الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلال القيم بين الأمس واليوم

محمد بلمزيان

2022 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أصبح من الشائع أن تقرأ على وسائع الميديا أاخبارا من قبيل القبض على ممتحن وهو يغش في الإمتحان ويقوم باستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة للبحث عن الأجوبة، كما أصبح وسائل التواصل الإجتماعي تعج بأخبار استعمال التدليس من أجل إيداع شهادة مزورة للتقدم الى اجنيار مباراة معينة، وهذه الظواهر تولد عنها رسوخ سلوكات وتناسلها بين الناس، لكونها ببساطة تعتبر في اعتقاد هؤلاء أسهل الطرق نحو اجتياز المراحل الصعبة التي تواجههم في حياتهم ، وقد أصبح من الشائع حدا ان تسمع خبرا من هذا القبيل وتمضي الى حال سبيلك، وكأن الأمرلا يشكل أي ضرر في الوسط الإجتماعي والتأثير السلبي على النسيج الإقتصادي ،وأن هذا التراخي في النظر الى مثل هذه المشكلات هو الذي يؤدي الى استفحال مثل هذه الظواهر في المجتمعات الحالية التي أصبحت تعاني من كثيرا من مظاهر انتشار السلوكات غير الطبيعية ، والتي تضرب في العمق القيم الرمزية التي توارثها الأجداد الأقدمون في التفكير وفي علاقاتهم الإجتماعية والأنشطة الإقتصادية، بالرغم من بساطة مستواهم التعليمي إن لم نقل انعدامه الى حد كبير، ونتيجة لكثرة مثل هذه المممارسات فقد أنتجت لنا مجتمعات متخنة بعقلية سخيفة وتفكير براغماتي مشحون بالمصلحة الشخصية الضيقة التي لا تخلو من عقدة نفسية مر ضية نحو البحث عن وسائل التسلق الإجتماعي بعيدا عن قواعد تكافؤ الفرص والعدالة واحترام حق ا لآخرين في الحصول على حقوقهم بكيفية لا تحضع لتمييز أو تدخل جهة لفائدة شخص أو مجموعة اشخاص أو أطر اف دون أخرى,
وقد تنسجب مثل هذه الممارسات على الكثير من المجالات والأنشطة اليومية، فعلى سبيل فحينما نتحدث عن انهيار القيم المجتمعية فإننا يمكن معاينة هذا الإندثار التدريجي في حياتنا اليومية، من قبيل عدم احترام الصغير للكبير، وانتشار مظاهر العنف في الوسط المدرسي بشكل يجعل هذا الفضاء مرتعا لكثرة اساليب العنف تجاه الأساتذة، وهو سلوك ناتج عن تكالب مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية ، منها ما هو مرتبط بوضع الأسر والتربية وأخرى بالمدرسة وطبيعة البر امج التعليمية وبعضها يرتبط بالوسط الإجتماعي والمؤسسات القمينة في إشاعة قيم مدنية وحضارية تعكس جوانب القيمة الرمزية للسلوك البشري السليم، ومن أوجه المفارقة هو أن نشاهد انتشار هذه الطواهر في زمن تكاثر وسائل التثقيف ومصادر المعرفة والسهولة للولوج اليها وتكلفتها المتواضعة مقارنة مع الماضي الذي كان يستوجب القيام بمجهود شخصي كبير من أجل التكوين الذاتي والبناء المعرفي في غياب الوسائل المتاحة حاليا من مرئية وسمعية بصرية فائقة السرعة والإنتشار، بالشكل الذي يجعل المرء أمام مفارقة عحيبة وغريبة حقا، فكلما تقدمنا في وسائل التكنولوجيا وتراكم المكتسبات في مجال المعرفة الرقمية كلما تم تسجيل اضمحلال وانهيار في القيم البشرية وانحسار كبير في مجال العلاقات الأجتماعية بين الأفراد والمجتمعات، فتقدم الوسائط التكنولوجية بهذه السرعة الهائلة لا يشكل أي عائق أمام انحسار هذه القيم الإنسانية، الأمر الذي يطرح إشكالية أنسنة هذه التكنولوجيا ووسائل الميديا الجديدة، والتشطيب عن البرامج المشجعة على العنف واستعراض القوة والصور الدموية في اللعب الموجهة للأطفال أو برامج الكمبيوتر وغيرها من الوسائط والتطبيقات التي أصبحت تعج بممارسات العنف والعدوانية ، كلها مظاهر لأزمة القيم أضحت تخاطب الضمير البشري الحي من أجل إعاذة صياغة مفاهيم حول التربية والتكوين ومفاهيم حول كيفية اشاعة ثقافة جديدة تستمد قوتها من المكتسبات البشرية والحضارية للمجتمعات التي رسخت مفاهيم التمدن والتحضر بين صفوف أبنائها بكيفية أصبحت تستثمر في الموارد البشرية من أجل تحقيق رهانات وتحديات النمو والتنمية في جميع تجلياتهما في المجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة