الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 79

ضياء الشكرجي

2022 / 7 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُروءٍ وَّلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَّكتُمنَ ما خَلَقَ اللهُ في أَرحامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤمِنَّ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَبُعولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذالِكَ إِن أَرادوا إِصلاحًا وَّلَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيهِنَّ دَرَجةٌ وَاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ (228)
وهذا الحكم بوجوب انتظار المرأة المطلقة حتى مضي ثلاث دورات شهرية، قبل أن يتزوجن بزوج آخر عام شامل، لم يأخذ بنظر الاعتبار حالات عدم الإنجاب بسبب العمر، أو بسبب العقم الثابت، كما لم يأخذ بنظر الاعتبار تطور الطب، بحيث تستجد وسائل أخرى للتحقق ما إذا كانت المرأة حاملا أم لا، وخاصة إن الإسلام كما كل الأديان، لاسيما الإبراهيمية، تدعي إن الله هو مصدر كتبها وأحكامها، ويفترض إن الله بكل شيء عليم، عليم بما هو كائن وما كان وما سيكون، أفما كان يمكن أن يتم الله هذه الآيات بما فيه معنى استثناء الحالات التي يتم التيقن فيه من عدم كون المطلقة حاملا، حتى لو لم يعرف المعاصرون للنزول المفترض لهذه الآيات كيفية التيقن إلا عبر الانتظار ثلاثة قروء، لكن كان يمكن الاستفادة من ذلك النص التكميلي، عندما يصل الإنسان إلى وسائل أخرى، كما هو الحال في عصرنا، ونفس الشيء يقال عن حكم ثبوت الهلال لمعرفة أول شهر رمضان وشوال وذي الحجة. نرجع إلى حكم زواج الأرملة في هذه الآية، ووجوب انتظارها ثلاثة قروء، فالرجل في الإسلام يحق له الزواج بامرأة أخرى في ليلة دفن زوجته المتوفاة، ناهيك عن حقه بالزواج بأربع نساء في آن واحد في إطار زواج دائم، باستنثاء أنواع الزواج والنكاح الأخرى المتاحة له، وله أن يطلق متى ما يشاء، وله أن يمتنع عن تلبية رغبة زوجته بالطلاق.
الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٌ بِإِحسانٍ وَّلا يَحِلُّ لَكُم أَن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ شَيئًا إِلّا أَن يَّخافا أَلّا يُقيما حُدودَ اللهِ فَإِن خِفتُم أَلّا يُقيما حُدودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيهِما فيمَا افتَدَت بِهِ تِلكَ حُدودُ اللهِ فَلا تَعتَدوها وَمَن يَّتَعَدَّ حُدودَ اللهِ فَأُلائِكَ هُمُ الظّالِمونَ (229) فَإِن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حَتّى تَنكِحَ زَوجًا غَيرَهُ فَإِن طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يَّتَراجَعا إِن ظَنّا أَن يُّقيما حُدودَ اللهِ وَتِلكَ حُدودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَومٍ يَّعلَمونَ (230)
في الوقت الذي حرمت الطلاق بعض الأديان، ومنها المسيحية الكاثوليكية، أباحه الإسلام، لكنه لا نقول حرمه لمرة ثالثة، لكن جعل التطليق للمرة الثالثة نهائيا، ولا عودة عنه إلا بشرط، ذلك بعد أن يكون نفس الزوج قد طلق نفس الزوجة لمرتين، وأعادها مرتين، عندها لا يحق له الزواج بها لمرة ثالثة. فإن حصل وأرادا أن يعودها لأحدهما الآخر، والأصح إسلاميا إذا أراد الزوج إعادة مطلقته إليه، وأرادت أو أريد لها العودة إليه، فلا يجري ذلك، إلا بعد أن يتزوجها رجل آخر، بشرط أن ينكحها، ولا يكون مجرد زواجا صوريا، ثم يطلقها، ليتزوجها زوجها الأول، طبعا بعد مراعاة عدة الطلاق في كل مرة. لكن من حق الزوج الذي تزوجها - كما يعبر - زواج تحليل، ويسمى شعبيا بالتجحيش، أن يبقيها زوجة له ولا يطلقها. في كل الأحوال مصير الزوجة بيد زوجها، له أن يمسكها، وله أن يسرحها؛ كل ما في الموضوع أن يمسكها بمعروف، إذا قرر أن يمسكها، أي أن يبقيها زوجة له، وأن يسرحها بإحسان، إذا قرر أن يسرحها، أي أن يطلقها. وغالبا لا يستطيع أحد أن يتحقق من كونه، إذا أمسكها، أي أبقاها زوجة، أنه يعاملها بمعروف، ثم ما هي شروط معاملة الزوجة بمعروف، متروك لاجتهاد الفقهاء، الذين لا يكون فقههم واجتهادهم واستنباطهم للأحكام الشرعية من مصادرها، إلا ذكوريا بامتياز. نعم، هناك ما هو في صالح المرأة في الآية الأولى، وهو ألا يَحِلّ للرجال المطلقين لزوجاتهم أن يَأخُذوا مِمّا آتوا زوجاتهم من مهر أو ما سواه شَيئًا، لكن منح الزوجة حق الاحتفاظ بما آتاها زوجها سرعان ما يستثنى من حالة «أَن يَّخافا أَلّا يُقيما حُدودَ اللهِ»، عندها «فَلا جُناحَ عَلَيهِما فيمَا افتَدَت بِهِ»، أي تتنازل عن حقوقها المالية، من مهر ومما أعطاها زوجها أثناء زواجهما، بل أن تزيد على ذلك مما تملك أو مما يملك أهلها، إذا أرادت الخلاص من زواج فاشل، أو من زوج يسيء معاملتها. وحتى هذا يكون غالبا من أعسر الأمور، بسبب منح الإسلام كل الصلاحيات للرجل. القليل من الفقهاء استطاعوا أن يجدوا مخرجا لهذا المأزق الواقعة فيه الكثير من الزوجات.
وَإِذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمسِكوهُنَّ بِمَعروفٍ أَو سَرِّحوهُنَّ بِمَعروفٍ وَلا تُمسِكوهُنَّ ضِرارًا لِّتَعتَدوا وَمَن يَّفعَل ذالِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُو وَلا تَتَّخِذوا آياتِ اللهِ هُزُوًا وَاذكُروا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم وَما أَنزَلَ عَلَيكُم مِّنَ الكِتابِ وَالحِكمَةِ يَعِظُكُم بِهِي وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَموا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ (231)
لا يهمنا كثيرا اختلاف المفسرين والفقهاء في الحكم المستنبط من آيات الطلاق، فهنا كما يبدو تعطي الآية للرجل صلاحية إعادة مطلقته قبل انقضاء العدة، سواء حسبت بالأشهر أو بالقروء أي الدورات الشهرية، فله أن يمسكها، أو يسرحها، على أن يجري كل من الإمساك والتسريح بمعروف، ونهى القرآن الرجال من الإمساك أي الاحتفاظ بالزوجة وعدم تطليقها من أجل أن يمارس الظلم والتعسف معها، وهذا ما يفعله الرجال المسلمون غالبا، خاصة عندما تصدر الرغبة بالطلاق من الزوجة، دون أن يستطيع أولي الأمر من فقهاء ومراجع دين وحكام شرعيين إنقاذ الزوجة الواقع عليها الظلم، خاصة إذا لم تستطع أن تأتي بالأدلة على سوء معاملة زوجها لها، فلم يضع الشرع الإسلامي ضمانات لدفع الظلم عن النساء، سوى الوعيد الأخروي، ولو إننا لم نجد تشديدا بالوعيد، كما حصل في آيات تجاه من يمارس صيد البر في الأشهر الحرم، حيث يتوعد الله حسب القرآن المخالفين بانتقامه منهم، بينما تكتفي هذه الآيات بوصف «مَن يَّفعَل ذالِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ»، واعتبر من يفعل ذلك بمثابة من يتخذ آيات الله هزواً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah