي، تتعايش فيه مكوناته المختلفة بروح التآخي ووحدة المصير، ولكل مكوّن دينه، وعقيدته، وانتماؤه الاثني والاجتماعي، وليكون الاختلاف الطريق السليم لبناء مجتمع مدني، وحضاري ونابذ للعنف بكل ألوانه .
سلمتَ في روحك واسمك وما سطّره قلمك الذهبي أيها المفكر الإنساني الكبير علي الوردي، بما عرَفت به بروح منفتحة، وعقل منفتح، وإنسانية نادرة .
لو لم تكن كذلك، لما كتبتُ هذه الكلمات التي تعبّر ليس عن تقديري أنا وحدي، وإنما كل إيزيدي، لأن صوتك هو صوت الحق وصرخة الحقيقة، لا بل كل إنسان هو إنسان بالفعل، أكبر من انتمائه الاثني والديني والاجتماعي ، وهو ما نحتاج إليه بالتأكيد !
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا