الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 78

ضياء الشكرجي

2022 / 7 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعتَزِلُوا النِّساءَ فِي المَحيضِ وَلا تَقرَبوهُنَّ حَتّى يَطهُرنَ فَإِذا تَطَهَّرنَ فَأتوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ وَيُحِبُّ المُتطَهِّرينَ (222) نِساؤُكُم حَرثٌ لَّكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم وَقَدِّموا لِأَنفُسِكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَموا أَنَّكُم مُّلاقوهُ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ (223)
يبدو إن اهتمامهم كان شديدا بأمور النكاح، فهنا يسألون عن رخصة أو حرمة مضاجعة نسائهم أثناء الحيض، أو ربما تأتي أسئلتهم من خلال قربهم من اليهود، وسماعهم عن أحكام دينهم، الذي يعتبر المرأة نجسة كلها أثناء الحيض، ويجوز ملامستها كليا، فجاء حكم الإسلام مخففا نسبيا، فحسب شريعة محمد يحرم فقط مجامعة النساء أثناء الدورة الشهرية، وعلل حكم حرمة الجماع أثناء الحيض، كونه يشتمل على الأذى بمعنى الضرر. واشترط معاودة مجامعتهن بشرطين، الأول أن يطهرن من الحيض، والثاني أن يتطرهن، وفصل الفقهاء في غسل الحيض، وبقية الأغسال، كما فصل بعضهم كثيرا في أحكام الاستحاضة، وهي خروج الدم خارج إطار الحيض، وقسموها إلى استحاضة صغرى ووسطى وكبرى، ولكل أحكامها في الغسل أو الوضوء والصلاة. وإنصافا يعتبر حكم الحيض في الإسلام معقولا نسبة إلى ما ذهبت إليه شريعة موسى. ثم تواصل الآية اللاحقة الكلام عن مجامعة الرجال لنسائهم، فيصف المرأة بالنسبة لزوجها بالحرث، أو حقل المزرعة، الذي له أن يأتيه متى ما شاء وكيفما شاء، فهن «حَرثٌ» لأزواجهنَّ، يأتوهنَّ للنكاح «أنّى» شاؤوا وأحبوا. وكون هذه الـ «أَنّى» من المتشابهات، اختلف المفسرون والفقهاء، وبالتالي اختلفت المذاهب في تفسيرها، ففهمها فريق بأن الزوج له أن يأتي زوجته للجماع متى ومن أين ما شاء، بمعنى جواز النكاح من القبل والدبر، وإن قال البعض على كراهته، واشترطها البعض بقبول الزوجة، بينما فسر البعض الآخر «أّنّى» فقط بمتى ما يشاؤون، وحرموا النكاح من الدبر، ويستدلون بوصف النساء بالحرث، وحيث لا ثمرة من النكاح من الدبر، إذن لا بد أن يكون المرخص به مجامعة المرأة من القبل حصرا دون الدبر. فالأديان، لاسيما اليهودية والإسلام تدخلت في أدق القضايا الشخصية للإنسان فيما لا أثر له على غيره، لتفرض أحكاما، على أنها أحكام الله. واختلفوا كثيرا في تفسير «وَقَدِّموا لِأَنفُسِكُم»، منهم من قال بأن يذكروا الله قبل الجماع، ومنهم من قال وجوب قول «باسم الله الرحمان الرحيم» قبل المباشرة، وآخرون ذهبوا إلى معنى جميل، أي أن يداعب الرجال نساءهم قبل الجماع، لتشويقهن وتهيئتهن له، ولكن ككل الآيات والجمل والكلمات المتشابهات، أي المحتملات لأكثر من معنى، يترك القرآن المفسرين والفقهاء وعامة المؤمنين به في حيرة، يُشَرِّقون ويُغَرِّبون ويُشَمِّلون ويُجَنِّبون. والحكيم يكون كلامه محكما غير متشابه، مفهوما غير مبهم. وكما يمكن تعدد الفهم للمناسبة بإلحاق ما مرّ بعبارة «وَاتَّقُوا اللهَ»، وتذكيرهم بملاقاة ربهم «وَاعلَموا أَنَّكُم مُّلاقوهُ»، وبالتبشير «وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ». ثم هذه الىيات وغيرها لا يخاطب الله فيها النساء أبدا، فالمخاطبون بها هم الرجال حصرا، لتحيز إله الأديان الإبراهيمية للرجل.
وَلا تَجعَلُوا اللهَ عُرضَةً لِّأَيمانِكُم أَن تَبَرّوا وَتَتَّقوا وَتُصلِحوا بَينَ النّاسِ وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ (224) لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغوِ في أَيمانِكُم وَلاكِن يُّؤاخِذُكُم بِما كَسَبَت قُلوبُكُم وَاللهُ غَفورٌ رَّحيمٌ (225)
المسلمون يستخدمون عبارات القسم بالله وبسائر مقدساتهم بمناسبة وغير مناسبة، بما يتطلب وما لايتطلب القسم، وهنا نهي عن جعل الله عرضة لايمانهم، وبكل تأكيد اختلف الفقهاء فيما إذا كان النهي إرشاديا أي ترخيصيا، بمعنى كراهة القسم بالله من غير ضرورة، أم هو نهي إلزامي، بمعنى حرمة ذلك، بحيث يكون فاعله مرتكبا لإثم. والآية تطرح النهي عن اليمين بالله في حالات معينة، على الأرجح على سبيل المثال، وهو ألا يقسموا بالله على صدق نواياهم في عمل الخير وإظهار التقوى والرغبة في الإصلاح بين الناس، أو إصلاح أي شأن ذي مردود عام. والآية الثانية تظهر قدرا من التسامح، بكون الله لا يؤاخذهم عندما يقسمون في كلام غير جدي، مما سمي هنا باللغو، أي بدون قصد القسم، وإنما لعادة اعتادوها، أو على سبيل المزاح، وإنما تكون مؤاخذتهم عندما يأتون بالقسم قاصدين إياه بجدية، إما لأمر لا يستحق القسم، وإما عندما لا يكونون صادقين فيه، فيكون الإثم مضاعفا؛ إثم اليمين، وإثم الكذب.
لِلَّذينَ يُؤلونَ مِن نِّسائِهِم تَرَبُّصُ أَربَعَةِ أَشهُرٍ فَإِن فاؤوا فَإِنَّ اللهَ غَفورٌ رَّحيمٌ (226) وَإِن عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَميعٌ عَليمٌ (227)
هذه وما بعدها آيات تتناول أحكام الطلاق، وهذه القراءة المغايرة غير معنية كثيرا بهذه الأحكام، إلا ما وجدنا من أهمية في تناوله، فهنا كلام عن الذين يحلفون اليمين بعدم مضاجعة زوجاتهم، لخلاف أو لأي سبب، فحكمهم الانتظار لأربعة أشهر ، فإذا عادوا عن يمينهم، فهنا يغفر لهم الله ذلك ولا يؤاخذهم على مخالفة اليمين، عندها يمكنهم معاودة مضاجعة زوجاتهم، إلا إذا قرروا تطليق زوجاتهم، ومعلوم إن قرار الطلاق أو الاحتفاظ بالزوجة هو في الإسلام كما في اليهودية والمسيحية من صلاحيات الرجل حصرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد