الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 23

طلال الربيعي

2022 / 7 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كلنا عصابيون لأننا كلنا نحلم!
براون: اسم المرض هو الإنسان!
نورمان براون: مُشخِص "المرض المُسمى الانسان"!
Norman O. Brown: Diagnostician of the "Disease Called "Man
http://mazeppist.blogspot.com/2012/07/norman-o-brown-diagnostician-of-disease.html
عصاب وفاشية "في الحركة بركة"!

ذكرت في الحلقة السابقة إن هناك كلمة واحدة، إذا فهمناها فقط، فهي مفتاح فكر فرويد. هذه الكلمة هي "القمع-الكبح".
قال فرويد إن صرح التحليل النفسي كله مبني على نظرية القمع. كُرست حياة فرويد بأكملها لدراسة الظواهر التي سماها القمع. الثورة الفرويدية هي مراجعة جذرية للنظريات التقليدية للطبيعة البشرية والمجتمع البشري التي تصبح ضرورية إذا تم الاعتراف بالقمع كحقيقة. في المنظور الفرويدي الجديد، فإن جوهر المجتمع هو قمع الفرد، وجوهر الفرد هو قمع نفسه.

افضل طريقة لاستكشاف فكرة القمع هي مراجعة المسار الذي قاد فرويد إلى فرضياته. كان اختراق فرويد هو اكتشاف المغزى في مجموعة من الظواهر التي اعتُبرت، على الأقل، في الأوساط العلمية، بلا معنى؛ أولاً، الأعراض "الجنونية" للمختلين عقلياً. ثانيًا، الأحلام، وثالثًا، الظواهر المختلفة المجتمعة معًا تحت عنوان علم النفس المرضي للحياة اليومية. بما في ذلك زلات اللسان والأخطاء والأفكار العشوائية.

الآن بأي معنى وجد فرويد مغزى في الأعراض العصابية والأحلام والأخطاء؟ إنه يعني، بالطبع، أن هذه الظواهر محددة ويمكن إخضاعها لفحص سببي. إنه محق في الإصرار على الولاء القاطع لمبدأ الحتمية النفسية، لكنه يعني أكثر من ذلك بكثير. لأنه كان من الممكن تفسير هذه الظواهر وفق مبادئ السلوكية، كنتيجة لترابطات سطحية للأفكار، عندها سيكون لها سبب ولكن بلا معنى. المعنى يعني التعبير عن غرض أو نية. جوهر اكتشاف فرويد هو أن الأعراض العصابية وكذلك الأحلام والأخطاء في الحياة اليومية لها معنى وهذا المعنى من المعنى ينبغي مراجعته جذريا. نظرًا لأن مغزى هذا التعبير الهادف غير معروف عمومًا للشخص الذي يعبر عن غرضه، فإن فرويد مدفوع إلى تبني مفارقة مفادها أن هناك أغراض بشرية لا يُعرف عنها شيئًا، أو هدفًا لا إراديًا، أو بلغة فرويدية أكثر تقنية, أفكار غير واعية. من وجهة النظر هذه، ينفتح عالم جديد من الواقع النفسي، الذي نحن جاهلون بطبيعته الداخلية بقدر ما نحن جاهلون بواقع العالم الخارجي، ولا تخبرنا إدراكاتنا العادية عنه بأكثر مما تمنحه أعضاء حواسنا في إدراكنا له. لذا يمكن لفرويد تعريف التحليل النفسي بأنه "لا شيء أكثر من اكتشاف اللاوعي في الحياة العقلية".

لكن الثورة الفرويدية لم تقتصر على فرضية الحياة النفسية اللاواعية في الإنسان بالإضافة إلى حياته الواعية.
الفرضية الحاسمة الأخرى هي أن بعض الأفكار اللاواعية في الإنسان غير قادرة على أن تصبح واعية له بالطريقة العادية، لأن الذات الواعية تنكرها بشدة وتقاومها. من وجهة النظر هذه، يمكن أن يقول فرويد أن نظرية التحليل النفسي بأكملها مبنية في الواقع على إدراك المقاومة التي يمارسها المريض عندما نحاول أن نجعله يعي لاوعيه. "العلاقة الديناميكية بين الحياة الواعية واللاواعية هي علاقة صراع، وينشأ عالم اللاوعي في الفرد عندما يرفض أن يعترف في حياته الواعية بهدف أو رغبة لديه، وبذلك يؤسس في نفسه قوة نفسية معارضة لفكرته. هذا الرفض من قبل الفرد لهدف أو فكرة، والتي تظل مع ذلك فكرته، هو القمع. جوهر القمع يكمن ببساطة في وظيفة رفض أو إبعاد شيء عن الوعي." بعبارات أكثر عمومية، يكمن جوهر القمع في رفض الإنسان الاعتراف بحقائق طبيعته البشرية. تظهر حقيقة كونها أغراضًا مكبوتة مع ذلك من خلال الأعراض العصابية او في الحلم، والتي تمثل انفصال اللاوعي عن الوعي، مما ينتج عنه ليس بالفعل صورة نقية عن اللاوعي، ولكن حل وسط بين نظامين متعارضين، وبالتالي إظهار حقيقة الصراع.

وهكذا يبقى مفهوم اللاوعي لغزا بدون نظرية القمع، أو كما يقول فرويد، "نحصل على نظريتنا عن اللاوعي من خلال نظرية القمع". بعبارة أخرى، اللاوعي هو "اللاوعي مكبوت ديناميكيًا." القمع هي الكلمة الأساسية في النظام بأكمله. يتم اختيار الكلمة للإشارة إلى بنية تعتمد ديناميكيًا على الصراع النفسي. يوضح فرويد طبيعة القمع النفسي من خلال سلسلة من الاستعارات والتشبيهات المشتقة من الظواهر الاجتماعية للحرب والحرب الأهلية, وعمل الشرطة.

للتنظير من الأعراض العصابية والأحلام والأخطاء إلى نظرية عامة عن الطبيعة البشرية قد تبدو قفزة طويلة. مع التسليم بأنها خطوة طويلة، يمكن أن يجادل فرويد بأنه يحق له ان يحقق أوسع تطبيق ممكن لفرضية مشتقة من مجال ضيق. يمكنه أن يتحدى الهجوم ويدعي أن النظريات التقليدية للطبيعة البشرية يجب اعتبارها غير مُرضية لأنها لا تترك شيئًا لتقوله عن هذه الظواهر الثانوية. ما هي نظرية الطبيعة البشرية، باستثناء نظرية فرويد، التي لديها أي شيء مهم لتقوله عن الأحلام أو الجنون؟ وهل الأحلام والجنون هي ثانوية حقًا على هامش الحياة البشرية؟

لكن حقيقة الأمر هي أن فرويد يؤكد أن الانتقال من الأعراض العصابية والأحلام والأخطاء إلى نظرية جديدة للطبيعة البشرية بشكل عام لا يتطلب أي خطوة أخرى على الإطلاق. بالنسبة للدليل الذي تقوم عليه فرضية اللاوعي المكبوت، يستلزم الاستنتاج بأنه ظاهرة موجودة في جميع البشر.

الظواهر النفسية المرضية للحياة اليومية، على الرغم من كونها قد تبدو تافهة من وجهة نظر عملية، تُعدّ مهمة من الناحية النظرية لأنها تظهر تدفق اللاوعي في سلوكنا اليومي.

الأحلام هي الأكثر أهمية من الناحية النظرية. بالنسبة لفرويد، تظهر الظواهر "الطبيعية" بالتفصيل ليس فقط وجود اللاوعي ولكن أيضًا ديناميكيات قمعه, رِقابة الحلم: الحلم الذي نتذكره ليس سوى الحلم الظاهر وليس الحلم الكامن أو الحقيقي. الأحلام الحقيقية يتم تحريفها من خلال ما يسمى بعمل الحلم. حتى لا يُزعج الكثير من الأنا: الرقابة هي احدى وظائف ألأنا التي هي دوما مستيقظة حتى أثناء النوم. إذا كان الحلم الكامن-الحقيقي مزعجا للغاية أو أن آليات الدفاع النفسية، الرقابة، كانت ضعيفة لأي سبب كان، سيستيقظ الشخص لتجنب مواجهة الواقع كما تجلى في الحلم الكامن. المزيد في
Latent Content as the Hidden Meaning of Your Dreams
https://www.verywellmind.com/what-is-latent-content-2795330

ولكن بما أن نفس ديناميكية القمع أوضحت الأعراض العصابية، وبما أن أحلام العصابيين هي دليل على معنى أعراضهم، فإن القمع لا يختلف لا في البنية ولا في المحتوى عنه في أحلام الأشخاص العاديين (الغير عصابيين عمليا وليس نظريا!)، وإن النتيجة هي أن الحلم بحد ذاته عرض عصابي "لذلك نحن جميعًا عصابيون. تظهر الأحلام على الأقل الفرق بين العصاب والصحة فقط اثناء النهار او اليقظة، وبما أن علم النفس المرضي في الحياة اليومية يظهر نفس الديناميكيات, وحتى ان حياة اليقظة للإنسان" السليم!" تتخللها تكوينات أعراض عصابية لا حصر لها, لذا لا يوجد اختلاف نوعي بين "الطبيعي والعصابي", ولكن هناك اختلاف كمي فقط، يعتمد إلى حد كبير على السؤال العملي حول ما إذا كان العصاب خطيرًا بما يكفي لتعطيلنا عن العمل."

الستالينيون والنازيون, على حد سواء, انكروا وجود العصاب, لأسباب "ثورية!" عند الستالينيين-الفولاذيين, لأن الإنسان الستاليني هو قمة الصحة, هو الفولاذ!
كيف سقينا الفولاذ – نيكولاي أوستروفسكي
https://scppb.org/portfolio/how-the-steel-was-tempered-nikolai-ostrovsky/
ولكون العمل يجعل المرء حرا لدى النازيين:
Arbeit Macht Frei
https://open.spotify.com/track/7GfInuLJKN6P2kE0aXJzlH
التحرر من العصاب!؟
ولكن هل النازية غير عصابية أم إنها أعلى مراحل العصابية؟
والمثل الشعبي العراقي لربما يشترك مع الاثنين: "في الحركة بركة!"
و "في الحركة بركة" هي جوهر العصاب الذي لوث عقول ساسة العراق, بمخلف ايديولوجياتهم, وسممها, بدخولهم كالقطيع إسطبل ما يسمونه "العملية السياسية". إنها فاشية لا تخفي, بل تشي ب, فاشيتها لارتداءها زي العمل (سياسيا)!
أنها اعظم تجلي لما يقوله فرويد-براون لقمع المجتمع للفرد وقمع الفرد لنفسه. ولمن يبحث عن دلائل امبريقية, فهي اكثر من أن تُعد وتُحصى: صلاة الجمعة المليونية, الخ!
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب