الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة والهوية

مهند طلال الاخرس

2022 / 7 / 19
القضية الفلسطينية


معظم الشعوب التي أرادت أن تؤكد هويتها عولت على الكتابة في محاولة لإعلان سرديتها وقصتها وروايتها الخاصة في مواجهة سرديات وقصص أخرى تستمد قوتها لا من إنسانيتها وحضارتها بل من إقتصادها وترسانتها العسكرية.

من هنا أبدعت الشعوب المقهورة بإنتاج و تقديس كتابها ومثقفيها بشتى أصنافهم وانواعهم على مدى عصور الثورة؛ فظهر بابلو نيرودا في امريكا اللاتينية ؛ ولوركا في اسبانيا؛ وناظم حكمت في تركيا، وطاغور في الهند، وفولتير وجان جالك روسو في فرنسا، ومكسيم غوركي ودوستوفسكي وانطون تشيخوف وغيرهم في الاتحاد السوفيتي السابق، والطاهر وطار في الجزائر، والطيب صالح في السودان، والمنفلوطي والرافعي والكواكبي وتوفيق الحكيم وعباس العقاد ويوسف ادريس ونجيب محفوظ في مصر ، ومحمود درويش واسماعيل شموط وناجي العلي في فلسطين وغيرهم الكثير ممن اسهموا في كتابة نصهم الثقافي من شعر او قصة او رواية او مسرح او رسم او نحت او ... بطريقتهم ووفقا لرؤيتهم وإن كانت حالمة أحيانا كثيرة، لكننا نتفق أنها النص الوطني ضمن النص التاريخي الذي عادة ما زوره المحتلون محاولين شطبه والغائه تارة، وبتحريفه وتسفيهه تارة، وطمسه او سرقته تارة اخرى.

وقد نجد ادلة كثيرة على تأكيد ما ذهبنا اليه في مقصدنا هذا، لكنا وجدنا ضالتنا الكبيرة والاثيرة فيما قاله الشاعر الكبير محمود درويش؛ "‏الهُوية هي: "ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما ‏نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة! لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف".

وفي قوله: "إنَّ الهوية بنتُ الولادة، لكنّها في النهاية إبداعُ صاحبه".

وهذا النص الدرويشي على كثافته وغناه يكفل لنا اطلالة معرفية موجزة عن الهوية وتطوراتها، اضافة الى ان هذا النص بحد ذاته كفيل باستنباط تعريف مبسط وجامع لمفهوم الهويّة ومقوماتها.

وقد نجد ضالتنا استنادا لما سبق في تعريف مفهوم الهوية فهي “ليست شيئا منجزاً ونهائياً منغلقاً على ذاتهِ، وإنما امتداد للتاريخ والحضارة، وهي قيم وخصائص قابلة للتحوير والتطوير والتحول من زمن لآخر… والهوية أيضا شعورا جمعيّا لأمة أو لشعب ما، يرتبط بعضه ببعضهِ ارتباطا مصيريّا ووجوديّا”.

فالهوية الوطنية في كل أمّة هي الخصائص والسمات التي تتميز بها، وبحيث تولد وتتطور بصيغة جمعية مع كل افرادها، وتترجم روح الانتماء لديهم، ولها أهميتها في رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها، بل يستوي وجودها من عدمه، وهذا المعنى والمقصد بالذات نجده في قول درويش "إنَّ الهوية بنتُ الولادة، لكنّها في النهاية إبداعُ صاحبه".

وان تميز جماعة بهوية لا يعني تطابق أفراد الجماعة، وانما يعني السمة الغالبة او الشائعة او النسبية الجامعة.

وتقوم الهوية الوطنية على عدة مقوّمات أهمها التراث، والتاريخ، والثقافة، واللغة، والتجارب، ومصير الشعب وطموحاته بالحرية والاستقلال مثلا، كالحالة الفلسطينية، لذا وجب على الفلسطينيين ومن على شاكلتهم الاعتناء بالهوية وادواتها وروافعها ولا سيما الكتابة بصورة متميزة اكثر من غيرهم.

ففي الكتابة بأصنافها المتعددة التاريخية والادبية والفكرية والفلسفية والاجتماعية والعلمية إعلان هوية ووجود وإصرار على البقاء ضمن الجغرافيا والتاريخ، وضمن الخط العام لسير وديمومة العملية التاريخية، وبالتالي إنتاج مُنجز حضاري يقدم للانسانية عامة، ويسهم في تطوره، بعد أن يكون قد أسهم في حفظ هوية الشعب ووجوده، حاله كحال التراث والعادات والتقاليد واللغة والثقافة والاسم والاصل والنسب والنشأة والتكوين، مما يسهم بالتراث الحضاري الانساني، علاوة على الاسهام في العملية الانتاجية للانسانية أجمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح